سهيلة زين العابدين حمّاد
نشر في جريدة المدينة بتاريخ 13 يناير 2022م.
رغم تكالب القوى الدولية على التحكم في أحوال ليبيا وفق مصالحها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية على حساب أمن وسلامة ووحدة المواطنين الليبيين واستقرار الأوضاع في بلادهم والنهوض بها وتنميتها، وفي الاجتماعات الدولية التي تعقدها تلك القوى بحضور الأمم المتحدة اقتصر الحديث عن انسحاب القوات الأجنبية من ليبيا وكذلك المرتزقة الأجانب دون التطرق إلى الميليشيات المسلحة، والتواجد الإيراني في ليبيا، وكأنّهما ليسا من معوقات الاستقرار في ليبيا، وانهاء الصراعات فيها بين القوى المحلية والإقليمية (تركيا وإيران) والقوى الدولية، وحتى تركيا في الأغلب لا يُصرّح باسمها.
وتواجد إيران في ليبيا ليس بغريب وبعيد، فهي متواجدة في بلاد المغرب العربي، ومتوغلة في أفريقيا، ونشطة في نشر التشيُّع في أفريقيا لكسب ولائهم لها، وتحويلهم إلى وكلاء لها في القارة الأفريقية بكاملها، كما جعلت من ميلشيا الحشد الشعبي وحزب الله العراقي في العراق، وحزب الله في لبنان، وحزب الله في الحجاز، والجيش السوري في سوريا وميليشيات الحوثيين في اليمن وخلاياها النائمة من الشيعة في بعض دول الخليج العربي، وهي تريد بهذا تطويق المملكة العربية السعودية من كل الجهات بهدف الانقضاض عليها إلى جانب أهدافها الأخرى.
والحضور الإيراني في ليبيا ليس بالجديد، فقد كانت هناك روابط قوية بين النظام الإيراني ونظام معمر القذافي، من ذلك:
- ما قدّمته ليبيا من دعم سياسي وعسكري لإيران خلال الحرب العراقية كما كانت ليبيا أول دولة تمنح إيران صواريخ سكود- بي الباليستية لاستخدامها ضد العراق.
- ما شهدته ليبيا وإيران بعد الحرب العراقية الإيرانية من تعاون اقتصادي ودبلوماسي مكثّف، تضمن هذا التعاون مجال تكنولوجيا الصواريخ. وفي تسعينات القرن الماضي وأوائل القرن الحادي والعشرين، كانت هناك أنباء متداولة على موافقة إيران على تقديم المساعدة الفنية لبرنامج الصواريخ الباليستية وبرنامج الصواريخ الباليستية قصيرة المدى لنظام القذافي، مقابل الحصول على ملايين الدولارات.
ومن هنا نجد معمّر القذّافي هو أوّل من زوّد إيران بالصواريخ الباليستية لتستخدمها في حربها مع العراق.
ولم يتوقف التواجد الإيراني في ليبيا بعد سقوط نظام معمر القذافي، ويمكن تلخيص دورها بعد الثورة الليبية في الآتي:
- عمدت إيران إلى انتهاج دور سري وغير مباشر من الأزمة سواء كان ذلك بنقل أسلحة إيرانية الصنع أو تقديم الدعم العسكري، أو عبر الانخراط في أنشطة غير مشروعة.
- 2. أعلنت انحيازها لحكومة الوفاق ذات النزعة الإسلامية المتقاربة معها فكريًا، وذلك عند زيارة جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني الأسبق إلى تركيا في شهر يونيو(حزيران) 2020م، الذي أكد خلالها بشكل معلن وواضح تأييد طهران لحكومة الوفاق الليبية المدعومة من أنقرة وذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره مولود جاويش أوغلو. وقال ظريف: ” نحن ندعم الحكومة الشرعية في ليبيا، وهي قادرة على إنهاء الحرب المستمرة”، مضيفًا “لدينا وجهات نظر مشتركة مع الجانب التركي حول سبل إنهاء الأزمة في ليبيا واليمن”. ونلاحظ هنا ربطه ليبيا باليمن.
- 3. ظهور بعض المؤشرات على أنّ المقاتلين العراقيين الشيعة المدعومين من إيران والمعروفين باسم «سرايا أنصار العقيدة» شاركوا في المعارك الدائرة في ليبيا بجانب الميليشيات الموالية لحكومة السراج.
- إضافة إلى مساعدة طهران لتركيا في نقل المرتزقة من سوريا إلى ليبيا لتخفيف الضغط على نظام بشار الأسد المدعوم من إيران، وللحيلولة دون تورط طهران في حرب استنزاف على عدة جبهات للقتال.
- كشفت بعض التقارير عن تورط إيران في تهريب أسلحة وعتاد على متن سفن شحن إلى الميليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق في ليبيا بالتنسيق مع حليفتها تركيا.
- أظهرت بعض صور الأقمار الصناعية وجود عدد من المسلحين المنتسبين لميليشيا شيعية عراقية في ليبيا، متدخلين في المعارك الدائرة هناك.
رغم هذا التواجد الإيراني في ليبيا الشديد الخطورة، إلّا أنّنه لم يرد له ذكرًا في التحليلات الإخبارية في قنوات الأخبار، مع أنّه ممتد إلى باقي دول الشمال الأفريقي (تونس والمغرب والجزائر) وشرق وغرب أفريقيا لذي كان الهدف منه نشر التشيع، وتكوين ميليشيات مسلحة لها في القارة السمراء وتوسيع نفوذها وإطلالتها على البحر الأبيض المتوسط، وتطويق المملكة العربية السعودية من الشرق الأفريقي.
إنّ وجود الأخوان مع أكثر من 300 ميليشيا مسلحة في ليبيا بيئة خصبة لوجود ميلشيات مسلحة في ليبيا موالية لإيران، وممولة منها، تخدم أهدافها في البحر المتوسط والشمال والقرن الأفريقي، خاصة إن تولى الرئاسة سيف الإسلام القذافي.
المصدر: لِمَ تجاهل الوجود الإيراني في ليبيا؟! – جريدة المدينة (al-madina.com)