سهيلة زين العابدين حمّاد
السبت 1/8/2015م

   أواصل الرد على ما جاء في تعقيب أحد القراء الكرام على ما جاء في مقاليْ عن الأسرى والسبايا، فممّا قاله:” نص صريح في القرآن، الحر بالحر والعبد بالبعد في القصاص. وهناك اجماع لا يُحد حر بعبد بل دفع الدية” 


كنتُ أتمنى  رجوع القارئ  الكريم إلى تفسير الإمام أبو زهرة للآية(178)من سورة البقرة التي استشهد بها، قبل حكمه على الإسلام، ولكن للأسف كثيرًا من  شبابنا يتقبلون ما يُقال لهم عن القرآن الكريم دون بحث وتدقيق وتمحيص. يقول الإمام أبو زهرة في تفسيره لهذه الآية:” قد فصّل الله تعالى حكم القصاص، فقال تعالت كلماته  الحر بالحر أي الحر يقتل في مقابل الحر، والعبد بالعبد والعبد يقتل في مقابل العبد، والأنثى بالأنثى والأنثى تقتل في مقابل الأنثى. هذا هو العدل، وهو رد على الجاهليين الذين كانوا لا يسوون في الدماء، فالعبد إذا قتل حرًا من قبيلة أو الحر إذا قتل حرًا من قبيلة، وكان الأول من دهماء الناس، وكان الثاني من أشرافهم لا يقتل به بل يبحث عمن يكافئه، وربما لا يكافئه واحد، وذلك من العصبية الجاهلية، ومن نظام التفاوت الذي لا يزال يسري بين الناس مقيتا، وإن كان مألوفا. وبيّن القرآن حال المساواة في الوصف من حرية ورق، وذكورة وأنوثة، ولم يذكر إذا اختلف الوصف أو الجنس بأن قتل الحر العبد، والعبد الحر، والمرأة الرجل، والرجل المرأة، وذلك لأنّ النص سيق لإبطال العادة الجاهلية التي كانت تقتل غير القاتل، وتتعدى القاتل إلى قبيلة، وغير الشريف في زعمهم إذا كان هو القاتل إلى شرفائها، فرد الله تعالى زعمهم، وصحح الأمر في هذا المقام بالقصاص العادل  .أما التساوي في النفوس لا في الأوصاف، فقد ثبت بقوله تعالى:(وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ..)[زهرة التفاسير: ص 532، 533] 
 أمّا القول بأنّ هناك” إجماع لا يُحد حر بعبد بل دفع الدية” فهو قول ليس بصحيح، فقد قال الإمام أحمد ونفاة القياس والثوري وبعض الكوفيين:”إن الحر يقتل بالعبد إذا قتله; لأنّه نفس والإسلام جعل أساس القصاص المساواة في النفوس، ولقوله عليه الصلاة والسلام”   النفس بالنفس ” وهؤلاء الذين قالوا إنّ الحر يقتل بالعبد قالوا : إنّ المالك يقتل إن قتل عبده ،لقوله عليه الصلاة والسلام  فيما رواه النسائي وأبو داود:”من قتل عبده قتلناه ، ومن جدعه جدعناه ، ومن أخصاه خصيناه “[المرجع السابق: ص 534]  للأسف الشديد كثير من أولادنا الذين سقطوا في مستنقعي الإرهاب والإلحاد يستمعون إلى ما يُثيره المخطّطون لإيقاعهم في هذْين المستنقعين من شبهات حول الإسلام، باجتزائهم النصوص القرآنية من سياقها، وعدم ربطها بما قبلها، أو بعدها، وكذلك دون معرفة المعنى المقصود منها، فهم للأسف واقفون على قواعد هشّة، يقبلون ما يُقال لهم عن دينهم وخالقهم دون تمعّن وتدقيق ومعرفة حقيقية بواقع البشر، وتاريخ الإنسانية وأحوال مجتمعاتها، لأنّ تربيتنا الأسرية لم تقم على الحوار والنقاش، في حين تربيتنا التعليمية قامت على التلقي والحفظ الصم، وعدم إعمال العقل والتمعن والتدبر والنقاش والحوار، فدرسّناهم في مناهجنا عن الرق والسبايا كما يردده عليهم المخطِّطون لجرهم إلى الإرهاب، أو الإلحاد، كما نجد بعض علماء الإعلام يرددون ذلك أيضًا!
وأقول هنا لأولادنا وبناتنا لا تفرطوا في الإسلام، تمسكّوا به، فهو والله الدين الحق، وأعداؤه يريدون تشويه صورته أمامكم، فلا تصدقوا ما يقولونه لكم عنه، فكروا وابحثوا وتدبروا، صحيح يوجد أخطاء في مفاهيم بعض الآيات، بُنيت عليها أحكام فقهية خاطئة، تأثرًا بموروثات فكرية وثقافية، أو لعوامل أخرى، ولكن لديكم قاعدة أساسية ابنوا عليهم موقفكم من القرآن الكريم والسنة الصحيحة ـــ ودعكم من قال فلان.. وقال علّان ــــ أنّ الإسلام دين الرحمة والتسامح والإنسانية والعدل  والمساواة والسلم والخلق القويم، وما يُقال لكم عنه خلاف ذلك فلا تصدقوه.
Suhaila_hammad@hotmail.com

Leave a Reply