د. سهيلة زين العابدين حمّاد
السبت 8/10/2016م

   أواصل مراجعاتي على برنامج صحوة الرمضاني الذي
أذيع في قناتي روتانا خليجية ومصرية، وقّدمه الدكتور أحمد العرفج وضيفه الدائم
المفكر الدكتور عدنان إبراهيم
.
والذي استوقفني في هذه الحلقة الآتي:
1.   
 قول الدكتور عدنان إبراهيم تعقيبًا على مداخلة
الأستاذة حليمة مظفر: ” أستبعد تماما أثر النسخ في دخول الإسرائيليات على
مرويات المسلمين الحديثية، لأنّ العمدة والاعتماد كان في تناقل الأحاديث ليس على
الكتابات ، وإنّما كان على المشافهة، على الحفظ ، كالقرآن الكريم بعض الناس
يحاول الآن أن يثير بعض اللغط وبعض الشبهات على بعض السور وبعض الآيات، لأنّ بعض
النسخ  التي وجدت  وهو مصحف الصنعاني..إلخ، هذا لا قيمة له لأنّ
القرآن الكريم محفوظ في الصدّور قبل أن يكون محفوظًا … كذلك الأحاديث نُقلت نقل
أولي بالمشافهة ا
لتحمل والأداء هذه مسألة حفظ . صحيح أنّهم كانوا يستعينون
بالكتابة لتثبيت ما يحفظون، ولكن الاعتماد على الحفظ ومن يأتي بمكتوب لابد أن
يُقابله ليس على مكتوب، وإنّما على محفوظ من الثقات الحفّاظ من العلماء الأعلام،
فهذا من حيث المنهجية ليس له أدنى أثر والله أعلم.”
2.   
قوله:
” بالنسبة لسؤال الأستاذة حليمة ( مظفّر) الإسرائيليات لم تتسرّب إلى تراثنا
الحديثي ، أو لإخباري كما ألمعت عبر النسخ، أو عبر النُسّاخ ،

من أهل الكتاب  الباب الأساسي الذي تسربت منه هو الرواية حتى
التي ترخّص بها بعض الصحابة كأبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو، وإلى حد ما ابن عبّاس
أيضًا ، هؤلاء رووا عن أهل الكتاب ، وعن مُسلِمة أهل الكتاب ، كوهب ابن منبه،
وأخيه ، وكعب الأحبار، وهنا دخلت أشياء في تراثنا الحديثي هي موضع نظر، وعلامة
استفهام، سأضرب مثلًا واحدًا، هي طلبت ، مثلًا واحدًا مثال الحديث الذي  معظم علماء الحديث المحققين من أهل الحديث م
ردّوه بمن فيهم الإمام البخاري، والبيهقي وابن تيمية، كثيرون ردوا هذا الحديّث،
حديث أنّ الله خلق الكون وما فيه في سبعة أيام ، هذا الحديث يُرد مباشرة لأنّه
مناقض لصريح قوله تبارك تعالى (في ستة أيام)، الله خلق الخلق  وأتمّه 
ستة أيام، هذه الأيام السبعة، وخلق الأشياء لو عدنا مباشرة إلى ثاني
صحيفة  في سفر التكوين في العهد القديم في
التوراة سنجده بنفس الترتيب : التربة والتراب والدّبابّات( الدّواب) يعني  أصله الكتابي، ربما ممّا اختلط على بعض من سمع
من أبي هريرة، يقول رواه عن كعب الأحبار، فظنّوا أنّ أبا هريرة  أضافه إلى 
الرسول صلى الله عليه وسلّم، وهو موجود في صحيح مسلم” ثمّ قال بضرورة
أن نمعن في قراءة كتب أهل الكتاب، لأنّ هذا سيفتح كوة تضيء مساحة مظلمة على أحاديث
كثيرة مروية عن أهل الكتاب. ” فكيف ينفي أثر النسخ في وجود إسرائيليات
في المرويات الحديثية في موضع، ثمّ يشير إلى وجودها في موضع آخر؟
وكانت مراجعاتي في الجزء الأول من
مراجعاتي على الحلقة(28)  بقول الدكتور
عدنان إبراهيم: ” لأنّ العمدة والاعتماد كان في تناقل الأحاديث ليس على
الكتابات ، وإنّما كان على المشافهة، على الحفظ ، كالقرآن الكريم بعض الناس يحاول
الآن أن يثير بعض اللغط وبعض الشبهات على بعض السور وبعض الآيات، لأنّ بعض
النسخ  التي وجدت  وهو مصحف الصنعاني..إلخ، هذا لا قيمة له لأنّ
القرآن الكريم محفوظ في الصدّور قبل أن يكون محفوظًا … كذلك الأحاديث نُقلت نقل
أولي بالمشافهة….”
وبيّنتُ فيها أنّ القرآن الكريم حُفظ
في الصدور والسطور في آن واحد من خلال كتبة الوحي الذي كان يكتبون الوحي فور
نزوله، ثم يراجع الرسول صلى الله عليه وسلم ما كتبوه ليتأكد من صحة ما كُتب،
وبيّنتُ كيف جُمع القرآن الكريم في مصحف واحد في عهد أبي بكر رضي الله عنه، ثم
نُسخ في مصاحف في عهد عثمان رضي الله عنه بلهجة قريش لنزول أغلب القرآن بها ، كما
سيدنا عثمان رضي الله عنه لتوزع على الأمصار لاختلاف القراء في قراءة القرآن لأنّ
كلًّا يقرأ القرآن بلهجته التي نزل بها وكتبها ، لأنّ القرآن نزل بسبعة أحرف أي
بسبع لهجات من لهجات القبائل العربية ، فلتوحيد قراءة القرآن جمع بلهجة قريش،
وأُمر بحرق المصاحف التي كُتبت بخلاف لهجة قريش.
وفي
نهاية المراجعة بيّنتُ إقرار المستشرقان البريطانيان مونتجمري
 وريتشارد
 بل بمصداقية النص القرآني في
الدراسة الخاصة التي قاما بها  عن القرآن
الكريم التي تناولا فيها أعمال عدد كبير من المستشرقين في دراستهم للقرآن، وهي في
غالبتيها
العظمى تستخدم
مناهج النقد الغربية، ومن هولاء فيل، وهيرشفيلد، وآربري، ورودي بارت وغيرهم، قد
اعترف المؤلفان بأنَّ الدراسات الحديثة للقرآن لم تستطع أن تثير أية شكوك جدية حول
مصداقية النص القرآني، ورغم اختلاف الأسلوب الواضح لكنه أمر لا يختلط فيه القرآن
مع غيره، لأنَّه من الواضح أنَّ القرآن كله يحمل طابع التساوق مما يجعل من الصعب
الشك في مصداقيته
. [1]
 أمّا عن ما قاله الدكتور
عدنان إبراهيم إنّ الاعتماد في السنة على المشافهة لا على الكتابة؟
فقبل أن أسجل مراجعتي على هذه المقولة أود أن أوضح الفرق بين الكتابة
والتدوين، فقد فهم المعاصرون – العامة وبعض الخاصة – خطأ أنّ لتدوين هو الكتابة،  وعليه فإنّ السنة – كما فهم المعاصرون من كلام
السابقين – ظلّت محفوظة في الصدور لم تكتب إلّا في نهاية القرن الأول الهجري في
عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز.
 فلمّا توفي النبي عليه الصلاة والسلام بادر
الصحابة إلى جمع ما كتب في عهده في موضع واحد ، وسموا ذلك المصحف، واقتصروا على
ذلك،   ولم يتجاوزوه إلى كتابة الحديث
وجمعه في موضع واحد ، كما فعلوا بالقرآن، ولكن صرفوا همهم إلى نشره بطريق الرواية،
إمّا بنفس الألفاظ التي سمعوها منها عليه السلام، إن بقيت في أذهانهم، أو بما يؤدي
معناها إن غابت عنهم ، فإنّ المقصود بالحديث هو المعنى  ، ولا يتعلق في الغالب حكم المبنى بخلاف القرآن
فإنّ لألفاظه مدخلًا في الإعجاز، ولم يزل أمر الحديث في عصر الصحابة وأول عصر
التابعين، ولمّا أفضت الخلافة إلى من قام بحقها عمر بن عبد العزيز أمر بكتابة
الحديث.
 ويقول الدكتور عبد المهدي بن عبد القادر  ” عند حديثه على صحيفة همّام بن منبه :
” ولهذه الصحيفة أهمية تاريخية في تدوين الحديث الشريف، لأنّها حجة قاطعة،
ودليل ساطع على أنّ الحديث النبوي كان قد دُوّن في عصر مبكر، وتُصحح الخطأ الشائع
أنّ الحديث لم يُدوّن إلّا في أوائل القرن الهجري الثاني.” [2]
 
