2-تصحيح الخطـاب الإسلامي

دعوة لقراءة منهج الفقه لسنة أولى ثانوي (2)


دعوة لقراءة منهج الفقه لسنة أولى ثانوي (2)
نجد معد المنهج يُحرّم سفر المرأة بلا محرم تحريمًا قاطعًا حتى للحج لا يغيره تغير وسائل النقل التي يستخدمها المسافر من دواب أو سيارات وطائرات وسفن، مع أنّ أمهات المؤمنين حججن بلا محرم
د. سهيلة زين العابدين حماد
الثلاثاء 12/08/2014

بينتُ في الحلقة الماضية كيف أساء درس الديات- ولو عن غير قصد – في منهج الفقه لسنة أولى ثانوي إلى الإسلام؛ إذ صوره بأنه دين يميز بين أرواح البشر، مما قد يدفع بعض شبابنا إلى الإرهاب والتطرف الفكري، أو إلى الإلحاد وإنكار وجود الخالق جل شأنه، وسأتوقف في هذه الحلقة عند:
أولًا: حد الزنا، فقد اعتبر معد المنهج أنّ من أسباب الزنا: مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية، واختلاط المرأة بالرجال الأجانب من غير خلوة، والسفر من غير محرم.
أمّا عن مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية من مسببات الزنا، فقد روى البخاري عن أنس رضي الله عنه ” كانت الأمَة[المرأة المملوكة] من إماء المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت” وفي رواية:” ان كانت الوليدة [ الفتاة الشابة] من ولائد المدينة لّتَجيء فتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت”[ابن حجر العسقلاني: فتح الباري في شرح صحيح البخاري, في رواية لأحمد وابن ماجه عن أنس.]أمّا قول السيدة عائشة رضي الله عنها عن الرسول صلى الله عليه وسلم:” ما مسّت يده يد امرأة قط في المبايعة”[رواه البخاري ومسلم] هذا خاص بمبايعة النساء فقط، ولا تعمم على كل الأحوال, ونص الحديث واضح” ما مسّت يده يد امرأة قط في المبايعة”.
أمّا عن تحريم اختلاط المرأة بالرجال الأجانب من غير خلوة، فآية المداينة تبيّن إجازة الاختلاط، ونص الآية واضح (واستشهدوا شهيديْن من رجالكم فإن لم يكونا رجليْن فرجلٌ وامرأتان ممن ترضوْن من الشهداء) وهذا دليل على وجود نساء في مجلس المداينة، وكذا آية المباهلة تؤكد هذا، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يُحرِّم لقاء الرجال بالنساء، ولا دخول الرجال بيوت الغائبين” المسافرين” وإنّما أكّد على تحريم الخلوة بالمرأة التي غاب زوجها عن بيتها، وأبقى أصل إباحة اللقاء، فوضع الضابط دون أن يمنع، فقال صلى الله عليه وسلم: “لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلاَّ ومعه رجل أو رجلان”، وقوله:(لا يخلون رجل بامرأة إلاّ مع ذي محرم) يشير إلى جواز لقاء المرأة بالرجل الأجنبي عنها في حضور محرم لها، أو عدد من الرجال.
أمّا عن مشروعية سفر المرأة بلا محرم، فقد بينتُ حكمه في مقال سابق، ونجد معد المنهج يُحرّم سفر المرأة بلا محرم تحريمًا قاطعًا حتى للحج لا يغيره تغير وسائل النقل التي يستخدمها المسافر من دواب أو سيارات وطائرات وسفن، مع أنّ أمهات المؤمنين حججن بلا محرم ،وأمُّنا عائشة رضي الله عنها قالت :” أوكلُّ النساء لديهن محارم؟” وقد سافرت إلى البصرة برفقة الزبير بن العوام وطلحة رضي الله عنهما زوجي أختيها.
فلماذا التضييق على النساء، وتحريم ما أباحه الإسلام؟
ثانيًا: الدرس العشرون “حد السرقة “
