د. سهيلة زين العابدين حمّاد لجريدة الرياض : الرجل أقصى
المرأة وحرمها من حقها في المشاركة الدينية مستأثرًا بالفتاوى والاجتهاد وبالقضاء
جريدة الرياض السبت
28 ذي القعدة 1436 هـ – 12 سبتمبر 2015م – العدد 17246 , صفحة رقم ( 16 )
الخبر، تحقيق – عبير البراهيم
    تعج ساحات الإعلام ووسائل التواصل
الاجتماعي بالكثير من “الدعاة” الذين تحول البعض منهم إلى نجوم، فهناك
أسماء لدعاة برزوا بشكل لافت وحققوا متابعات بشكل غير متوقع على وسائل التواصل
الاجتماعي، سواءً “تويتر” أو “فيس بوك”، وغيرها، حيث تحول
هؤلاء إلى نجوم في الإفتاء وإثراء المشهد الديني، وعلى الرغم من أنَّ بروز أيّ
داعية أو فقيه يعتمد في نهاية المطاف على مدى علمه الشرعي ومدى ما يصل إليه من
مستوى في المحتوى والفكر بما يتناسب مع حقيقة العلوم الشرعية في ديننا الحنيف،
إلاَّ أنَّ هذا المعيار للبروز والنجومية والحضوة –للأسف- لم يكن للمرأة الداعية
فيه نصيب وافر، فالداعية تغيَّبت عن المشهد
دون أن يكون لغيابها ما يبرره، بيد
أنَّ للنظرة الاجتماعية -على ما يبدو- دور في تحديد السقف الذي يجب أن تتحرك به
ومن خلاله المرأة.

وفي الوقت الذي ثمَّن فيه المجتمع نجاح الطبيبة، ودافع عن
حق الباحثة، وشجع الشاعرة، ووقف مع المعلمة، إلاَّ أنَّ الداعيات والفقيهات
تغيَّبن عن المشهد بشكل لافت، فلم يحدث أن وجدنا امرأة فقيهة أو داعية تفتي وتقدم
الفتوى، خاصةً أنّ الوسط النسائي بحاجة إلى من يرشده ويثقفه ويوجهه التوجيه الصحيح
بعيداً عن الأفكار المشبوهة والمضللة، التي يروج لها بعض النساء الدخيلات على
الدعوة والفكر المعتدل، فما هو السبب خلف غياب الداعيات عن المشهد واستئثار الرجل
به لوحده، وهل الداعية هي من وضعت نفسها في دائرة الانزواء؛ خوفاً من الانتقاد
الاجتماعي، خاصةً حينما تكون محسوبة على التيار الديني، أم أنَّ للمجتمع ضوابطه
المتعلقة بالتقاليد والموروث بشكل بدت فيه أكثر حضوراً من الحكم الديني في ذلك؟.
 
مشاركة دينية
وقالت د. سهيلة زين العابدين -عضو المجلس التنفيذي ولجنة
الثقافة والنشر ولجنة الأعضاء بالجمعية الوطنية لحقوق الانسان-: “إنَّ النظرة
الاجتماعية لها دور كبير في غياب المرأة الداعية أو المفتية عن الساحة، ففي المغرب
–مثلاً-، تمَّ تنفيذ قرار إشراك المرأة في القيادة الدينية، بحيث يكون لها دور
بارز في الفتاوى”، مُضيفةً أنَّه حينما نقارن بين واقع المرأة المسلمة بصفة
عامة وواقع المرأة في مجتمعنا، لوجدنا أنَّ هناك تباينا كبيرا بين واقعها في العصر
الحالي وواقع المرأة في الإسلام.
ولفتت إلى أنَّ الإسلام أعطى المرأة حق المشاركة الدينية
وحق الفتوى مثل الرجل تماماً، لكن الرجل –للأسف- استأثر بالفتاوى والاجتهاد
وبالقضاء وبالظهور البارز في القضايا الدينية كداعية وعالم دين، في حين غابت
المرأة وسُلبت حقوقها في ذلك، على الرغم من أنَّ الإسلام كفل لها حق الإفتاء، فالسيدة
عائشة رضي الله عنها كانت تفتي في عهدي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وكانت لها
استدراكات على الصحابة، وأُخذت ربع الأحكام الفقهية منها.
أحاديث ضعيفة
وأكَّدت على أنَّ بعض الدعاة استدلوا بأحاديث ضعيفة على
إبعاد المرأة عن مجال الإفتاء، مُضيفةً أنَّ هناك من أوكل الفتاوى المتعلقة
بالنساء للمرأة، حيث قالوا: لا بأس أن تفتي في أمور تتعلق بشؤون المرأة، على الرغم
من أنَّ الرجل يفتي في أمور تتعلق بالمرأة وفي أدق ما يتعلق بها ولم يخص نفسه
بشؤون الرجل فقط، متسائلةً: “لماذا هذا التباين في الحكم بين الرجل والمرأة
وهو ليس من الإسلام بشيء؟. وبيَّنت أنَّ المرأة الداعية لم تغب بإرادتها عن
الساحة، بل إنَّها حتى حينما ترغب في الظهور وأن تنال نصيبها من الدعوة والإفتاء
وأن تسلط عليها الأضواء كما يحدث للكثير من الدعاة، فإنَّ هناك من يشكك بها، فهناك
فضيلة الشيخ، لكنَّنا لا نجد ما يُسمى فضيلة الشيخة، وكأنَّ الرجل له حق الأفضلية
بعلوم الدين والفتوى دون المرأة، على الرغم من أنَّ النص القرآني يوجه الخطاب
للمرأة والرجل على حدٍ سواء، مؤكِّدةً على أنَّ المشكلة في غياب المرأة الداعية عن
عالم الفتوى وبروزها إنَّما سببه في المقام الأول فكر الرجل والفئة التي احتكرت
العلوم الدينية للرجل دون المرأة.
جريدة الرياض: http://www.alriyadh.com/1081838
 

Leave a Reply