بقلم د. سهيلة زين العابدين حمّاد

خطورة أميركا على النظام
الدولي ودول العالم

هناك مجموعة من
الوثائق  تشير إلى أنَّ الولايات المتحدة
لديها مخططات استراتيجية في بلاد العالم العربي ،منها تقرير نشرته  (البوستن جلوب) في 10 سبتمبر 2002م ذكرت  فيه مجموعة من مراكز الأبحاث مثل:

American enterprise institute
Washington institute for Near
East policy.

ومجموعة من هذه المراكز 
تنصح  الفئة المهيمنة في الإدارة
الأميركية إلى العمل على إعادة تشكيل خارطة المنطقة واعتبار العراق خطوة أولى،
“الجارديان” في  3 سبتمبر 2002 م كشفت عن  ورقة مهمة جداً بعنوان
Clean break
التي  كتبها أصلاً (ريتشارد بيرل) لنتنياهو
عندما استلم السلطة سنة 1996م ورد  فيها
أيضاً عن إعادة تشكيل المحيط الاستراتيجي في المنطقة، ونشرت  “الصن داي هيرالد” في  15 سبتمبر عل وثيقة مهمة تشير إلى أنَّ الفريق
الحاكم الآن في الإدارة الأميركية (تشيني) (رامسفيلد) (وولفويتس)  أعدوا خططًا كاملة ليس فقط  لضرب العراق، ولكن لإيجاد  وجود عسكري دائم في الخليج العربي كله، وفي كل
هذه المنطقة من العالم، في سبتمبر عام 2000م وذلك قبل أن يستلموا السلطة رسمياً في
يناير عام 2001م.

وفي الطبعة الإنجليزية من “البرافدا”  أشار 
أحد المحررين في نشرة “الفري أراب فويس” “
free Arab voice
مقالة تقول إنّ روسيا اكتشفت أن مشروع أميركا للسيطرة على العراق وبقية دول الخليج
يهدف على المدى البعيد إلى تخفيض سعر برميل النفط إلى 13 دولار البرميل لتدمر  صناعة النفط الروسية وجعلها  تحت سعر 14 دولار للبرميل،  لأنَّ كلفة استخراجه أغلى من تكلفة استخراج
بترول الخليج ، فتضرب بذلك الولايات المتحدة النفط الروسي. وهناك نقطة هامة وهي
أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية تستهلك يومياً 17 مليون ونصف مليون برميل ،
وأنَّه لا يوجد لديها احتىياطي البتة ، فبترول العراق هدف استراتيجي للولايات
المتحدة ، إضافة إلى امتلاك جورج بوش ، وبعض من في إرادته لشركات بترول .

الذي أود أن أقوله:

