د. سهيلة زين العابدين حمّاد
نُشر في جريدة المدينة الأسبوعية في 3 نوفمبر 2022م.
لتعزيز سيادة المملكة العربية السعودية على أراضيها واستقلالية قراراتها السياسية والاقتصادية عمدت إلى توطين الصناعات العسكرية السعودية ضمن برامج رؤية المملكة 2030، ويأتي في مقدمة أهدافها رفع الجاهزية العسكرية، والاستقلالية الاستراتيجية؛ لذا برزت الحاجة لإيجاد خطط مستقبلية تنهض بالصناعة العسكرية السعودية إلى مصاف عالمية، وفق رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تحقيق تحول اقتصادي هام يرتكز على الحفاظ على المكتسبات الاقتصادية التاريخية وتنويع مصادر الدخل، وجاءت أولى خطوات هذا التحرك بعد أقل من شهر على تولي الملك سلمان مقاليد الحكم ربيع الثاني 1436 هـ الموافق 23 يناير 2015م؛ إذ أصدر أمرًا بتاريخ 14 فبراير 2015 بتعيين المهندس محمد الماضي رئيسًا للمؤسسة العامة للصناعات العسكرية، وهو أول مسؤول يتولى هذا المنصب من خارج القطاع العسكري؛ إذ كان قبل ذلك يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة سابك.
أخذ الاهتمام السعودي بالصناعات العسكرية وتوطينها يتزايد في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، وأعلنت السعودية في مايو 2017 عن إنشاء الشركة السعودية للصناعات العسكرية وبعدها بثلاثة أشهر أعلن عن إنشاء الهيئة العامة للصناعات العسكرية التي تهدف لتنظيم قطاع الصناعات العسكرية في المملكة وتطويره ومراقبة أدائه.
هذا وجاء الاهتمام بتوطين الصناعات العسكرية أيضًا للحد من الإنفاق العسكري الضخم، وقد احتلت السعودية المركز الثالث عالميًا في الإنفاق العسكري عام 2015، وتوطين ما يزيد على 50% منه بحلول عام 2030. وكانت نسبة التوطين لحظة وضع الخطة 4%، وبلغت خلال سنة ونصف 8%.
. وكشفت الهيئة العامة للصناعات العسكرية السعودية، في تصريح صحفي لـ”العربية.نت”، أنّ قيمة الوفورات المالية التي وردت إلى السعودية من إجمالي قيمة العقود، بلغت أكثر من مليار ريال سعودي منذ تأسيس القطاع، ممّا انعكس على إثره المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بقيمة بلغت 7,574,000,000 مليار ريال في عام 2019، تزامنًا مع إطلاق برنامج تراخيص مزاولة أنشطة الصناعات العسكرية في البلاد الذي ضمت نتائجه الترخيص لعدد 91 شركة بواقع 142 ترخيصًا عسكريًا، إضافة إلى تطبيق سياسة المشاركة الصناعية في أكثر من 10 عقود بنسبة بلغت 30%.
وتابعت الهيئة أنّه منذ تأسيسها أوكلت إلى مهمة بناء أسس راسخة لقطاع الصناعات الدفاعية والأمنية، ورفع نسب التوطين في القطاع بما يزيد عن 50% من إنفاق السعودية على المعدّات والخدمات العسكرية بحلول عام 2030، حيث إنّها تمكنت من خلال هذه المهمة من تحقيق عدد من النجاحات، يأتي في مقدمتها رفع نسبة التوطين من 2% في 2016 إلى 8% في عام 2020م.وأضافت الهيئة أنّ هناك آلية متكاملة في القطاع العسكري تدعو إلى توحيد المشتريات بين مختلف القطاعات العسكرية في البلاد، إضافة إلى أنّ المستجدات ضمت تحديد 11 مجالًا جديدًا مستهدفًا في الصناعة العسكرية، مع العمل على تحديد 7 مجالات بحثية أخرى تتفرع عنها 21 تقنية مستهدفة يتم العمل على تطويرها وتوطينها بما يواكب الطموحات التي ترتقي إليها الإمكانات المتوفرة لدى السعودية.
