4-قضايا الأمة العربية والإسلامية

إسرائيل فوق القوانين الدولية!

By شهر واحد مضىNo Comments

د. سهيلة زين العابدين حمّاد

نشر في صفحة الرأي بجريدة المدينة في 10 يناير 2024م.

     معاهدات دولية تضم أكثر القواعد أهمية للحد من همجية الحروب. وتوفر الاتفاقيات الحماية للأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية(المدنيون, وعمال الصحة, وعمال الإغاثة) والذين توقفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية (الجرحى, والمرضى, وجنود السفن الغارقة, وأسرى الحرب). وتمثل النسخة المنقحة الرابعة لاتفاقية جنيف بشأن الجرح والمرضى وتعقب الاتفاقيات التي تم اعتمادها في 1864, و 1906, و 1929 وتضم 64 مادة. ولا تقتصر هذه الاتفاقيات على حماية الجرحى, والمرضى, بل تشمل أيضا موظفي الصحة, والوحدات الدينية, والوحدات الطبية, ووسائل النقل الطبي. كما تعترف الاتفاقية بالشارات المميزة, وتضم ملحقين اثنين يشملان مشروع اتفاق بشأن مناطق المستشفيات, وبطاقة نموذجية لموظفي الصحة والدين. انصبت اتفاقيات جنيف التي اعتمدت قبل 1949 على المحاربين فقط, دون المدنيين. وقد أظهرت أحداث الحرب العالمية الثانية العواقب الوخيمة التي نتجت عن غياب اتفاقية لحماية المدنيين في زمن الحرب. وعليه, أخذت الاتفاقية المعتمدة في عام 1949 في اعتبارها تجارب الحرب العالمية الثانية. وتضم الاتفاقية 159 مادة ضمنها مادة قصيرة تُعنى بحماية للمدنيين عمومًا من عواقب الحرب, لكنها لم تتصد لمسألة الأعمال العدائية في حد ذاتها إلى أن تم مراجعتها في البروتوكولين الإضافيين لعام 1977. ويتناول معظم مواد الاتفاقية مسائل وضع الأشخاص المتمتعين بالحماية ومعاملتهم, ويميز وضع الأجانب في إقليم أحد أطراف النزاع من وضع المدنيين في الإقليم المحتل. وتوضح مواد الاتفاقية أيضا التزامات قوة الاحتلال تجاه السكان المدنيين, وتضم أحكامًا تفصيلية بشأن الإغاثة الإنسانية في الإقليم المحتل. كما تضم نظامُا معينًا لمعاملة المعتقلين المدنيين, وثلاثة ملحقات تضم نموذج اتفاقية بشأن المستشفيات والمناطق الآمنة, ولوائح نموذجية بشأن الإغاثة الإنسانية, وبطاقات نموذجية.

   كما تدعو الاتفاقيات وبروتوكولاتها إلى الإجراءات التي يتعين اتخاذها منعًا لحدوث كافة الانتهاكات أو وضع حد لها, وتشمل قواعد صارمة للتصدي لما يُعرف بـ “الانتهاكات الخطيرة”؛ إذ يتعين البحث عن الأشخاص المسؤولين عن “الانتهاكات الخطيرة”, وتقديمهم إلى العدالة, أو تسليمهم, بغض النظر عن جنسيتهم.

   وتقع اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية في صلب القانون الدولي الإنساني, وهي عصب القانون الدولي الذي ينظم السلوك أثناء النزاعات المسلحة ويسعى إلى الحد من تأثيراتها”.[اللجنة الدولية للصليب الأحمر https://www.icrc.org/ar/document/geneva-conventions-1949-additional-protocols]

    وقد دخلت اتفاقيات جنيف حيز التنفيذ في 21 أكتوبر/تشرين الأول 1950, واستمر التصديق عليها طوال عقود، حتى وصل عدد الدول الأعضاء  منذ عام 2000, إلى 194, لتكون بذلك اتفاقيات جنيف أكثر الاتفاقيات الواجبة التطبيق في العالم. وبذلك تكون جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة قد صادقت على اتفاقيات جنيف، وما انبثق منها من قواعد الصراع المسلّح المتفق عليها دوليًا، وقد  وتم استكمالها بأحكام أصدرتها محاكم دولية معنية بجرائم الحرب.

