سهيلة زين العابدين حمّاد
السبت 6/4/2019م

 عندما تقرأ درس
“حقوق الزوجيْن” في الصفحتين(170،171)من مادة الثقافة الإسلامية للمرحلة
الثانوية لعام 2018/2019م، ستجد أنّ نظرة معدي المنهج إلى الزوج أنّه السيد الآمر
النّاهي التقي العالم بأمور الدين والدنيا، والبيت بيته، أمّا الزوجة فما هي إلّا
أَمَة مُستعبدة للزوج، وجاهلة وأمية وفاسدة في حاجة إلى تقويم الزوج لدينها وخلقها
وضبط سلوكياتها، فجعلوها تحت وصايته، فمن حقوقها كزوجة عناية زوجها بدينها وخلقها،
وأن يُعلِّمها الضروري من أمور دينها إن كانت لا تعلم ذلك، أو يأذن لها أن تحضر مجالس
العلم لتتعلم ذلك، ويلزمها َبأحكام الإسلام وآدابه، ويمنعها أن تتبرج، ويحول بينها
وبين الاختلاط بغير محارمها من الرجال، ويلزمها اللباس الساتر المحتشم إذا خرجت من
منزلها، وأن يسمح لها بالخروج إذا احتاجت إليه؛ كزيارة أهلها وأقاربها،

وأنّ حقوق
الزوج على الزوجة طاعته في المعروف في غير معصية، وصيانة عرضه، والمحافظة على
ماله، وكتمان أسرار المنزل، وقيامها بحق الزوج وطاعته إذا دعاها لحاجته، وتدبير
المنزل، وتلزم بيت زوجها فلا تخرج منه إلّا بإذنه، ولا تأذن لأحد أن يدخل بيته إلّا
بإذنه، لقوله تعالى(وقرن في بيوتكن)[الأحزاب: 23] و”لا
يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلّا بإذن
ه، ولا تأذن في بيته إلّا بإذنه”[أخرجه
البخاري، كتاب النَكاح، باب لا تأذن المرأة في بيت زوجها إلّا بإذنه”]

  هذا ما يريد واضعوا هذا المنهج تدريسه لأولادنا وبناتنا،
وينسبونه إلى الإسلام وثقافته، فإن قبله بناتنا قبل ثلاثة عقود، فلن يقبلنه بناتنا
المراهقات في زمن التواصل الاجتماعي والانفتاح العالمي، فما كان مقبولًا قبل عقديْن
أو ثلاثة عقود، لا يمكن قبوله الآن!
 فالطالبات
اللائي يُدرّس لهنّ هذا الكلام بأنّ دينهن ينظر إليهنّ نظرة دونية وامتهان، كأنّهن
إماء للأزواج وتحت وصايتهم، ليس لهن شخصية مستقلة، وحرية في الرأي واتخاذ القرار،
فلا يتعلمن ولا يخرجن، ولا يزورهن أحد إلّا بإذنهم، عليهنّ أن يُلبين رغبات
أزواجهن في أي وقت يُريدون،
وفي المقابل لم يلزموا الأزواج تلبية رغبات زوجاتهم عملًا بقوله تعالى(ولهنّ
مثل الذي عليهن بالمعروف)
فاللائي يُدرّسن هذا الكلام  سرعان ما يستجبنّ لدعوات الإلحاد والتمرد على الدين والمجتمع والوطن
والأسرة،
فهذه إحدى الثغرات التي نَفَذَت من
خلالها المنظمّات الدولية والإقليمية المُسيسة والمُخطط لها لتنفيذ أجندات دول
كبرى، ودول إقليمية في بلادنا بدفع ببناتنا إلى الإلحاد والتمرد على الدين والأهل
والوطن، ولستُ أدرى على أي أساس أعطى واضعو هذا المنهج هذه الحقوق للزوج، وافتراض
أنّ كل الزوجات جاهلات بدينهن فاسدات، وأنّ كل الأزواج أتقياء وعالمون بدينهم؟
واستدلال معدي المنهج بآية(وقرن في بيوتكن) على
بقاء المرأة في البيت ولا تخرج منه إلّا بإذن زوجها ليس في محله، فالآية لم تتطرق
إلى أنّ الخروج من البيت إلّا بإذن الزوج، كما أنّ الخطاب فيها  لأمهات المؤمنين، وليس لعموم المسلمات، ويتعارض
مع مشاركة المرأة في الحياة العامة في العهديْن النبوي والراشدي!
  كما
نجدهم استدلوا بحديث مخالف للقرآن لاعتباره بيت الزوجية، هو بيت الزوج، ولا يحق
للزوجة أن تخرج منه إلّا بإذنه، ولا تُدخل فيه أحد إلّا بإذنه؟
    فإن كان الخالق جل شأنه اعتبر بيت الزوجية هو
بيت الزوجة
حتى لو كان
الزوج مالكًا له،
 والأدلة واضحة من القرآن كقوله جل شأنه(لَا تُخْرِجُوهُنَّ
مِنْ بُيُوتِهِنَّ)(وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِه)[يوسف:23] فامرأة العزيز تراود يوسف وتَهُمُّ بالمعصية ورغم ذلك لم يقل الله عز وجل
راودت
امرأة العزيز يوسف في بيته،(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ)[الأحزاب:33](وَاذْكُرْنَ
مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ)[الأحزاب:34] فهذه البيوت ملك
للنبي عليه الصلاة والسلام، ولكنها نُسبت لنسائه، بل نجد حتى في أوقات الخلاف وحين
يشتد النزاع وتصل الأمور إلى الطلاق الرجعي هو بيتها(
وَاتَّقُوا
اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنّ)[الطّلاق:1]حالة واحدة لم ينسب
فيها البيت للمرأة وهي عند ارتكابها الفاحشة:(وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ
مِن نِّسَآئِكُمْ
فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ..)[النساء:15] ومع هذا لم يُنسب البيوت للأزواج، وإنّما قال:(في البُيُوت) أمّا الحديث الذي
استدل به معدو المنهج”
ولا تأذن في بيته إلّا بإذنه”
فلا يؤخذ به لمخالفته للقرآن الكريم، فالقرآن يقول(بيوتهن) والحديث يقول”
بيته” والسنة الصحيحة لا تخالف القرآن الكريم، وقد اتفق علماء الحديث أنّ
الأحاديث التي تُخالف القرآن الكريم لا يؤخذ بها، ولستُ أدري كيف فات هذا على
الإمام البخاري؟
للحديث صلة.
Suhaila_hammad@hotmail.com

 المصدر : جريدة المدينة





Leave a Reply