الدكتورة سهيلة حمّاد في ندوة جريدة الجزيرة عمل المرأة بين الممانعة والحاجة : المرأة السعودية أثبتت جدارتها على مستوى عالمي، وتفوقت على الرجال مع أن عمرها في التعليم أقل بكثير من الرجل، فلماذا نريد نكبت هذه المواهب ونحرم الإنسانية مما وهبه الله الخالق جل شأنه للمرأة. أعد وأدار الندوة: ياسر المعارك. المشاركون في ندوة (الجزيرة) «عمل المرأة بين الممانعة والحاجة»: المطالبة بمنح المرأة مناصب قيادية وسن قوانين تحميها من التعسف أصبح موضوع عمل المرأة أحد أهم الملفات الاجتماعية التي أخذت حيزا كبيرا من النقاشات بين مؤيد ومعارض؛ المؤيدون يرون أن ظروف الحياة تغيرت اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وتتطلب مشاركة المرأة في النهضة التنموية الشاملة كذلك لحاجة المرأة للكسب الحلال الذي يؤمن لها المتطلبات الأساسية اليومية فيما يتصدى المعارضون لعمل المرأة بنشر الفتاوى التي تحرم العمل والاختلاط وأنه يؤدي إلى فساد أخلاقي يصعب التعامل معه إلا أن فتوى تحريم العمل بالبنوك الربوية لم يلقَ تأييدا اجتماعية بل إن الفقر والحاجة تجاوزت هذه الفتوى فازداد عدد العاملين من السعوديين والسعوديات في القطاعات المصرفية وتوسعت البنوك في افتتاح الفروع بكافة مناطق المملكة. «الجزيرة» قامت بتنظيم ندوة «عمل المرأة بين الممانعة والحاجة» وكشف الدراسات والأرقام حقائق مخيفة حيث بلغ إجمالي عدد العاملين السعوديين من الجنسين بالقطاع الخاص بلغ 681481 بنسبة 10% فقط و90% المتبقية يشغلها أجانب ونسبة الموظفات السعوديات إلى إجمالي السعوديين في منشآت القطاع الخاص بلغت 7% فقط ومن الأرقام المخيفة أن نسبة المرأة السعودية العاملة من إجمالي عدد العاملين من السعوديين وغير السعوديين لم تتجاوز 1% أما ما يخص عدد العاطلات عن العمل فقد ذكرت الإحصائيات الأخيرة أن ما يقارب 80 % من الجامعيات عاطلات عن العمل وفي ظل هذه المعلومات والإحصائيات السلبية ظهرت أصوات تحذر من مخاطر محتمله الوقوع بنسب كبيرة وتهدد الاستقرار الأمني والاجتماعي والاقتصادي وستحدث خلل في البنية الاجتماعية في وطننا الغالي فإلى نص الندوة: «الجزيرة» هل نستطيع أن نحقق النهضة التنموية الشاملة ونصف المجتمع معطل؟ – محمد آل زلفة: أولا أشكر جريدة الجزيرة على تنظيم هذه الندوة الهامة حيال أهمية دعم توظيف عمل المرأة وإيضاح الخلط الذي وقع جراء فتوى تحريم عمل المرأة كاشيرة، إن مستقبل الوطن ونهضته لن يتحقق دون المشاركة الفاعلة والكاملة من قبل كافة أطياف المجتمع ومنهم النساء اللاتي يمثلن خمسين في المئة من شعب هذا الوطن ومن المؤسف أن ظل بيننا من يقول إن المرأة ليس لها حق في العمل إلا بشروط وضعوها بطريقة قد لا تمكن المرأة من العمل إلا في إطارات ضيقة جدًا جدًا. المرء يستغرب فقط لظهور من ينادي بتحديد عمل المرأة وتضييق مناطق عملها وجامعاتنا بها من الطالبات ما يفوق عدد الطلاب إضافة إلى التوسع في إنشاء الصروح الجامعية بالأمس وزير التعليم العالي افتتح القسم النسوي في جامعة الإمام ويعتبر جزءاً مكمل تقريباً ومشابه للجزء المنجز فيما يتعلق بالرجال، جامعة الأميرة نورة مهيأة تستقبل أكثر من 80 ألف طالبة في جميع التخصصات، أنفق على هذا المشروع العظيم بلايين الريالات فما مصير مخرجات تلك الجامعات. أتصور أن المرأة تستطيع القيام بكثير من الأعمال التي يقوم عليها العمالة الوافدة والتي تبلغ 9 ملايين عامل أجنبي وأحيي وزارة الداخلية حينما بدأت تعلن أسماء المجندات في الأمن، لأنه لا يمكن أن يكون لنا أمن نطمئن إليه ما لم تكون المرأة موجودة، فهي التي تستطيع أن تقوم بما لا يستطيع الرجل أن يقوم به، ولنا عبرة بالمشكلة التي وقعت بمدرسة البنات عندما كانوا ينتظرون أن تأتي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتسمح بدخول مسعفي الهلال الأحمر لمدرسة البنات وتسعف المصابات فلماذا لا يكون في الأمن نساء؟ لماذا لا يكون في الهلال الأحمر نساء؟ وفي مجلس الشورى تقدمت بتوصية بضرورة توظيف مسعفات بالهلال الأحمر لأن الحوادث لا تميز بين الرجل والمرأة، أحيانا المرأة قد تجدها في حادث في وضع مؤلم لا يستطيع الرجل أن يتعامل معها، إنما المرأة هي التي تستطيع أن تتعامل مع المرأة خاصة في ظروف قد تكون تمس أجزاء من جسم المرأة وأذكر أن معالي رئيس مجلس الشورى كتب لي حينما قدمت هذه التوصية ورقة: «أرجوك محمد لا تثير علينا القضية هذه، يكفينا اللي قد جانا، ولا نرغب بخوض مشكلة اجتماعية جديدة». لنا عبرة بفتيات ونساء الحجاز حينما قررن بشجاعة فائقة أن يعملن في خدمة الحاجات والحجيج من النساء في إعاشتها، تدبير سكنها، ومساعدتها على أمورها، توعيتها، تثقيفها، وبطريقة واضحة ومعلنة. ولكن كل شيء تغير بفعل العادات والتقاليد البالية الدخيلة على الإسلام مثلاً كنا ندرس مادة الفقه أو مادة التوحيد في المدارس في أواخر الخمسينات ميلادية الماضية نقرأ أن المرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها وفجأة حديثا أضيف لها استثناء إلا الصلاة، إذن ما الذي حدث؟ هل اكتشفنا الدين مؤخرًا، أم هذا هو الدين الذي كان موجودًا منذ عهد الرسول اللهم صل وسلم عليه، إن قلنا لهم دعونا نعود إلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، وخاصة تلك المرأة التي حاججت عمر بن الخطاب وفي المسجد، وعلى مشهد ومعلم من كل صحابة رسول الله الذين معه في المسجد وقفت تقول الأمر ليس كذلك يا عمر، ورد عليها عمر: أخطأ عمر وأصابت امرأة، أين نحن من أولئك، لا يجب أن تحكمنا العادات والتقاليد. « الجزيرة» دكتور عبد الرحمن كيف ترى حاجة البلد لعمل المرأة وحاجة المرأة أيضًا للعمل؟ – عبد الرحمن الحبيب: إذا تكلمنا بالحاجة بشكل عام، طبيعي كلنا نعرف أن المرأة تمثل نصف المجتمع، بلغة الأرقام يعني، إذا تكلمنا فقط باللغة الإحصائية المرأة نصف المجتمع، وفي القديم والحديث المرأة جزء لا يتجزأ من العمل، من طاقة العمل، المرأة في السابق مثلا في الأرياف تزرع وتحصد وتعمل مثلما يعمل الرجل، لا توجد امرأة مثلما قد نرى الآن تجلس في البيت لا تعمل شيء، هذا غير موجود، الفرد الذي لا يعمل شيء غير موجود، الفرد الذي لا يعمل شيء هو إما مريض أو معاق، هو الوحيد الذي لا يعمل شيء، المرأة تعمل، وإذا كانت في بعض حالتنا يقال الآن في المجتمع يقال إنها ربة بيت، فربما تكون ربة بيت إذا كان لديها أطفال، ربما له بعض المصوغات، لكن غالبية النساء ليسوا أمهات الآن، نحن نرى نسبة كبيرة لسن أمهات، هؤلاء لا مبرر أن يجلسن عاطلات كامل التعطيل في بيوتهن، هذا حاليًا، عمومًا المرأة جزء أساسي لا يتجزأ من طاقة العمل إذا حسبناه باللغة الاقتصادية وبلغة الأرقام، المرأة باللغة الثقافية والاجتماعية لا يمكن أن تدعها بلا وظيفة، بلا مهمة، لا اجتماعية ولا اقتصادية ولا ثقافية بحجة أنه بعض التحريمات والتشديدات، أما بالنسبة إذا تطرقنا إلى موضوع فتوى تحريم عمل الكاشيرات، فلا ندري هل هي فتوى عامة أم خاصة وهل الفتوى ملزمة أم هي وجهة نظر وهذه الفتاوى ليست ملزمة. في كل الأحوال إذا كانت المرأة جزء أساسي في أي حضارة، فهي أكثر أساسية في الدولة الحديثة والمجتمع الحديث، ربما في المجتمعات القديمة كانت تعمل مثل الرجل، وكانت بمستوى أدنى اقتصاديًا واجتماعيًا، أما الآن في المجتمع الحديث والدولة الحديثة لا يمكن بناء دولة يكون فيها تمييز بين المواطنين، مواطن درجة أولى ومواطن درجة عاشرة على سبيل المثال، هذا لا يمكن، الدولة الحديثة لا يمكن أن تقوم إلا إذا ساوت بين جميع المواطنين، ومن ضمنه المساواة بين المرأة والرجل. «الجزيرة» بيل غيتس زار المملكة قبل ثلاث سنوات، وعلق قائلا إذا نصف المجتمع معطل فكيف ستنهض هذه الدولة. أنتِ كسيدة أعمال الآن، كيف تترجمين هذه المقولة ونتعاطى معها في ظل ظهور الفتوى بتحريم عمل المرأة كاشيرة؟ -هدى: سأكمل ما قاله الدكتور عبد الرحمن في جانب التشريعات، هناك مواد شجعت على عمل المرأة ومواد عطلت عمل المرأة وأخرى معطلة فهناك ما يشير إلى ضرورة حاجة المرأة للعمل وأن يتم توظيفها بموافقة ولي الأمر فمن هو الذي يستطيع أن يحدد أهمية العمل للمرأة ولماذا موافقة الولي إذا كانت عاقلة وراشدة ونحن كلجنة وطنية نسائية طرحنا هذا الأمر في الحوار الوطني، وقتها الدكتور غازي القصيبي الله يغفر له ويرحمه قال: لماذا نتعامل مع عمل المرأة باستحياء؟ المفروض أن لا نتعامل معه كذلك إذا كان عمل المرأة شرعيًا. وعودا للحديث عن عمل المرأة كاشيرة نظاميًا غير صحيح، نظاميًا أتحدث بسبب تعطيل القرار 120 الذي يفترض أن يفتح فرص وظيفية كثيرة للمرأة. «الجزيرة» هبة ماذا عن الجانب القانوني والنظامي؟ – لا توجد أنظمة تمنع عمل المرأة بالشكل المناسب والصحيح ونظام العمل السعودي كفل للمرأة نفس حقوق الرجل تمامًا، وكفل لها 11 نصاً المشكلة في المجتمع هو قلة الوعي وقلة الثقافة، فالمرأة لا تعرف أنه من حقها أن تتوظف الرجل يعتقد اعتقاد كامل بأن من حقه مثلا أن يمنع المرأة من العمل، وهذا يرجع إلى ضعف وقلة منسوب الوعي الحقوقي، ونظام العمل في مواد 11 من 149 إلى 161 كفل للمرأة حقوق تخولها أن تعمل بشكل طبيعي كما شجعها من خلال منحها ميزات إضافية مثل تخصيص ساعة رضاعة، وجود حضانة للأطفال تخفيض عدد ساعات العمل، ومنعها من ساعات العمل ليلا، هذه الخطوات كفلت حقوقها بشكل مناسب. «الجزيرة» دكتور سهيلة كعضوة في جمعية حقوق الإنسان، هل رصدتم شكاوى وتظلمات من نقص الفرص الوظيفية من عاطلات، ارتفاع نسب بطالة؟ – سهيلة: قبل أن أجيب عن سؤالك ائذن لي بأن أقول مداخلتي بشأن أهمية دور المرأة في المجتمع وفي البناء الحضاري وفي تنميته، وقال الخالق جل شأنه {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً }، والخليفة من هو؟ هو الإنسان، ومن الإنسان؟ هو رجل وامرأة، الله سبحانه وتعالى خلق الكون على نظام الزوجية، ولا يتحقق التوازن في أي مجتمع ولا في الكون إلا بوجود الاثنين معًا، الرجل والمرأة، فكل واحد له مهمة تكمل مهمة الآخر والكثير يقولون أن الأصل وجود المرأة قرارها في البيت، ودورها في الإنجاب وتربية الأولاد إلخ، أساسًا آية وقرن في بيوتكن خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وسلم، والله جل شأنه يقول {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء} (32) سورة الأحزاب، فمن الظلم للمرأة أن نعاملها كأمهات المؤمنين، لأن أمهات المؤمنين إذا أحسنت وأثابت لها ضعف الأجر، وإذا أخطأت عليها الضعف، وإذا طلقت أو مات عنها الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحق لها الزواج، وهذا لا ينطبق على نساء الإسلام الآخرين، ولا حتى نساء بيت النبوة، حتى بنات النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك نجد عندما نزل قوله تعالى: {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} وذلك عندما حاج نصارى نجران الرسول صلى الله عليه وسلم على طبيعة المسيح عليه السلام بعدما نزل قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ}، فهنا من خرج مع الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هل أحد من زوجاته؟ لا، لأنه ضرب عليهن الحجاب، بمعنى تغطية الوجه، أمهات المؤمنين الواجب عليهم تغطية الوجه، وليس نساء المسلمين ولا حتى بنات النبي صلى الله عليه وسلم، بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج ومعه فاطمة رضي الله عنها ولم يخرج ومعه أحد من نسائه لأنه ضرب عليهن الحجاب، هذا ما ذكره المفسرون وكتاب السيرة. إذن هنا نجد بأن أي كيفية خرجت السيدة فاطمة رضي الله عنها، وخرجت لمباهلة نصارى نجران، يعني في أمر لا يخص المرأة لأنه حتى الآن يريدون أن يحصرون المرأة في نطاق ما يخص المرأة، حتى في الفتوى، لا تفتي المرأة إلا فيما يخص المرأة، لا يحق للمرأة إلا فيما يتعلق بشؤونها، هنا مباهلة نصارى نجران في طبيعة المسيح، يعني في مقارنة الأديان وفي حوار الأديان، خرجت السيدة فاطمة وهذه آية صريحة، لا نقول حديث ضعيف ولا منقول، وهذه آية نزلت بعد الحجاب بست سنوات، لأنه للأسف المتشددون يريدون إلغاء القرآن والسنة فيما ورد قبل الحجاب، فهذه وردت قبل الحجاب يستبعدونها، للأسف الشديد، وأنا أقول لهم هذه الآية نزلت بعد الحجاب بست سنوات، في السنة العاشرة عام الوفود، نزلت هذه الآية إذن هنا تغطية الوجه ليس واجبة علينا نحن كمسلمات ولا حتى لبس النقاب، لأنه إحرام المرأة في وجهها وكفيها، ومبطلات الإحرام لبس النقاب والقفازين، ففريضة لا تلغي فريضة، لكن نحن من القسوة على المرأة أننا نفرض عليها النقاب وهي تعمل ست -وثمان ساعات وعشر ساعات، عاملة كاشيرة، عاملة موظفة استقبال في المستشفيات، عاملة ممرضة، عاملة كذا، وهذا النقاب على وجهها وأنا أطلب من أي رجل وخاصة من المتشددين فليضع النقاب على وجهه ولو خمس دقائق، هل يستطيع أن يتنفس وأن يتحمل؟ لنقطة الثانية عندما زارنا معالي الدكتور غازي القصيبي في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان طلبت منه إلغاء اشتراط موافقة ولي الأمر بالنسبة لعمل المرأة، وقلت له كيف تشترطون وجوب موافقة ولي الأمر لعمل المرأة وقد يكون ولي الأمر طلق الأم ولا يسمح لابنته أن تعمل نكاية في الأم، ولا يسقط اسمها بعد طلاق الزوجة من بطاقة العائلة وبالتالي ملزم عليها موافقة هذا الطليق، وبالتالي لن تتمكن من العمل أو السفر بسبب إذن الولي فقال لي معالي الدكتور عندما ذكرت له هذه الحالات: قال سنحاول أن نعدل في النظام بالنسبة لهذه الحالات، وأن أقول المفروض أن المرأة ربنا أعطانا الأهلية الكاملة، يعني هل نحن نعدل على الخالق جل شأنه؟ الله خالق الكون وخالق الخلق وأدرى بمصلحتهم وبما هو الأصلح لهم، وأعطانا نحن الأهلية الكاملة نحن النساء حتى في التعليم يشترط موافقة ولي الأمر لذلك نسبة الأمية بين النساء أكثر من الذكور وقد رصدنا في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالنسبة شكاوى كثيرة لحرمان المرأة من حقها في العمل، ومن حقها في التعليم، وحرمانها من حقوقها المالية والميراث.. إلخ حتى تم تصنيفها من ضمن قضايا العنف الأسري أعتقد أن مجلس الوزراء كلف وزارة العمل بأنها تفتح مجال عمل المرأة وأنها لا بد أن تساوي بينها وبين الرجل، حتى في الأجور، نجد في الأجور المرأة مظلومة، وعندما بحثت في قضية المعلمات اللاتي عين على بند 105، وحتى تربويات عين في مستويات ودرجات أٌقل من زملائهن، الرواتب تختلف والانتقاص تنتقص نسبة كبيرة، حتى التقاعد مظلومة لأنه يحسم منها 9% وإذا توفت ونصيبها تأخذه مصلحة التقاعد، بأي حق هذا؟ قضية المرأة في مجتمعنا السعودي قضية كبيرة جدًا ولا بد أن نتكاتف لإنصاف هذه المرأة كونها تظلم باسم الدين، والدين بريء من ذلك ورسالة الإسلام صالحة لكل مكان وزمان، فطالما هذه آيات قرآنية والله أنزلها، والسنة الفعلية والسنة القولية كلها بوحي من عند الله سبحانه وتعالى. «الجزيرة» هل ثمة إحصائيات عن عدد السعوديات العاملات والعاطلات عن العمل؟ – هدى الجريسي: إجمالي عدد العاملين السعوديين من الجنسين بالقطاع الخاص بلغ 681481 بنسبة 10% فقط و90% المتبقة يشغلها أجانب ونسبة الموظفات السعوديات إلى إجمالي السعوديين في منشآت القطاع الخاص بلغت 7% فقط ومن الأرقام المخيفة أن نسبة المرأة السعودية العاملة من إجمالي عدد العاملين من السعوديين وغير السعوديين لم تتجاوز 1% أما ما يخص عدد العاطلات عن العمل فقد ذكرت الإحصائيات الأخيرة أن ما يقارب 80 % من الجامعيات عاطلات عن العمل. «الجزيرة» ما المقصود من القرار رقم120؟ – هدى الجريسي: القرار صادر بتاريخ 12-4-1425هـ مؤلف من 9 بنود والهدف منه توسيع مجالات عمل المرأة ودعمها وتحسين بيئتها ومنح التراخيص النسائية، وحتى الآن وبعد مرور 6 سنوات لم يتم تحقيق شيء يذكر ويفترض أن الجهات الحكومية تأخذ زمام المبادرة التي تقدم خدمات للنساء وتفتح وحدات نسائية، ومجلس الغرف شكل لجنة نسائية أقوم بترؤسها لكن هناك معوقات عدة تحول بيننا وبين تحقق الأهداف التي نتطلع لها. “الجزيرة” ما هي المعوقات؟ – والمعوقات كثيرة فأغلب النشاطات النسائية عندما تصدر لها الترخيص، لا تستطيع إصدار الترخيص إلا من ضمن مركز نسائي، هل سبق وشاهدت مطعم نسائي على الشارع؟ لا يوجد مطاعم نسائية، وهي غير مسموحة، أي نشاط غير التدريب، التصوير، التجميل الذي هو بمسمى مشغل، هذا غير مسموح على شارع عام، وهذه من المعوقات أنه حتى الأقسام النسائية لم تفتح، أهم جهة يجب أن تفتح قسم نسائي وزارة العدل، ولكن لا يوجد فيها قسم نسائي، أنا أعتبر أنها أهم جهة ولكن لا يوجد فيها قسم نسائي. أنواع كثيرة من التراخيص يفترض بنا أن نأخذها لا نستطيع أن نأخذها، والشروط ليست سهلة، عشان تسهل عملية التوظيف النسائي وتصبح هناك بيئة مناسبة للعمل النسائي لا بد أن تسهل عمل التراخيص، ولكنها غير موجودة. الجانب الثاني، مثلاً لجنة وطنية نسائية، هي موضوعة ضمن مجلس الغرف، ومجلس الغرف لا يملك ميزانية، وتشتكي من الميزانية يعطيها للجان، وبالتالي كيف تقدم خدمات. «الجزيرة» يعني لا يوجد لديكم ميزانية تدعم أعمال اللجنة النسائية؟ – هدى: اللجنة النسائية لا تستطيع أن تؤدي أعمالها بشكل صحيح لعدم وجود ميزانية ووقت اللجنة ضائع في البحث عن مصادر تمويل ورعاة بدلاً من الاهتمام بتطوير عمل المرأة وقد كان آخر تبرع من الشيخ صالح كامل بمليون ريال. كذلك من المعوقات غياب الدورات التدريبية النوعية التي يحتاجها سوق العمل النسائي والتي تصقل مهارات المهن وتتيح الاطلاع على كل جديد ومواكبة ما توصل إليه العلم الحديث، أقترح الاهتمام بالجانب بالصناعات النسائية التي ستوفر فرص عمل كبيرة جداً للسعوديات حتى خطة وطنية متكاملة للقوى العاملة النسائية، ويفترض أن يكون هناك خطة وطنية. «الجزيرة» أفهم من كلامك عدم وجود خطة وطنية تبنى عليها سياسة تدعم توظيف المرأة؟ – هدى الجريسي: لا يوجد خطة وطنية وإنما هناك تقدير احتياجات قامت بها وزارة العمل عام 1426هـ، والتخطيط عشوائي مثال من الواقع قرار تأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية تم اتخاذه فجأة دون التباحث مع القطاع الخاص حول مدى إمكانية تنفيذ هذا؟ وما هي أفضل الخطوات الواجب تنفيذها بهذا الشأن حتى إنني تكلمت مع نائب وزير العمل وقتها الدكتور عبد الواحد الحميد وقلت له كيف تطلبون شيء كهذا بدون وضع آلية تنفيذ بالشراكة مع القطاع الخاص؟ «الجزيرة» لكن هناك من يقول إن القطاع الخاص لم يكن عنده الرغبة بتنفيذ القرار رقم 120؟ – هدى الجريسي: بالعكس القطاع الخاص شريك استراتيجي في العملية التنموية والنهضة الاقتصادية ولكن بعض القرارات يجب أن تدرس وتطبق بشكل تدريجي واللجنة الوطنية النسائية تعمل الآن بالتفاهم مع شركات القطاع الخاص على سبل توظيف المرأة إلا أن القائمين على هذه الشركات أبدوا خوفاً وقلقاً من تدخل جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والخوض في مواجهات تضر بتجارتهم وطالبوا بضمانات حماية لعدم تدخل الهيئة في تجارتهم وهناك قرار رقم 187 صادر عام 1399هـ ينص أن وزارة العمل هي الجهة المخولة بتنظيم عمل المرأة ولا يوجد جهة ثانية يحق لها أنها تدخل في شؤونهم ونقوم بعرض القرار عليهم إلا أن خوفهم مستمر. «الجزيرة» دكتور محمد، برأيك ما هي المخاطر التي ممكن يصاب بها المجتمع في حال منع المرأة من العمل؟ – محمد آل زلفة: أعتقد أن المخاطر ستهدد المجتمع في حالة استمرارية تضييق مجالات العمل للمرأة وسنواجه مشكلة مشاكل اجتماعية وأمنية وأخلاقية، لأن الإنسان يبحث عن مصدر رزق شريف يوفي بالتزاماتهم وحاجياتهم والكثير من النساء أصبحن لهن القوامة إذا كنت القوامة مرهونة بالإنفاق، فكثير منهم ينفقن على أسرهن إضافة إلى بعض الرجال ليس لديه وظيفة، فتجده مثلاً متقاعد ويعيل 5 أطفال وعنده ابنة تعمل معلمة يذهب معها إلى أقصى مكان من أجل راتبها ينفق عليه وعلى أولاده إذن هي أصبحت هي مصدر أساسي لإعالة الأسرة، فما بالك أمام متطلبات الحياة المختلفة، المرأة بطبيعتها تريد أن تسهم في رفع مستوى معيشة عائلتها وزوجها وأبنائها، ورفع مستوى تعليمهم من خلال دخلها، رفع مستوى المعيشي اللائق بالإنسان، لماذا تبقى الأسرة السعودية فقيرة؟ ولن تتغلب على الفقر إلا بإتاحة فرص العمل قد يكون بالبيت أكثر من بنت عاطلة عن العمل، متخرجة من الجامعة، تنتظر فرصة الحصول على عمل، ينفق عليها أبوها، أبوها قد يموت، ينفق عليها إخوانها، قد يجدون أن الظروف صعبة، هو مسؤول أيضًا عن أسرة. إذا ما لبينا احتياج المرأة في فرص العمل، فستنقلب الصورة تمامًا الذي يخافون على المرأة من الخروج إلى العمل، أنا أعتقد أنهم في يوم من الأيام سيطالبون بضرورة إيجاد فرص العمل للمرأة لأن فيها حماية لها، حماية لها من الفقر، حماية لها من الانحراف والرذيلة والضياع إذا كانت القضية مجتمعية فخصوصيات مجتمعنا نراها تتغير من وقت لآخر، ما كان عيبًا بالأمس أصبح الآن أمرا عاديا، لكن ما دامت عادات وتقاليد نأخذها وعلى أساس أن الزمن كفيل بحلها، لكن لا نلبس العادات والتقاليد ثوب ديني، مما يوهم الآخرين أن هذا هو الدين. «الجزيرة» دكتور عبد الرحمن هل ستصمد الفتوى الشريعة أمام الحاجة المالية والوظيفية ولنا مثل بالبنوك التي شهدت تضاعف أعداد القوى العاملة فيها ذكورا وإناثا وتوسع عدد الفروع بالرغم من تحريم العمل بها؟ – عبد الرحمن الحبيب: أنت تعرف والجميع يعرف أن هناك فتاوى من مشايخ أجلاء كانت سابقًا تجاوزها الزمن، وما زال بعض المشايخ يفتون بها، نذكر كلنا قبل أربعين سنة تحريم المناهج الحديثة، دراسة العلوم الطبيعية، ناهيك عن اللغة الإنجليزية، وتعليم البنات في المدارس، ومشاهدة التلفزيون حتى كرة القدم ما زال هناك من يحرمها، هذه تجاوزها الزمن، لكنها تشكل إعاقات للمجتمع الناس في النهاية يريدون أن ينصتوا للمشايخ وينصتوا لبعض الآراء المتشددة وتؤثر فيهم، هذه النقطة إشكالية في مسألة الحاجة والفتوى والناس ستذهب إلى مصالحها، خاصة إذا قارنا قضية البنوك مع قضية عمل المرأة في الكاشير، مختلفة، مصوغات تحريم البنوك فيها أدلة قطعية الدلالة قطعية الثبوت، بينما نحن نعرف كلنا في الفتوى الأخيرة لا يوجد أي دليل، هو استنباطي، استنبط فقط أنه يعني حرام بدون أي دليل، وكثير من المشايخ وغالبية المشايخ في العالم الإسلامي لا يتفقون مع تلك الفتوى، وعندنا مشايخ لا يتفقون مع هذه الفتوى، نحن لسنا مشايخ بالمناسبة، وأنا هنا لا أفتي وليس من حقي أن أفتي، ولست في مستوى أن أفتي، ولكن من حقي أن أبين وجهة نظر عندما يأتي نظام أو تشريع معين وأرى فيه ضررًا، قد أطيع هذا النظام وأطبقه، وعليّ أن أنصاع، ولكن من حقي أن أتظلم. «الجزيرة» قياسًا، إذا قلنا فتوى البنوك عليها أدلة ربوية ولم تصمد الفتوى؟ – عبد الرحمن الحبيب: ربما بالنسبة للبنوك لم تصمد لأن البنوك كانت قائمة، بينما مسألة الكاشيرات لم تبدأ إلا من عدة أشهر في المنطقة، وكان الجهاز البنكي والمؤسسة البنكية عمومًا والمصرفية قائمة بذاتها وهائلة، وليس بسهولة أن تأتي…، فأتت الفتوى بعد أن قامت هذه المؤسسات، ناهيك أن التاريخ والعادات والتقاليد لم تكن إشكالية في ذلك، لم تكن أي إشكالية في عاداتنا وتقاليدنا مع البنوك، بينما هنا في مسألة الكاشير غالبية المشايخ ولدينا الدكتورة سهيلة زين العابدين أوضحت لنا بشكل واضح جدًا أن المسألة ليست دينية، المسألة عادات وتقاليد، عادات وتقاليد الشعوب ليس بالسهولة تغييرها، تحتاج تنوير توعية، تثقيف قانوني، تثقيف بالعمل والأرقام وحقوق الآخرين، هذه كلها نحتاجها مع بعض، هنا تأتي الفتوى التي قد تعيق من هذا التنوير وهذه التوعية. «الجزيرة» الأخت هبة العيسى: ذكرت في نظام العمل والعمال لا يوجد نص يمنع عمل المرأة. إذن ما المعوقات القائمة لعمل المرأة وتشجيع عمل المرأة؟ – هبة: لا يوجد نص صريح يمنع عمل المرأة، بالعكس نحن قبل فترة رأينا مسودة نظام التحرش الجنسي بالنساء داخل المنظمات، فهذا دليل صريح إنه يجوز العمل مختلط ما بين الرجل والمرأة في منظمة، ولا كان بالمقابل ما طلع لنا قرار ينظم العملية الداخلية الإشكالية التي عندنا مثل ما قلنا هي قلة وعي، يقابلها عدم تنفيذ قرارات، النظام موجود كفل لها العمل، كفل لها حقوقها، كفل لها التزاماتها، ليس هناك أي شيء يمنعها تعمل، لكن قلة الوعي بالمقابل عدم تنفيذ القرارات. « الجزيرة» الآن أستطيع أن أفهم من كلامك أن الصوت المتشدد استطاع أن يتغلب على الأنظمة وعلى نظام العمل باسم المرأة؟ – هبة العيسى: الجهل والخوف هو الذي استطاع أن يتغلب على المجتمع قبل فترة زرنا ديوان المظالم، فسألنا القضاة وهم كبار مشايخ الدولة: ماذا يمنع من عملنا كمحاميات عندكم؟ أجابوا لا يوجد نص يمنع عمل المرأة محامية لكن المجتمع وجهله غير متقبل أن تدخلن المحاكم وتترافعن، ولكن دخولكن وحضوركن الجلسات هذا شيء مفروغ منه، لكن تترافعن كوكيلات شرعيات. «مداخلة « محمد آل زلفة: عندما نلقي باللوم على المجتمع بشكل عام خطأ يجب أن نحدد من هم المعارضون هم المتشددون فوظيفة المحاميات ستعزز حقوق المرأة وستدافع عن قضاياها، نحن المجتمع نرفض أم هو القاضي ومجموعة من هؤلاء -للأسف- المتشددون هم الذين لا يرغبون في هذا؟ لا نحمل مجتمعنا أكثر من اللازم، حتى عندما يقولون القبيلة ترفض بالعكس القبيلة الآن بناتهم يسوقون في البادية وفي الأرياف ولا عندهم مشكلة مع هذا، القبيلة ما عندها إشكال مع كل المعطيات الحديثة، المشكلة مع المفتي الذي يخرج من القرية، ومن فهمه القاصر للدين، لا نقول المجتمع يرفض ولنقل إنه التيار المتشدد الإسلامي هو الذي مانع بكافة السبل وقبل قليل قالت الأخت هدى الجريسي أن التجار يخشون الهيئة ووزارة العمل لم تستطع حمايتهم فهل الهيئة هي المسؤولة عن عمل المرأة أم وزارة العمل؟ شدة الهيئة وتخويفهم للناس حتى في أعمال المشاغل النسائية الدفاع المدني يقول لا بد توفر شروط السلامة، الهيئة ترفض شروط السلامة، تجد أن ليس لها إلا باب واحد وإذا حصل حريق في هذا المكان احترقت النساء، وحصلت مشكلة وإذا احترقن أيضا لا يفتح المكان هذا إلا إذا جاء ممثل هيئة الأمر بالمعروف ليشهد جريمة قتل النساء بالحرائق، قبل أن يستدعي رجال الإطفاء، هذه إشكالية لا بد أن نكون واقعيين، لا نحمل المجتمع اكثر من طاقته. « مداخلة « الدكتور سهيلة زين العابدين حماد: لدينا رؤوس أموال للنساء السعوديات تتجاوز 100 مليار دولار، يعني 375 مليار ريال، المستثمر منها 75 ملياراً فقط، والباقي 300 مجمدة في البنوك، معطلة فيما نسبة الاستثمار الأجنبي تبلغ 552 ملياراً وللأسف لدينا هيئة الاستثمار الأجنبي متناسين تشجيع استثمار المرأة السعودية كذلك هناك 70% من أموال السعوديات مجمدة في البنوك وتعمل في الاستثمار مستغلة من قبل الأقارب. لماذا؟ لأن وزارة التجارة والصناعة تخالف حتى القانون التجاري السعودي الذي صدر 1350هـ، أي قبل 82 عاماً، في المادة الرابعة تنص أنه كل من بلغ سن الرشد يحق له أن يمارس التجارة بأنواعها، ولم يحدد سن الرشد بالنسبة للرجل ومنعها عن المرأة، ولكن للأسف وزارة الصناعة والتجارة تخالف هذه المادة، وتشترط على المرأة الوكيل، تفرضه عليها، يجب أن يكون وكيلا يتولى إدارة أعمالها، وبالتالي نجد هذه من أكبر المعوقات التي تواجه المرأة السعودية، أنا ربي أعطاني الأهلية المالية الكاملة، ولي الحق أن أتصرف في مالي كما أشاء بدون إذن أحد، وبدون إذن ولي أمر، فلما يقال لك شروط العمل بإذن ولي الأمر، فأنا أريد أن أعمل في التجارة ويلزم إذن ولي أمري، لا يوجد له حق، وأساسًا شرط إذن ولي الأمر للضرورة، ما هي الضرورة؟ متى ستكون الضرورة؟ ربما طلقت المرأة فجأة، أو معلقة ورفض زوجها تطليقها سنين طويلة من سيوفر لها العمل؟ ترملت، فجأة أصبحت محتاجة للعمل، من يوفر لها العمل؟ من ينفق عليها؟ حتى عندما تعلق ولا ينفق عليها زوجها تذهب للقاضي تطلب منه فسخ عقد الزواج، وهذا من حقها، إذاً كان سيدنا عمر قال: لا يغيب الزوج عن زوجته أكثر من أربعة أشهر بعد ما استشار السيدة حفصة رضي الله عنها، في المذهب الحنبلي ستة أشهر، إذا غاب عنها زوجها لها حق فسخ العقد وللقاضي أن يجيب لطلبها ولكن القاضي لا يجيب طلبها، وبالتالي تفضل معلقة سنوات، وفي النهاية عندما يحضر الزوج يقول لها القاضي: ماذا!! (اخلعيه)، يعني هنا تتنازل عن جميع حقوقها وتستدين حتى ترد له ما يريد. في المدينة قبل أكثر من 40 سنة كان هناك سيدة؛ فاطمة من آل أسعد ناظرة على وقف، وتذهب إلى المحكمة بنفسها، فنحن الآن المحكمة تطلب منا معرفين، ولا تقبل شهادتنا في المحكمة لأنه لا بد من وجود معرفين، بطاقة الأحوال هذه تطمس صورتنا ولا يقبلها القاضي ولا تقبلها المحكمة، بطاقة الأحوال صادرة من وزارة الداخلية لا تقرها وزارة العدل، وأنا في اجتماع كان العام الماضي كان هناك وكيل وزارة العدل موجود في الاجتماع في برنامج الأمانة الأسري، وقلت له: كيف تطالبون المرأة بالمعرفين والرجل تكتفون ببطاقة الأحوال حتى إنهم أصبحوا لا يطلبون الشهود في إصدار الصكوك، فقال: لا هذه تعليمات من وزارة الداخلية، فقلت له: وزارة الداخلية لا يمكن أنها تطلب معرفين، وأيام الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن فيه معرفين، المرأة تأتي للرسول صلى الله عليه وسلم ولا يقول لها ائتِ بمعرفين، هذه بدعة، وجود المعرفين الآن بدعة، بالنسبة للمحاكم وجود المرأة في المحاكم وما تعانيه أيضًا كله من هذه الأنظمة والقوانين، نحن عندنا الآن أكثر من 78% من حاملات البكالوريوس في بطالة، أكثر من 500 حاملات دكتوراه في بطالة، أكثر من 2000 حاملات ماجستير في بطالة، غير موظفات داخل نطاق العمل، ويقولون لنا تعمل عن بعد، أو تعمل في مجالات خاصة بالنساء، إذا كان هم يحرمون علينا ممارسة الرياضة البدنية في مدارس البنات، لما يحصل من مفاسد لا تخفى على الجميع كما ذكر أحدهم، بعضهم أيضًا طلب منا أن نغطي وجوهنا في حفلات الزفاف، إذن إذا كانت المرأة يخشى منها لهذه الدرجة وذات رغبة جنسية جامحة ولا تقاوم حتى بنات جنسها، فكيف تريدونا أن نعمل في محلات كلها نساء؟ ألا يخشى إذن أن يحدث الفواحش؟ ولا يحدث إلا في مجتمعات النساء؟ يعني المرأة لهذه الدرجة في نظرهم، المرأة السعودية لهذه الدرجة المتدنية في نظرهم، للأسف كم هذا الكلام يطعنني من الداخل، أشعر بأسى وحزن وألم كل ما أسمع هذا الكلام أو أقرأ في كتب الفقه، سواء أكانت الكتب القديمة أو الكتب الحديثة أو كتب التفسير، كلها تصور المرأة بأنها مخلوق… إذا كان الإمام فخر الرازي في تفسيره آية {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} يقول بأن الله سبحانه وتعالى خلق لنا النساء كالأنعام لمتعتنا، وهن غير مؤهلات حتى للتكليف، ولكن كلفهن الله حتى يطعننا وإلا فسدن. المسألة أنهم لا يريدون المرأة أن يقوم لها قائمة، عندما عملت المرأة خادمة في البيوت رحبوا بهذا وقالوا: يجوز، لأنّ المرأة كانت تعمل خادمة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، إذن هنا اختلاط، وممكن تتعرض للخلوة، إذن إباحة عمل الخادمة في البيوت أسقط حجة تحريم الاختلاط وعندما تفترش المرأة الأرض وتبيع وتجادل ويفاصلها «حلال» كيف يرضون لها الامتهان في الأرض، ويستدلون بحديث وجدته ضعيف، أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع النساء أن يمشين في وسط الطريق حتى لا يختلطن بالرجال، وعليهن أن يلتصقن بحافة الطريق وحتى ثوب المرأة يلتصق بالجدار، ألهذا الحد الامتهان للمرأة؟ هل من حق الرجل أن يمشي في وسط الطريق ونحن نمشي على جنبات الطريق؟ حديث ضعيف جدًا وأحد رواته مجهول، وطالما أحد الرواة مجهول يسقط، لا يؤخذ به، ونجدهم يستدلون بهذا الحديث في تحريم الاختلاط، أشياء كثيرة. المرأة السعودية أثبتت جدارتها على مستوى عالمي، وتفوقت على الرجال مع أن عمرها في التعليم أقل بكثير من الرجل، فلماذا نريد نكبت هذه المواهب ونحرم الإنسانية مما وهبه الله الخالق جل شأنه للمرأة، ربنا أعطانا مواهب وقدرات وكفاءات لماذا نكبتها ونقول لها اعملي في البيت، العمل عن بعد، العمل على الإنترنت وللأسف أصبحت البيئة طاردة للإبداع حتى اضطرت النماذج العالمية السعودية للهجرة خارج الوطن وعندك الدكتورة حياة سندي، والدكتورة إلهام أبو الجدايل وغيرهن كثير، يعملن في الخارج، لأن البيئة العلمية لا تساعدهن على الإبداع والابتكار والاختراع والاكتشافات العلمية. «الجزيرة»: ماذا عن باب سد الذرائع هل أصبح يستخدم في توظيف أيديولوجيا معينة، وليس في توظيف تنموي حضاري؟ – دكتور عبدالرحمن الحبيب: أحيانًا كما يقول علي بن أبي طالب: القرآن حمال أوجه، فالنص المقدس هو ثابت لدينا جميعًا ويفهم من الزاوية المتشددة بطريقة متشددة، والمعتدلة بطريقة معتدلة، والذي ييسر والذي يعسر، وعندما تجد أحيانًا النص واضح جدًا والعملية واضحة جدًا مثلما ذكرت الدكتورة سهيلة، قالت في زمن كذا وكذا فجاءتها تعليقات هذا زمن النبي، يعني يريدون أن يغيروا الزمن حتى في حالة عندما تأتي بالدليل قطعي الثبوت والدلالة يأتيك من يقولون أن الزمن تغير، باب سد الذرائع هو باب لإقحام العادات والتقاليد والتحجر، ومنع التطوير من خلاله، الإشكالية لدى البعض خوف من التطور والتغير، خوف أيديولوجي، خوف على مصالح معينة، أو خوف وهمي، إنه نص بهذا الشكل هو يقرأ النص بطريقة متشددة، فيضع هذه السدود في وجه المجتمع. «الجزيرة» الاختلاط الحاصل الآن بوجود خادمات في المنازل، كيف تقرأها في ظل تيارات تنادي بشيء وهم يتغاضون عن الاختلاط الحاصل في بيوتهم؟ – دكتور محمد آل زلفة: هنا مشكلة التناقض، يقولوا إن عمل المرأة في الأسواق وفي الأعمال الأخرى اختلاطًا بالرجل بينما نعرف أن خلوة الرجل بالمرأة هذه تقريبًا يوجد إجماع على أنها محرمة، لكن ماذا عن خلوة المرأة مع السائق؟ السائق يختلي بالمرأة ساعات طوال في سيارة لا يزيد مساحتها مترين في متر ونصف وهذا السائق هو الذي يختلي بنسائنا، والذي يقوم مقام رجالنا إذا ما حصل لهم مكروه، إذا مات الرجل، أو سجن، أو مريض، أو جندي ذهب إلى جبهة القتال، من الذي يتولى أمر هذه السيدة وأولادها إلا هذا الذي أجبرناها على أن يكون مختليًا بها في سيارتها وفي بيتها دون ضوابط واضحة. الأمر الآخر الاختلاط مع الخادمات، لدينا أكثر من مليون خادمة، وهذا يمكن عدد متواضع، في بيوتنا تختلط بكل الموجودين في البيت، أحيانًا قد تجد نفسها وحيدة مع واحد من الرجال في هذا البيت، مثل رب البيت نحن نقول شيء ونعمل نقيضه، بينما عمل المرأة لا اختلاط فيه، هذا من الأمور العادية، الأمور الطبيعية، ثم لماذا هذا سوء الظن بالمرأة السعودية وكأنها لم تخلق إلا لتكون فتنة أو مصدر فتنة لتفتن الآخرين؟ هذا أمر غريب جدًا . ***** التوصيات – تطوير الأنظمة واللوائح التنفيذية بما يتوافق مع المجتمع الحديث ومتطلبات العصر. – تحديد صلاحيات واختصاصات كل جهة حكومية وفصل التداخل بينهما مثل (وزارة العمل والتجارة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). – اهتمام وسائل الإعلام بتعزيز الوعي الحقوقي والنظامي بشكل عام والخاص بحقوق المرأة بشكل خاص. – منح المرأة فرص أكبر في تعيينها بمناصب قيادية. – المساواة بين حقوق الرجل والمرأة في الراتب والمزايا ومعاش التقاعد. -منح المرأة تسهيلات أكثر مرونة لتتناسب مع وضعها الأسري. – التوعية الاجتماعية بدور المرأة كشريك استراتيجي للنهضة التنمية والحضارية – إعادة صياغة الأنظمة وسن القوانين تحمي المرأة من الظلم وحمايتها من أية إجراءات تعسفية من قبل أسرتها والمجتمع. سن قانون الحماية من التحرش في مواقع العمل وتغليظ العقوبات بحق المتحرشين. – إيجاد شراكة استراتيجية للمرأة في صياغة القرارات المتعلقة بها. الاهتمام بتطوير القوى العاملة النسائية وفق احتياجات السوق. **** ضيوف الندوة الدكتور محمد آل زلفة عضو مجلس الشورى سابقًا. الدكتور عبد الرحمن الحبيب كاتب صحافي. الدكتورة سهيلة زين العابدين حماد عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان. الأستاذة هدى بنت عبدالرحمن الجريسي رئيسة اللجنة الوطنية النسائية بالغرفة التجارية. الأستاذة هبة العيسى قانونية وناشطة في حقوق المرأة. جريدة الجزيرة