إنَّ  أدبيات الفكر
السياسي الأميركي قائمة على مبدأ (البراجماتيزم)، وهو  مبدأ نفعي بحت، فما تقوله أمريكا  عن الإحسان للشعوب الأخرى والعدل والحرية هم لا
يتكلمون إلا عن العدل الأميركي لليهود الصهاينة غير مبالين حتى بمصلحة الشعب
الأمريكي لأنَّ ما يقومون به ضد مصلحة هذا الشعب .فهم ينظرون إلى سائر الشعوب
باستثناء اليهود نظرة دونية  ،ولا سيما
نظرتهم إلى العرب والمسلمين فهم في نظرهم 
حشرات وقاذروات ينبغي القضاء عليها ، وهذا ما قاله جورج بوش الجد في
كتاب  نُشر له   ، وعندما قيل لأولبرايت وزيرة خارجية أمريكا
في إدارة كلينتون : “إنّ كل خمس دقائق يُقتل طفل عراقي من جراء الحصار
“، قالت : “هم يستحقون ذلك “.كما نجد السياسة الأمريكية الحالية
تستهدف تقسيمنا إلى قبائل متناحرة ، وهذا ما قالته كونداليزارايس لجورج بوش ،بأن
ينظر إلى العرب على أنَّهم قبائل “فهم يدَّعون أنَّهم يريدون من غزوهم للعراق
تحرير شعب العراق من حكم صدام الاستبدادي ،ويريدونه أن يتمتع بالديمقراطية،
ويريدون نزع أسلحة الدَّمار الشامل كلام زائف يؤكد زيفه حربهم للعراق لأنَّهم لو
كانوا متأكدين من امتلاك العراق لهذا السلاح لما تجرأوا على محاربتها ،ولكن نجدهم
استخدموا أسلحة الدمار الشامل في قتلهم للمدينيين العراقيين وتعمدهم قصف الأحياء
والأسواق المدنية ،وتدميرهم لمحطات الماء والكهرباء ومستودعات الأغذية ،وسرقتهم
لحليب الأطفال ،وقصفهم للمستشفيات وسيارات الإسعاف، ومواقع الصحفيين والمراسلين
،وقد قتلوا اليوم مراسل الجزيرة طارق أيوب ،وقتلوا مراسلاً لرويترز، ومصوراً
أسبانياً ـ الذي تشارك بلاده في هذه الحرب ـ بوكالة أنباء أسبانية  ، وجرحوا مصور الجزيرة ،زهير العراقي  وأربع صحفيين أجانب ، والهدف من هذا إسكات
الصحفيين والمراسلين العرب بصورة خاصة الذين يكشفون كذب القيادتين الأمريكية
والبريطانية ،لإخراس صوتهم وإسكاتهم لينفرد العدو بنشر أكاذيبه وتضليل العالم من
جهة ، والشعب العراقي بصورة خاصة ليبثوا لهم ما يريدون بثه لإضعاف روحهم المعنوية
وليستسلموا لهم من جهة ثانية ، ومن جهة ثالثة لينفرد بالشعب العراقي بمذابح لا يريد
أن يطلع  أحداً عليها. لا قيم خلقية ولا
إنسانية لحروب أمريكا. فالديمقراطية التي تدعوا إليها أمريكا للحكم بها في العالم
العربي والإسلامي هي ديمقراطية روما ، ديمقراطية الأسياد على العبيد.

   وما يحدث الآن في
العراق هو ذاته الذي يحدث في فلسطين ،والذي حدث في لبنان ، هذا ما قاله معالي  وزير الثقافة 
اللبناني الدكتور غازي العريضي. وهذا يؤكد أنَّ الذي وضع خطة الحرب اليهود
الصهاينة وعلى رأسهم شارون.

 
أمريكا وتعطيلها لدور المنظمات الدولية

تعمل المنظمات الدولية الحالية لصالح إسرائيل والقوى العُظمى
وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ، وكل العقوبات التي تفرضها هذه المنظمات
لا تقع إلاَّ علينا نحن العرب والمسلمين والدول الضعيفة والفقيرة ، وكل القرارات
التي تصدرها هذه المنظمَّات لا تطبق إلاَّ علينا ،ولا تُلزم بها إسرائيل والولايات
المتحدة الأمريكية ،وعندما وقفت فرنسا في وجه الولايات المتحدة الأمريكية ،وأعلنت
أنَّها سوف تستخدم حق الفيتو على المشروع البريطاني الأمريكي، تحدت أمريكا هذه
المنظمة الدولية ،وسحبت مشروعها ،وأعلنت الحرب ضاربة بالشرعية الدولية عرض الحائط
، قاضية بذلك على فعالية هذه المنظمة ،وحكمت عليها بالموت ،في الوقت الذي تتمسك
بقرار مجلس الأمن 1441 الذي يقضي بضرورة نزع أسلحة الدمار الشامل في العراق ،كما
نجددها تندد بالعراق بطردها للمفتشين الدوليين عام 1998 م الذين أرسلهم مجلس
الأمن ،بينما عطّلت  دور  هذه المنظمة الدولية لاتخاذ أي قرار بشأن إيقاف
الحرب على العراق  ،ولكي تُكسِب عدوانها
على العراق  الشرعية الدولية جعلت كوفي
عنان يوقف مشروع الغذاء مقابل النفط قبل اندلاع الحرب بساعات ، ثمَّ يعيد العمل به
بعد اندلاع الحرب ليعطي للولايات المتحدة الشرعية في الإشراف على هذا المشروع
لتسرق عن طريقه أموال العراق ، كما أجّلت ظهور مجلس الأمن والأمم المتحدة على مسرح
الأحداث بعد الحرب لتحصل منه على شرعية الاحتلال ، وما تقوم به من أعمال لسرقة
بترول العراق ،وتوقيع كبرى الشركات الأمريكية عقود استغلال النفط العراقي وإعادة
اعمار العراق، بعدما تعمَّدت تدمير البنية التحتية له.  

