سهيله زين العابدين حمّاد
السبت 10/3/ 2018م

 من المؤسف أنّ كثيرًا من شباب الأمة العربية ليس
لديهم وعيًا كافيًا بالقضية الفلسطينية، وحسهم العروبي والوطني تجاه الوطن السليب
خفَتْ وبَهتْ، فلم يعبأ الكثر منهم بمخطط تهويد القدس وتغيير ديمغرافيتها
السكانية، خاصة بعد قرار ترامب، فلم
يُدركوا أنّ الصهاينة سيجعلون القدس بوّابة دخولهم مكة المكرّمة والمدينة
المنورّة، لتكون المقدسات الإسلامية الثلاث تحت سيطرتهم، فإنْ تهاونّا في جعلهم
القدس عاصتهم  الأبدية  سيجرأهم على ذلك.

فمن المعروف أنّ مخطط الصهيونية
العالمية تقويض الأديان والسيطرة على العالم وهذا ما نصت عليه 
بروتوكولاتهم؛ إذ
جاء
  في البروتوكول(14)”حينما نمكن
لأنفسنا سنكون سادة الأرض لن نبيح قيام أي دين غير ديننا، أي الدين المعترف
بوحدانية الله الذي ارتبط باختياره إيانا كما ارتبط به مصير العالم، ولهذا السبب
يجب علينا أن نُحطِّم كل عقائد الإيمان؛ وإذ تكون النتيجة المؤقتة لهذا هي إثمار
ملحدين – وهذا يُؤكد أنّ الصهيونية العالمية وراء ظاهرة إلحاد بعض الشباب المسلم
والمسيحي-، فلن يدخل هذا في موضوعنا: ولكنه سيضرب مثلًا للأجيال القادمة التي
ستصغي إلى تعاليمنا على دين موسى الذي وكل إلينا بعقيدته الصارمةـ واجب إخضاع كل
الأمم تحت أقدامنا.” وليتسنى لهم تقويض الأديان يسعون للسيطرة على المقدسات
الدينية للإسلام والمسيحية.
ولما كانت الكعبة المشرفة بيت الله وقبلة المسلمين فهم يريدون السيطرة
عليها، فبعدما أسقط كتّاب العهد القديم رحلة سيدنا إبراهيم عليه السلام إلى مكة،
وابنه إسماعيل وهاجر، لجعل الذبيح إسحاق عليه السلام، فقالوا:”  خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق واذهب إلى أرض
المريَّا، واصعده هناك محرقة على أحد الجبال”[تكوين:22/2] وكلمة ” ابنك
وحيدك الذي تحبه إسحاق” كشفت تزييفهم، فمعروف أنّ أخاه إسماعيل أكبر منه ب14
عامًا، فلم يكن إسحاق الابن الوحيد لإبراهيم، والآن نجد اليهود الصهاينة يرددون
مقولة انتحال الإسلام لشخصية إبراهيم اليهودي، مع أنّ الله جل شأنه قال(ما كان
إبراهيم يهوديًا ولا نصرانيًا ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين) [آل
عمران: 167]
وتركيز
اليهود الصهاينة في بحوثهم على مقام سيدنا إبراهيم مثلما خلص إليه المستشرق
الإسرائيلي”ويكرت” في أطروحته من الادعاء بأنّ النبي إبراهيم مؤسس أول
دين توحيدي “هو الدين اليهودي” قبل أربعة آلاف سنة، هو الذي عرف العرب
مقامه في الجاهلية، ويضيف: “مع بروز فجر الإسلام كدين توحيدي عربي، احتل
إبراهيم الخليل مكانة مرموقة، وورد ذكره في 25 سورة من سور القرآن، كما احتل مقامه
مكانًا بارزًا اتخذه المسلمون مصلى لهم يؤدون من ورائه ركعتين بعد إنهاء الطواف في
رحاب ساحة الكعبة، وأصبح إبراهيم(عليه السلام) يمثل تراثًا دينيًا مشتركًا لليهود
والمسلمين”، ثم يقول عن مقام سيدنا إبراهيم أهمية في مناسك الحج، أنّه عنى
بدراسة هذا المقام وأهميته في طقوس الحج إلى بيت الله الحرام منذ الجاهلية حتى
يومنا هذا العمل فيها عبرة لمن يعتبر.[
إبراهيم عبد الكريم: الاستشراق وأبحاث الصراع لدى إسرائيل ص 189،188]
وهو بعبارته
الأخيرة يرمي إلى أهداف جد خطيرة قد أفصح عنها أحد القادة الإسرائيليين
“هرتزوغ” عندما قال لامرأة فلسطينية ضيق عليها الصهاينة الخناق حتى
هدموا دارها بالجرافات، فآثرت الرحيل إلى المملكة العربية السعودية حيث يعيش
أبناؤها: “إذا رأيت الملك فيصل فقولي له إنّنا قادمون إليه، فإنّ لنا أملاكًا
عنده، إنّ جدنا إبراهيم هو الذي بنى الكعبة، وأنّها ملكنا وسنسترجعها بكل
تأكيد”، وذلك تحت ذريعة الحق التاريخي الذي ساعدهم العالم الغربي على اتخاذه وسيلة
لتحقيق مخططاتهم مع العلم أنّ الاحتجاج بالحق التاريخي يحدث فوضى في العالم ويغرقه
في حروب دامية لا نهاية لها، لأنّ كل من استعمر بلد أو إقليم أو لجأ إليه أو هاجر
إليه، يعمل على احتلاله والسيطرة عليه لغرق العالم في بحور من دم؛ لذا لم يقره
القانون الدولي، مع أنّ يهود بني إسرائيل لا حق تاريخي في الكعبة لهم، فكيف باليهود
الصهاينة الذين لا ينتمون لبني إسرائيل، فليس كل يهودي الديانة من بني إسرائيل
الذين انقرضوا تقريبًا.
 فلابد أن تقف الدول العربية شعوبًا وحكومات وقفة
رجل واحد للحيلولة دون تنفيذ وعد ترمب حفاظًا على أراضينا ومقدساتنا.
البريد
اليكتروني:
Suhaila_hammad@hotmail.com
المصدر : جريدة المدينة http://www.al-madina.com/article/564626/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D8%B3!

Leave a Reply