Home » الملف السادس ( تعيين المرأة في القرى النائية)
الملف السادس
تعيين المرأة في القرى النائية
عاريات على الطريق العام!!!
أنا اسمي فاطمة .. شاء الله لي أنَّ أُعيَّن معلمة في المرحلة الابتدائية في إحدى مدراس البنات الإبتدائية في قرية تبعد عن المدينة المنورة التي وُلدتُ وأعيش فيها أكثر من مائة وخمسين كيلومتراً ،ولكن أضطررتُ لقبول العمل لوفاة والدي ،ولا يوجد من يعليني أنا وأمي ,وأختي الصُغرى، والمشكلة هي كيف أذهب إلى المدرسة ،ولم توفر لي إدارة التعليم مواصلات مؤمنة ؟
أخذتُ اتصل بزميلاتي اللواتي تخرجن معي ،علِّي أجد منهن قد عُيِّن معي في القرية التي عُيِّنت بها ،ووجدتُ زميلتيْن لي قد تعينتا في المدرسة التي عُيِّنت فيها ،وأخذنا نبحث عن سيارة مؤمنة توصلنا إلى المدرسة ،وحرصنا على أن تكون زوجة السائق معنا لنكون مطمئنات على أنفسنا .
اليوم أول الشهر ،وقد استلمنا أول راتب نقبضه،وكان ثلاثتنا فرحاً ،وفي طريق عودتنا إلى المدينة المنورة ،فجأة توقفت السيارة ؛وإذ بالسائق يُشهر مسدساً في وجوهنا ،ويأمرنا بالنزول من السيارة ،واقتربت مني زوجته ،وأخذت تنزع مني ملابسي ،وتركتني عارية تماماً ،وذهبت إلى زميلتي ،وعرّتها هي الأخرى ،وكذا زميلتي الأخرى ،وأخذت من حقائبنا كل مافيها من نقود،كما أخذت كل ملابسنا ،وركبت هي وزوجها السيارة ،وتركانا عاريات بلا ملابس لئلا نستغيث بمن يلاحقهما ،وظللنا نتستر بالشجر،والسيارات تمر في الطريق العام ،ولم نستطع إيقاف أي منها ،وأقبل الليل علينا ، أخذنا نتلوا ما نحفظه من القرآن الكريم ،وندعو الله أن يسترنا ،ولا يفضحنا ،والدموع تنهمر كالنهر من أعيننا وظللنا على هذه الحال ساعات طوال ،زاد الطقس برودة ، وبطوننا أخذت تتلوى من الجوع،أمَّا ريقنا فقد اختفى ،وأصبح جوف كل واحدة منا جافاً ،بل أصبح كالحطب ،ووجدتُ أنَّنا إذا ظللنا هكذا سنموت ،فقلتُ لزميلتي :
– لابد واحدة منا تضحي بنفسها لنُنقذ من المصير المحتوم ،فنحن سنموت من الجوع والعطش والبرد ،فلن نجد من ينقذنا طالما نحن متواريات عن الأنظار ،ولا نطلب العون والمساعدة .
لم أجد إجابة منهما ،فقررتُ أن أكون أنا المُضحية ،ووقفتُ مرغمة في الطريق ،وشاورتُ لأول سيارة قادمة ،توقفت السيارة ،ومن حسن الحظ أنَّ قائدها كان رجلاً طيباً صالحاً ،لم ينظر إليَّ .
رمي لي بمشلحه ،لأستر به نفسي ،فشكرته ،وقلتُ له ،لي زميلتيْن عاريتين ،فهل لديك ما يسترهما ،فخلع شماخه ،وثوبه ،وكان يرتدى “جاكيت” لأنَّ الجو كان بارداً ،فأسرعت إلى زميلتي ،ولبست إحداهما الثوب ،والأخرى أرتدت الجاكيت ،وعملت الشماخ مثل ” الجيب ” الجونلة ” ،وركبنا السيارة ،وقصصنا للرجل قصتنا ،وعدنا إلى المدينة ،
ذهبنا إلى بيت زميلتي نادية ،فبيتها أقرب من بيوتنا في طريق العودة ،فوجدت أمي وأختي عندها ،وكذا أم زميلتي الأخرى ،كان الجميع قلقاً علينا لتأخرنا ،وكانت أمي منهارة تبكي ،وكذا أم زميلتي ،قصصنا لهن ماحدث ،وارتدينا ملابسنا ،وبلَّغنا الشرطة.