ويقول أيضًا: ” وأمّا تدوين السنة فقد عرضنا في الباب الرابع ما روي
عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الكتابة من أخبار من أخبار حول منعها وإباحتها،
وخلصنا إلى أنّ الرسول صلى الله عليه وسلّم أباح كتابة الحديث بعد منعها، كما
عرضنا ما روي عن الصحابة والتابعين في الكتابة، وانتهينا إلى أنّ جميع ما روي عنهم
حول السماح بتدوين الحديث، أو منع تدوينه لم يكن متعارضًا متضاربًا، بل كان
متعاضدًا في سبيل حفظ القرآن الكريم، وسمحوا بها حين أمنوا ذلك.” [3]
 وهكذا نجد أنّ الخلط بين الكتابة والتدوين، وأنّ
التدوين هو الكتابة أدّى إلى الحيرة في فهم النصوص، فكيف يرفض أبو بكر الصديق رضي
الله عنه تدوين السنة، في حين أنّه كتب إلى عمّاله كتابًا، وكيف يرفض عمر بن
الخطّاب رضي الله عنه تدوين السنة في حين روي عنه أنّه قال: قيِّدوا العلم
بالكتاب”؟، وكتب الكتب وأرسلها، وكتب صحيفة أودعها ابنه عبد الله،
وفيها:” ليس فيما دون خمس من الإبل صدقة… إلخ؟
 
ولو أنّ المعاصرين فهموا حقيقة التدوين، وحقيقة الكتابة، وأدركوا الفرق
بينهما لما تعارضت النصوص في فهمهم.
وهذا تعريف موجز للكتابة والتدوين
والتصنيف، يتضح منه الفرق بين الكتابة والتدوين:
الكتابة
قال في اللسان : كتب الشيء كتبًا
وكتابًا، وكتابة ، وكتبَه أي خطّه.” فكتابة الشيء خطّه.
التدوين
 قال في اللسان : ” والديوان مجتمع
الصحف.” وقال في تاج العروس: ” وقد دوّنه تدوينًا جمعه، وعليه فالتدوين
هو جمع الصحف المشتتة في ديوان ليحفظها.”
التصنيف
قال في اللسان: والتصنيف: تمييز
الأشياء بعضها من بعض، وصنف الشيء ميّز بعضه من بعض، وتصنيف الشيء جعله أصنافًا،
وعليه فالتصنيف تمييز الجزئيات، كأن يميز المصنف الصواب من الخطأ، أو الأهم من
المهم.” 
وخلاصة ذلك أنّ تقييد الحديث وكتابته مرّ بثلاثة مراحل
المرحلة الأولى : مرحلة جمع الحديث في
صحف خاصةٍ بمن يكتب ، دون أن تتداول بين الناس، وهذه بدأت منذ عهده صلى الله عليه
وسلم وبإذنه، وذلك لأنّ الرسول صلى الله عليه وسلّم نهى عن كتابة الحديث في بداية
نزول الوحي، حتى لا تختلط السنة بالقرآن الكريم ، ولكن عندما تمكّن القرآن منهم،
فيُميّزون بين الأسلوب القرآني وأسلوب الحديث أذن بكتابته، فعن عبد الملك بن عبد
الله بن أبي سفيان، أنّه سمع عمر بن الخطّاب يقول : ” قيدوا العلم
بالكتاب.” [4]
    