وأوضحت الهيئة أنّ القطاع العسكري منذ إطلاق رؤية 2030 ساهم جليًا في بناء القدرات الجديدة في ملف صناعات الطائرات بدون طيار من الفئة 3 مع تعزيز توطين صناعة الزوارق الاعتراضية السريعة من نوع HIS-3، كما أنّه توافق مع بناء قدرات جديدة فيما يخص صناعة الذخائر الموجهة (جو- أرض)المتوائمة مع طائرات التايفون، إضافة إلى إنتاج عربة الدهناء المدرعة لمهمة الاستطلاع والمراقبة والإسناد سعودية بالكامل، وأخيرًا البدء ببناء قدرات لصناعة أجهزة الراديو المعرفة برمجيًا
والهيئة العامة للصناعات العسكرية تمضي قدمًا في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للسعودية، من خلال الإسهام في عدة مؤشرات اقتصادية، حيث تدعم جهودها في القطاع العسكري والمشتريات والتقنيات، في وضع أسس راسخة لبيئة عمل تسهم بشكل مباشر في الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، وتوفير الفرص الوظيفية في القطاعين العام والخاص، ونقل التقنية، ودفع عجلة التنمية عبر تعزيز العائدات غير النفطية، بالإضافة إلى دعم الشركات المحلية الصغيرة والمتوسطة الناجحة لتسهم في دعم الاقتصاد السعودي على نطاق أوسع، وتحقيق الأولويات الوطنية المتمثلة في رفع القدرات، وتعزيز الكفاءة والتشغيل المشترك بين الجهات الأمنية والعسكرية كافة، وتطوير قطاع صناعات عسكرية محلية مستدام، ورفع الشفافية وكفاءة الإنفاق.[ https://www.alarabiya.net/saudi-today]
هذا وتوقع الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للصناعات العسكرية “SAMI، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، أنّها ستصبح الشركة ضمن أفضل 25 شركة صناعات عسكرية على مستوى العالم قبل حلول عام 2030، وأن تدعم صفقة الاستحواذ التي أتمتها مؤخرًا على شركة الإلكترونيات المتقدمة AEC مسيرة الشركة ومساهمتها في هذه الصناعة بالمملكة، وكانت الشركة السعودية للصناعات العسكرية قد أعلنت مؤخرًا عن استكمالها عملية الاستحواذ على شركة الإلكترونيات المتقدمة AEC، لتصبح بذلك شركة سعودية بنسبة 100%، في صفقة هي الأكبر من نوعها على مستوى القطاع الخاص في مجال الصناعات العسكرية في المملكة.
وتُعَد شركة الإلكترونيات المُتقدّمة داعمًا رئيسيًا لرؤية المملكة 2030، بفضل خبرتها البالغة 32 عامًا في سوق الصناعات العسكرية والدور الذي تلعبه في مجال الدفاع والفضاء وتطوير أنظمة الأمن المحلية، مما سيمكن السعودية للصناعات العسكرية من تعزيز قطاع الإلكترونيات الدفاعية لديها، بالإضافة إلى تسهيل نقل التقنية وتعزيز الإنتاج المحلي.
وقد ذكر الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للصناعات العسكرية “SAMI”، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة في لقاء مع قناة “الشرق للأخبار” من الرياض، أنّ “SAMI” تدرس بعناية إتمام عمليات استحواذ جديدة في القطاع العسكري في المستقبل، ّ أولوياتها في المرحلة الحالية هي التوسع داخل المملكة ودعم القوات المسلحة السعودية، ومن ثم الاتجاه نحو الأسواق الإقليمية والعالمية.
كما أوضح أنّ توطين الصناعات العسكرية في السعودية يعد جزءً من رؤية 2030 بتوطين 50% من الصناعات العسكرية وتصنيعها في السعودية، وأدت صفقة الاستحواذ على الشركة المتقدمة للإلكترونيات، التي اعتبرها الأكبر على صعيد منطقة الشرق الأوسط وفّرت مسافة كبيرة من مشوار الشركة تجاه توطين الصناعة بالمملكة من 7 إلى 8 سنوات. وذكر الرئيس التنفيذي لشركة SAMI أنّه عقب عملية الاستحواذ، أصبح لدى الشركة 2500 موظفًا، يشكل السعوديون منهم 85%، يُمِّثل النساء 25% من عدد الموظفين، بينهم قرابة 500 مهندس ومهندسة سعوديين، وتتعامل مع أكثر من 100 شريك إستراتيجي، كما نفّذت الشركة أكثر من 1000 مشروع، وارتفعت إيرادات الإلكترونيات المتقدمة .