جاء في هذا الدرس: حد السارق قطع يده اليمني من مفصل الكف، ثم تُحسم لئلا ينزف دمه فيموت، والدليل على ذلك قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا)[المائدة:38]وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا”[ متفق عليه]
وعند قراءتنا لهذا النص نجد التالي:
1- لم يذكر الشروط غير الموجبة لقطع يد السارق الباعثة على تطبيق الحكم الإلهي، والتي منها البطالة وعدم توفر فرص العمل، والفقر المدقع، وعدم تمكّن السارق من الحصول على قوت يومه وقوت وعياله فسرق ليأكل، ووجود في المجتمع مجاعة تدفعه إلى أخذ حق الغير دون إذن منه، ففي هذه الأحوال كان أخذ أموال الغير بغير حق أمام ضرورة، وهي ضرورة البقاء على النفس، وقد طبّق هذا الحكم سيدنا عمر بن الخطّاب رضي عنه في عام الرمادة ، حيث أسقط هذا الحد؛ إذ كان بذلك أمام مناط آخر غير المناط العام الذي يوجب الحد، والذي يستوجب تقديم إسقاطه لما قد يفضي إليه تطبيقه من هلاك الأنفس، ولكن للأسف الشديد معد المنهج تجاهل هذا الحكم الأساسي ،ولم يُشر إلى هذا الحدث لغاية في نفسه تعبر عن التوجه الفكري الذي تحمله جماعته المنتمي إليها، فتطبيق حد السرقة يكون في المجتمعات التي تسودها العدالة الاجتماعية، وتتوفر فيها فرص العمل للجميع، ويوجد ضمان اجتماعي عادل لمستحقيه بحيث لا يبات جوعان، ولا مريض لا يملك قيمة دوائه، ولكن مجتمعاتنا الإسلامية، ولاسيما العربية تعاني من ارتفاع في نسبة البطالة والفقر، وبعضها يعاني أيضًا من فوضى وإرهاب، وقد رأينا كيف قام بعض المنتمين للجماعات الإسلامية في مصر بجدع الأنوف وقطع الآذان ما بعد ثورة 25 يناير بدعوى تطبيقهم لشرع الله طبقًا لمفاهيمهم، مع أنّ الأحكام الشرعية تطبقها الجهات القضائية، وليس الأفراد.
2- تحديده نصاب السرقة لقطع اليد بربع دينار، رغم وجود روايات حددتها بدينار”، وبعضها” عشرة دراهم، واختلاف الروايات دليل على عدم صحتها ،وهذا يتطلب التحقيق في صحة الأحاديث الواردة في هذا الشأن، ولم يفعل ذلك معد المنهج ثم تحديده منطقة اليد وكيفية قطعها لأطفال في سن 15سنة له أبعاد نفسية قد تكون سلبياتها أكثر من إيجابياتها لأنّه يصف الإسلام بالقسوة، وعدم الإنسانية، فإن كان الطالب المتلقي تمّ تجنيده في إحدى الجماعات الدينية المتطرفة والإرهابية، ويريد تطبيق شرع الله على العباد ينفذ ما درسه فيقطع أيادي السارقين بما يُعادل قيمة ربع الدينار، وللأسف معد المنهج لم يتثبت من صحة الأحاديث الواردة في هذا الشأن، واعتمد أقل قيمة واردة فيها، كما لم يجتهد في البحث في تقدير القيمة الحالية لما يعادل الدينار، أو ربعه (3دراهم)، أو عشرة دراهم، في العهد النبوي، والتي تحتاج إلى علماء اقتصاد يوازنون بين الأسعار في العهد النبوي وفي زمننا هذا الذي ترتفع فيه الأسعار بين يوم وآخر وليست على ثبات ليحددوا قيمة المبلغ المسروق الذي يستوجب قطع يد السارق، مع توفر الشروط الموجبة لتطبيق هذا الحد.
للحديث صلة.

suhaila_hammad@hotmail.com

للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS

تبدأ بالرمز (26) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى

88591 – Stc

635031 – Mobily

737221 – Zain

Leave a Reply