سهيلة زين العابدين حماد
السبت 29/08/2015

تأملات في مدلولات بعض الآيات القرآنية (1) كم نحن في حاجة إلى إعادة تفسير بعض الآيات في القرآن الكريم، بحيثُ يُرَاعَى فيه مدلولات الكلمات والمصطلحات ضمن سياقها في الآيات القبلية والبعدية، ليتضح لنا المعنى الحقيقي للآيات، وقد رأينا أن اجتزاء الآيات من سياقها، والتفسير الجنسي لبعضها، أوقع بعض المفسّرين في أخطاء جسيمة،

 مثل أخطائهم في تفسير ملك اليمين بسبايا الحروب من النساء، واسترقاقهنّ، وإباحة اغتصابهنّ، حتى إن كنّ متزوّجات بعد استبرائهنَّ بحيضة واحدة، لذا رأيتُ أن أقفَ هذه الوقفات التأمّلية في بعض الآيات الوارد فيها مصطلح (ملك اليمين)، حيث إن هذا المصطلح وارد في (15) موضعًا، ولكل موضع سياقه ومدلولاته.
عند التأمل في مدلولات (ما ملكت أيمانكم) في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) «المؤمنون: 5، 6، والمعارج: 29، 30»، نجدها وردت في السورتيْن في سياق واحد، وهو صفات المؤمنين على مر العصور إلى قيام الساعة، فإن كان ملك اليمين، يعني سبايا الحروب، كما فسّرها عدد من المفسِّرين، فهل يعني كل المؤمنين لديهم جوارٍ من سبايا الحروب إلى أن تقوم الساعة، ويكشفون عوراتهم لهن؟!
ثم إنّ المؤمنين تشمل الذكور والإناث، فالخطاب هنا جاء بصيغة العموم، فإن كان معنى ملك اليمين في هذه الآيات كما فسّرها كثير من المفسّرين، بالعبيد والجواري من أسرى الحروب، لا يتفق مع سياقها الذي يتحدث عن صفات المؤمنين، فالتفسير الجنسي (لفروجهم حافظون إلَّا على أزواجهم وما ملكت أيمانهم) لا يتفق مع هذا السياق، لأنّ هذه الآية لم تستثنِ الذكور، وتخصّهم بتلك الصفات. فهذا يعني أنه ينطبق على الإناث أيضًا؛ لأنّ الآية لم تستثنِ الإناث عن فعل ذلك.. وهذا يكشف لنا خطأ الفهم، وخطأ التأويل.
ومدلول كلمة «فروجهم» في الآية، لا يدل على العلاقة الجنسية بالسوءة، لأنّ هذه الآية وما قبلها، وما بعدها، تصف المؤمنين ذكورًا وإناثًا، وإن كانت تعني العورة، وبإباحتها للأزواج وملك اليمين من الجواري من سبايا الحروب، طبقًا لتفسير بعض المفسرين لها، فهذا يعني إباحة ذلك للنساء مع من ما ملكت أيمانهن من الذكور.
فلنبعد عن التفسير الجنسي للآيات، الذي حرص كثير من المفسّرين عليه في تفسيرهم لآيات ملك اليمين، فقد يكون معنى (أو ما ملكت أيمانهم)، من يقومون على تمريضهم، وخدمتهم، ورعايتهم في حال مرضهم، ممّا يتطلّب كشف عوراتهم لهم.. فهذا المعنى الذي يستقيم مع سياق الآيات، والذي يشمل المؤمنين (ذكورًا وإناثًا) الموعودين بالجنة.
أمّا مدلول (وما ملكت أيمانكم) الواردة في سورة النساء آية 36 -والخطاب هنا بصيغة العموم، أي يشمل الذكور والإناث معًا- تعني الإحسان إلى أزواجكم الذين تحت وصيتكم ورعايتكم وإشرافكم، فسياق الآيتيْن السابقتيْن للآية 36، تتحدّث عن القوامة في الزوجية والنشوز، والإصلاح بين الزوجيْن، والآية التي بعدها تتحدث عن البُخل في الإنفاق.. وللحديث صلة.

suhaila_hammad@hotmail.com
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (26) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى
88591 – Stc
635031 – Mobily
737221 – Zain

Leave a Reply