وبعد البحث تبيَّن أنَّ السائق وزوجه غادرا المدينة إلى بلادهما في نفس يوم الحادثة ،حيث كانت تنظرهما سيارة تنظرهما في الطريق ،وأخذ منهما صاحبها رواتبنا ،فكان هو المدبر لهذه الخطة الشيطانية متفقاً معهما على أن يُعطيهما نسبة من المبلغ.
من أجل أمنا!
اسمي عالية ،أعيش في مدينة جدة مع أمي وأختيْن لي معلمتين تعملان في مدرسة بالليث ،رأت أختاي أن تقيما في الليث ،وتأتين في أيام الإجازة ،وكان السائق الذي اتفقا معه لإيصالهما من وإلى جدة يحضر لهما لوازمهما ،ولكن كان السائق تبدو منه حركات تحرش بهما ،لأنَّهما بمفردهما ،توفي والدي رحمه الله ، ،ولم يترك لنا ما يعيشنا ،أمي مريضة بالقلب ،وأنا أعاني من مرض يتطلب دوام المتابعة في المستشفى ،بوفاة والدي أصبح العمل بالنسبة لنا ضرورة ملحة ،مسألة حياة أو موت ، تخرَّجتُ من الجامعة ،وجاء تعييني في الليث أيضاً ، أجريت للأمي عملية في قلبها ،وأوصى الطبيب بضرورة وجود أحد معها ،وكتب تقريراً بهذا ،وتقدمنا به لإدارة التعليم لنقلنا إلى مدرسة في جدة ،ولكن لم يُستجب إلى طلبنا ،قدَّمتُ طلباً لنقلي إلى جدة لظروفي الصحية مرفقاً بتقرير طبي يشرح حالتي ،وفوجئت بنقلي في قرية أبعد من الليث،في مدرسة لا تحتاج إلى مدرسات ،وأصبحتُ أخرج من بيتي يومياً الساعة الثانية صباحاً ،وأعود إليه الرابعة عصراً ،لأثبت فقط في سجلها حضوري لئلا أفصل من العمل …
الشلل يقترب مني!!
أنا معلمة أعمل في قرية نائية جداً الطريق المؤدي إليها غير معبدة ،السيارة ترتفع وتنخفض بي مئات المرات حتى أصل إلى المدرسة ،بعد ثلاثة أشهر من عملي في المدرسة بدأتُ أعاني من آلام شديدة في ظهري ،ذهبتُ إلى الطبيب المختص ،وبعد الأشعة والفحوصات تبيَّن أنَّ ” خضخضة” السيارة اليومية أثَّرت على عظامي ،فسبَّبت لي انزلاقاً غُضروفياً ،وحذَّرني الطبيب من استمرار سفري اليومي لهذه القرية ، وقال لي : ستصابين بشلل إن استمريتِ على الحال هذه ،وطلبتُ منه أن يكتب لي تقريراً بذلك … أعطاني التقرير ،قدمت طلباً لإدارة تعليم البنات برفقه التقرير ،وطلبتُ نقلي إلى مدرسة في مدينتي ،ولكن … لاحياة لمن تُنادي.
في موقف الأتوبيس أنا من اللواتي نُكبن في التعيين في قرى نائية ،عندما جاء تعييني أنا وزميلاتي ،أخذنا نبحث عن سائق مؤتمن ليوصلنا إلى المدرسة يومياً ،ويعيدنا ،وأتفقنا مع أحد السائقين ،ونحن في الطريق استوقفه أحد رجال الشرطة ،وسأله من اللواتي معك ،وأين ذاهب بهن ، فأخبره السائق هؤلاء معلمات يعملن في قرية … ،فقال له رجل الشرطة : ممنوع تركب نساء بلا محرم ،وسحب منه رخصته.
أخذنا نبحث عن وسيلة توصلنا للمدرسة ،فعرفنا أنَّ أتوبيس النقل الجماعي ،يوصل للقرية التي نعمل فيها ، وركبنا الأتوبيس ،ولكن الشبان في الموقف ،يتحرشون بنا جنسياً ،ففي ظنَّهم مادمنا خرجنا من مدينتنا ،وعملنا خارجها ،فنحن ممكن أن نتخلى عن … ,أن نكون سهلات الانقياد والانحراف ،الدمعة باتت لا تفارق أعيننا … نحن في حيرة ،وزارة التربية والتعليم تعيَّنا في قرى ،ولاتؤمن لنا وسيلة مؤمنة توصلنا إليها ،والشرطة تمنع ركوبنا السيارة بلا محرم ،والشباب يتحرشون بنا في موقف الأتوبيس …أوجدوا لنا حلاً!!