أمريكا وأوروبا تتجاهلان مواثيقهما
سهيلة زين العابدين حماد
الخليج الإماراتية في 21 4 2006 م.
إن قرار الحصارالسياسي والاقتصادي الصادر من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يهدف الى الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني
الحصار السياسي والاقتصادي الذي فرضته الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي على الشعب الفلسطيني، بوقف معوناتها عنه عقاباً له على اختياره حماس ينذر بكارثة كبرى سوف تؤدي إلى إحداث مجاعة حقيقية، قد تحوِل فلسطين إلى صومال ثانية. فحكومة حماس عاجزة الآن عن دفع رواتب 152 ألف موظف، وهو عدد موظفي السلطة، ويواجه الفلسطينيون خطر الجوع؛ إذ أعلنت وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن المؤن في قطاع غزة تكفي لعشرة أيام فقط. والذي ضخم الأزمة المالية لدى حكومة حماس، هو الفساد الإداري للحكومات الفلسطينية السابقة.
وفي الوقت ذاته نجد البوارج الحربية والدبابات “الإسرائيلية” تقف متأهبة للعدوان براً وبحراً على قطاع غزة، في إشارة إلى تصعيد مرتقب للعدوان “الإسرائيلي”، وقد باشر رئيس الوزراء “الإسرائيلي” ايهود اولمرت في تنفيذ خطته للانسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية بتوسيع صلاحيات الشرطة وضم مناطق فلسطينية حول القدس تابعة لأريحا وبيت لحم إلى منطقة نفوذ بلدية القدس المحتلة، في مقدمة ل”ترسيم الحدود”.
وحماس تراهن الآن على وقوف البلاد العربية معها، وقد ناشد الأمين العام لجامعة الدول العربية الشعوب العربية والإسلامية للتبرع للشعب الفلسطيني، وفتح حساب لجمع التبرعات.
والسؤال الآن هل الحل في التبرعات والمعونات العربية ؟ وهل ستلتزم الدول العربية بدفع حصصها من المعونات وفقاً لقرارات قمة الخرطوم؟ وهل ستستمر هذه المعونات والتبرعات؟
على القادة العرب والمسلمين، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي العمل على حماية حقوق الشعب الفلسطيني في الحياة، والحرية والأمن، وفقاً لما نصت عليها جميع المواثيق الدولية والإقليمية والدساتير، ولابد أن تطلب اجتماعاً طارئاً للأمم المتحدة لوضع الآلية التي تحمي حقوق الفلسطينيين. فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة الذي صادقت عليه جميع الدول الأعضاء بهذه المنظمة، بما فيها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي يلزمها بالمحافظة على حق الشعب الفلسطيني في الحياة والأمن والحرية، وذلك بموجب المادة (1) التي تنص على: يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء. أين هي روح الإخاء التي يتعامل بها المجتمع الدولي الآن مع الشعب الفلسطيني؟ وأين هي المساواة في الكرامة والحقوق؟
وبموجب المادة (2) التي تنص على “لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر. وفضلا عن ذلك لا يجوز التمييز على أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلا أو موضوعا تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أم خاضعا لأي قيد آخر على سيادته”.
إن قرار الحصار السياسي والاقتصادي الصادر من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يهدف الى الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وإخضاعه لعقوبة قاسية لإنسانية حاطة بالكرامة. فبكل المقاييس فإن الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي ناقضا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي يؤكد على وضع آلية لحماية الشعوب من قرارات دول ذات مطامع استعمارية واقتصادية.
فالاتحاد الأوروبي الذي يفرض هذا الحصار على الشعب الفلسطيني، ويجوعه عقاباً له على اختياره الحر، في البند (1) من المادة (2) والمادة (3)، والمادة (4)، والمادة (6) من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي والذي بدأ العمل به في 7/12/2000م، تنصان على الآتي: المادة (2): كل شخص له الحق في الحياة. والمادة (3): حق الشخص في السلامة، ولكل شخص الحق في احترام سلامته البدنية والعقلية. وجاء في المادة (4): حظر التعذيب، والمعاملة، أو العقوبة غير الإنسانية، أو المهنية “لا يخضع أي شخص للتعذيب، أو للمعاملة، أو العقوبة غير الإنسانية، أو المهنية”. وفي المادة (6): الحق في الحرية والأمن “لكل شخص الحق في الحرية والأمن”.
وقد جاء في الإعلان الأمريكي لحقوق وواجبات الإنسان (1948م) الصادر من منظمة الدول الأمريكة، المادة (1): الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية. “كل إنسان له الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه”، كما جاء في الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان “سان خوسيه في 22/11/1969م، البند (1) من المادة (4): “لكل إنسان الحق في أن تكون حياته محترمة، هذا الحق يحميه القانون، وبشكل عام منذ لحظة الحمل، ولا يجوز أن يحرم أحد من حياته بصورة تعسفية”.
هذه مواثيق دولية وإقليمية ألزمت بها الولايات المتحدة، ودول الاتحاد الأوروبي، وقد اخترقت هذه الدول ما جاء في هذه المواثيق بقرارها معاقبة الشعب الفلسطيني عقوبات لا إنسانية حاطة بالكرامة تستهدف تجويعه وإبادته وإهانته، ولابد من تحرك دبلوماسي عربي وإسلامي للعمل على تقوية الاقتصاد الفلسطيني، وجعل الشعب الفلسطيني مثله مثل شعوب العالم يستفيد من خيرات بلده، ومن استثمارها، وألايكون تحت رحمة العدو المحتل.
…………………………………….
suhaila_hammad@hotmail.com