د. سهيلة زين العابدين حمّاد

نُشر في جريدة المدينة في 16 مارس 2023م

     بعدما حرّم البعض على  المرأة السعودية ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة على مدى عقود، بل حُرم عليها مشاهدة أية فعالية من فعالياتها حضوريًا، سُمح لها في العام 2011، حضور مدرجات حلبة الريم الدولية للسيارات، ومن ثم وجودها في مدرجات بطولة آسيا لكرة اليد للرجال، وبعد ذلك تم تخصيص 15 ٪ من مدرجات الملاعب للنساء، كما لم يتجاهلن في الالتحاق بالإعلام الرياضي أيضًا، والمشاركة في البطولات والمحافل الرياضية الدولية، لتواصل السعودية كتابة عهد جديد للرياضة، وكان وقد سبق هذا تأسيس الفرق النسائية في الرياضات المختلفة منذ مطلع العام 2003، وكان من أبرزها كرة القدم وكرة السلة وكرة الطائرة. وتأسست في العام 2006 أكاديمية رياضية نسائية في السعودية، ومن اسهاماتها المشاركة في الأولمبياد ضمن بعثة في أولمبياد لندن 2012 بمشاركة لاعبة الجودو وجدان شهرخاني، والعداءة سارة عطار التي نافست في سباق 800 متر للسيدات. وشاركت اللاعبتان بموجب دعوة من اللجنة الأولمبية الدولية، وقد أضافت اللجنة الأولمبية السعودية اسميهما إلى بعثة السعودية.

وشاركت ياسمين الدباغ لأول مرة في لندن 2012 ومن ثم ريو 2016؛ إذ تعتبر السعودية السادسة في الألعاب، عقب العداءة سارة عطار ولاعبة الجودو وجدان شهرخاني: اللتين شاركتا في أولمبياد لندن، بالإضافة إلى لاعبة المبارزة لبنى العمير، والعداءة كاريمان أبو الجدايل، ولاعبة الجودو جود فهمي.

   لكن التوسع الكبير في دخول ومساهمة المرأة السعودية في المجال الرياضي كان في طليعة العام 2017 منح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ الأحقية للمرأة السعودية بتأسيس الأندية النسائية، وفق الضوابط والشروط المفروضة لإنشاء هذه الأندية، والتي تنص على العناية التامة بكل متطلبات الصحة العامة داخل المركز الرياضي، فقد رؤية 2030 لتوقف كل اللاءات والمحرّمات وتفتح لها المجال لتحقيق حلم أكبر فتصل إلى الساحة الرياضية وتشارك في المحافل الدولية.

.  فقد جاء هذا القرار إسهامًا من خادم الحرمين الشريفين في الحد من البطالة النسائية وتوفير آلاف الوظائف في المراكز والأندية الرياضية، وذلك بعد أن وصل معدل البطالة بين النساء إلى أكثر من 34 ٪ خلال السنوات الماضية، ويتوافق هذا القرار مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، والرامية إلى رفع معدل ممارسة الرياضة في المجتمع ليصل إلى مليون رياضي سعودي، بنسبة 40 ٪ خلال الـ 15 عامًا المقبلة، وتدشين 450 نادي هواة مسجل، يقدم أنشطة ثقافية متنوعة وفعاليات ترفيهية، وفق منهجية منظمة وعمل احترافي.

   وشاركت اللجنة الأولمبية السعودية بأكبر بعثة أولمبية في تاريخ السعودية بأولمبياد طوكيو 2020، وكان من بين المشاركات في هذه الأولمبياد: العداءة السعودية «ياسمين عمرو الدباغ» لاعبة المنتخب السعودي لألعاب القوى في أولمبياد طوكيو 2020، عقب إعلان الاتحاد الدولي لألعاب الدولي لألعاب القوى عن تأهلها للمشاركة فيها.

