سهيلة
زين العابدين حمّاد
نُشرت
في جريدة المدينة يوم السبت
13 / 04 / 2019




 أواصل الحديث
عن حقوق الزوجيْن في مادة الثقافة الإسلامية للمرحلة الثانوية للعام الدراسي
الحالي 2018/2019م، فمن حقوق الزوج طبقًا لما جاء في هذا الدرس، أنّه لا يحل
للزوجة أن تأذن في بيته  إلّا بإذنه” مستدلين
بحديث في صحيح الإمام البخاري” لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلّا بإذنه،
ولا تأذن في بيته إلّا بإذنه”[أخرجه البخاري، كتاب النَكاح، باب لا تأذن
المرأة في بيت زوجها إلّا بإذنه”]

وقد بيّنتُ في الحلقة الماضية أنّ هذا الحديث مخالف
لما جاء في القرآن الكريم عن بيت الزوجية، أنّه بيت الزوجة وليس بيت الزوج، حتى لو
كان ملكًا للزوج والحديث المخالف للقرآن الكريم لا يُؤخذ به، وهذا ما قرره علماء
الحديث، ثمّ كيف يكون بيت الزوج وكثير من النساء، وخاصة في عصرنا هذا يملكون
البيوت التي يسكنونها مع أزواجهنّ وأولادهنّ ويُشاركن في تأثيث البيت، وفي دفع ما
يتطلبه من مصاريف الأكل  والشرب، ودفع فواتير
الماء والكهرباء، وقد تنفرد الزوجة بذلك إن كان الزوج عاطًلًا عن العمل، أو مريضًا،
أو متزوجًا بأخرى ويمتنع دفع نفقة للزوجة الأولى وأولادها؟
  فتكريمًا للمرأة وحفظًا لحقوقها جعل الله الخالق
جل شأنه بيت الزوجية للزوجة حتى لو كان ملكًا للزوج!
  في فتح الباري جاء في شرح هذا الحديث: رواية الحسن
بن علي عن عبد الرزاق فيها” لا تصوم المرأة غير رمضان” وأخرج الطبراني
من حديث ابن عباس مرفوع
ًا”
ومن حق الزوج على زوجته أن لا تصوم تطوعًا إلا بإذنه، فإن فعلت لم يقبل منها”،
والسؤال هنا: كيف يقرر عن الخالق جلّ شأنه عدم قبوله؟
  قال النووي
في” شرح المهذب”: وقال بعض أصحابنا يُكره، والصحيح الأول، قال: فلو صامت
بغير إذنه صح وأثمت لاختلاف الجهة، وأمر قبوله إلى الله، قاله العمراني، قال النووي:
ومقتضى المذهب عدم الثواب، ويؤكد التحريم ثبوت الخبر بلفظ النهي، ووروده بلفظ
الخبر لا يمنع ذلك، بل هو أبلغ، لأنّه يدل على تأكد الأمر فيه فيكون تأكده بحمله
على التحريم
.
قال النووي في” شرح مسلم”: وسبب هذا التحريم
أنّ للزوج حق الاستمتاع بها في كل وقت، وحقه واجب على الفور فلا يفوته بالتطوع ولا
بواجب على التراخي، وإنّما لم يجز لها الصوم بغير إذنه وإذا أراد الاستمتاع بها
جاز ويفسد صومها، لأنّ العادة أنّ المسلم يهاب انتهاك الصوم بالإفساد، ولا شك أنّ
الأولى له خلاف ذلك إن لم يثبت دليل كراهته، نعم لو كان مسافرًا فمفهوم الحديث في
تقييده بالشاهد يقتضي جواز التطوع لها إذا كان زوجها مسافرًا، فلو صامت وقدم في
أثناء الصيام فله إفساد صومها ذلك من غير كراهة، وفي معنى الغيبة أن يكون مريضًا
بحيث لا يستطيع الجماع، وحمل المهلب النهي المذكور على التنزيه فقال: هو من حسن المعاشرة،
ولها أن تفعل من غير الفرائض بغير إذنه ما لا يضره، ولا يمنعه من واجباته، وليس له
أن يبطل شيئًا من طاعة الله إذا دخلت فيه بغير إذنه، وهو خلاف الظاهر، وفي الحديث
أنّ حق الزوج آكد على المرأة من التطوع بالخير، لأنّ حقه واجب والقيام بالواجب مقدم
على القيام بالتطوع
.
وهنا نلاحظ أنّ هؤلاء العلماء الأفاضل معطين رغبات الزوج
الجنسية قدسية لدرجة أنّهم يُحرّمون على الزوجة صيام التطوع وفضله وثوابه لتظل
جاهزة لرغبات الزوج الجنسية،
وكأنّها
ليست بإنسانة، إنّها مجرد وعاء يُفرّغ فيه الزوج رغباته وشهواته متى شاء
،
ولا يطالبون الزوج بضبط رغباته الجنسية إلى أن تُتم نهار صومها، كما نجدهم لم يُراعوا
رغبات المرأة الجنسية، فللزوج يصوم تطوعًا ما شاء، وكأنّ الزوجة ليس لها رغبات
جنسية، وعدم إشباع الزوج لرغباتها تلك قد يوقعها في مستنقعي الزنا والخيانة
الزوجية!
قال لي أحد الأطباء النفسيين أنّه قد وردت عليه حالات
عن بعض  الصغيرات اللاتي يتزوجن من رجال
كبار السن، إذا ما نضجن، يجدن أنّ أزواجهن لا يُشبعن رغباتهنّ الجنسية، فيبحثن عن إشباعها
مع رجل آخر، لكن علماءنا الأفاضل لا يُفكرون إلّا في إشباع رغبات الرجل، ويأخذون
بأحاديث رغم مُخالفتها للقرآن الكريم، ويقولون بصحتها، رغم وجود أحاديث ضعيفة تؤكد
ضعفها، وهذا ما سأبيّنه في الحلقة القادمة إن شاء الله، فللحديث صلة
.
المصدر
: جريدة المدينة :
https://www.al-madina.com/article/625387

Leave a Reply