د. سهيلة زين العابدين حمّاد
السبت
12/5/2017م

  أواصل تسليط الضوء على صفحات مشرقة من إسهامات
المرأة المسلمة في بناء الحضارة الإسلامية المُعتّم عليها من قبل المؤرخ العربي
المعاصر، وتحدثتُ في الحلقة الماضية عن عالمة الفضاء مريم  الجيلية الاسطورلبية الحلبية، وعالمة
الفلك فاطمة المجريطية، وسأتحدث في هذه الحلقة عن عالمات في الرياضيات والطب.

·       لبنى القرطبية(ت:374هـ/984م): 
                        لبنى القرطبية
نحوية
وشاعرة وقد عدها السيوطي في طبقات اللغويين والنحاة، وكانت أيضًا عالمة رياضيات
ومدونة الخليفة الحكم المستنصر بالله، وكان يثق فيها كثيرًا حتى أسند لها التوقيع
عنه، وكانت تكتب الخط الجيد، وكان المدونون في ذاك الوقت عملهم الرئيسي تدوين
الكتب وترجمتها، لكنّها كانت من العلماء الذين لم يكتفوا بالتدوين، بل كانوا
يضيفون أفكارهم وحلولهم للمعادلات الرياضية، ويعدلون الأخطاء الذي يجدونها في
الكتب. وكانت تجد حلولًا لأصعب العمليات الرياضية. ولها الفضل في إنشاء المكتبة
الشهيرة في مدينة الزهراء. وقد عينها الخليفة مديرة أمور المكتبة الملكية، وكانت
المكتبة في هذه الوقت تضم أعداد هائلة من الكتب فوق ال500 ألف، ومن أهم المكتبات
في العالم في ذاك الوقت.
·       أَمَة الواحد سُتَيْتَة بنت القاضي
أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل المَحَامِلِي الضبي(توفيت: 377 هـ/987م بِبغداد)، 
                              أمة الواحد ستيتة
فهيّ فقيهة ومُفتية وعالمة رياضيات ومحدثة من رواة الحديث النبوي. ويذكر
البروفيسور سليم الحسني عن علمها بالرياضيات ، فيقول :“اعتاد الناس حين بناء
منازلهم على إعطاء ما يشبه المقاولة للعمّال، فإذا تم بناء نصف المنزل فقط لسبب
ما، يتوجه الناس بشكواهم إلى القاضي، فيلجأ الى خبراء الحساب، مثل سُتيتة التي كان
يتم الاستعانة بها باعتبارها شاهدًا علميًا في محاكم بغداد؛ حيث كانت تستخدم
الرياضيات في حل المسائل المستعصية على القضاة
”.
وقد تركت لنا مجموعة من المسائل الرياضية والحلول المبتكرة لها،
وبجانب علمها بالرياضيات والفقه فقد كانت راوية للحديث.[ أنظر: سير أعلام النساء
للذهبي، والأعلام للزركلي والبداية والنهاية لابن كثير]
·       زينب طبيبة بني أود: كانت عارفة
بالأعمال الطبية، خبيرة بالعلاج ومداواة آلام العين والجراحات المشهورة بين العرب،
نقل صاحب الأغاني عن كناسة عن أبيه عن جده ، قال أتيت امرأة من بني أود لتكحلني من
كان أصابني، فكحلتني..”[عمر رضا كحالة: أعلام النساء، 2/57، نقلًا عن عيون
الأنباء لابن أبي أصبيعة]
·       صارة الحلبية: أصلها من الشام ووفدت
على تونس، شاعرة وأديبة وطبيبة ماهرة كانت تتعاطى كثيرًا من الصناعات، فتجيد في
ذلك، وتكتب الخط الجيد، وتحل الذهب بمعرفة وخبرة فتكتب به، وكانت تفد على الملوك
والأمراء، وكان لها إقدام في الكلام، وارتحلت إلى الأندلس فوفدت على أبي عبد الله
محمد بن محمد بن نصر المدعو بابن الأحمر من ملوك غرناطة حكم من سنة 671- 701ه، ثم
وفدت على الأمير أبي يوسف بن عبد الحق المريني الذي تولى الحكم من سنة 656- 685ه،
واستولى على مدينة مراكش خلال عام 667ه. وتوفيت في مراكش.[أعلام النساء لكحالة2/
319- 321، نقلًا عن حسن حسني عبد الوهاب : شهيرات التونسيات.]
·       وفي العصر المرابطي بالغرب الإسلامي،
كانت تميمة بنت السلطان المغربي يوسف بن تاشفين، من البارعات في العلم، كذلك كانت
أم عمرو بن زهر أختُ الطبيب المشهور أبي بكر بن زهر ماهرة في الطب النظري والعملي.
·       وقد ذكر ابن حزم في كتابه الشهير
المترجم الى معظم لغات العالم «طوق الحمامة في الألفة والايلاف»، أنّ النساء في
الأندلس كن يعملن في مهن متعددة، منها الطب والدلالة والتعليم والصنائع كالغزل
والنسيج.
Suhaila_hammad@hotmail.com

Leave a Reply