فرحة العيد أين أنتِ الآن مني ؟ …إذ كنتِ في زمن الطفولةِ السعيدةِ خير رفيق …كنتِ تعنين السعادة والحبور …والفرحة بارتداء كل جديد ..وبصحبة الوالد ـ رحمه الله ـ إلى المسجد النبوي الشريف لأداء صلاة العيد..

 حقاً كانت أياماً جميلة.. وطفولةً سعيدة.. وكانت للعيد فرحة .. أخذتُ أبحثُ الآن ..عنها في أعماقي..فلم أجد إلاَّ الذكريات ،ذكرياتٌ مضت وانقضت أنَّى لها أن تعود ،وقد انتزعت الحروبُ كلَّ بسمة ..وأخرست القنابلُ كلَّ ضحكة ..ودهست الدَّباباتُ كلَّ فرحة فشلَّت كل حركة ..
 يا فرحة العيد ..لقد أخذتُ أتطلع حولي بحثاً عنكِ فلم أجدكِ ..بحثتُ عنك في عيون أطفالِ ونساءِ الشهداء ..بحثتُ عنك في مخيماتِ اللاجئين في”بشاور ولبنان وغرب تنزانيا والصومال ..وجنوب وغرب  السودان “،بحثتُ عنكِ في عيون أطفالِ الحجارة ..في عيون أمهاتِ الضحايا ..ضحايا الإرهاب والاحتلال في فلسطين وأفغانستان والعراق  ..بحثتُ عنك في عُيونِ كلِّ مسلم … وقد أضحى مهدداً بالتفجيرات في كل حين .. بحثتُ عنك فلم أجد في تلك العيون إلاَّ الدموع ..قد تحجَّرت في المآقي .
  إذ وجد البؤسُ فيها مسكنَه ..أمَّا القلقُ والخوفُ والرُّعبُ فقد اتخذوا منها موطناً ،فأين أنتِ الآن مني .. وتلك العيونُ تلاحقني في اليقظة والمنام.يا عيد متى فرحتي بك تعود؟ …ولن تعود إلاَّ بزوال كل احتلال ،وبذر بذورِ المحبةِ والإيمان في كلِّ القلوب ،وقلعِ جُذورِ الكراهيةِ والانقسام من كل الصدور فتمتلئ بالحب القلوب .. ويلتئمُ عقدُ الصفوف فمتى تكون .. ومتى تعود ..متى..متى؟!

نشرت هذه  الخاطرة في ملحق الندوة الأدبي الذي يصدر عن جريدة الندوة التي تصدر في مكة المكرمة

 ،بتاريخ 7شوَّال 1408هـ الموافق 22 مايو 1988م.



Leave a Reply