المرتبة ال 128!(5)
             بقلم / د.سهيلة زين العابدين حمَّاد
  ما ذكرته في الحلقات الماضية ما هو إلاَّ  نماذج لبعض صور التمايز بين الرجال والنساء في مجتمعنا في مختلف القطاعات ،ولابد من وضع حد لهذا التمايز ،وهذه مهمة وزارة العمل في المقام الأول الذي أوكل إليها مجلس الوزراء مهمة تجسيد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في العمل إثر موافقته على التوصية رقم 198
، الصادرة عن المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية، في دورته الخامسة والتسعين، التي عقدت بجنيف في يونيو 2006، والتي تنظِّم العلاقة بين صاحب العمل والعامل. حيث تنصُّ هذه التوصية على تجسيد مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في العمل. ويندرج ذلك في إطار رؤية منظمة العمل الدولية بشأن العلاقة بين صاحب العمل والعامل.
  فما المطلوب من وزارة العمل القيام به لإنجاز هذه المهمة ،وهل تستطيع تحقيقها ،دون تعاون جميع أجهزة الدولة معها لإنجاز هذه المهمة ؟


لتحقيق مبدأ مساواة المرأة بالرجل في العمل لابد من :
أولاً:  تغيير أنظمة وقوانين تحول دون تحقيق هذه المساواة مثل :
الأنظمة والقوانين التي تحرم المرأة من أهليتها الكاملة كإلغاء شرط موافقة ولي الأمر لتعليم وعمل المرأة،واستخراج جواز سفرها ،أو تجديده ،واستراج بطاقتها الشخصية ؛ إذ كيف تتحقق مساواة المرأة بالرجل في العمل ،والرجل هو الذي يتحكم في تحصيلها العلمي ،وفي عملها؟
         وإن كان معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي ذكر أثناء اجتماعه بأعضاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في مقر الجمعية بالرياض  أنَّه لا يستطيع أن يلغي هذا الشرط بالنسبة لعمل المرأة ،لأنَّها قد تعمل في مجال مختلط ،وهذا قد لا يرضي أب ،أو زوج المرأة . ومع احترامي وتقديري لهذا الرأي فإنَّ أي مجال عمل تعمله المرأة هو بموافقة الدولة ،ولا سيما في الدوائر الحكومية .
   فلن تتحقق مساواة المرأة بالرجل في العمل ما دامت المرأة تُعامل معامل القاصر طوال عمرها. 
الأنظمة التي تتعامل مع  المرأة أقل من القاصر الذكر مثل : المادة 33 من نظام الأحوال المدنية التي تحرم  المرأة  «الأم» حق تسجيل مولودها باسم أبيه في حال غياب الأب لوفاته، أو سفره، أو طلاقها منه، وامتناعه عن تسجيله، فكيف يعطي هذا الحق لأي من الأقارب الذكور البالغ من العمر 17 سنة ممن يقيم مع الوالدة، أو لم يقم، ولعمدة المحلة أو شيخ القبيلة ولا يعطى هذا الحق للأم الوالدة لكونها أنثى؟ إن عبارة الذكور من الأقارب تستثني المرأة، وفي هذا إجحاف لحقها، وتمييز ضدها،وكذلك المادة 53 من نظام الأحوال المدنية في ما يختص بالإبلاغ عن الوفيات، فهذه المادة لا تعطي للمرأة حق التبليغ عن حالات الوفاة، بينما تعطيه للأقرب من الذكور ممن بلغوا سن 17 سنة.
الأنظمة التي تحرم أولاد وأزواج السعوديات غير السعودية من الجنسية السعودية.
النظام الذي يحرم  المرأة من حق الاقتراض من صندوق التنمية العقارية  إلاَّ إذا بلغت سن الأربعين ،وكانت بلا زوج ،أو أرملة ،أو مطلقة مضى على طلاقها ثلاث سنوات وتتساوى مع الرجل في الحصول على قرض ،وهي في سن 21 سنة مثلها مثله  تماماً .
الأنظمة والقوانين التي تحرم المرأة من حقها في الولاية ،وتقلد المناصب القيادية كالوزارة ،وإدارة جامعة للبنات والبنين ،وعضوية مجلس الشورى ،ورئاسة أقسام وقطاعات يعمل فيها رجال ونساء ،فإلى الآن لم تتول المرأة السعودية رئاسة منشأة بها رجال ونساء باستثناء بعض الأقسام الطبية في بعض المستشفيات ،ولكن لم نر امرأة تولت رئاسة نادي أدبي مثلاً ،أو مديرة جامعة بها طلبة وطالبات    كما في الكويت ،ويرجع هذا أنَّ المفهوم السائد لدى غالبية الناس في مجتمعنا أنَّه لا ولاية لامرأة لفهمهم الخاطئ للحديث النبوي ” لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ،وفاتهم قوله تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهوْن عن المنكر)
ثانياً : زيادة توظيف المرأة بإعداد سياسة لتحسين الكفاءة الخارجية للتعليم ، والتوسع في التعليم الفني ،والتدريب المهني المناسب للمرأة ،ولا سيما اللائي لم تعد مؤهلاتهن مطلوبة في سوق العمل :
     فلقد نال زيادة إسهام المرأة في سوق العمل رفع معدلات نشاطها الاقتصادي اهتماماً كبيراً في خطط التنمية في المملكة ،ولضمان استمرار نمو هذا المعدل خلال السنوات القادمة ،لابد من الاستمرار في تطبيق السياسات وتفعيلها التي تهدف إلى تحقيق الغايات والأهداف التالية:
1- ترقية المرأة في عملها إلى مناصب قيادية مساواة لها بزميلها الرجل.