  وكانت لاعبة الجودو السعودية «تهاني القحطاني» من ضمن المشاركات في منافسات دورة الألعاب الأولمبية «أولمبياد طوكيو 2020»، والتي بدأت بممارسة الجودو في 2018، وشاركت في معسكرات بالقاهرة وطشقند بجانب المعسكرات الداخلية، كما شاركت في بطولة العالم 2021 في بودابست حيث حلّت بالمركز 17. وقد وصف الاتحاد الدولي للجودو مشاركة تهاني القحطاني بأنّه تطور كبير في لعبة الجودو النسائية بالسعودية، والتي بدأت في الاعتماد على اللاعبات الإناث منذ أولمبياد لندن 2012.

   هذا وقد شاركت مريم المريسل، لاعبة كرة الطاولة لذوي الاحتياجات الخاصة في دورة الألعاب الأولمبية 2020 كأول لاعبة سعودية من ذوي الاحتياجات الخاصة في كرة الطاولة تتأهل للمشاركة في أولمبياد طوكيو 2020. واستطاعت بفضل من الله ثمّ بعزيمتها وإصرارها، التأهل إلى دورة الألعاب الأولمبية بعد حصولها على الـ»وايد كارد» وحيازتها لتصنيف متقدم الاتحاد الدولي لكرة الطاولة، وكانت المريسل قد شاركت مسبقًا في البطولة الدولية البارالمبية في العاصمة المصرية القاهرة، وحصلت على الميدالية البرونزية.

   وفي نوفمبر 2021 أعلن الاتحاد السعودي لكرة القدم عن إطلاق النسخة الأولى من الدوري السعودي لكرة القدم للسيدات، في خطوة تأتي ضمن الخطة الزمنية التي وضعها الاتحاد في إطار برنامج دعم كرة القدم النسائية منذ العام 2017. وأقيمت مبارياته في 3 مدن هي: (الرياض، وجدة، والدمام)، بوجود 6 فرق من كل منطقة، باستثناء الدمام: أربع فرق «للعب بنظام الدوري من دورين».

   وتُعد الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان تعد من الوجوه البارزة في المجال الرياضي؛ إذ تم تعيينها رئيسًا للاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية، ووكيل رئيس الهيئة العامة للرياضة للقسم النسائي، وذلك في الأول من شهر أغسطس عام 2016م،  وذلك في إطار العمل على تمكين المرأة في المناصب القيادية وعدم جعلها حكرًا على الرجال. وخلال عامي 2018 – 2019، تمّ توفير  250 ألف وظيفة في المراكز والأندية الرياضية النسائية، وهذا ما سعت إليه الأميرة ريم بنت بندر، رئيسة الهيئة الرياضية النسائية في المملكة العربية السعودية.

  وقد كشف الاتحاد السعودي لكرة القدم عن برنامج تطوير شامل لكرة القدم النسائية أعدها الاتحاد ضمن إطار ملف السعودية لاستضافة نهائيات كأس آسيا عام 2027 لأول مرة في المملكة.

  ومن العناصر الرئيسية لبرنامج تطوير كرة القدم النسائية الجديد تشجيع الفتيات على بدء لعب كرة القدم ومن الأمثلة على ذلك مبادرة دوري كرة القدم المجتمعي للسيدات في المملكة والذي تم إطلاقه العام الماضي. كما يهدف البرنامج إلى رفع مستوى فرق الشابات تدريجيًا على مدار الأعوام الأربعة المقبلة حتى تمتلك المملكة والدول المجاورة الإمكانيات الكافية التي تؤهلها للمنافسة على المستوى الدولي.

  ويرتكز هذا الطموح بعيد المدى على مبادرات عدة، يأتي في مقدمتها “أكاديمية مهد الرياضية” التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة في سبتمبر عام 2022م بخُطَطٍ طموحة لأن تصبح إحدى أكبر الأكاديميات الرياضية في العالم خلال العقد المقبل، وسيكون تطوير كرة القدم للسيدات إحدى أولوياتها الرئيسية خلال الأعوام المقبلة.

وقد لعبت سجى كمال ضمن أندية كرة قدم عدة في البحرين، والإمارات، وأمريكا، وبريطانيا، وهي أول سعودية تخوض تجربة اللعب مع فريق كرة قدم نسائي في أرسنال الإنجليزي، كما أنّها أول لاعبة سعودية تدخل موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية لمشاركتها عام 2017 في مباراة كرة قدم على أعلى قمة جبل كليمنجارو، أكثر جبال إفريقيا ارتفاعًا.

