د. سهيلة زين العابدين حمّاد

نُشر في جريدة المدينة بتاريخ 22 سبتمبر 2022م

  ونحن نحتفل باليوم الوطني ال 92 نحتفل أيضًا بميلاد السعودية الجديدة نتاج رؤية المملكة 2030 التي مضى على انطلاقها 6 سنوات، وأحدثت تغييرات جذرية ونقلات نوعية في المجتمع السعودي على مختلف الأصعدة، ولا سيما الفكري والتشريعي والعلمي والتعليمي والثقافي والتقني والصحي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي ، والسياحي والترفيهي، فأصبحت المملكة تحتل مكانة مرموقة بين دول العالم، ولا سيما في   المجالات السياسية والاقتصادية  وتمكين المرأة، بل نجدها تفوّقت على  دول كبرى في نظامها الصحي، وإدارتها لأزمة جائحة كورونا، ولم يتوقف دور الرؤية عند هذه الحدود؛ إذ امتدت إلى تنمية القدرات البشرية لدى الشباب، لأنّ الأهداف الاستراتيجية للرؤية قائمة على تنمية قدرات الشباب لتتحقق كل خطط وأهداف الرؤية؛ لذا أنشأت برنامج تنمية القدرات البشرية كأحد البرامج المستحدثة لرؤية المملكة 2030، سعيًا لتطوير قدرات جميع مواطني المملكة العربية السعودية، ولتحضيرهم للمستقبل واغتنام الفرص التي توفرها الاحتياجات المتجددة والمتسارعة، على المستويين المحلي والعالمي. حيث يركز برنامج تنمية القدرات البشرية على 16 هدفًا استراتيجيًا يتقدمها تعزيز قيم الوسطية والتسامح، فاختفت نبرات التشدد والتطرّف من الخطاب الديني، وتحريم ما أباحه الله، ومُنحت المرأة السعودية  حقوقًا أعطاها إيّاها الخالق وحرّمها عليها المتشدِّدون والمتطرفون من مٌمثلي الخطاب الديني الذي كان سائدًا آنذاك في المجتمع، وتولت مناصب قيادية في مختلف المجالات.

   ومن الأهداف الاستراتيجية لبرنامج تنمية القرات البشرية:  تعزيز قيم الإتقان والانضباط، وتعزيز قيم العزيمة والمثابرة، وتوفير معارف نوعية للمتميزين في المجالات ذات الأولوية، فقد عملت وزارة التعليم ومؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع “موهبة ” على  تحقيق هذه الأهداف الثلاث؛ إذ حصد 22 جائزة عالمية للطلاب والطالبات السعوديين  في معرض ايسف 2022 أكبر مسابقة علمية عالمية، وهي بذلك قد حققت للعام السادس عشر على التوالي  15 جائزة كبرى و6 جوائز خاصة خلال مشاركتها في معرض ريجينيرون الدولي للعلوم والهندسة “آيسف 2022” من بين طلاب 85 دولة، الذي أقيم في أتلانتا بولاية جورجيا الأمريكية، خلال الفترة من 7 إلى 13 مايو 2022. فاز الطلاب الطالبات بجائزتين في المركز الأول، وجائزتين في المركز الثاني، و5 جوائز في المركز الثالث، و 6 جوائز في المركز الرابع.

ولغرس المبادئ والقيم الوطنية وتعزيز الانتماء الوطني   تشهد المملكة اهتمامًا غير مسبوق بهُويتنا الوطنية بغرس قيم المواطنة في نفوس أولادنا منذ نعومة أظافرهم من خلال المناهج  الدراسية للمواطنة، ودراسة تاريخ بلادهم وآثارها في مختلف المراحل التاريخية التي مرت بها منذ عصور ما قبل التاريخ إلى أيامنا هذه، وكذلك من خلال منظومة من المبادرات والبرامج والمشاريع التي تستهدف تعميق الانتماء الوطني وتعزيز القيم الإيجابية كالوسطية والتسامح وتحمّل المسؤولية الاجتماعية والالتزام بالعمل في ظل ما يشهده العالم من تغيرات، والاحتفال بالهجرة النبوية، وباليوم الوطني، ويوم التأسيس، وقد قامت جامعاتنا بدور في تعزيز الهوية الوطنية، ومن هذه الجامعات جامعة شقراء التي نظّمت المؤتمر الدولي للهوية الوطنية في ضوء رؤية المملكة العربية السعودية 2030، في 8 جمادي الآخرة 1441ه، الموافق 2 فبراير 2020، وكما  أكد معالي مدير جامعة شقراء الدكتور عوض آل خزيم الأسمري في كلمته في هذا المؤتمر:” أنّ الهوية الوطنية من القضايا الأساسية المهمة في عمليات الإصلاح والتطوير لأنّها تعني الصلة بين الفرد والدولة، وأنّ العولمة قد أفرزت واقعًا جديدًا في مجال إعادة تشكيل الهويات الوطنية وتعزيزها، الأمر الذي يستوجب على الجامعات القيام بدور في تعزيز الهوية الوطنية السعودية.”

   أمّا عن هدف العناية باللغة العربية، فمن أهم ركائز الحفاظ على الهوية الدينية والوطنية العناية باللغة العربية، من خلال المناهج الدراسية والبرامج التلفازية والإذاعية واللقاءات والحوارات والمحاضرات والندوات الثقافية. وقد تم تعزيز مشاركة الأسرة في التحضير لمستقبل أبنائهم ، تطوير منصة الروضة الافتراضية وإطلاق إصدارات جديدة لتحديد المرحلة العمرية للطفل لكل محتوى، والتي تمكن ولي الأمر من الاطلاع على مستوى الطفل ومعرفة مستوى تقدمه، وبلغ عدد المستفيدين أكثر من 300 ألف مستفيد، وأدى هذا إلى  ارتفاع نسبة الالتحاق في مرحلة رياض الأطفال من 13% في 2015م إلى 23 % في 2020م نتيجة لجهود استحداث وإعادة تأهيل أكثر من 3000 فصل في أكثر من 1000 مدرسة.

