سهيلة زين العابدين حمّاد
نشر في جريدة المدينة بتاريخ 27 يناير 2022م
ممّا لا يخفى على المحللين السياسيين والمختصّين في دراسة الجماعات الإرهابية مدى التشابه بين عقلية جماعة الإخوان وعقلية نظام الملالي الإيراني في النظرية والتقييم والحوكمة، وهو ما يفسر وجود تقارب بين الطرفين، هذا وقد بيّن هذا التشابه والتقارب الباحث محمد سيد رصاص في كتابه «الإخوان المسلمون وإيران الخميني – الخامنئي»، الذي صدر عن دار جداول للنشر في الكويت؛ إذ أوضح المؤلف مدى تأثر الخامنئي بسيد قطب من خلال قيامه بترجمة كتابيه(المستقبل لهذا الدين والإسلام ومشكلة الحضارة الغربية) الذي عنون الترجمة بـ”بيان ضد الحضارة الغربية”، كما ترجم قسمًا من كتاب” في ظلال القرآن”. وقراءة لمقدمة كتاب سيد قطب “المستقبل لهذا الدين” تكشف بوضوح عن أفكار الخامنئي المرتبطة بسيد قطب.
هذا التقارب والتحالف بين الأخوان والخمينيين أستغله الطرف الأخير فترة حكم البشير الأخواني للسودان على مدى ثلاثين عامًا في ممارسة مختلف الأنشطة من دينية وثقافية وتعليمية واقتصادية وسياسية في السودان لتكوين موالين لها من خلال تحويلهم إلى المذهب الاثني عشري، وتسليحهم لبسط نفوذها، وقد بيّنت جريدة السودان الالكترونية نشاطات إيران في السودان ومظاهر التشيّع التي تتمثّل في:
أولًا: المظاهر الدينية والمراكز الثقافية كمركز الثقافة في الخرطوم ومن ثم تمدده الافقي والرأسي ونشره مواد التشيع كتبًا كانت أو ندوات، مع تقديم المنح الدراسية للطلاب السودانيين في إيران وتشييعهم، والعمل على تشييع بعض الكُتّاب الصحفيين وتقديم الوظائف لهم سواء في السفارة أو المراكز الثقافية التابعة لهم، مع إقامة مراسم العزاء والاحتفالات الدينية الشيعية ودعوة العشرات من مشايخ الطرق الصوفية لها، وتقديم الهدايا لهم ودعوة بعضم لزيارة ايران، ونشر التشيع في الجامعات وخاصة جامعة أفريقيا العالمية والتي كانت مبعثًا للكثير من الدعوات السنيه في القارة الافريقية، وإنشاء المركز الثقافي الإيراني في أم درمان ودعم نشاطاته في التشيع، وكذلك إنشاء معهد الإمام جعفر الصادق الثانوي للعلوم القرآنية بحي العمارات وهو أخطر مراكز التشيع في السودان، مع توثيق العلاقة مع شيوخ الصوفية وخصوصًا مع من ينتسب أو يدعي منهم أنّه من آل البيت والتظاهر أمامهم بأنّهم جميعًا مجتمعون على حب آل البيت والوصول الى مريدي هؤلاء الشيوخ وإلقاء المحاضرات عليهم في مساجدهم وأماكن تجمعاتهم، واستيعاب أكبر عدد ممكن من الموظفين في المراكز الثقافية والمعاهد التابعة لهم والتأثير عليهم.
ثانيًا: إقامة المكتبات العامة (في ظاهرها مكتبات عامه وفي داخلها حسينيات)، ومنها مكتبة المركز الثقافي بالخرطوم، ومكتبة المركز الثقافي بأم درمان، ومكتبة حي الكوثر بحي السجانة، ومركز فاطمة الزهراء بالعمارات، ومكتبة مدرسة الجيل الاسلامي بمايو، ومكتبة الإمام جعفر الصادق بالعمارات.
