مؤسسة تكوين الفكر العربي

قراءة متأنية لكتاب القصص القرآني ومتوازياته التوراتية للحوّاس (2)

By شهر واحد مضىNo Comments

د. سهيلة زين العابدين حمّاد

نشر في صفحة الرأي بجريدة المدينة بتاريخ 7/ 8/ 2024

أواصل قراءتي لكتاب  أحد أعضاء مجلس أمناء مركز تكوين للفكر العربي  الأستاذ فراس الحوّاس ” القصص القرآني ومتوازياته التوراتية ( أساطير الأولين) فيما كتبه عن تاريخ المصحف الشريف الذي حشد له روايات من الإسرائيليات والموضوعات للتشكيك في صحة القرآن الكريم؛ إذ يستمر في ذلك بقوله:

 ثالثًا:”ويقال بالمقابل إنّ مصحف عثمان الموحد قد أسقط من نصه أكثر من آية لعدم ثبوتها عن طريق شاهدين، ويبقى العلم عند الله أن تكون من القرآن أم لا: فقد روي عن عائشة قولها:  كان فيما أُنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرِّمن”[صحيح مسلم] وروي عنها أيضًا:”لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشرًا. ولقد كانت في صحيفة تحت سرير، فلما مات رسول الله وتشاغلنا بموته دخل الداجن فأكلها” [ابن قتيبة: تأويل مختلف الحديث، بيروت ص 310][الحواس: ص 30]

فهذا من الأحاديث الموضوعة؛ إذ تزعم  أنّ هذه  آية  كانت في كتاب الله سبحانه وتعالى ثم نسخت تلاوتها ولم ينسخ حكمها، فقد روى الدارقطني وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: “لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشرا. ولقد كان في صحيفة تحت سريري. فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته، دخل داجن فأكلها.[سنن الدار قطني: كتاب الرضاع/ سنن ابن ماجه: كتاب النكاح ؛باب رضاع الكبير]

وروى هذا الحديث أيضًا الإمام أحمد في مسنده بلفظ: “لقد أنزلت آية الرجم ورضعات الكبير عشرًا فكانت في ورقة تحت سرير في بيتي فلما اشتكى رسول الله  صلى الله عليه وسلم تشاغلنا بأمره ودخلت دويبة لنا فأكلتها”(مسند أحمد: مسند السيدة عائشة)،

فهل تصدق أنّ آيتيْن من كتاب الله سبحانه وتعالى نسختهما داجن أو دويبة(دابة صغيرة)ومتى؟ بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، كما في رواية الدارقطني وابن ماجه وابن حنبل، وهل يُعقل أنّ في القرآن آية عن إرضاع الكبير، وكيف يجوز للكبير يرضع من امرأة غير محرمه، ثمّ هل الكبير يرضع؟؟؟؟، كما روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت:” كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن. ثم نسخن: بخمس معلومات. فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن[مسلم: كتاب الرضاع؛ باب التحريم بخمس رضعات]

أليس في هذا القول إساءة لكتاب الله، ولرسوله الكريم، وأنّ نسخة القرآن الكريم التي بين أيدينا غير كاملة، وأنّ الرسول صلى الله عليه وسلّم غير أمين على الوحي، يضع نسخة القرآن الكريم تحت سريره لتأكل من “دابة صغيرة”، فتنسخ من القرآن الكريم ما أكلته؟

           فهذه الروايات موضوعة للأسباب التالية:

  1. تناقضها مع قوله تعالى:(إنّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)[الحجر:9] وقوله تعالى:(بل هو قرآنٌ مجيد. في لوحٍ محفوظ)[البروج 21– 22]وقوله تعالى:(لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)[فصلت: 42]،أي لا يكذبه شيء مما أنزل الله من قبل ولا ينزل من بعده يبطله وينسخه.
  2. تجاهل كتابة ما نزل من القرآن الكريم فور نزوله من قبل كتبة الوحي، فلا توجد نسخة واحدة من القرآن الكريم.
  3. تجاهل العرضات السنوية للقرآن الكريم التي كان يعرض الرسولrفيها على سيدنا جبريل عليه السلام، وفي سنة وفاته عليه الصلاة والسلام كانت عرضتان؟
  4. اتهام النبي عليه الصلاة والسلام بعدم الأمانة في تبليغه ما يوحى إليه، والحفاظ عليه.
  5. قد بيّنتُ في الحلفة الماضية أنّ ما تسمى بآية الرجم من الإسرائيليات، وأسلوبها يتعارض مع الأسلوب القرآني.

    رابعًا: وصفه عملية جمع القرآن بالغموض،  وهذا ما سأبحثه في الحلقة القادمة ، فللحديث صلة

   البريد الاليكتروني: Suhaila_hammad@hotmail.com

رابط المقال : رابط المقال : https://2u.pw/HDsKT5vy

Leave a Reply