المرحلة الثانية : الكتابة التي تكون مرجعًا يُعْتَمَد عليه ، ويتداولها
الناس فيما بينهم ، وهذه بدأت على رأس المائة الهجرية ، وفي كلٍّ من هاتين
المرحلتين كانت الكتابة مجرد جمع للأحاديث في الصحف من غير مراعاة لتبويب أو ترتيب
معين .
المرحلة الثالثة: مرحلة 
التصنيف : الذي اتخذت فيه الكتابة طابع التبويب والترتيب من منتصف القرن
الثاني ، وبلغ أوجه وذروته في القرن الثالث الهجري.
ومما ورد كتابته من الحديث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
:
1.    الصحيفة الصادقة : التي كتبها عبد الله بن عمرو بن العاص ، وقد انتقلت
هذه الصحيفة إلى حفيده عمرو بن شعيب، وأخرج الإمام أحمد في مسند عبد الله بن عمرو
من كتابه المسند قسمًا كبيرًا من أحاديث هذه الصحيفة من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده
.
2.    صحيفة علي بن أبي طالب: وهي صحيفة صغيرة تشتمل على العقل – أي مقادير
الديات – وعلى أحكام فكاك الأسير، وقد أخرج نبأها البخاري وغيره عن أبي جحيفة قال:
قلت هل عندكم كتاب؟ قال : لا، إلا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه
الصحيفة. قال قلت : فما في هذه الصحيفة ؟ قال العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل
مسلم بكافر
.
3.    صحيفة سعد بن عبادة : فقد أخرج الترمذي في سننه ، عن ابن سعد بن عبادة
قوله : وجدنا في كتاب سعد أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين والشاهد

.

4.    صحيفة أبي بكر رضي الله عنه: فعن أنس رضي الله عنه- أبا بكر كتب له
فرائض الصدقة الذي سنّها الرسول صلى الله عليه وسلم.
[5]
5.    صحيفة أنس بن مالك: فعن هبيرة بن عبد الرحمن قال: ” كنا إذا
أكثرنا على أنس بن مالك ألقى إلينا مخلاة ، فقال: هذه أحاديث كتبتها عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم”.
[6]
6.    ابن عباس : فعن هارون بن عنترة عن أبيه عن ابن عباس أنّه أرخص له أن
يكتب.”[7]
7.    صحيفة بشير بن نهيك: قال : ” كنت أسمع من أبي هريرة ، فلما أردت
أن أفارقه أتيته بكتابي، فقلتُ : ” هذا ما سمعته منك، قال: ” نعم.”[8]
8.    الصحيفة الصحيحة: صحيفة همّام بن منبِّه التي كتبها عن أبي هريرة ، وهي نحو (138) حديثًا ، وقد وصلتنا كما هي، وقد أخرجها الإمام أحمد
في مسنده بنصها ، كما توجد منها مخطوطة في المكتبات العامة.[9]
9.    كتبه صلى الله عليه وسلم إلى أمرائه وعماله: فيما يتعلق بتدبير شؤون
الأقاليم الإسلامية وأحوالها، وبيان أحكام الدين ، وهي كتب كثيرة تشتمل على مهمات
أحكام الإسلام وعقائده، وبيان الأنصبة والمقادير الشرعية للزكاة ، والديات والحدود
والمحرمات وغير ذلك ، ومن هذه الكتب
:
أ. كتاب الزكاة والديات الذي كاتب به أبو بكر الصديق وأخرجه البخاري
في صحيحه، فقد روى أبو داود والترمذي أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتاب
الصدقة فلم يخرجه حتى قبض
.
ب. كتابه لعمرو بن حزم عامله على اليمن ، بين فيه أصول الإسلام ،
وطريق الدعوة إليه ، والعبادات وأنصبة الزكاة والجزية والديات، وقد أخرجه أبو
القاسم في كتابه الأموال، ويقع في أكثر من ورقة، وهذا صدره: أخرج أبو عبيدة
بإسناده عن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، قال: ” لمّا استخلف عمر بن عبد
العزيز، كأرسل إلى المدينة يلتمس كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقات،
وكتاب  عمر بن الخطاب، فوجد عند آل عمرو بن
حزم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم في الصدقات، ووجد عند آل
عمرو كتاب عمر في الصدقات، مثل كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فنسخا
له، وكتب أخرى للرسول صلى الله عليه وسلم.
ج. كتابه إلى وائل بن حجر لقومه في حضرموت، وفيه الأصول العامة
للإسلام، وأهم المحرمات
.
10. كتبه صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والأمراء
يدعوهم فيها إلى الإسلام: ككتابه إلى هرقل ملك الروم ، وإلى المقوقس بمصر، وغيرهم

.
11. عقوده ومعاهداته التي أبرمها مع الكفار: كصلح الحديبية، وصلح تبوك،
وصحيفة المعاهدة التي أُبرمت في المدينة بين المسلمين وبين من جاورهم من اليهود
وغيرهم
.
12. كتب أمر بها صلى الله عليه وسلم لأفراد
من أصحابه لمناسبات ومقتضيات مختلفة: مثل كتابة خطبته لأبي شاهٍ اليماني