ثالثًا: المؤسسات التعليمية، ومنها: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب الثانوية للبنين(الحاج يوسف)، ومدرسة الجيل الإسلامي لمرحلة الأساس(حي مايو بالخرطوم)، ومدرسة فاطمة الزهراء لمرحلة الأساس للبنات بمايو، ومعهد الإمام علي العلمي الثانوي للقراءات بالفتيحاب (أم درمان) ومعهد الإمام جعفر الصادق الثانوي للعلوم القرآنية والدينية(العمارات)
رابعًا: الجمعيات والروابط: مثل رابطة أصدقاء المركز الثقافي الإيراني، ورابطة الثقلين، ورابطة آل البيت، ورابطة المودة، ورابطة الظهير، ورابطة الزهراء، ورابطة جمعية الصداقة السودانية الإيرانية، ورابطة منظمة طيبة الإسلامية، ورابطة سفينة النجاة الثقافية الإسلامية وهي رابطة نشطة جدًا خاصة في بعض قرى شمال كردفان.
خامسًا: مؤسسات اقتصادية ومشاريع استثمارية ومنح حيث استغلتها إيران في نشر التشيع، ويتمثل هذا في نشطات متعددة في مجال النفط ومشتقاته(شركة إيران غاز) حيث تعتبر مركز من مراكز التشيع في التوظيف وتوزيع التواكيل، وفي المياه وتعبئتها، ومشاريع زراعية، ومشاريع المنح الأخرى مثل طريق ربك الجبلين(1994-1999) حيث حاول القائمين على أمرة نشر التشيع، مع استغلال الفقر الذي يعانيه معظم السودانيين في نشر التشيع وذلك بتوفير الوظائف للبعض وإعالة الطلاب للبعض الآخر عبر المؤسسات مباشرة أو المراكز الثقافية والأفراد.
سادسًا: المظاهر السياسية التي تتمثل في إنشاء المجلس الأعلى لشؤون أفريقيا يهتم بهذه المنطقة وغيرها، ونشاط السفارة الإيرانية وإنشاء مستشارية للمراكز الثقافية، واستغلال العلاقات السياسية والوعود بالدعم المادي والعسكري والمساندة الدولية لتمرير وتغلغل التشيع .[الصحيفة السودانية الاليكترونية (alsudaniya-sd.com)]
وكانت إيران تسعى من خلال السودانيين الذين شيّعتهم على المذهب الاثنى عشري إلى بسط نفوذها في السودان، وإقامة قواعد عسكرية بها لتطويق السعودية وتهديد أمنها، وإسقاط نظام البشير في السودان في أبريل 2019 أنهى فعليًّا فرص بناء قاعدة أو تواجد إيراني في بورسودان، وهو المشروع الذي استخدمه البشير سابقًا لابتزاز الدعم الخليجي. ومن ثم تصبح اليمن تحت حكم الحوثيين هي فرس الرهان بالنسبة لإيران ضمان التواجد الدائم في المنطقة.
لعل هذا التواجد للصفويين الجُدد في العمق السوداني يُفسر لنا ما تعانيه الآن السودان من فوضى وانقسام بين المُكوِّنيْن المدني والعسكري من جهة ومن جهة أخرى بين المدنيين فيما بينهم، وكذلك بين العسكريين فيما بينهم بهدف إشاعة الفوضى وإثارة حرب أهلية، وإفشال كل المحاولات لإحداث توافق بين الأطراف المتنازعة خاصة بعد إراقة الدماء بين المتظاهرين وقوات الأمن بسقوط قتلى وجرحى من الطرفيْن، وقد تكون إيران من خلال الموالين لها ممن تشيّعوا مع التنظيم الدولي للأخوان من خلال خلاياه النائمة هما الطرف الثالث الذي وراء سقوط أولئك القتلى والجرحى، وذلك بتكليف بعض الموالين لهما ارتداء ملابس رجال الأمن واندساسهم بينهم واستخدامهم السلاح الحي بين أوساط المتظاهرين، ولعلّ أجهزة المخابرات السودانية من خلال مراقبتها لاتصالات وتحركات هؤلاء ستصل إلى معرفة الطرف الثالث الذي وراء أعمال العنف المستخدمة مع المتظاهرين ورجال الأمن السوداني، ولستُ أدري لمَ تجاهل خطر التواجد الإيراني في السودان؟
البريد اليكتروني: suhaila_hammad@hotmail.com