المرأة ونقص الأهلية .. الى متى ؟ 1- 2
«أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قد سافرت بلا محرم، وعندما كلمها أبو سعيد الخدري في ذلك، قالت له: أوَكل النساء تجد محرماً؟!»
د. سهيلة زين العابدين حماد 
الثلاثاء 25/03/2014


أكتب اليوم، وكلي أمل أن تعاد لنا ـــ نحن السعوديات ـــ أهليتنا التي منحنا إيّاها الخالق جل شأنه وسلبها منا المخلوق بدون أي وجه حق، وأصبح تنقلنا الذي منحنا الله حريته مرهوناً بموافقة ذكورية وضعنا تحت وصايتها من الميلاد إلى الممات بموجب أنظمة وقوانين تتناقض مع الأهلية الكاملة التي منحنا إيّاها الخالق مثلنا مثل أشقائنا الرجال، فكلانا تحمّل أمانة الاستخلاف، وكلانا متساوٍ في الأجر والثواب، وفي القصاص والحدود والتعزيرات والعقوبات، وكلانا أولياء بعضنا البعض في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكلانا متساوٍ في حق الإنسانية، وحق الحياة، وحق الحرية، وفي المسؤولية الإنسانية والجنائية، واستقلال الشخصية والاختيار بين الإيمان والكفر، والمشاركة في وجوب الهجرة من أرض الكفر، والمشاركة في البيعة واستقلال بيعتنا عن بيعة الرجال، وكلانا شريك في الشدائد، وفي المباهــلة، وطـلب العلـم، والعمـــــــل والأجــــر فيـــــه، وفي التكاليف الدينية( مع إسقاط عنّا وجوب صلاة ظهر الجمعة في المسجد ، وصوم رمضان وأداء صلوات الفرض فترة الحيض والنفاس، وعلينا قضاء الأيام التي نُفطرها بعد طهرنا، وهذا لا ينتقص من ديننا وإيماننا وأهليتنا، لأنّه أمر يتعلق بطبيعتنا الفسيولوجية التي خلقنا الخالق عليها لنقوم بدور حمل الجنس البشري وولادته وإرضاعه) 
    فالمرأة كاملة الأهلية مثلها مثل الرجل، وقد بيّن هذا الخالق جل شأنه في آيات كثيرة منها:(وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى. وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى. وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى. إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى. فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى. وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)[الليل: 1ــ9] فالخالق جلّ شأنه قد أقسم بالأنثى كما أقسم بالذكر، ــ وللخالق أن يقسم بمن شاء من خلقه، وليس للمخلوق إلّا القسم بالخالق جلّ شأنه ــ معلنًا مساواتها للذكر في الجزاء والثواب وفي التكاليف لمساواتهما في الأهلية، والأهلية في اللغة تعني الصلاحية، فيُقال فلان أهل لكذا أي مستوجب له، وفي التنزيل:(هو أهلٌ للتقوى وأهلٌ للمغفرة)، وهي نوعان: 
أولهما: أهلية الوجوب: وهي صلاحية الإنسان لوجوب الحق له أو عليه، وهي إمّا ناقصة تعني صلاحية الإنسان لثبوت الحق له دون ثبوت أي التزام عليه، أو كاملة، وتعني صلاحية الإنسان لوجوب الحق له، وثُبوت الالتزامات عليه، ومناطها الصفة الإنسانية، أو الحياة.
ثانيهما: أهلية الأداء: وهي صلاحية الإنسان لوجوب الحق عليه ومناطها العقل، وهي إمّا ناقصة، وتعني صلاحية الإنسان لصدور التصرفات الشرعية صحيحة، وتوقف نفاذها على غيره كالصبي، أو كاملة، وتعني صلاحية الشخص للقيام بالتكاليف على نحو يُعتد به شرعًا من غير ما توقف على إذن غيره. وعوارض الأهلية: الجنون، والعته، والغفلة، والسفه، فالأنوثة إذن ليست من عوارض الأهلية.