.
 وغير
ذلك مما كتب في عهده صلى الله عليه وسلم مما لم يُحصى  هنا ، أو لم أُحط به علمًا ، وهو كاف لإثبات تواتر
الكتابة في عهده صلى الله عليه وسلم وإثبات أنّ ما كتب في عهده صلى الله عليه وسلم
تناول قسمًا كبيرًا من حديثه ، هو أهم هذه الأحاديث وأدقها لاشتمالها على أمهات
الأمور ، وعلى أحكام دقيقة تتعلق بالأرقام تحتاج إلى ضبط دقيق ، مما يجعل الكتابة
عنصرًا هامًا في حفظ الصحابة للحديث ، ينضم إلى العوامل الأخرى ليدعمها ويؤازرها
في تحقيق تحمل الصحابة للحديث النبوي تحملاً حافظًا أمينًا كافلاً بأن يؤدوه بعد
ذلك كما سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 وخلاصة القول : إنّ السنة ظلت
طيلة القرن الأول الهجري تحفظ في الصدور، وتكتب في السطور للرجوع إلى المكتوب ،
إذا أشكل لفظ، وهذه المرحلة يمكن أن نسميها مرحلة الكتابة؛ إذ أنّ السنة فيها كانت
مكتوبة في صحائف مفرقة دون تجميعها في صحيفة واحدة دون ترتيب أو تبويب.
  وهذه الصحف التي كتبت في هذه
الفترة قد استوعبتها كتب أئمة السنة المشهورة بيننا .مثل صحيحي البخاري ومسلم،
وسنن أبي داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه، ومسند الإمام أحمد بن حنبل، وهو من
أجمعها، ورغم استيعاب كتب الأئمة هذه الصحف، فما زال الكثير منها موجودًا ، كما هو
في دور الكتب والوثائق.
 فكيف يتجاهل الدكتور عدنان
إبراهيم كل هذه الحقائق، ويقول إنّ الاعتماد في السنة على المشافهة لا على
الكتابة؟
أمّا عن تسريب الإسرائيليات في كتب الحديث،
فيعود إلى
أولًا : الوضع : فمعروف أنّ الوضع في
الحديث كان في سنة (40) ه أعقاب الفتنة.
وتعود أسباب الوضع إلى :
1.   
إفساد دين الإسلام، ورأس هذا النوع هم الزنادقة والملحدون، ليلبسوا
على المسلمين دينهم، قال حماد بن زيد: وضعت الزنادقة على رسول الله صلى الله عليه
وسلم، أربعة عشر ألف حديث، لكن الله تعالى منَّ على أمة الإسلام بالنقاد والمحققين
الذين نخلوا السنة، فأخرجوا منها ما كان من هذا الباب وأشباهه، وصنفوا في ذلك
الكتب والمؤلفات
.
2.   
نصرة الرأي والمذهب، كأهل الأهواء والبدع، قال عبد الله بن زيد
المقرئ: إن رجلاً من أهل البدع رجع عن بدعته، فجعل يقول: انظروا هذا الدين عمن
تأخذونه، فإنا كنا إذا رأينا رأياً جعلنا له حديثًا.
3.   
التكسب والاقتيات برواية الموضوعات، وهذا منتشر في القصاص والمداحين،
حيث يروون الأحاديث الكاذبة لنيل المال والحطام، وأمثلته كثيرة مبثوثة في كتب
مصطلح الحديث
.
4.   
التقرب إلى الملوك والسلاطين، وذلك بأن يرووا لهم من المعاني ما
يحبون، تسويغاً لأفعالهم وتأييدًا لطريقهم، كما فعل غياث بن إبراهيم مع أمير المؤمنين
المهدي، لما رآه يلعب بالحمام، فذكر له حديثًا بسنده أنّ النبي صلى الله عليه وسلم
قال: لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر أو جناحٍ. فأضاف “أو جناح” وليس
ذلك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنّما فعل ذلك مجاملة للأمير وطلبًا
للنوال
.
5.   
الوضع المشتهر عن الصوفية لترغيب الناس في طريقتهم وحثهم على الأعمال.
    
ثانيًا : فقدان النسخ الأصلية للصحيحين وكتب السنن، ونقلها عن طريق السماع
من تلامذتهم بعد وفاتهم بفترات زمنية متباعدة، فأقدم  مخطوطة لصحيح البخاري  كتبت بعد وفاته بأكثر من (151) سنة!
  يقول المستملي(ت376هـ)– أحد الرواة عن محمد بن
يوسف الفربري–:” انتسخت كتاب البخاري من أصله كما عند ابن يوسف، فرأيته لم يتم
بعد، وقد بقيت عليه مواضع مبيضة كثيرة، منها تراجم لم يثبت بعدها شيئا، ومنها
أحاديث لم يترجم عليها، فأضفنا بعض ذلك إلى بعض” انتهى. رواه الباجي في” التعديل
والتجريح”(1/310)، وقد أورد هذا القول ابن حجر في مقدمة “فتح الباري”
  
ولقد تصدر الأمر  الباحث
العراقي عواد كوركيس عضو المجلس العلمي العراقي، بكتاب [أقدم المخطوطات العربية في
مكتبات العالم] وهي المخطوطات المكتوبة منذ صدر الإسلام حتى القرن الخامس الهجري.
ونسخة الكتاب محفوظة بمكتبة جامعة الدول العربية بالقاهرة، وهو من منشورات وزارة
الثقافة والإعلام العراقية عام 1982. وتم توثيق الكتاب بدار الكتب والوثائق
المصرية عام 1983.وفيه: توجد مخطوطات ثلاثة لصحيح البخاري: أقدمها في العالم تمت
كتابتها عام 407ه، أي بعد رحيل الإمام البخاري ب151 سنة وهي الوثيقة رقم( 303)، ثانيها
في القدم الوثيقة رقم(304) والتي كتبت في عام 424 ه أي بعد رحيل البخاري ب 168 عام
تقريبا، وثالثه الوثيقة رقم (305) كتبت في عام 495 ه أي بعد رحيل الإمام ب 239
عام.
 والمخطوطات
الموجودة لصحيح البخاري في المغرب 12 مخطوطة من أجزائه أولها: جزء يبتدئ بحج أبي
بكر بالناس إلى آخر كتاب التفسير، تحتفظ به خزانة القرويين بفاس، برقم(969)، ترجع
كتابته إلى أوائل القرن الخامس الهجري، وبآخره سماعات بتاريخ 481هـ على أبي الحسن
طاهر بن مفوز بن أحمد بن مفوز(ت484هـ). وآخرها يبتدئ من باب من أراد غزوة
فورّى بغيرها، وينتهي بآخر حديث الإفك، تحتفظ به الخزانة العامة بالرباط، برقم(93
ك) وقع الفراغ من كتابته في 17 ربيع الآخر عام 789هـ.
   