أخيراً هناك نقطة جد هامة وخطيرة ينبغي التنبيه إليها أنَّ
الإدارة الأمريكية لتنفذ هذا المخطط الصهيو أمريكي تعمل على عزل النظام
“الفريسة” دوليًا وعالميًا وإقليميًا بجره إلى محاربة جيرانه ، كما حدث
للنظام العراقي بحربه لإيران على مدى ثمان سنوات ،ثُمّ غزوه للكويت ،وإعطائه أسلحة
الدمار الشامل ليضرب به المعارضة الكردية ،وحرصت الإدارة الأمريكية على تأجيج
العداوة بين الكويت والعراق ،والحيلولة دون مصالحتهما لتجعل من أرض الكويت قاعدة
تنطلق منها الحملة البرية والجوية الأمريكية على العراق، ولتكون الكويت دائماً هي
المحرضة  على غزو العراق في المحافل
الدولية ومؤتمرات القمة العربية والإسلامية ،وتستخدم المعارضة الكردية التي
احتضنتها في أمريكا لمحاربة أخوانهم وأشقائهم وبلدهم ومساعدة الأمريكان على احتلال
بلادهم  ، وغدرت بهم بعدما احتلت العراق ـك
ما غدرت بأسامة بن لادن بعدما استخدمته للقضاء على دولة الاتحاد السوفيتي ، وغدرت
بالتحالف الشمالي في أفغانستان ، ولم تمكنه من الحكم في أفغانستان بعدما استخدمته
في احتلالها لأفغانستان ، فالذي يتعاون مع أعداء بلده ودينه لاحتلال بلده وإذلال
أهل بلده ، وانتهاك أعراض أمهاته وأخواته وبناته، فهو خائن يستحق القتل، وعندما  نشاهد ذاك الرجل الذي يبكي وهو مطأطئ رأسه  لما 
يقوم به  الجنود البريطانيون
بتحسس  النساء وكشفهن لتفتيشهن، وبإمكانهم
استخدام أجهزة المستخدمة لهذا الغرض، أو جعل 
المجندات من النساء في الجيش يقمن بهذه المهمة، ولكن إمعانًا  في إذلال العراقيين والمسلمين يتعمدون انتهاك
حرمات نساء الإسلام، وعندما نشاهد الأسرى المدنيين العراقيين، والجنود الأمريكان
والبريطانيين يضربونهم ويدفعون برؤوسهم 
إلى أسفل ، وبطحهم في الأرض وهم منكسي الرؤوس إذلالًا لهم ، وعندما نشاهد
الجرحى وقد فقد بعضهم رجله أو ذراعه أو أطرافه أو عينه أو أصيب بشلل كلي أو جزئي
أو شوِّه وجهه بحروق عميقة ، وعندما نرى أشلاء القتلى المتناثرة  نقول كل من ساعد على هذا العُدوان يؤثم ،وسوف
يُسأل عنه يوم القيامة .ونؤثم نحن جميعاً لسكوتنا عنه وعدم إيقافه.  على الدول العربية والإسلامية مواجهة هذا
المخطط الصهيو أمريكي وإحباطه ولا يكون هذا إلاَّ بتناسي خلافاتها وتعمل على تكوين
اتحاد على غرار الاتحاد الأوربي ، وأن تقف جميعها وقفة رجل واحد وتتحد في اتخاذ
قراراتها ، وأن لا تنفرد كل دولة بقراراتها ،فهذه الفرقة ، وهذا الاختلاف ، والانخداع
في أمريكا سيجعل أمريكا تفترس الدولة تلو الأخرى ، والدور على إيران ، ثمَّ
السعودية ، ثُمَّ سوريا ولبنان  ، وتليهما
مصر ، وهكذا، فلنعمل بقوله تعالى : ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرَّقوا )، كما
علينا أن نعمل على تأسيس منظمة إسلامية دولية تكون مرجعيتنا في فض الخلافات
والمنازعات بين الدول الإسلامية ، وحل مشاكل الحدود ، ويُحتكم إليها في أي نزاع
ينشب بين أي بلدين إسلامييْن، وأن تكون قراراتها وأحكامها نافذة على الجميع .

Suhaila_hammad@hammad@hotmail.com

    

Leave a Reply