5-قضايا المرأة في صحيح الإسلام

فاطمة ابنة فراش وليست ابنة لعان (2-2)

فاطمة ابنة فراش وليست ابنة لعان (2-2)
الخميس, 19 مارس 2009
د. سهيلة زين العابدين حمَّاد
أتابع معكم قضية فاطمة التي سميت بـ « طفلة اللعان « والحقيقة هي ابنة فراش ،وهذا ما تبينه مستندات هذه القضية طبقاً لصكوك صادرة من إحدى محاكمنا بالمملكة ،ومما يثير الدهشة أنَّ يتم التسليم بأقوال الزوج


، دون المطالبة بإثبات وجود الحمل ،فمن أين عرف أنَّ الدم الذي شاهده على ثوبها ،هو دم حيض ،فقد يكون دماً من جرح ،من دُمل ،من بواسير ،من استحاضة ،فالحامل قد ينزل عليها دم أثناء الحمل ،وفي حالة استبرائه منها قال استبرأتها حيث أتتها العادة الشهرية في شهر رجب وشعبان ورمضان وشوال ،وآخر حيض شاهدته بعيني في ثوبها في شهر ذي القعدة عام 1419هـ ،وكيف عرف بحيضها إن لم يكن يعاشرها معاشرة زوجية ؟؟
وكيف يقبل استبراؤه لها ،وهو لم يستبرئها من الشهر السادس ،وهو الشهر الذي حدث فيه الحمل ،ففاطمة وُلدت يوم 28/8/1420هـ ،ومادام الزوج قال أنَّه لم يجامع زوجته منذ ستة أشهر ابتداءً من رجب فكان عليه أن يستبرئها من شهر ذي الحجة.
ثالثاً : لم يسأل القاضي الزوج عن أسباب امتناعه عن مجامعته لزوجه ستة أشهر ،هل لمرضه ،أم لمرضها ،أم لسفره ،أم لهجرها؟ ،وإن ادعى الهجر فعليه إثبات ذلك.
رابعاً :أنَّ القاضي لم يسأل المُدعي قبل الملاعنة هل زوجه على ذمته ،أم لا؟ ولا يكفي تقديمه وثيقة النكاح ،لأنَّه قد يكون طلقها بعد ذلك ،وهو بالفعل طلَّقها ثلاثاً ،كما سبق الإشارة إليه ،كما أنَّه طلقها من قبل طلقة واحدة ،وبعد سبع سنين راجعها بوثيقة النكاح المذكورة في صك الملاعنة.
خامساً: لم يسأل القاضي المُدّعي متى علم بالحمل؟
لأنَّ المالكية اشترطوا لصحة اللعان تعجيل اللعان بعد علم الزوج بالحمل أو الولد ،فإنْ أخَّر لعانها يوماً بلا عذر بعد علمه بالحمل ،أو الوضع ،أو رؤية الزنا امتنع لعانه لها ،ولا يمكِّن منه أيضاً.
المُثبت أنَّ الزوج علم بالحمل وقت حدوثه وكان هو يصطحب المُدعى عليها إلى المستوصف لعمل التحاليل ،ويوجد تقرير طبي بتاريخ 28/12/1419هـ يثبت الحمل ،وكان ابنها الأكبر يصحب أمه أحيانا إلى المستوصف لمتابعة حالة الحمل ،وبتكليف من الأب ،وكان الأحرى بالقاضي أن يستدعي الابن للشهادة ،وكان بالغاً رشيداً وقت اللعان.
سادساً: من الواضح أنَّ الحكم تم من الجلسة الأولى رغم ان للقضية احوالاً وحيثيات ،فالزوج لم يُحسن عشرته للمدعى عليها ودائم الضرب لها ضرباً مبرحاً ،وهذا مثبت في محاضر الشرطة ،وبتقارير طبية ،وفي المحكمة بموجب الصك المسجَّل برقم 69/9 في 27/4/147هـ ،وفيه إثبات لضربه لها وإصابة فكها العلوي بكسر ،وتثبيت أسنانها بأسلاك معدنية ،وتصالحا ، ويوجد صك آخر صادر من ذات المحكمة السابقة ،والمسجل رقم 107/4 في 19/8/1417هـ،وفيه إقامة الزوجة دعوى ضد زوجها الذي تزوجته قبل عشرين سنة ،وأنجبت منه ثمانية أولاد ،وأنَّه يضربها ،وطالبت بتأمين سكن لها في البلد التي يقيم فيه أهلها ،وأن لا يضربها ،وحكم القاضي بذلك ،وألزمه بدفع نفقة شهرية لها ولأولادها قدرها ثلاثة آلاف وخمسمائة ريال، المهم في هذا الصك أنّ الزوج أقر بما لديه منها من أولاد ،ولم يشكك في نسب أحدهم إليه، وكذلك في الصك السابق.