وكذلك
توجد في المغرب مخطوطةٌ فريدة في العالَم الإسلامي، وهي  نسخةٌ مِن المجلد الأول الموافي للخُمس الثاني
من الأصل للجامع الصحيح بخطِّ يدِ الحافظ أبي عمران موسى بن سعادة الأندلسي، وقد
عُثِرَ عليها بخِزانة جامع القرويِّين الكُبرَى، وتُعتَبر مِن الأهميَّة بمكان؛
لأنَّ رواية ابن سعادة ظلَّت مُعتمَد المغارِبة أجمعين بنفس اعتمادِ المشارقة على
روايةِ اليونيني، وقد أتَى هذا الاهتمام مِن كَوْنِ ابن سعادة رَوى عن الصدفي عن
الباجي عن أبي ذرٍّ عن شُيوخه الثلاثة عن الفَرَبْرِي عن البخاري؛ فبينه وبيْن
الإمام خمس وسائط، وقد قام المستشرق الفرنسي 
ليفي بروفنسال مدير معهد الدروس العُليَا آنذاك بالعمل على تحقيقها.
 
هذا وقد قدّم الدكتور  محمد بن
عبد الكريم
بن عبيد أستاذ
السنة النبوية وعلومها المشارك بجامعة أم القرى بمكة
المكرمة،
دراسة قيمة بعنوان:” روايات ونسخ الجامع الصحيح للإمام
البخاري”
تحدّث فيها عن نُسخ الجامع الصحيح المطبوعة، وبدأ حديثه عن النسخ المطبوعة بقول
الأستاذ عبد
الغني عبد
الخالق: “طبع في 3 أجزاء بليدن: سنة 1862م،
باعتناء
المستشرق(كرهل وطبع جزء منه في بطرسبرج، سنة 1876م
.الطبعة
التي كتب مقدمتها العلمية
الشيخ
عبد الغني، وكُتِب عليها أنّها من تحقيق محمود النواوي، ومحمد أبو
الفضل إبراهيم، ومحمد خفاجي. وذكر أنّها أحدث
طبعات” الجامع الصحيح” وأحسنها
تنسيقًا،
فقد تحدث رحمه الله عن مجمل عمل الجماعة المذكورين فيها، وبتأمل كلامه
نلاحظ مواطن الخلل في هذه الطبعة، وتصرف المحققين
خلاف ما يقتضيه المنهج العلمي
السديد،
يقول:”
وقد وجدوا في
كتاب” تفسير
القرآن”
من” الجامع الصحيح” أنّ بعض نسخ الأصل يكتفى في العنوان بذكر اسم
السورة، وبعضها يضيف إليه كلمة”
تفسير”، والبعض يضيف البسملة، إما قبل
السورة،
أو بعدها، فرأوا أن يأخذوا بالأحوط، فأثبتوا البسملة في أول كتاب”
التفسير”، ثم ذكروا العناوين الأخرى بلفظ: سورة كذا، مسبوقة بالبسملة أيضًا،
متابعين في ذلك-غالباً- نسخة أبي ذر الهروي، وبعض
الشراح.
  ووجدوا كذلك أنّ بعض
النسخ تنفرد عن غيرها: بأن تزيد قبل الأحاديث لفظ” باب” أو” باب
قوله
كذا” ثم
تسرد فقرة من آية قرآنية، تتناسب مع الحديث الآتي بعد ذلك، فرأوا
أيضًا متابعة هذه النسخ، وأثبتوا ما زادته بعد أن
تثبتوا من أن صنيع الهروي
مواف
له
.
 