2- توسيع فرص عمل المرأة من خلال فتح مجالات جديدة لها بما يتوافق والتعاليم الإسلامية مع الاستفادة من التطور التقني والاتصال الالكتروني .
3- توفير إمكانية عمل جزئي للمرأة ،ليلائم الظروف الخاصة للعديد من النساء ، وليتيح زيادة معدل إسهام المرأة في القوى العاملة ،كما تظهره التجارب العالمية.
4- توفير فرص عمل مجزية للمرأة من خلال تسهيل وتشجيع أداء المرأة لعديد من الأنشطة التقليدية أو غير التقليدية .
5- قيام الجهات التعليمية والتربوية بدورها نحو رفع مستوى المفهوم الحقيقي لعمل المرأة وإبراز الجوانب الايجابية فيه ووضع إستراتيجية للتخصصات الجامعية تتناسب واحتياجات السوق الفعلية .
6- إعادة تأهيل الخريجات المتراكمة على قوائم الانتظار وفق متطلبات سوق العمل.
7- فتح أقسام نسائية بالأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة والقطاع الخاص التي لم يفتح بها أقسام نسائية 
8- التوسع في الترقيات للنساء للمراتب العليا(14-15) كنسبة ثابتة للعدد الأصلي. 
9-   إشراك المرأة في اللجان الاستشارية التي لها علاقة بصنع القرارات.
10-   إنشاء قواعد بيانات لاحتياجات السوق الفعلية مما يساعد الطالبة في اختيار دراسة التخصص المطلوب .
11- – توفير الحوافز المادية والمعنوية للدراسة في كليات الطب والتمريض حيث يلاحظ أن عدد كبير من غيرا لسعوديات يشغلن هذا المجال وذلك لإحلال وطني.  
12- تدريب النساء على مختلف الأعمال المهنية.
       ثالثاً : لإلغاء التمايز بين الرجال والنساء في المجاليْن الإعلامي والأدبي لابد من :
1- فتح مجال دراسة الإعلام للفتيات في جميع كليات وأقسام الإعلام ،وتخصيص بعثات دراسية لهن لإكمال دراساتهن العليا.
2- تعيين جميع الإعلاميات المتعامل معهن الآن بالقطعة.
3- إعطاء الإعلامية نفس الفرص المعطاة لزميلها الرجل في ترقي المناصب القيادية ،مع تمتعها بنفس الصلاحيات التي يتمتع بها زميلها الرجل.
4- إعطاء الإعلامية نفس الفرص المعطاة لزميلها الرجل في الدورات التدريبية وورش العمل التي تنظمها المؤسسات الصحفية المحلية والعربية والدولية،وفي تغطية المؤتمرات والندوات العلمية. 
5- إعطاء الصحفية حق الإشراف على طباعة مادتها الصحفية ،مثلها مثل زميلها الرجل.
6- أن يكون للأديبات السعوديات مقاعد في مجلس إدارة الأندية الأدبية ،ومجلس الأندية الأدبية تعادل نسبة الأديبات.
7- أن يكون لإنتاج الأديبة السعودية حظ في النشر مثل شقيقها الرجل.
8- أن تكون للأديبة السعودية مشاركات في الفعاليات الثقافية التي تنظمها الأندية الأدبية.
9- أن يكون للأديبة حق في ارتياد مكتبات الأندية الأدبية والاستفادة من محتوياتها.
10- أن يُنشئ صندوق لإعانة الأدباء والأديبات.
  أمَّا عن عضوية المرأة في مجلس الشورى ،وتوليها مناصب قيادية فهذا يحتاج إلى قرار سياسي ،فتولي المرأة  كمديرة لجامعة البنات ،وعضوة في مجلس إدارة جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية كان بقرار سياسي.
  وأخيراً أود أن أوضح حقيقة هامة وهي : أنَّ المرأة في جميع الدول العربية والإسلامية بما فيها دول الخليج العربي تولت الوزارة وإدارة الجامعات ،ودخلت البرلمان ،ورأست مناصب كبرى ترأست فيها على رجال ،فهل كل هذه الدول خالفت الإسلام،أم امتثلت لقوله تعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهوْن عن المنكر)
البريد اليكتروني : suhaila_hammad@hotmail.com
…………………………
نُشرت هذه الحلقة في جريدة المدينة بعنوان ” حتى تنتهي ثقافة التمايز” بتاريخ 29 يناير 2009م.


Leave a Reply