صحوة بعد غفوة.. ليتها تشمل العرب جميعًا!!
جريدة المدينة في الخميس, 9 يوليو 2009
د. سهيلة زين العابدين حمَّاد
عانى لبنان الحبيب من فوضى الانقسام منذ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري حتى قُبيل الانتخابات اللبنانية الأخيرة، وكان ذاك الانقسام ينذر باندلاع حرب أهلية طائفية ومذهبية تؤدي إلى وقوع لبنان تحت قبضة العدو الإسرائيلي ،وهذا كان الهدف الرئيس من اغتيال الحريري.
وقد أدرك مؤخرًا الفرقاء اللبنانيون ذلك ،وتصريحات السيد وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الأخيرة لقناة الجزيرة في برنامج «بلا حدود» توضح ذلك؛ إذ تغيَّرت مواقفه 180 درجة للصالح العام، فقد أيقن ضرورة تعديل الخطاب السياسي اللبناني، فقال: «بعد السابع من أيار وبعد أن أيقنت الهوة الشاسعة بين الفريقين اللبنانيين والكراهية بين المواطنين وبين الطوائف ولاحظت هذا من أحداث تمس بطائفتي طائفة الدروز في حادثة 14 شباط عندما كادت أن تندلع الأمور بين درزي وشيعي لاحظت أنه يجب تعديل الخطاب السياسي، لا نستطيع أن نستمر بهذه الطريقة نرفع شعارات كبيرة لكن الواقع مختلف»، ثمَّ قال: «لاحقا عندما رأينا النتيجة، النتيجة التي أنقذنا من خلالها اتفاق الدوحة لكن رأينا النتيجة على الأرض الهوة الكاسحة بين المواطنين في الحي الواحد في المنطقة الواحدة في بيروت في الجبل في الضواحي، كان لا بد من العودة وعقلنة الخطاب السياسي، وهذا ما اتبعته.» هذا التغير المفاجئ في مواقف السيد وليد جنبلاط له دلالاته وأبعاد الإيجابية على مستقبل المصالحة اللبنانية الوطنية لما لهذا الرجل من تأثير كبير في توجيه السياسة اللبنانية، ويعطي دلالة على حرصه على مصلحة بلده، وهذا الذي نرجوه ونأمله من جميع الفرقاء اللبنانيين، بأن يتحدوا في مواجهة التحديات التي تواجه لبنان خاصة والأمة العربية والإسلامية عامة، وهي بحق صحوة بعد غفوة ليتها تشمل العرب جميعًا خاصة بعدما انكشف النقاب عن سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة في المنطقة التي لا تختلف عن سياسة الإدارة السابقة ،فهي ماضية في تنفيذ تلك السياسة، لكن بأسلوب الترغيب لا الترهيب لتجعلنا ننفذها طائعين غير مُرغمين ظنًا من الإدارة الجديدة أنَّها بالخطاب الناعم الذي وجهه الرئيس أوباما للعالم الإسلامي قد بلعنا الطُعم، ونوافق على كل ما يعرضه مبعوثوه علينا، كالانفتاح على العدو الصهيوني بالتطبيع معه، والتحالف معه في مواجهة إيران، فقد صرَّح السيد وليد جنبلاط في حديثه المشار إليه أنَّ بايدن عرض عليه حلفًا عربيًا، الحلف العربي الاعتدالي مع إسرائيل في مواجهة إيران، ورفضه، ويتفق موقف جنبلاط مع الدكتور صائب عريقات رئيس إدارة المفاوضات بمنظمة التحرير الفلسطينية الذي قال في برنامج أكثر من رأي بقناة الجزيرة «إنَّ إسرائيل تحاول أن تخلق من إيران عدوًا في المنطقة وهذا يجب أن يكون مرفوضًا، يجب الدعم باتجاه إنجاح الحوار الإيراني الأميركي والسوري الأميركي لأننا طلاب سلام على أساس مبادرة السلام العربية..» وقد دعا جنبلاط إلى موقف عربي واضح شجاع بعد «دفن نتنياهو المبادرة العربية» حتى لو استلزم هذا الأمر إعادة النظر بمعاهدات كامب ديفيد ووادي عربة وإحياء الجبهة الشرقية الأردن سوريا لبنان بتدعيم الجيوش والاقتصاد قد ينتقل العدو الصهيوني إلى بلبلة الصف العربي»، ويقول جنبلاط: «أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، إلغاء المعاهدات، وإلا سيفرض عليك الإسرائيلي مع الأميركي بواقع جديد يقول لك اعترف بيهودية دولة إسرائيل وتفضل وتحمل عبء تهجير فلسطينيي الـ 48 إلى ما تبقى من الضفة إلى لبنان أو إلى شرقي الأردن يعني إلى الأردن» وقد أكّد جنبلاط «أنَّ لبنان لم يخرج من الخطر، فلم تتوقف الغارات أو الاختراقات الإسرائيلية في الجو أو في الأرض أو في البحر ». ومصداقًا لقول جنبلاط إطلاق النار من قبل أحد المسلحين، ثُمَّ اشتعال الحرائق في شمال وجنوب لبنان عند بدْء المشاورات في تكوين الحكومة اللبنانية الجديدة وإعلان السيد سعد الحريري المكلف بتشكيل الحكومة بأنَّها ستكون حكومة وفاق وطني، وقبلها اجتمع بالسيد حسن نصر الله لمدة أربع ساعات، فإسرائيل لا تريد حكومة وفاق وطني في لبنان، ولا تريد الاستقرار للبنان، ولا تريد وحدة وطنية في لبنان؛ لذا أدت تعليماتها لعملائها في لبنان، وهم منتشرون في جميع أنحاء البلاد بإطلاق الرصاص وإشعال الحرائق. وعلى العرب جميعًا أن يدركوا أنَّ إسرائيل عدوهم الأول، وأنَّ أمريكا متواطئة مع إسرائيل لاحتلال أراضيهم، بإثارة الفتن بينهم، وتمزيق صفوفهم ليسهل الانقضاض عليهم.