من خلال هذا العرض نجد الآتي:
·       أنّ لا وجود لمخطوطة الجامع الصحيح للبخاري
بخط يد البخاري نفسه.
·       أنّ المخطوطة المكتوبة بخط تلميذه ابن يوسف
الذي سمع الصحيح منه غير كاملة، كما قال المستملي.
·       أنّ المخطوطات الموجودة باختلاف تواريخ
كتابتها، كُتبت سماعًا من تلامذة البخاري.
أنّ أقدمها كتب بعد وفاة البخاري
ب(151) سنة.
ثانيها في القدم الوثيقة
رقم(304)والتي كتبت في عام 424 ه أي بعد رحيل البخاري ب 168 عام تقريبا، وثالثه
الوثيقة رقم (305) كتبت في عام 495 ه أي بعد رحيل الإمام ب 239 عام.
·       المخطوطات الموجودة لا تحوي الجامع الصحيح
بكامله، بل أجزاء مفرّقة، ومتناثرة في عدة دول ،ومكتبات.
·       وجود أخطاء كثيرة في هذه المخطوطات، وتقديم
وتأخير وحذف وإضافة، وهذا ما ذكره 
المستملي(ت376هـ)أحد الرواة عن محمد بن يوسف الفربري، والشيخ عبد الغني عبد
الخالق في مقدمة طبعة بليدن(1862ه)، وطبعة
بطرسبرج سنة 1876م.
·       تولى تحقيق بعض مخطوطات” الجامع
الصحيح” مستشرقان هما: ليفي برونفسال، وهركل.
·       وجود أخطاء في مخطوطات كتاب التفسير، وحديث
الإفك.
ومع هذه
المعطيات من البديهي أنّه توجد إسرائيليات وروايات ضعيفة وموضوعة ومخالفة للقرآن
الكريم، وتشكك في صحة القرآن، وتشوّه صورة النبي(ص)، وتطعن في عصمته. ويتحمّل
علماء الأمة الإسلامية المسؤولية أمام الله على تقريرهم أنّ جميع أحاديث الصحيحيْن
صحيحة، وتكفير من ينتقدهما، وفيهما روايات تسيء للإسلام، ولم يكلفوا أنفسهم دراسة
جميع المخطوطات الموجودة في مختلف دور الكتب والوثائق في العالم، والموازنة بينها،
وبيان الدخيل عليه، خاصة أنّ مستشرقيْن تدخلا في تحقيق وطباعة صحيح البخاري، وإن
ثبت أنّ الأحاديث التي انتقدها الأصوليون والمحدّثون والباحثون والشراح قدامي
ومحدثين هي موجودة بالفعل في صحيح البخاري يعلنوا هذا ،ويبيّنوه في الهوامش، فلا
يُرجع إليها، ولا تُبنى عليها أحكام فقهية وقضائية، مع بيان الدخيل عليه، بحيث
يطلع عليها كل من يرجع إلى الصحيح.
وكذا الحال
بالنسبة لصحيح مسلم، وكتب  السنن؟
إنّ الإصرار
على صحة جميع أحاديث الصحيحيْن بما فيها من أخطاء ومغالطات واتهامات للرسول صلى
الله عليه وسلّم، استغلّه أعداء الإسلام في تضليل شبابنا، ودفعهم إلى الإلحاد، كما
استغلها مخططو الإرهاب في استغلال تلك الأحاديث لتشويه صورة الإسلام بأنّه دين عنف
وإرهاب.
  فقد حاولت داعش تبرير حرقها
للشهيد الطيّار الأردني معاذ الكساسبة بفتوى نشرتها مواقعهم وهى: أنّ الأحناف
والشافعية ذهبوا إلى جواز التحريق مطلقًا، وأنّ تفسير المهلب ابن صفرة لقوله صلى
الله عليه وسلم:” النار لا يُعذب بها إلا الله”، ليس هذا النهي على
التحريم، بل على سبيل التواضع”.. وقال التنظيم: إنّ “الحافظ ابن
حجر” قال” يدل على جواز التحريق فعل الصحابة، وقد سمل النبي أعين
العرنيين بالحديد المحمّى.. وحرق خالد بن الوليد بالنار أناسًا من أهل
الردة”!! كما استندوا على فتوى لابن تيمية، وهي:” فأمّا إذا كان في
التمثيل الشائع دعاء لهم إلى الإيمان أو زجر لهم عن العدوان فإنّه هنا من إقامة
الحدود والجهاد المشروع”.. وعند تأملنا لمبررات داعش التي اعتبرتها مبررات
شرعية نجد الآتي
:
1. اعتبرت الأسير المسلم معاذ الكساسبة كافرًا
ومرتدًا، وأخذت بالفتاوى المتعلّقة بذلك
.
2. لم تستدل بآية قرآنية على فعلتها، واستندت
على أحكام وأقاويل وفتاوى لبعض الخلق، فتركت حكم الخالق، وأخذت بحكم المخلوق
الموافق لهواها، كأخذها بالناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، فقد اعتمدت على قتلها
لأسراها على أنّ آية:(فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ
حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ
وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا)[10]
قد نُسخت بآية(فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ
وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ)[11]
فلا يوجد منٌّ ولا فِداء، مع أنّ الآية التي بعدها تؤكد على إجارة المحارب المشرك،
وإيصاله إلى مكانه آمنًا:(وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ
فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ)[12]،وكما
بيّنتُ في مقالات سابقة لا يوجد ناسخ ومنسوخ في القرآن الكريم، وآية(ما نَنسَخْ
مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)لا تعني نسخ
القرآن لنفسه، ولكن نسخ شريعة موسى عليه السلام
.
3. تجاهلت قوله تعالى:(وَيُطْعِمُونَ
الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)
4. تجاهلت الآية التي وصفت رسالة النبي صلى
الله عليه وسلم أنّها رحمة للناس أجمعين على خلاف أديانهم ومللهم(وما أرسلناك إلّا
رحمّة للعالمين) ، وقبلوا على رسول الله أنّه يسمل الأعين بالحديد المحمّى مجردًا
من أية رحمة، فكيف أُصدّق هذه الرواية للإمام البخاري، وهي تتنافى مع قول
الخالق(وما أرسلناك إلّا رحمّة للعالمين)ومع عفوه على مشركي مكة قائلًا لهم:”
اذهبوا فأنتم الطلقاء” ،”وما جاء في باب تحريم التعذيب بالنار في كل
حيوان حَتَّى النملة ونحوها، في سنن أبي داود وصحّحه الألباني؟

