29 أكتوبر 2009 م.
العابدين حماد
وبواقع الأمة الإسلامية، ومدرك لتاريخها، وهو دون أطفال العالم صاحب قرار وإرادة،
واستطاع أن يفرض قراره على العالم أجمع عندما جعل الحجارة أقوى من الرصاصة
والمدافع الرشاشة، هو بلا مراء الطفل الفلسطيني، وقد رأينا الطفل «أحمد» ابن التسع
سنوات يُعرِّف لنا الحصار الذي تعاني منه غزة، كما رأينا الجندي الإسرائيلي، وهو
يفر هارباً من حجارة طفل فلسطيني أصرَّ على ملاحقته ورميه بها.
هذا الطفل بوعيه
وإدراكه، وبجرأته وشجاعته أخاف إسرائيل، من هنا كان تركيزها في حروبها على الشعب
الفلسطيني على قتل الأطفال والنساء اللواتي ينجبنهم ويربينهم على العزة ورفض الذل
للاحتلال، وبحسب الإحصائيات، فقد وصل عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة
إلى (1340) شهيداً، منهم (460) طفلاً و (106) نساء، وإصابة (5320 ) شخصاً منهم
(1835) طفلاً و (795) من النساء، ومعظم الإصابات بليغة ينتج عنها بتر الرجلين، أو
اليدين، أو أحدهما، أو الإصابة بالشلل الكامل، أو الشلل النصفي، أو الإصابة في
المخ والتي تؤدي إلى نوبات تشنج وصرع، .وكان عدد الشهداء ضمن عملية « الشتاء
الحار» في مارس عام 2008م (123) شهيداً بينهم (39) طفلاً منهم أطفالٌ رُضّع، و
(12) امرأة. وبلغ عدد الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا على يد قوات الاحتلال
الإسرائيلي منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في 28/9/2000 وحتى 30/6/2006م (4464)
شهيداً، فيما بلغ عدد الجرحى (47440) جريحاً، منهم (8435) مواطناً تلقوا علاجاً
ميدانياً، وبلغ عدد الشهداء من الأطفال أقل من 18 عاماً (826) شهيداً، في حين وصل
عدد الشهداء الذين سقطوا جراء سياسة الاغتيالات والتصفية الجسدية 455 شهيدًا من
المواطنين المستهدفين.
هذا الحد، فواقع أطفالنا الفلسطينيين في ظروف الاحتلال في فلسطين يبين لنا ما تقوم
به إسرائيل من انتهاكات صارخة لحقوق الطفل، وحرمانه من حق الحياة، بقتله وهو جنين
في بطن أمه، أو قتله، وأمه في المخاض عند حاجز أمني، وحرمانه حق الحرية، بسجنه
وتكبيله، وحرمانه من حق الأمن والأمان بترويعه، والهجوم على بيته في آخر الليل
لأسره، وحرمانه من حق التعلم، وحرمانه من حق الحفاظ على هويته بسيطرتها على مناهج
التعليم، وفرض مناهجها على الطفل الفلسطيني، وحرمانه من حق التنقل بالحواجز
الأمنية المفروضة عليه، وبالجدار العازل، وما يواجهه الأطفال الفلسطينيون
المعتقلون في السجون الإسرائيلية، والإرهاب النفسي والتنكيل الجسدي اللذان يصاحبان
الاعتقال ويرافقانه في كل المراحل يخالف مخالفة صريحة ما جاء في اتفاقية جنيف
الرابعة، واتفاقية حقوق الطفل، وتوصيات منظمة العفو الدولية التي تؤكد على ضرورة
حماية الأطفال في زمن الحرب، وخلال النزاعات المسلحة، إلَّا أنَّ الممارسات
الإسرائيلية بحق الأطفال الفلسطينيين المعتقلين تعتبر انتهاكاً صارخاً لكافة
المواثيق والأعراف الدولية، لقد نصت المادة رقم (37) من اتفاقية حقوق الطفل على
«ألا يعرض أي طفل للتعذيب، أو لغيره من ضروب المعاملة القاسية، أو اللاإنسانية، أو
المهنية… وعلى أن يعامل كل طفل محروم من حريته بإنسانية واحترام للكرامة المتأصلة
في الإنسان» ولكن قوات الاحتلال تضرب الطفل الفلسطيني ضرباً يُتعمد منه إحداث عاهة
بالطفل تتلف دماغه، تجعله معوقاً لأنَّهم يهدفون من هذا تدمير البنية التحتية
والأساسية للإنسان الفلسطيني لتنشأ الأجيال القادمة معتوهة مُعوَّقة، أو منسلخة من
هويتها مستسلمة للاحتلال لتكون مجرد خدم لهم، وهذا ما يهدفون إليه، ولكنهم لن
يستطيعوا كسر شموخ الطفل الفلسطيني.
بتجويع أهالي غزة، ومنع الغذاء والدواء عنهم، فقد منعت عنهم أيضاً مواد البناء،
فالشتاء مقبل عليهم، والذين هدمت الآلات العسكرية الإسرائيلية وقنابلها بيوتهم
يعيشون الآن في العراء، أمَّا أطفال غزة، فقد كانت هدية إسرائيل لهم بمناسبة بدء
العام الدراسي هي منع المقررات الدراسية والأدوات الدراسية عنهم، فالآن بدأت
الدراسة، وجميع أطفال العالم ذهبوا مع آبائهم وأمهاتهم إلى المكتبات واشتروا
احتياجاتهم المدرسية، وذهبوا إلى مدارسهم، واستلموا مقرراتهم الدراسية، إلَّا
أطفال غزة، فقطاع التعليم فيها كان الأوفر في حجم المؤامرات والمخططات الرامية إلى
تجفيف منابعه، وحرمان الأطفال من أبسط حقوقهم في التعلم.
خاص اختراق صريح لجميع المواثيق الدولية، وعلينا نحن العرب والمسلمين أن نوحد
الجهود من أجل مطالبة المجتمع الدولي لوضع حد لما يحدث من اختراقات لحقوق الإنسان،
والطفل في فلسطين، وأنَّه لا يوجد أحد مهما كان فوق القانون، وفوق المساءلة
والمحاسبة.
العربي للطفولة والتنمية بتخصيص مؤتمر خاص لأطفال فلسطين، تدعى له كل المنظمات
والمؤسسات العربية والدولية التي تعني بالطفولة وحقوق الطفل، وحقوق الإنسان
للمشاركة في هذا المؤتمر، وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة، وتبث جلسات المؤتمر
كاملة على الهواء عبر قنوات فضائية بالعربية و بترجمة انجليزية ليقف العالم أجمع
على الجرائم البشعة التي ترتكب في حق أطفالنا في فلسطين، فإن كان اليهود في الماضي
قتلة الأنبياء ، فيهود اليوم أصبحوا «قتلة الأطفال.