وتنص المادة الثامنة من النظام الأساسي للحكم الذي هو بمثابة دستور الدولة على الآتي: “يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية”، وأعلن معالي الدكتور بندر العيبان رئيس هيئة حقوق الإنسان في تقرير المملكة العربية السعودية الثاني للاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان 2013 في جنيف” أنّ المرأة السعودية تتمتع بأهليتها القانونية فيما يتصل بممارستها لحقوقها”، لكن لا نلمس هذا على أرض الواقع، بل نجد للأسف الشديد أنظمة وقوانين تعتبر المرأة البالغة الرشيدة، حتى القائمة بأمر نفسها، والمُنفقة عليها ناقصة الأهلية، وتُعامل معاملة القاصر مهما بلغت من السن، وذلك عند استخراج بطاقة أحوالها وجواز سفرها وتجديده، وعند سفرها خارج المملكة، في حين تعتبرها كاملة الأهلية عند ارتكابها أية جريمة، أو جُنحة، وتنفيذ العقوبات والحدود والتعزيرات عليها، ومجرد انتهاء مدة محكوميتها تصبح ناقصة الأهلية، فلا تخرج من السجن إلّا بحضور ولي أمرها ليتسلمها، وقد تظل في السجن مدى الحياة إن رفض هذا الولي استلامها! 
 في 17/2/1425 الموافق 4/7/2004م التقى وفد من أعضاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بصاحب السمو الملكي وزير الداخلية الأمير نايف ـ رحمه الله ـ من أجل التنسيق بين الجمعية ووزارة الداخلية لتسهيل مهام الجمعية، وكنتُ ضمن هذا الوفد، وسألتُ سموه، وهو يُودعنا في منزله: متى ستُرفع الوصاية عنّا نحن النساء، فلا نستطيع السفر إلّا بموافقة ولي الأمر، فأمي ــ رحمها الله ــ لم تكن تستطيع السفر إلّا بموافقة أخي ابنها؟، فكان جواب سموه: ” يوجد نظام أنّ المرأة البالغة سن الأربعين، ومعها جواز سفرها لها أن تسافر دون إذن من ولي أمرها”، قلتُ لسموه: ولكن موظفي جوازات المطار لا يُنفذّون هذا النظام. 
  وساعتها طالبتُ عبر الصحافة بتفعيل هذا النظام، واتُهمتُ وقتها من قبل البعض بأنّي أريد أن تُسافر المرأة بلا محرم، مع أنّ من المُفتين أباحوا ذلك منهم الدكتور سعود الفنيسان أستاذ التفسير وعميد كلية الشريعة بجامعة الإمام مؤكداً أنّ الفتوى ليست بجديدة، وإنَّما سبقها عدة اجتهادات أجازت سفر المرأة بدون محرم إذا توفر لها الأمن، وآزرها اجتهادات الشافعية والمالكية، وبعض أئمة الخلف مثل الحسن البصري، ومن المحدثين الشيخ عبد الرزاق عفيفي ــ رحمه الله ــ عضو هيئة كبار العلماء واللجنة العليا للإفتاء بالسعودية، وقال: “إذا تحقق عنصر الأمان للمرأة في السفر، خاصة في وسائل النقل الكبيرة مثل الطائرات والقطارات وكانت مدة السفر قليلة كما هي الحال اليوم، فأنا أرى أنّه لا بأس بسفرها في تلك الحالة بلا محرم، وأشار إلى أنّ” ابن البطال” قال في شرحه لحديث البخاري الذي استند إليه المحرمون إنّ هذا الحديث إنّما يشير للسفر الطويل، الذي تكون فيه المرأة وسط مجموعة كبيرة من الرجال الذين لا يؤمن مكر بعضهم، ويبيتون ليالي وأيامًا في السفر وينامون مع بعضهم، فإنّ ذلك غير مأمون للمرأة، أمّا الآن فقد أصبح السفر أكثر أمنًا وأقل كثيرًا في المدة”، واستشهد على جواز الأمر بأنّ أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قد سافرت بلا محرم، وعندما كلمها أبو سعيد الخدري في ذلك، قالت له: أوَ كل النساء تجد محرما؟!! إضافة إلى ذلك، فقد خرجت أمهات المؤمنين للحج بدون وجود محرم”.
للحديث صلة. 
suhaila_hammad@hotmail.com
للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS
تبدأ بالرمز (26) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى
88591 – Stc
635031 – Mobily
737221 – Zain
المصدر : جريدة المدينة  http://www.al-madina.com/node/519990

Leave a Reply