5. أخذت بروايات موضوعة لرواة معروفين بالوضع
والكذب، فنسبوا إلى خالد بن الوليد حرق رأس خالد بن نويرة
 استنادًا على رواية باطلة لتبرر قتلها الشهيد
الطيار معاذ الكساسبة حرقًا، ففي سندها” محمد بْنُ حميد الرازي” قال
يعقوب بن شيبة محمد بن حميد كثير المناكير، وقال النسائي” ليس بثقة”،
وقال الجوزجاني:” ردئ المذهب غير ثقة، وقال فضلك الرازي: عندي ابن حميد خمسون
ألفًا لا أُحدّث عنه بحرف”، وقال صالح بن محمد الأسدي قال:” كل شيء كان
يُحدّثنا ابن حميد كنا نتهمه فيه، وقال في موضع آخر:” كانت أحاديثه تزيد، وما
رأيت أحدًا أجرأ على الله منه كان يأخذ أحاديث النّاس فيقلب بعضه على بعض، وقال
أيضًا:”ما رأيتُ أحدًا أحذق بالكذب من رجليْن سليمان الشاذكوني، ومحمد بن
حميد[13]
 كما
نجد هناك من يزعم أنّ أبا بكر رضي الله عنه حرق الفجاءة السلمي حيًا مستندين على
ما ورد في تاريخ الطبري من رواية باطلة تناقلها المؤرخون، والتي أخذها من كتاب
الردة لسيف بن عمر التميمي الضبي(ت180ه) ففي رواية أبي جعفر محمد بن عبد الله
الحضرمي، عن ابن معين، قال في سيف
فَلْس خير منه” وهذه العبارة أشد في التضعيف
من سابقتها، وروى ابن حبان في المجروحين بإسناده إليه أنّه قال:” وكان سيف
يضع الحديث، وكان قد اتهم بالزندقة” وقال البرقاني عن الدارقطني”
متروك”، وقال الحالك:” اتهم بالزندقة، وهو في الرواية ساقط” [14][
وإذا كان قد تجرّأ على رسول الله
 صلى الله عليه وسلّم  ونسب إليه ما لم يقله، ألا يتجرّأ على سيدنا
أبي بكر، ويُنسب إليه مالا يقله، وما لا يفعله، وقد روى عن طائفة كثيرة من المجاهيل
أو الإخباريين، ومن الضعفاء؟
 وما
نُسب إلى سيدنا أبي بكر يتناقض مع وصيته لأسامة بن زيد عند خروجه للدفاع عن
المدينة من المعتدين، والتي جاء فيها” لا تخونوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا
تمثلوا، ولا تقتلوا طفلًا ولا شيخًا كبيرًا ولا تعزقوا نخلًا ولا تحرقوه ولا
تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا للأكل .و إذا مررتم
بقوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له
.”
 وهكذا
نجد أنّ داعش وأمثالها يأخذون من ما هو موجود في كتب التراث من مفاهيم خاطئة
وأباطيل وموضوعات وإسرائيليات وفتاوى تكفير وإجازة قطع الرؤوس، وتحريق الأسرى،
بنسبته إلى نبي الرحمة والإنسانية وبعض صحابته رضوان الله عليهم ليعطوا ما يقومون
به من جرائم بشعة غطاءً شرعيًا؛ لذا أكرر مناشدتي بتصحيح الخطاب الإسلامي بتنقية
كتب التفسير والحديث والتاريخ والفقه من 
تلك المفاهيم الخاطئة والإسرائيليات والموضوعات، والروايات الضعيفة،
والناسخ والمنسوخ، والأحكام الفقهية والفتاوى التكفيرية التي شوّهت الإسلام
فحوّلته من دين رحمة وعدل وتسامح إلى دين عنف وإرهاب وقتل وتحريق أسرى
.
   وبهذه الحلقة أختم مراجعاتي
على برنامج صحوة، وكانت مراجعاتي على الحلقات التالية بروابط نشرها
في جريدة أنحاء اليكترونية ومدوّنة
الدكتورة سهيلة زين العابدين حمّاد
1.   
حلقة 6 ” فوضى الوعظ”
http://an7a.com/254641/
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/06/6.html
2.   
حلقة 7 ″ هل الفتوى توقيع عن الله”
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/06/7.html
3.   
حلقة 9″ هل انتقص الفقهاء من حقوق المرأة”؟(1)
http://www.an7a.com/254641/
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/06/9-1.html
.4.  حلقة9
“هل انتقص الفقهاء من حقوق المرأة”؟
(2)
http://www.an7a.com/254641/
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/06/9-2.html
5.   
حلقة 9 ” هل انتقص الفقهاء من حقوق المرأة؟
(3)
http://www.an7a.com/254830/
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/06/9-3.ht
6.   
حلقة9″هل انتقص الفقهاء من حقوق المرأة؟“(4)
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/06/9-4.html
7.   
حلقة 11″ الصلاة جماعة في مجتمع معاصر”
http://www.an7a.com/254972/
 http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/06/11.html
8.   
حلقة 13؛ كيف شبّكتنا الشبكات الاجتماعية
http://www.an7a.com/255070/
 http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/06/13.html
9.   
حلقة 14″ الجن والسحر وما بينهما
http://www.an7a.com/255317/
10.                   
حلقة 15″معارك المعازف والموسيقى
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/06/15.html
11.                   
 حلقة 16″
الحجاب بين العادة والعبادة”
http://www.an7a.com/255259/
 http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/06/16.html
12. حلقة 18″ الزواج”(1)
http://an7a.com/255419/
 http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/06/18-1.html
13.حلقة 18″ الزواج” (2)
http://an7a.com/255520/
 http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/06/18-2.htmI
14.حلقة 18″الزواج”(3)
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/06/18-3.html
15.حلقة21 ″التكفير ظاهرة إسلامية
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/06/21.html
16.حلقة 22″ توظيف الدين لخدمة السياسة
(1)
http://www.an7a.com/255703/
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/06/22-1.html
17.حلقة 22 “توظيف الدين لخدمة السياسة
(2)
http://an7a.com/255731/
dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/07/22-2.html
18.حلقة 22″توظيف الدين لخدمة السياسة
(3)
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/07/22-3.html
19.حلقة 22″توظيف الدين لخدمة السياسة
(4)
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/07/22.html
20.حلقة 22″توظيف الدين لخدمة السياسة
(5)
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/07/22-5.html …
21.حلقة 22″ توظيف الدين لخدمة السياسة
(6)
 http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/07/22-6.html
22.حلقة 22″ توظيف الدين لخدمة السياسة
(7)
http://www.an7a.com/257823/
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/08/22-7.html
23.حلقة 22″ توظيف الدين في خدمة السياسة
(8)
http://www.an7a.com/257985
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/08/22-8.html
24.حلقة 22″توظيف الدين في خدمة السياسة(9)نظريات ابن خلدون
الاقتصادية.
http://www.an7a.com/258142/
25.حلقة 22″توظيف الدين لخدمة السياسة”(10)كمال الإسلام حقيقة وليس فقاعة.
http://www.an7a.com/258376/
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/08/22-10.html
26.حلقة 22″توظيف الدين لخدمةا لسياسة”(11) العسكرية الإسلامية  حقيقة واقعة.
http://www.an7a.com/258987/
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/08/22-11.html …
27.حلقة 22″توظيف الدين لخدمة السياسة(12) موقف القرآن الكريم من
الأدب.
http://www.an7a.com/259435/
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/08/22-12.html
28.حلقة 22″ توظيف الدين لخدمة السياسة”( 13)الكلاسيكية الأغريقية وأثرها
على الأدب العربي.
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/08/22-13.html …
29.حلقة 22″ توظيف الدين لخدمة السياسة
(14)
الفلسفة الواقعية” وأثرها على
الأدب العربي.
http://www.an7a.com/260866/
dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/09/22-14.html
30.حلقة 22″توظيف الدين لخدمة السياسة”(15)الفرويدية وأثرها على الأدب العربي.
http://www.an7a.com/261226/
hammad.blogspot.com/2016/09/22-15
31.حلقة 22توظيف الدين لخدمة السياسة(16)الوجودية وأثرها على الأدب
العربي.
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/09/22-16.
32.حلقة 22 “توظيف الدين لخدمة السياسة(17)الرمزية والتصوف وأثرهما
على الأدب العربي.
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/09/22-17
33.حلقة 22 “توظيف الدين لخدمة السياسة
(18)
البرناسية والسريالية والبنيوية.
34.حلقة 23 “عمل المرأة ووهم الاختلاط والتغريب(1)
http://dr-suhamhgfkdmd]ila-z-hammad.blogspot.com/2016/09/23-1.html
35.حلقة(23).. عمل المرأة والاختلاط والتغريب(ج2)ولاية المرأة مناصب
قيادية في مختلف العصور.
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/2016/09/23-2.html
36.حلقة (24) هل الإلحاد ظاهرة؟ (1)
http://dr-suhaila-z-hammad.blogspot.com/
37.حلقة (24) هل الإلحاد ظاهرة؟ (2) لا عول في الميراث.
38.الحلقة(28)
“السٌنّة والتأسي (1) القرآن الكريم حفظ في السطور والصذور في أن واحد.
  أسأل
الله أن أكون قد وُفقِّت فيها، وأكرر أنّ هذه المراجعات لا تقلل من علم وفكر
المفكر الفقيه الدكتور عدنان إبراهيم ، وإنّما لتوضيح حقائق قد غابت عنه لابد من
توضيحها لتحقيق صحوة حقيقية ضد المفاهيم الخاطئة لبعض الآيات القرآنية، وما
تسرب  إلى الصحيحيْن وكتب السنن والمسانيد
من إسرائيليات ومرويات موضوعة وضعيفة  بُني
على بعضها أحكام فقهية وقضائية أعطت للعالم صورة مشوّهة عن الإسلام، واستغلها
أعداؤنا في إيقاع شبابنا في مستنقعي الإرهاب والإلحاد، وإغراق منطقتنا العربية في
حروب أهلية طائفية وعرقية لتقسيم البلاد العربية وتفتيتها لتصبح إسرائيل هي القوة
الكبرى في المنطقة بتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير الذي وضعه المستشرق اليهودي
الصهيوني البريطاني الأصل الأمريكي الجنسية ( برنارد لويس) تمهيدًا لاحتلالها، ومخططه يقوم على  تفكيك البلاد العربية والإسلامية, ودفع الأتراك
والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين والباكستانيين والأفغان ليقاتل بعهم
بعضًا لإضعافهم والاستيلاء على بلادهم، وإقامة دولة إسرائيل الكبرى التي تمتد من
النيل إلى الفرات ومن الأرز إلى النخيل، والباقي منها يكون تحت النفوذ الأمريكي. وأوضح ذلك بالخرائط مبينًا فيها التجمعات العرقية
والمذهبية والدينية التي على أساسها يتم التقسيم، وسلم مشروعه إلى بريجنسكي مستشار
الأمن القومي في عهد جيمي كارتر والذي قام بدوره بإشعال حرب الخليج الثانية حتى
تستطيع أمريكا تصحيح حدود سايكس بيكو ليكون متسقًا مع المصالح الصهيوأمريكية، وقد
اتهم أبو الحسن بني صدر أول رئيس لإيران بعد الثورة
الحزب الجمهووري الأمريكي بالتخطيط لأزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين في إيران وما
تلا ذلك من أحداث وصولًا إلى الحرب العراقية الإيرانية.
 