سابعاً : إن كانت المدعى عليها سيئة السلوك لمَ عاشرها المُدعي حوالى خمس وعشرين سنة ،وأنجب منها تسعة أولاد قبل فاطمة ،ولو رأيتم فاطمة وأخوتها ستجدونها شبههم ،وتحمل نفس لون بشرتهم ،لقد رأيتها وثلاثة من إخوتها ،فهي شبههم تماماً ،وهذا يدخل في بينة إثبات النسب بِـ » القافة ،أو القيافة»، وأشقاؤها التسع يقرون بأنَّ فاطمة أختهم، ،وأنَّ والدهم يعلم بحمل أمهم بتاريخ 28/12/1419هـ ، وهذا الإقرار يثبت نسبها لأبيهم.
ثامناً : تذكير القاضي للمتلاعنين بعظم عذاب الآخرة يكون قبل الملاعنة ،وليس بعد المرة الرابعة كما ورد في صك الملاعنة ،كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم.
  وبعد : فممَّا سبق نجد أنَّ لعان أم فاطمة باطل وغير صحيح لأنَّه لا لعان لمطلقة بائنة ،وتمَّت ملاعنتها بعد طلاقها ،ولو لم تكن مطلقة فتأخر الزوج في نفي الحمل منه بعد علمه بالحمل بأكثر من عشرين يوماً إن كان بلاغه للشرطة في 22/1/ 1420هـ عن نفيه للحمل منه ،وإن كان نفيه للحمل بتاريخ جلسة الملاعنة فيكون قد مضى على علمه بالحمل (52) يوماً ،وهذا يبطل حقه في اللعان ،إضافة إلى عدم تطابق قوله بأنَّه لم يطأها منذ ستة أشهر ،مع استبرائه لها من خمسة أشهر فقط ،ولم يستبرئها من الشهر السادس لأنَّه ادعى أنَّه لم يُجامع زوجته منذ ستة أشهر ـ وهو الشهر الذي وقع فيه الحمل ،فلعانه باطل في كل الأحوال ؛لذا أناشد بإعادة النظر في هذه القضية لبطلان اللعان ،وإثبات نسب فاطمة إلى منكر أبوتها بأخذ الحمض النووي منه لمطابقته على بصمتها الوراثية لإثبات بنوتها له، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( الولد للفراش) وفاطمة ليست ابنة لعان ،وإنَّما هي ابنة فراش، والبصمة الوراثية هي امتداد للقيافة ،وإن رفض أخذ البصمة الوراثية منه تنسب فاطمة إليه لأنَّ حكمه عندئذ كحكم اليمين النكول ، هذا وقد أشار فضيلة مفتي مصر السابق الدكتور فريد واصل إلى أنه حتى لو كانت هناك دعوى لعان مقامة وتم الأخذ بها وأثبت التحليل الجيني النسب فإنه يؤخذ بالـ»DNA» ولا ينفي اللعان النسب، وممَّا يجدر ذكره أنَّ الزوجة الملاعنة تنازلت عن تطبيق حد القذف على الملاعن إن ثبت بنوة ابنتها فاطمة إليه ،وإصرار والدة فاطمة على أخذ الحمض النووي من الملاعن ،ومطابقته على البصمة الوراثية لفاطمة دليل على تأكدها بأن فاطمة ابنة زوجها الملاعن ،ورفض الزوج الملاعن أخذ الحمض النووي منه دليل على تأكده أنَّها ابنته.
………………………………………
نُشر في جريدة المدينة.

Leave a Reply