Home » مصطلح حروب المرتدين في مناهجنا الدراسية (1)
سهيلة زين العابدين حمّادنُشر في جريدة المدينة يوم السبت الموافق 14/ 12/ 2019م
ورد في منهج الدراسات الاجتماعية والمواطنة لسادس ابتدائي للعام الدراسي1441هـ مصطلح” حروب المرتدين”، وإطلاق هذا المصطلح على محاربة سيدنا أبي بكر رضي الله عنه للذين امتنعوا عن دفع الزكاة التي كانوا يدفعونها في العهد النبوي، فهي بمثابة إعلان العصيان المدني على الدولة؛ فكان لابد من قتالهم لئلا يمتد هذا العصيان إلى مناطق أخرى، فمحاربته لهم لم تكن لارتدادهم عن الإسلام، ولكن لامتناعهم عن دفع الزكاة بدليل قول الصديق رضي الله عنه للفاروق رضي الله عنه الذي كان لا يرى محاربتهم: ” والله لو منعوني عقالًا كان يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم على منعه” ومن أخطاء المؤرخين تسميتهم لها بحروب المرتدين، وكان الأجدر تسميتها حروب المتمردين، لأنّه لا يوجد نص في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة ما يوجب قتل المرتد عن الإسلام، وإن قال بعض العلماء بوجوب قتله بعد الاستتابة أو بدونها لا يُعتد به لمخالفته للقرآن الكريم، وهو المصدر الأول للتشريع؛ إذ لم ترد فيه عقوبة دنيوية، بل توجد آيات تؤكد على عدم قتل المرتد، منها: قوله تعالى: ( إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ ثُمّ كَفَرُواْ ثُمّ آمَنُواْ ثُمّ كَفَرُواْ ثُمّ ازْدَادُواْ كُفْراً لّمْ يَكُنْ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً ) [النساء:137]هذه الآية تبين أنّه مهما كفر الإنسان لا عقاب دنيوي عليه وإلا لكان مناسبًا في هذه الآية ذكر حكم الردة أكثر من غيرها، لأنّ هناك رده متكررة، فإن كان حكم الردة القتل، لقُتل من أول ردة، ولكن تكرّرت الردة، فهذا يعني لا عُقوبة قتْل للمرتد، بل لا توجد عقوبة دنيوية على الإطلاق، وإن كانت هناك عقوبة دنيوية غير القتل يفترض أن يزيد فيها العقاب، ويكون أشد من الردة لمرة واحده إلّا أنّ النص عاقبهم بعدم مغفرة الله وعدم هدايته لهم، وقد دلت الآية على أنّ الإنسان قد يؤمن ثم يكفر ثم يؤمن وهكذا، ولو كان هناك حد ردة لما حصل الكفر ثم الإيمان أكثر من مرة لأنّه سيعدم الكافر في أول ردة له .(يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُوَاْ إِلاّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لّهُمْ وَإِن يَتَوَلّوْا يُعَذّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدّنْيَا وَالاَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأرْضِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ)[التوبة:74]وهذه الآية تبين أيضًا أنّ جزاء المرتد يكون من عند الله في الدنيا والآخرة وليس بيد بشر عقاب المرتد. وعذاب الله في الدنيا للمرتد يبين أنّه لا وجود لحكم ردة، وإلا لو تم إعدام كل مرتد بعد ثلاثة أيام كيف سيعذبه الله في الدنيا كما ذكرت الآية.(وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتّىَ يَرُدّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدّنْيَا وَالاَخِرَةِ وَأُوْلَـَئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[البقرة:217].هذه الآية تبين بما لا يدع مجالاً للشك أنّ الذي يرتد عن الإسلام عقابه في الآخرة وليس عقابه حكم الردة في الدنيا وخصوصًا أنّ الآية اشترطت للعقاب الأخروي أن يموت وهو كافر والحكمة من ذلك أنّ الله ترك باب التوبة مفتوح مدى الحياة ،فقد تتغير قناعه الإنسان في أي وقت بينما واضعو الأحاديث حددوا مدة التوبة بأيام معدودة مناقضين ما ورد في الآية السابقة .(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ. وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ)[يونس: 99- 100](قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ)[يونس: 108](لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[البقرة:256](وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا)[الكهف:29](فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنّما يضل عليها وما أنت عليهم بوكيل)[الزمر:41](وَأَنْ أَتْلُوَا ٱلْقُرْءَانَ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِى لِنفسهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَا مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ)[النمل:92](وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم)[القصص:55](لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)[الكافرون:6]فعلى أي أساس بنى الفقهاء حكمهم بقتل المرتد، ولم ترد آية قرآنية تنص على ذلك؟للحديث صلة.suhaila_hammad@hotmail.com