سهيلة زين العابدين حمّاد
نُشر في صفحة الرأي بجريدة المدينة يوم السبت الموافق 7/ 8/ 2021م
تحدثتُ في الحلقة الماضية عن خصائص النمو النفسي لطفل المرحلة الابتدائية، وسأتحدّثُ في هذه الحلقة عن خصائص النمو الاجتماعي لطفل المرحلة الابتدائية
طفل المرحلة الابتدائية (6-12) يظهر لديه الميل الاجتماعي بصورة واضحة، ويزداد نضجه اجتماعيًا كلما زاد احتكاكه بثقافة مجتمعه، عمومًا يتلخص الميل الاجتماعي في عدة صور أهمها رغبة الطفل إلى الاجتماع ، يجعله يتنبه إلى رأي الناس في تصرفاته ،فهو يفكر فيما يقولون عنه من مدح وذم ، وهذا هو أساس السلوك الاجتماعي، كما يخضع الطفل لنظام فريقه وقوانينه أكثر من خضوعه لتقاليد المجتمع، وتبدأ الاتجاهات الاجتماعية تظهر في هذه المرحلة كالزعامة أو التبعية أو الميل للمساعدة أو الميل للخنوع ..إلخ
ولكي يتمشى المنهج المدرسي مع طبيعة النمو بعد سن الثامنة أيضًا نعني في هذا المنهج بكل ما يساعد على زيادة ثقة الطفل في نفسه واحترامه إيَّاها، وتراعي رغبة الطفل في الاحتفاظ بجانب من الخصوصيات ،ويستمر الطفل في تعلم المبادئ الخلقية عن طريق الاتصال الشخصي، والممارسة لأنَّ القيم الخلقية المجردة “أو المعنوية” ما زالت بعيدة عن إدراكه ،وتستمر العناية بالتربية الدينية على أن تربط هذه التربية الدينية أيضاً بعلاقات الأطفال بعضهم ببعض ،وبأعضاء المجتمع الذي يعيشون فيه[د. عبد اللطيف فؤاد إبراهيم ، مرجع سابق ،ص 170]
وفيما بين الثامنة والتاسعة من العمر يشترك الأطفال في أوجه نشاط جماعي موجه يتحمل فيه كل طفل مسؤوليات لها علاقة وثيقة بأهداف الجماعة، وبالقيم الاجتماعية السائدة في المجتمع. وفي هذا النشاط أيضًا يتدرب الطفل عملياً الاجتماعية السائدة في المجتمع، وفي هذا النشاط يتدرب الطفل عمليًا على المساواة ،,تكافؤ الفرص ويدرك قيمتهما. [المرجع السابق: ص 170.]
وبعد سن الثامنة أيضًا لا يهمل المنهج المدرسي “جماعات اللعب”، فيشرف عليها من بعيد بحيث يتحقق أثرها في نمو الطفل، وبحيث لا يتدخل المدرس إلاَّ إذا أصبح نشاطها خطرًا في أية ناحية من النواحي ويُراعى المنهج المدرسي في هذه الفترة من العمر أن يوجه نشاط الطفل في المدرسة تصبح توجيهًا له في نشاطه بجماعة اللعب التي ينتمي إليها.
وممَّا يجعل المنهج المدرسي متمشيًا مع طبيعة الأطفال فيما بين سن التاسعة والحادية عشرة أن يعني هذا المنهج باحترام قدرات كل طفل وتشجيعها، وأن يحرس المدرسون، وإدارة المدرسة على شعور الطفل بهذا الاحترام وبالتقدير بين أقرانه، وأن تحرص المدرسة على توجيه الآباء والأمهات بأكثر من وسيلة ليتجنبوا جعل الطفل موضع استخفاف بين أقرانه، وفي دروس كل من الدين والتعبير، والتربية الوطنية يفهم الطفل في مستواه طبيعة علاقته بأسرته عامة، وبوالديه خاصة، ويدرك فضل أسرته عليه، وضرورة الإفادة من خبرات والديه في الحياة.
وفي هذه الفترة من السن (9-11) ليتمشى المنهج المدرسي مع طبيعة الأطفال أن يشجعهم على الاشتراك فيما يمكنهم الاشتراك فيه من نشاط المجتمع المحلي تحت إشراف مدرسيهم، ففي هذا الاشتراك فرصة تساعد على نمو متكامل لدى الأطفال، وفي سن 11، وتمشيًا مع طبيعة الأطفال على المنهج المدرسي لا يهمل توجيه كل طفل إلى الاشتراك فيما يلائمه من جماعات النشاط المدرسي والخارجي، وألاَّ يهمل توجيه كل طفل إلى المواءمة بين سلوكه وأهداف الجماعة التي ينتمي إليها ،تلك الهداف الي يجب أن يحترمها المدرسون.[المرجع السابق: ص 171.]
وحوالي في سن 12، إذا وجَّهنا الطفل توجيهًا سليمًا فإنَّه يستطيع أن يدرك قيمة الجماعة، ويحاول بعض الأطفال السلوك بمقتضى قواعد ومبادئ الكشافة والمعسكرات وتنظيماتها، فعندما يصل الأطفال إلى هذا السن، ليتمشى المنهج مع طبيعتهم أن يعني بتوجيه كل طفل إلى الاشتراك فيما يستطيعه من نشاط البيئة المحلية الذي يرمي إلى خدمة الجماعة، فبذلك يدرك كل طفل عمليًا قيمة هذا النشاط، وقيمة إسهامه فيه، ويتيح المنهج فرصًا لاشتراك الأطفال في أوجه نشاط الكشافة، وقيمة إسهامه فيه، ويتيح المنهج فرصًا لاشتراك الأطفال في مختلف الأنشطة الجماعية، بل تجعل من صميم المنهج اشتراك الطلبة في عمل مشروع جماعي يؤدونه معًا في المدرسة أثناء اليوم الدراسي .
ويمكن القول إنَّ الطفل في هذه المرحلة شديد الحرص على التوصل إلى عدد من المبادئ الاجتماعية أو الخلقية، والقيم التي تهديهم في سلوكهم، وما يدور بينهم من تفاعل حتى أنَّك كثيرًا ما تسمعهم وقد انقسموا في محاورات ومناظرات حول القواعد المنظمة للعب كرة القدم مثلًا، والتي تحدد الفائز منهم والمنهزم، ولذلك فإنَّ هذه المرحلة تمثل فرصة للمربين لغرس المبادئ الكشفية ولتربية النشء جعل حب الخدمة العامة وإنكار الذات، وتشعرهم بقيمة العمل الجماعي، وأهميته، كما أنَّها تدربهم على كيفية التعامل مع الآخرين على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، وأنَّ لا قيمة للفرد بدون جماعة.
وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ درجة النمو الاجتماعي لتلميذ المرحلة الابتدائية تؤثر فيها طبيعة لبيت الذي نشأ فيه، ودرجة نضج الوالدين، وما يسود الأسرة من علاقات، وكذا ما توفره المدرسة من خبرات اجتماعية من خلال جماعات النشاط المدرسي المختلفة.[د. عبد اللطيف فؤاد إبراهيم ، مرجع سابق ،ص 166.]
للحديث صلة.