ففي أول عامٍ من مسيرة شركة الصناعات السعودية، وقعت الشركة مذكرات تفاهمٍ مع عددٍ من كبريات الشركات العالمية في قطاع الصناعات العسكرية؛ هي: “بوينج”، و”لوكهيد مارتن”، و”رايثيون”، و”جنرال داينامكس”، وذلك بهدف دعم عمليات التطوير في الشركة، وفي 30 مارس 2018 وقّعت الشركة وشركة بوينج اتفاقية لتأسيس مشروع مشترك يهدف إلى توطين أكثر من 55% من الصيانة والإصلاح وعمرة الطائرات الحربية ذات الأجنحة الثابتة والطائرات العمودية في المملكة العربية السعودية، وتهدف الاتفاقية كذلك إلى نقل تقنية دمج الأسلحة على تلك الطائرات وتوطين سلسلة الإمداد لقطع الغيار داخل السعودية، وفي 12 أبريل 2018 وقعت الشركة وشركة نافانتيا للصناعات البحرية اتفاقية إنشاء مشروع مشتركٍ يدير ويوطن كافة الأعمال المتعلقة بأنظمة القتال على السفن بما في ذلك تركيبها على السفن ودمجها، كما وقع الطرفان مذكرة نوايا لتصميم وبناء 5 فرقاطات حربية من نوع “أفانتي 2200” مع نظام إدارة القتال، وذلك لصالح وزارة الدفاع السعودية. وفي 22 فبراير 2021، أعلنت الشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI)، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، وشركة “لوكهيد مارتن” الأمريكية لتصنيع الأسلحة، توقيع اتفاقية لتأسيس مشروع مشترك للتعاون بين الشركتين في مجال تعزيز القدرات الدفاعية والأمنية للسعودية ودعم قدراتها التصنيعية. وبموجب الاتفاقية ستمتلك الشركة السعودية 51% من أسهم المشروع المشترك مقابل 49% لشركة “لوكهيد مارتن”، وستعمل الاتفاقية الجديدة على “تطوير قدرات التوطين من خلال نقل التقنية والمعرفة، وتدريب الكوادر السعودية على تصنيع المنتجات وتقديم الخدمات لصالح القوات المسلحة السعودية.
وتعمل وحدة الأنظمة الجوية على الدفاعات والمنتجات الجوية، ومن ذلك:
الطائرات العمودية التكتيكية والطائرات العمودية القتالية، وطائرات النقل، وطائرات بدون طيار، وهندسة الطائرات وبناؤها، والأنظمة الأرضية، تعمل وحدة الأنظمة الأرضية على الدفاعات والمنتجات الأرضية، ومن ذلك:العربات التكتيكية المدرعة(عجلات أو جنزير)، وعربات الإمدادات، وأنظمة أبراج المدفعيات، وأنظمة حماية، والعربات البرية بدون سائق، والأسلحة والصواريخ، وتعمل وحدة الأسلحة والصواريخ على ما يلي:
الصواريخ والأسلحة الموجهة، والراجمات، والأسلحة والمدفعيات التقليدية، والذخائر، والإلكترونيات الدفاعية
تعمل وحدة الإلكترونيات الدفاعية على البحث والتطوير في جميع المجالات المتعلقة بالتقنيات الحديثة، منها:الرادارات، الإلكترونيات الكهروبصرية، وأنظمة الاتصالات، والحرب الإلكترونية، وأنظمة القيادة والتحكم والاتصالات والسيطرة (C4i)والحرب السيبرانية، وأنظمة القتال البحري.
وستحرص الشركة على أن يصبح لديها سلاسل إمداد متينة تدعمها، لأنّها ستكون بمثابة مقاول رئيسي في المشاريع الكبرى، ممّا سيؤدي لازدهار صناعة الدفاع بالمملكة، بالاستفادة من التغيرات التي تشهدها البلاد، والتي باتت تتمتع ببيئة جديدة تساعد وتدعم توطين الصناعات العسكرية.
وتُعتبر السوق السعودية من أهم الأسواق على صعيد المنطقة والعالم في الصناعات العسكرية، ومن أكبر دول العالم في استيراد الأنظمة العسكرية، ما يجعلها جاذبة للشركات الأجنبية التي ترغب بالعمل فيها، ورأى أن تواجد هذه الشركات يجب أن يكون مشروطًا بوجود شريك محلي لها، وفي هذا الإطار ستعمل SAMI على إبرام شراكات مع الشركات الأجنبية العالمية على أساس تنفيذ المشاريع داخل المملكة وليس خارجها.
البريد الالكتروني : suhaila_hammad@hotmail.com
رابط المقال : https://www.al-madina.com/article/813032/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D8%B1%D8%A4%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D9%84%D9%83%D8%A9-2030-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D9%88%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9