   وكذلك دعم التعليم عن بعد عبر تفعيل المنصات الإلكترونية حيث بلغ عدد المستفيدين من المنصات أكثر من 9 ملايين مستفيد حول المملكة، بالإضافة إلى تفعيل البث التلفزيوني لـ23 قناة تلفازية فضائية لاستمرار العملية التعليمية عن بعد، وهي مبنية على تعزيز قيم الإيجابية والمرونة وثقافة العمل الجاد بين أطفالنا.

 ولتحقيق بناء رحلة تعليمية متكاملة، وتحسين تكافؤ فرص الحصول على التعليم، وتحسين مخرجات التعليم الأساسية، ليمتلك المواطن قدراتٍ تمكنه من المنافسة عالميًا من خلال تعزيز القيم، وتطوير المهارات الأساسية ومهارات المستقبل، وتنمية المعارف بتطوير أساس تعليمي متين للجميع يسهم في غرس القيم منذ مراحل مبكرة، وتحضير الشباب لسوق العمل المستقبلي المحلي والعالمي، وتعزيز ثقافة العمل لديهم، وتنمية مهارات المواطنين عبر توفير فرص التعلم مدى الحياة، ودعم ثقافة الابتكار وريادة الأعمال، مرتكزًا على تطوير وتفعيل السياسات والممكنات لتعزيز ريادة المملكة وتحقيق مستهدفات رؤيتها من خلال عقول وسواعد أبنائها، وأدّى هذا إلى تحسين ترتيب المؤسسات التعليمية، فقد ارتفع عدد الجامعات السعودية في التصنيف العالمي للجامعات “شنغهاي” لعام 2022 إلى 7 جامعات سعودية مقارنةً بـ 4 جامعات في عام 2019، حسب آخر نسخة من التصنيف؛ إذ لم يفصلها عن الدخول ضمن أفضل 100 جامعة في العالم سوى 21 مركزًا. وجاءت نتائج التصنيف مؤكدةً استمرار النجاحات التعليمية التي تعكس المجهودات المبذولة والتميُّز الذي تحققه منظومة التعليم والجامعات في المملكة خلال السنوات الماضية، ما أسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030

وحققت الجامعات السعودية مراكز متقدمة، من بينها المركز 121 عالمياً الذي حققته جامعة الملك سعود متصدرةً بذلك الجامعات السعودية، تلتها جامعة الملك عبدالعزيز التي حلت في المركز 149 عالميًا، وكشف التصنيف عن تقدُّم في مراكز جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية وجامعة الطائف وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة الملك خالد منذ دخولها التصنيف، لأول مرة العام الماضي، كما دخلت جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز في التصنيف لأول مرة هذا العام.

  ويُعد تصنيف شنغهاي أحد أهم ثلاث جهات للتصنيف، إضافة إلى كيو إس والتايمز اللذين رغم تباين معاييرهما إلا أن الجامعات السعودية حقّقت فيهما ارتفاعاً ملحوظاً بــ 16 جامعة في ‫تصنيف QS العالمي للجامعات 2022 مقارنةً بـ 9 جامعات في عام 2019م، و22 جامعة في ‫تصنيف “التايمز البريطاني” للجامعات ذات التأثير في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2022م؛ مقارنةً بـ 3 جامعات سعودية في عام 2019م، وقد أدّى هذا التطوير إلى توفير معارف نوعية للمتميزين في المجالات ذات الأولوية، مع ضمان المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل،

 مع التوسع في التدريب المهني لتوفير احتياجات سوق العمل؛ إذ تم  تقديم 3700 برنامجًا للتطوير المهني لأكثر من 420 ألف من شاغلي الوظائف التعليمية في المجالات التخصصية والتربوية والتقنية وذلك عن طريق منصة تعليمية متخصصة، لتحسين جاهزية الشباب لدخول سوق العمل. تعزيز ودعم ثقافة الابتكار وريادة الأعمال.

من  أبرز المستهدفات للبرنامج بنهاية 2025 الآتي :

40% .نسبة الالتحاق بالتعليم في مرحلة رياض الأطفال، و 6 جامعات سعودية مصنفة عالميًا ضمن أفضل 200 جامعة، وقد فاقت هذا العدد ، فقد أصبحت 7 جامعات سعودية في تصنيف شنغهاي 2022م.و 45 ترتيب المملكة العربية السعودية في مؤشر رأس المال البشري للبنك الدولي على مستوى 157 دولة. و %40نسبة التوطين في الوظائف عالية المهارات.

  إنّ سير المملكة العربية على خطى ثابتة من التخطيط ووضع الاستراتيجيات، وتسخير كل الإمكانات من الدعم المالي والكفاءات والخبرات والمتابعة المستمرة لضمان سرعة وجودة التنفيذ ستخرج  قريبًا إن شاء الله من تصنيف الدولة النامية إلى  الدولة المتقدمة .

تحيا السعودية وقادتها وشعبها,

البريد الاليكتروني : Suhaila_hammad@hotmail.com

رابط المقال : https://www.al-madina.com/article/806508/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%8492

Leave a Reply