أخبار الآحاد
سهيلة زين العابدين حماد
السبت 24/ 10/2015
الآحاد في اللغة جمع أحد، والأحد قد يكون بمعنى: الذي لم يزل وحده، ولم يكن منه ‏آخر. وهو بهذا المعنى اسم من أسماء الله تعالى. وقد يكون بمعنى الواحد، وهو أول العدد، ‏وأصل اشتقاق الآحاد من هذا القبيل. ولخبر الآحاد في الاصطلاح تعريفات ‏منها ما قِيل إنه: خبر لا يفيد بنفسه العلم، وما قِيل إنه: ما ‏يفيد الظن، وقيل: ما لم يجمع شروط التواتر




. والآحاد: يشمل المشهور، والعزيز، والغريب، ولا يمكن رفعه إلى رتبة المتواتر، فهو بطبعه وبطبيعته قابل للخطأ والنسيان والسهو، وبما أن التبليغ الأصل فيه العمومية، وليس بالمسارة، وبكونه عليه الصلاة والسلام مبلّغًا ومشرّعًا، فعندما يبلغ تشريعًا يبلغه للعموم ليستوثق من بلوغ أمته تشريعه بطريقة تنتفي فيها الشبهة، وهذا ما توافق عليه الصحابة -رضوان الله عليهم-.
ولذا نجد أن منهج الصحابة طلب توثيق وتأكيد النص المروي بشاهد وسند يقوّيه ويعضده، ، وكان أول من احتاط في قبول الأخبار المفردة أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- في توريث الجدّة السدس، فعن قبيصة بن ذؤيب، قال: جاءت الجدّة إلى أبي بكر فسألته ميراثها، فقال: ما لك في كتاب الله شيء، فعن قبيصة بن ذؤيب، قال: جاءت الجدّة إلى أبي بكر فسألته ميراثها، فقال: ما لك في كتاب الله شيء، وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فقال: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري، فقال مثل ما قال المغيرة بن شعبة، فأنفذه لها أبوبكر . (رواه الخمسة إلاّ النسائي وصححه الترمذي).


كما نجد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه نهج ذات النهج، فكان يطلب البيّنة على المروي تأكيدًا وتقويةً له، لا شكًّا في صحابته، ولقد أورد الإمام الذهبي في مؤلفه «تذكرة الحفاظ» في شأن تثبت سيدنا عمر عن حديث الاستئذان سمعه من أبي بن كعب ما يلي: «فقال عمر لأبي موسى الأشعري لتأتيني على ما تقول ببيّنة»، ولم يتركه حتى جاء بشاهد يقر بصحة روايته، يقول الذهبي معلقًا: «أحب عمر أن يتأكد عنده خبر أبي موسى بقول صحابي آخر، ففي هذا دليل على أن الخبر إذا رواه ثقتان كان أقوى وأرجح ممّا انفرد به واحد، وفي ذلك حضّ على تكثير طرق الحديث؛ لكي يرتقي عن درجة الظن إلى درجة العلم؛ إذ الواحد يجوز عليه النسيان والوهم، ولا يكاد يجوز ذلك على ثقتين لم يخالفهما أحد. (الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، مجلة البحوث الإسلامية، ج 31، ص 304).
فأين إجماع أهل السنة -الذي يقول به البعض- على قبول أخبار الآحاد في الأحكام الفقهية؛ وها هما الصحابيان الجليلان أبوبكر وعمر -رضي الله عنهما- لم يقبلا خبر الآحاد إلا بعد تأكيدهما بشهادة صحابي آخر، مع الصحابيان اللذان لم يقبلا روايتهما غير محدوديْن بحد القذف، ولم يتوبا؟..فكيف يحكم أحد الفقهاء على الذين لا يقبلون بخبر الآحاد في الأحكام الفقهية بالجهل..؟!
للحديث صلة.

suhaila_hammad@hotmail.com
المصدر: جريدة المدينة : 
– http://www.al-madina.com/node/637903

Leave a Reply