د. سهيلة زين العابدين حمّاد
نُشر في صفحة الرأي بجريدة المدينة في 28 فبراير 2024.
من مخططات اليهود الصهاينة تفتيت البلاد العربية إلى دويلات متناحرة، خطة ” أودد يبنون”العقل المدبر للعديد من استراتيجيات حزب الليكود في “إسرائيل”، فقد نبتت في عقله فكرة لبننة العالم الإسلامي كله، وهي تقريبًا الطريقة الوحيدة التي قد يتمكن بها شعب صغير، مثل “الشعب اليهودي” من حكم مساحة تمتد من النيل إلى الفرات. بالإضافة إلى المصلحة المادية في التقسيم الطائفي للمنطقة، رأى يينون فائدة أخرى في إرساء شرعية الكيان الصهيوني، بما أن كل طائفة ستكون لها دولة، فوجود “دولة يهودية” يصبح مبررًا من الناحية“الأخلاقية.”عدّت الخطة أنّ أهم محاور الاستراتيجية المستقبلية “لإسرائيل” عقب الانتهاء من لبنان، يجب أن تتركز في تقسيم العراق لـ(3) دول “شيعية وسنّية وكردية“، ومن بعد لبنان والعراق ، مصر وليبيا والسودان وسورية والمغرب العربي وإيران وتركيا والصومال وباكستان. استمد يينون واقعية مخططه من إشكالية أنّ الحدود العربية الحالية غير قابلة للدوام، مما يجعل الدول العربية أشبه ببيوت مبنية من أوراق اللعب (حسب وجهة نظره) للأسباب الآتية
- الحدود وضعتها دول استعمارية دون اعتبار لهويات الشعوب وتوجهاتها ورغباتها.
- معظم الدول العربية تضم عدة طوائف غير منسجمة.
- تستحوذ على الحكم طائفة بعينها “في بعض الأحوال الطائفة الحاكمة أقلية مثلما هي الحال في سورية والعراق ولبنان والبحرين”.
- توجد صراعات على الحدود بين عدة دول عربية.
- تصارع الأيديولوجيات بين الإسلاميين والقوميين والوطنيين سيصعد الصراعات الداخلية في كل دولة.
يرسم يينون خرائط لمخططه، ولكنه رأى سورية مقسمة إلى (4) دويلات“سنّية في دمشق، وأخرى في حلب، ودرزية في الجنوب، وعلوية في الساحل”، وتصور أنّ المغرب العربي سيُقسَّم بين العرب والبربر، أمّا الأردن فعدّها وطن المستقبل للفلسطينيين بعد رحيل “مُلك الهاشميين”، وأمّا الخليج العربي فوصفه بـ”قصور على الرمال” نخب حاكمة في أبراج عاجية(السكان أغلبهم من جنسيات أجنبية)وجيوش ضعيفة. ,[د. شاهر إسماعيل الشاهر: خرائط ما بعد سايكس بيكو… من التقسيم إلى التفكيك، نقلًا عن Oded Yinon, “A Strategy for Israel in the Nineteen Eighties“, Special Document ، رابط الدراسة http://democraticac.de/?p=44471]
الشرق الأوسط الجديد.. حدود الدم
نشرت المجلة العسكرية الأمريكية المتخصصة “أرمد فورسز جورنال” في عددها الأخير خارطة جديدة للشرق الأوسط وضعها الجنرال المتقاعد “رالف بيترز” قسّم فيها دول منطقة الشرق الأوسط كلها تقريبًا، الدول العربية وتركيا وإيران. واعتبر أنّ سبب العنف في المنطقة هو الخلافات المذهبية والعرقية، وأنّ حل النزاعات يكون بهذه التقسيمات. ويلاحظ هنا أنّه تجاهل أسباب النزاع الحقيقي في المنطقة، وهي زرع “دولة” يهودية دخيلة على المنطقة في قلبها، قائمة على الاحتلال والعدوان، وأنّ هذه “الدولة” تريد التوسع على حساب دول المنطقة، وتشكل أكبر قوة عسكرية فيها، وتملك سلاحًا نوويًا يشكل خطرًا كبيرًا على سكان المنطقة، وتعمل هذه “الدولة” الدخيلة على إثارة الخلافات العرقية والمذهبية من أجل تحقيق أهدافها، فبدلًا من أن يلغي “إسرائيل” نجده يمزق أوصالنا، ويضع حدودًا أطلق عليها بنفسه “حدود الدم “، وهنا يناقض نفسه؛ إذ كيف يريد إيقاف نزيف الدم في المنطقة، وهو يسيل أنهرًا وبحارًا من الدم بحدوده الجديدة بإثارة الاحتلال البريطاني الأمريكي فتنة طائفية في العراق بزرعه الموساد في العراق من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، وأخذ يبث بذور الفتنة بين الطوائف العراقية، ولا سيما بين السنة والشيعة، فهم مخططون لغزو لبنان، للقضاء على حزب الله ، وعملية خطف حزب الله للجنديين “الإسرائيليين” عجَّلت بالغزو، وهم يعملون على إقامة شرق أوسط جديد على أساس مذهبي وعرقي. نحن مسلمون وعرب على اختلاف طوائفنا ومذاهبنا وأدياننا وأعراقنا، وعلينا أن نتماسك، وأن نقف في وجه أي عدوان.
البريد الالكتروني : suhaila_hammad@hotmail.om
رابط المقال : https://nz.sa/LJdmE