سهيلة زين العابدين حمّاد

نُشر في جريدة المدينة في 3 فبراير 2023م.

    منطقة القرن الإفريقي تفع على رأس مضيق باب المندب من الساحل الإفريقي، وهى التي يحدها المحيط الهندي جنوبًا، والبحر الأحمر شمالا، وتضم: أرتيريا، جيبوتي، الصومال، أثيوبيا، وبعد الثورة الإيرانية نما في هذه المنطقة  نشاط إيران  في  تشييع السُنّة بالمذهب الاثني عشري حتى بلغ الأمر اليوم  ظاهرة خطيرة في عموم إفريقيا وفي منطقة القرن الأفريقي خاصة؛ لأنّ ولاء هؤلاء المتشيعين سيكون للولي الفقيه في إيران، وليس لبلادهم، ولتبرير وجود إيران البحري في المنطقة تذرعت بحماية مصالحها،  أقامت القاعدة المتعددة المهام في ميناء مصوع الإرتري على باب المندب، وتؤكد المعلومات المتناقلة عنها أنّها قاعدة عسكرية متكاملة فيها سفن حربية وغواصات وطائرات بلا طيار وعدد من جنود الحرس الثوري؛ حيث نقلت إليها جنودًا ومعدات عسكرية وصواريخ باليستية بعيدة المدى، فالإيرانيون يستخدمون طائرات صغيرة من دون طيار، لحماية القاعدة. واعترفت إيران بأنّها تحاول جاهدة السيطرة على مداخل البحر الأحمر عند مضيق عدن قبالة السواحل اليمنية، بزعم وجود عمليات قرصنة، وهي ذاتها تمارسها ولاسيما بعد استيلاء ميلشياتها الحوثية على ميناء الحديدة،  فإحكام إيران سيطرتها على البحر الأحمر هدف تسعى إليه، كما أنّ تطويق الدول المناوئة لها هدف تنسق له ضمن استراتيجيتها العامة، فهي تسعى إلى ترسيخ نفوذها الإقليمي في البحر الأحمر من خلال الحليف الحوثي الذي استطاع الوصول إلى ميناء الحديدة على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، كما أنّها تمثل نوعًا من التطويق للسعودية من الجنوب، وأصبحت بذلك تتحكم في مضيق باب المندب وحركة الملاحة والتجارة العالمية فيه. والخطوات التي تتبعها إيران في نشاط تحويل السُّنّة إلى شيعة اثني عشرية هي:

1. دعم الوجود المسلم في تلك البلاد من خلال دعم الجوامع ومراكز التعليم والتعرف علي الواجهات الدينية .

2. الدخول إلى المجتمع من أبواب الأدوار الإنسانية، وإنشاء منظمات للنساء مثل منظمة “الزهراء ” وإنشاء المراكز الثقافية إذا أتيح لها ذلك .

3.  التفويج للتعليم في إيران أو إيجاد مراكز تعليم لها ما أمكن إلى ذلك سبيلًا، وهو نشاط حثيث وسري ديدنه التّقيا لذلك لا يظهر إلا حين يستفحل ويكون أمرًا واقعًا .

وهناك تواطؤ بين النظام الحاكم في أرتيريا وإيران على تشييع السنة في أرتيريا، وهناك   تقارير مختلفة  تتحدث عن تواجد التشيع في إرتريا لكنها تعميمية لا تعطي دلائل لحقائق فعلية، مع أنّه لا يمكن نفي الأمر نسبة للنشاط الإيراني المكثف ولحرص النظام الحاكم في إيجاد بؤر يتمزق فيها النسيج الموحد للمسلمين خاصة بعد أن أذهلهم التناسق الذي رأوه في وحدة الصف المسلم في أحداث مختلفة أهمها محاولة الانقلاب في 12/2013 ولذلك  حرص النظام  الحاكم على تشييع السنة في أرتيريا, قال أبو فيصل الاحوازي في “نشوان نيوز 12-12-2009: “بدأت إيران ومنذ إقامة العلاقات مع اريتريا بنشر التشيع الصفوي وسط أتباع الصوفية عن طريق ملحقها الثقافي، وللتأكيد على أنّ لإيران أهدافًا مبيتة غير تلك المعلنة المتعلقة بمصفاة تكرير البترول، ومن تلك الأهداف تمركز إيران في أهم ممرين مائيين في العالم هما باب السلام الاحوازي “مضيق هرمز” و”باب المندب”.

 أمّا عن أثيوبيا، فقد نشر مركز نماء إنّ حركة تشييع السنة في أوجها وخاصة في إقليم “نغلي بورنا” والعاصمة أديس أبابا.

 أمّا الصومال : تقع في شرقي أفريقيا في المنطقة المعروفة بِ” القرن الأفريقي، يحدها من الشمال خليج عدن وجيبوتي، ومن الجنوب كينيا، ومن الشرق المحيط الهندي، ومن الغرب أثيوبيا، فالصوماليون مسلمون كلهم سنيون في مجملهم أصبحوا يواجهون حملات لتشييعهم من قبل الصفويين الجُدد، فإنّ الحديث عن بروز ظاهرة التشيّع بين أبناء البلاد السُّنيين الشّافعيين يأتي ليزيد من حدّة التوتر في الحوارات الدائرة بين المثقفين الصوماليين.

 وعندما نذهب إلى  جيبوتي نجد أنّ لها علاقات وطيدة مع إيران، ومساعدات إيران متعددة لزرع أذرعها في البلد وهو ما تؤكده التقارير المختلفة، ويوجد ترخيص لمنظمة تعمل على نشر التشيّع كما ينقلها أحد مراكز التواصل الاجتماعي. وهي”مجموعة المستبصرون” وهي أول خلية شيعية جيبوتية يقودها المدعو عبدالرحمن ادن ورسمة وهو شيعي متشيع يعمل لصالح إيران في تشييع مزيد من الجيبوتيين.

 وأهم الآثار المترتبة على ذلك يمكن تلخيصها في الآتي:

  1. لا يمكن لدولة تسيطر إيران على أغلبية شيعتها أن تستقل بقرارها عن إيران، وهذا ماثل أمامنا في   العراق وسوريا ولبنان وأخيرًا اليمن.
  2. سعي إيران  إلى اقامة “شريط تشيعي” يؤمن بالمبادئ الايرانية على طول الحدود مع السعودية، وموال لها، لتهديد أمنها واستقرارها، كما أنّه سيزيد من أنشطة إيران التخريبية  المختلفة وأدوارها المتعددة بزيادة حجم الموالين لها من خلال تشييعهم وتحويلهم إلى ميليشيات مسلّحة تعمل لبسط نفوذها. 

 على الدول العربية التي لها تواجد قوي في القرن الأفريقي(السعودية والإمارات ومصر) وضع خطة استراتيجية لإحباط  هذا المشروع الخطير للصفويين الجدد في تشييع السُّنة في القرن الأفريقي، وبسط نفوذها العسكري والثقافي.

البريد الكتروني: suhaila_hammad@hotmail.com

رابط المقال : الصفويون الجدد في القرن الإفريقي – جريدة المدينة (al-madina.com)

Leave a Reply