المرأة السعودية بين
الواقع والمستقبل المأمول (5)
بقلم د.
سهيلة زين العابدين حماد
المرأة السعودية
والعمل
المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ،ولا يزال أحد الأهداف الرئيسية لخطط التنمية
في المملكة، ذلك نظراً لمكانتها ودورها الحيوي في تطور المجتمع. فضلاً عن الحاجة
المتزايدة إلى هذا التطوير.
وبروز أوضاع اجتماعية واقتصادية جديدة استدعت الحاجة إلى زيادة مشاركتها في عملية
التنمية من خلال العمل المناسب الذي يتفق مع تعاليم الإسلام ،وقد اكتسب هذا الأمر
أهمية خاصة في الآونة الأخيرة نتيجة تزايد أعداد الخريجات المؤهلات من مختلف
المستويات التعليمية والتدريبية في مختلف التخصصات العلمية.
ولفترة طويلة ظلَّت المرأة السعودية مشاركة نشطة في القوة العاملة في
الاقتصاد التقليدي ،وشريكة في الأعمال المختلفة التي تقوم بها الأسرة ،وكانت تقوم
بالعديد من الوظائف والمهمات الانتاجية مثل الزراعة والرعي والحرف والصناعات
التقليدية ،وكانت تمارس هذه الأعمال بجانب دورها الكامل في الأسرة ،وكانت هذه
الممارسة مقبولة اجتماعياً ومنسجمة مع القيم الاجتماعية والأعراف.
لكن تحول الاقتصاد السعودي خلال العقود الثلاثة الماضية من اقتصاد تقليدي
يتميز بعلاقات عمل بسيطة إلى اقتصاد حديث يتسم بعلاقات معقدة ،ووسائل إنتاج متطورة
أدى إلى تغير أنماط المعيشة ،وأوضاع العمل ،وبرزت علاقات وهياكل اقتصادية جديدة
تعتمد على أطر مؤسسية وتنظيمية حديثة لم تكن مألوفة من قبل . وقد شكّلت هذه
التغيرات دافعاً إلى تطوير السياسات الهادفة لزيادة مشاركة المرأة في عملية
التنمية الاقتصادية والاجتماعية دون الإخلال بالقيم الدينية .
وأسهم التوسع في تعليم المرأة في دخول أعداد كبيرة من النساء سوق العمل
،حيث توفرت فرص التوظيف في مجالات تعليم البنات والخدمات الصحية والاجتماعية
،معظمها في القطاع الحكومي ،وكان لتوافر فرص التوظيف في هذه المجالات تأثير كبير
في التركيب التعليمي الحالي للسكان من النساء ،والذي يتميز بمعدلات التحاق مرتفعة
في مؤسسات تدريب المعلمات والتعليم العالي ،ولا سيما في مجالي الآداب والعلوم
الاجتماعية ،حيث تقترب معدلات عمل المرأة في هذه المجالات من مستويات التشبع . وفي
ضوء هذه التطورات كان لابد من العمالة الوطنية في مختلف المجالات والتخصصات . كما
أنَّ الاهتمام بتعزيز مشاركة المرأة في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية له
انعكاسات إيجابية على تقليل اعتماد الاقتصاد الوطني على العمالة الوافدة، كما يعد
توظيفاً مجدياً للاستثمارات الكبيرة والجهود التي تبذلها الدولة والمجتمع في تعليم
المرأة ،ومحو أمية النساء وتطوير قدراتهن.
ولا تقتصر المنجزات البارزة للتنمية البشرية في ما يتعلق بالنساء على توسيع
نطاق تعليم المرأة ،وزيادة معدلات معرفة القراءة والكتابة ،بل تشمل أيضاً منجزات
جوهرية للمرأة السعودية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية
،ممَّا جعلها عضوة فاعلة في المجتمع.[1]