أواصل الحديث عن استغلال إدارة الرئيس بايدن حادثة مقتل الصحفي السعودي الأستاذ جمال خاشقجي رحمه الله بتسييسها ومحاولة إلصاق تهمة قتله بسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان زورًا وبهتانًا بهدف تشويه صورته أمام العالم لما له دور كبير في الإصلاح والتطوير، فتقرير المخابرات الأمريكي ظنِّي غير يقيني، وتقريرٌ هذه صفته لا يُعتد به، ولا يؤخذ به في رسم سياسة وعلاقة دولة بدولة أخرى، وإلّا عمّت الفوضى في علاقات الدول بعضها ببعض.
ولنقرأ معًا التقرير المزعوم؛ إذ نجد الآتي:
أولاً: مقولة أنّ: «ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وافق على عملية في إسطنبول بتركيا لاعتقال أو قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي»!!.
تُبطل كل ما جاء في التقرير، فهناك فرق كبير بين الاعتقال وبين القتل، وواضعو التقرير لا يملكون معلومة مؤكدة أنّه وافق على قتل المواطن جمال خاشقجي، فكلمة «أو» تبطل كل ما جاء في التقرير.
ثانياً: بطلان مبررات واضعي التقرير على ما بنوه على فرضية أنّ ولي العهد وافق على عملية اسطنبول باعتقال أو قتل «خاشفحي»؛ إذ جاء فيه الآتي: «نحن نبني هذا التقييم على سيطرة ولي العهد على صنع القرار في المملكة، والمشاركة المباشرة لمستشار رئيسي وأعضاء من رجال الأمن الوقائي لمحمد بن سلمان في العملية، ودعم ولي العهد لاستخدام الإجراءات العنيفة لإسكات المعارضين في الخارج، بما في ذلك خاشقجي»!!.
وهنا أقول:
1. ما علاقة سيطرة ولي العهد على صنع القرار بما يرتكبه موظفو الدولة (يبلغ عددهم في السعودية حوالي 3 ملايين موظف) من جرائم قتل وفساد وغسيل أموال ورشاوى وسرقات وتهريب مخدرات، وغير ذلك من جرائم؟، فكما ذكر سمو الأمير بندر بن سلطان أنّ «حوادث كثيرة انطوت على جرائم ارتكبها ضباط كبار أو جنود أمريكيون، في سياق عمليات عسكرية أو أمنية حاصلة على جواز من أعلى السلطات الأمريكية، بيد أنّ ذلك لم يعنِ أنّ المسؤول عن هذه الجرائم هو الرئيس الأمريكي بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة.. ففضيحة سجن أبو غريب المجازة من الرئيس، كانت شذوذًا عن مقاصد السياسة الأمريكية، وخللاً خطيراً في إدارتها.. ولكن هل يعني أنّ الرئيس الأمريكي أو وزير دفاعه، مسؤول مباشرة عن الجرائم بالمعنى الجنائي؟.. بالطبع لا، لكنهم يتحملون المسؤولية المعنوية نفسها التي تحملتها الدولة السعودية بكلّ شجاعة.»
2. أمّا قولهم: «ودعم ولي العهد لاستخدام الإجراءات العنيفة لإسكات المعارضين في الخارج»!!، ما هي أدلتهم على أنّ سموه استخدم إجراءات عنيفة لإسكات معارضيه في الخارج؟، من هم معارضوه في الخارج الذين أسكتهم بأعمال عنف؟!!، لم يذكر التقرير ولا اسمًا واحدًا من هؤلاء المعارضين!!.
3. قولهم: «من غير المرجح أن يقوم المسؤولون السعوديون بعملية من هذا النوع دون إذن ولي العهد»، لأنّ ليس لديهم أي دليل على قولهم: «منذ 2017، كان ولي العهد يسيطر بشكل مطلق على أجهزة الأمن والاستخبارات في المملكة،..» فقالوا: «من غير المرجح أن يقوم المسؤولون السعوديون بعملية من هذا النوع دون إذن ولي العهد»!.
4. بناء فرضيتهم على احتمال أن يكون ولي العهد: «قد قام برعاية بيئة كان فيها المساعدون يخشون أن يؤدي الفشل في إكمال المهام الموكلة إليهم، لإطلاق النار عليهم أو اعتقالهم»!!. نلاحظ هنا فرضية مبنية على احتمال، فلا أدلة ولا براهين.
5. يكرر معدو التقرير مقولة: «من غير المرجّح» عند قولهم: «أن يشكك المساعدون في أوامر محمد بن سلمان أو اتخاذ إجراءات حساسة دون موافقته».!
6. عدم تأكد معدي التقرير الاستخباراتي أنّ وفد الـ(15) شخصًا الذين وصلوا إسطنبول في 2 أكتوبر 2018 ضم مسؤولين كانوا مرتبطين بالمركز السعودي للدراسات وشؤون الإعلام بالديوان الملكي. في وقت العملية، فإذا كانوا غير متأكدين من ذلك، فهذا يدعونا إلى التوقف هنا للتساؤل: إن كانت الاستخبارات الأمريكية لم تتحر عن وضع الذين نفّذوا عملية إسطنبول هل هم ضمن منسوبي المركز السعودي للدراسات وشؤون الإعلام بالديوان الملكي أم لا، فكيف لها أن توجّه اتهامًا إلى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بأنّه وافق على اعتقال أو قتل المواطن السعودي الأستاذ جمال خاشقجي رحمه الله؟!.
خلاصة القول: إن هذا التقرير دليل براءة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي، وليس دليل إدانة، بدليل عجز أكبر وأقوى وأهم جهاز استخبارات في العالم عن الإتيان بأي دليل إدانة يدين الأمير محمد بن سلمان في القضية، ومع هذا نجد إدارة بايدن تريد مساومة المملكة وابتزازها بتقرير يُعد وصمة عارعلى الإدارة الأمريكية وجهار الاستخبارات الأمريكية، ونحن الشعب السعودي متضامنون مع قيادتنا، فكلنا سلمان، وكلنا محمد بن سلمان، ولن نمكِّن الإدارة الأمريكية من مساومتنا وابتزازنا؛ إذ لابد من التصدي لمشاريع إدارة بايدن الرامية لبث الفوضى بالمنطقة، كما فعل سلفه أوباما باسم حقوق الإنسان والديمقراطية، في حين يتغاضى عن الانتهاكات الإيرانية والتركية وممارساتهما الشنيعة في دول العالم، ولاسيما الدول المحيطة بهما