هذا وقد شاركت المرأة السعودية في مهرجان الغوص الخليجي لعام 2016م الذي استضافته مملكة البحرين  تزامنًا من الاحتفال بيوم المرأة  العالمي للغوص، وأوضحت مدربة الإسعافات الأولية والغوص الدولية مريم المعلم أن المهرجان يهدف إلى تعزيز وإبراز دور المرأة في عالم الغوص، كما يسعى لتوفير تجربة ثرية وممتعة للمشاركين من مختلف الأعمار لتعلم تجربة الغوص الترفيهي واكتشاف أعماق الخليج العربي وما تحمله من مناظر جذابة وخلابة للغواصين.

ممّا لا شك فيه أنّ الفروسية إحدى أعرق وأرقى الرياضات التي مارسها الإنسان على مرّ العصور، ولكنها لم تعد  حكرًا على الرجال؛ إذ  تحوّلت إلى أكثر الأنشطة رفاهية في حياة المرأة العربية حتى بات بين النساء فارسات يُحسب لهن حساب، ومنهن  ست فارسات سعوديات تربّعن على عرش هذه الرياضة النبيل، وهنّ: سارة الرويتع، الأميرة لولوة آل سعود، شعاع العقيل، الأميرة أجواء آل سعود، سارة الجويعي، ومشاعل بنت منصور بن سلطان، وهؤلاء قد غيّرن وجه رياضة الفروسية في المملكة العربية السعودية؛ ففي عام 2015 وبينما كنّ يحضرن أحد سباقات اتحاد الفروسية في الجنادرية شمال شرق مدينة الرياض، قررن تأسيس دوري قفز حواجز خاص بفريق من النساء السعوديات أطلقن عليه اسم “الفروسية المتحدة”.

   والفارسة أمل فيصل أول سعودية تحصل على رخصة خيال دوليًا بعدما حازت عليها محليًا، غير أنّه شهدت السعودية عام 2017، أول مسابقة فروسية نسائية جرت في مضمار جامعة الأميرة نورة في الرياض، بمشاركة كبيرة وصلت إلى 70 فارسة، وكانت الأشهر بينهن دلما ملحس التي اختيرت للتنافس في الألعاب الأولمبية الصيفية 2012 في لندن. دلما حازت على الميدالية البرونزية الفردية بسنغافورة.

 ولم تقتصر مشاركة المرأة السعودية على رياضة الفروسية؛ إذ امتدت إلى سباق الهجن لأول مرة في السعودية.. 10 سيدات يتنافسن في أول شوط نسائي للهجن في يناير 2022م، وذلك من خلال استضافة الرياض أول شوط للنساء في تاريخ مهرجان الملك عبد العزيز للهجن(الإبل) وسط تفاعل الجماهير الحاضرة.وأقيم السباق النسائي الفردي المخصص للمغاتير بجميع ألوانها، وتنافسن للحصول على مراكز متقدمة في هذا السباق، من أجل تسجيل أسمائهن في أول سباق نسائي للهج، وقد شاركت 38 سيدة في فئة “فردي المغاتير، مع تأهل عشر مشاركات للدور التالي قبل تصفيتهن حيث حصدت خمس مشاركات المراكز الأولى.وتهدف المشاركة النسائية في المهرجان إلى نشر مفهوم مشاركة المرأة السعودية بالزي الشعبي، كذلك توفر تحديات ومنافسات قوية بين المشاركات، وتمكين المرأة من المشاركة في المنافسات سواء كان سيف الملك أو بيرق المؤسس أو كأس النادي أو نخبة النخبة، وجذب المهرجان مجموعة من أبرز ملاك الآبل في السعودية ودول الخليج والدول العربية، وبعض المشاركين من دول العالم كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا، وبرزت عروض الهجانة والفارسات ضمن الفعاليات المصاحبة لمهرجان الملك عبد العزيز للهجن في نسخته السادسة.