وافق الكونجرس الأمريكي بالإجماع وفي جلسة سرية عام(1983)على مشروع”لويس”،
وتمَّ تقنين المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الاستراتيجية المستقبلية
التي يتم تنفيذها وبدقة واصرار شديدين، وجُعل عام
(2018)إتمام
تنفيذه، ولعل ما حدث من احتلال لأفغانستان والعراق-وقد شارك لويس في وضع
استراتيجية غزو العراق-وما يحدث في المنطقة من حروب وفتن وثورات وإرهاب يدلل لى
هذا الأمر.
  ومبررات لويس
لتنفيذ مشروعه:”أنّ  العرب والمسلمين
قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضُّرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون
العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات، فالحلَّ
السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية
وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإنّ عليها أن تستفيد من
التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة؛ لتجنُّب الأخطاء والمواقف
السلبية التي اقترفتها الدولتان، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم
وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك، إمّا أن نضعهم تحت
سيادتنا، أو ندعهم يدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة
هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية.”
وهذا
ما رددته أمريكا عند احتلالها للعراق.
                   
جريدة أنحاء الليكترونية http://www.an7a.com/266077/



[1]
– د. سهيلة زين العابدين حمّاد: 
السيرة النبوية في كتابات المستشرقين ” دراسة منهجية تطبيقية عن
المدرسة الإنجليزية، الجزء الأول ” الاستشراق والمستشرقون – رسالة
دكتوراة  – تحت الطبع
.

[2] . د. عبد المهدي بن عبد القادر عبد الهادي: السنة
النبوية ومكانتها- عوامل بقائها – تدوينها، ص 95، الطبعة بدون، دار الاعتصام،
القاهرة – مصر،

[3] . المرجع السابق: ص 95.
[4] . أخرجه الحاكم : 1/ 106، وذكر أنّه صحيح ، وهو في تقييد العلم، ص
88، وفي المحدث الفاصل : ص 377، وجامع بيان العلم 1/ 86 ، وبين عبد الملك وعمر راو
ساقط من رواية الحاكم لكنه في بقية الكتب، وهو عمرو بن أبي سفيان عم عبد الملك .[
د. عبد المهدي عبد القادر – السنة النبوية.]
[5] . تقييد العلم : ص 87 ، تخريج د. عبد المهدي بن عبد القادر-  السنة النبوية.
[6] . أخرجه الدرامي باب من رخص في كتابة العلم 1/105، وهو في المحدث
الفاصل ، ص 366، وفي تقييد العلم ، ص 85، تخريج د. عبد المهدي بن عبد القادر.
[7] . جامع بيان العلم : 1/ 87.
[8] . جامع بيان العلم: 1/ 87، تخريج د. عبد المهدي بن عبد
القادر-  السنة النبوية.
[9] . منها نسخة بدار الكتب المصرية ، وأخرى بالظاهرية بدمشق، وثالثة،
في برلين بألمانيا، وقد حققت في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر في رسالة دكتوراة[
د. عبد المهدي عبد القادر: السنة ومكانتها، ص 119.]
[10] .
محمد: 4.
[11] .
التوبة: 5.
[12] .
التوبة: 6.
[13] . العسقلاني:
تهذيب التهذيب، ترجمة محمد بن حميد الرّازي، رقم(6081
(
[14] . العسقلاني:
تهذيب التهذيب، ترجمة سيف بن عمر التميمي رقم(2819
)

Leave a Reply