  كما برزت المرأة السعودية من خلال 7 سعوديات في  “فريق رواسي” – مؤسسته السيدة شيرين عبد الرحمن أبو الحسن –  في صعود جبل فوجي في اليابان خلال 34 ساعة في خطوة رائدة تسجلها المرأة السعودية في رياضة تسلق الجبال، وتعد الأستاذة رها محرق أول امرأة سعودية تتسلق جبل إيفرست، وتسلقت أيضًا جبال كلمنجارو وفينسون والبروزواكونجاوا وكالا بتار، بيكو دي أوريزابا.

  وفي سباقات السيارات احترف عدد من السعوديات سباقات السيارات، وتعد ريما الجفالي أول سعودية تنال رخصة قيادة لسباقات السيارات، وقد توجت بالمركز الثاني في بطولة كأس تي آر دي 86 في أبو ظبي 2018، وذلك عن الفئة الفضية، والمركز الرابع في الترتيب العام، إضافة إلى مشاركتها في سباق تحدي إم آر إف للسيارات في الهند، وبطولة الفورمولا 4 في إنجلتر، .كذلك أمجاد العمري المهندسة الميكانيكية ومتسابقة سيارات الكارتينج، وهي أول سعودية تحرز لقب أول بطولة نسائية للكارتينج في السعودية عام 2018.أمّا أسيل الحمد فهي من أول السعوديات اللاتي تولين قيادة سيارة الفورمولا 1 على هامش الجولة الثامنة في بطولة العالم لسباقات الفورمولا 1 موسم 2018، كما تعد أول امرأة تمنح عضوية الاتحاد العربي السعودي للسيارات والدراجات النارية، ولجنة النساء في رياضة السيارات التي أنشأتها هيئة إدارة الاتحاد الدولي. ونالت كذلك الجائزة الوطنية لقيادة السيارة PR Arabia في فبراير 2018 لجهودها في تعليم النساء السعوديات رياضة السيارات والقيادة بأمان، وإسراء الدخيل،  مدربة وسائقة سباقات سيارات، كانت أول سعودية تتفوق على الرجال في بطولة «السعودية تويوتا» للأوتوكروس التي جرت على ميدان ديراب في الرياض، لتحصد لقب بطلة v4 للسيارات.

  وتفوق عدد من السعوديات في رياضة المبارزة واعتلت منصات التتويج في الألعاب القتالية، مثل الحسناء الحماد التي شاركت في 4 بطولات داخلية، و12 بطولة خارجية، بدءًا من البطولة العربية في الأردن، التي حققت فيها الميدالية الفضية، وكانت أول فضية نسائية في تاريخ المبارزة السعودية، كما شاركت في البطولة العربية في الكويت، وحققت الذهبية، وهي أول ذهبية في تاريخ المبارزة النسائية السعودية خارجيًا، ولعبت الحماد كذلك في الدورة الخليجية السادسة في الكويت، وحصلت فيها على الذهبية، وسجلت حضورها في البطولة العربية في تونس، والبطولة الآسيوية في الفلبين، وشاركت في الجولة الآسيوية التي جرت في الرياض، وحصلت على الميدالية الذهبية.

  هذا بعض من إنجازات المرأة السعودية في النشاط الرياضي، وهذا يؤكد على بذل الدولة  المزيد من الجهود لتعزيز دور المرأة وتمكينها وإيصالها إلى المناصب القيادية الرفيعة، وتوفير الفرص الحقيقية أمامها للمشاركة في النهضة والبناء.

البريد الالكتروني : Suhaila_hammad@hotmail.com

رابط المقال : https://www.al-madina.com/article/831711/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%B6%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B1%D8%A4%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D9%84%D9%83%D8%A9-2030#:~:text=%D9%88%D8%AC%D8%A7%D8%A1%20%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1%20%D8%A5%D8%B3%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8B%D8%A7%20%D9%81%D9%8A,%D9%87%D9%88%D8%A7%D8%A9%20%D9%85%D8%B3%D8%AC%D9%84%20%D9%8A%D9%82%D8%AF%D9%85%20%D8%A3%D9%86%D8%B4%D8%B7%D8%A9%20%D9%85%D8%AA%D9%86%D9%88%D8%B9%D8%A9.

Leave a Reply