   هذا ويعتمد القانون الدولي الإنساني على مبدأ أساسي في الحروب وهو أن “صوابية النزاع أو عدمها لا تنزع وجوبية الالتزام بمبادىء ونصوص القوانين مرعية الإجراء”

والمواد 47-78  من اتفاقيات جنيف الرابعة تفرض التزامات كبيرة على قوى الاحتلال. فضلًا عن العديد من الأحكام من أجل رفاهية العامة لسكان الأراضي المحتلة فإنّ على المحتل عدم الترحيل القسري للأشخاص المحميين أو ترحيل أو نقل جزء من سكانهم المدنيين إلى داخل الأراضي المحتلة.

المادة 49 عن النقل الجبري الجماعي وكذلك عن ترحيل الأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة وهو محظور أيا كانت دواعيه.

والملحق (البروتوكول) الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف المعقودة في 12 آب / أغسطس 1949 والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة.

    والسؤال الذي يطرح نفسه، هو: ما قيمة هذه الاتفاقيات إن كان لا يكون الالتزام بها على جميع الدول على حد سواء، ولا تُستثنى  منها دولًا بعينها مثل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية؟

  فهاهي إسرائيل في حربها على غزة 2023 قد ضربت باتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها  الإضافية وبجميع القوانين الدولية عرض الحائط من خلال تهجيرها القسري للغزّوايين، مع سعيها مع دول أوروبية وأفريقية وبأمريكا اللاتينية لتهجير الغزّاوين إليها، مع استمرار قصفها المتعمد للمدنيين في بيوتهم والمساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات وسيارات الإسعاف وقتلها للأطباء والممرضين والمسعفين من الهلال الأحمر والصليب الأحمر والدفاع المدني وموظفي المنظمات الدولية والأممية ( الأنروا) والصحفيين  وقد أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه أطلق في 6  أيام  6000 قنبلة. [ فرانس 24 https://2u.pw/zZ1pD1SD]

   وقد أسقطت إسرائيل ما يعادل قنبلتين نوويتين على قطاع غزة وحصة الفرد الواحد تتجاوز 10 كيلو جرام من المتفجرات، إضافة إلى استخدامها قنابل محرّمة دوليًا.

وقالت واشنطن يوست إنّ إسرائيل في شهرين أطلقت 29 ألف صاروخ أرض جو، وقالت صحيفة جارديان:” إنّ حرب غزة خلّفت ضحايا مدنيين أكثر من جميع صراعات القرن العشرين، وفي قراءة في التسليح الإسرائيلي … قنابل شديدة الانفجار تم استخدامها في حرب غزة، وقالت أسوشيتد برس:”إنّ إسرائيل استخدمت في حربها على غزة قنابل عنيفة تُحوِّل الأرض إلى سائل، وذكرت واشنطن بوست أنّ الأقمار الصناعية والتقييمات الأممية أنّ الحرب الإسرائيلية على غزة خلّفت دمارًا غير مسبوق خلال هذا القرن، فقد ارتفع عدد الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة لليوم الـ91 إلى أكثر من 22430 شهيدًا، بينهم 9730 طفلًا و6830 سيدة، بالإضافة إلى 7000 مفقودًا، وأكثر من 57600 جريحًا.

  ويصل حجم الخسائر في المنازل إلى ما قيمته 7.4 مليارات دولار.

   وتشير تقديرات المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إلى أنّ الخسائر من المرجح أن تصل إلى نحو 20 مليار دولار.من جانبه، يقول مستشار البنك الدولي، الدكتور محمود عنبر، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إنّه لا توجد إحصاءات دقيقة لحجم الخسائر المادية المباشرة وغير المباشرة التي تعرض إليها قطاع غزة، لا سيما أنّ الخسائر تتراكم يوميًا، وهناك تحديات يومية بخسائر جديدة جراء تصاعد القصف وأعمال العنف الذي يتعرض لها القطاع منذ السابع من شهر أكتوبر من العام الجاري…[سكاي نيوز https://2u.pw/DNQc76t]

     والأسئلة  التي تطرح نفسها، هي :

   لماذا كل هذا الحجم من المتفجرات على مساحة لا تتجاوز ال 365 كيلومترًا مربعًا يقطنها مليوني ومائتيْن ألف من البشر حوالي 70% منهم نساءًا وأطفالًا، منطقة ليس  بها جيشَا، وإنّما مقاومة لا تملك سوى بعض الأسلحة البدائية المصنعة في غزة؟

لماذا هذا العقاب الجماعي الذي فرضته إسرائيل بفرضها حصارًا شاملًا على سكان غزة منع عنهم الطعام والماء  والدواء والوقود والطاقة والغاز، مع عرقلة وصول إليهم المساعدات الإنسانية بلا مساءلة  ولا عقوبات، وهي تخالف القوانيين الدولة مخالفة صريحة؟

لماذا تفرض على الغزاويين النزوح القسري من الشمال إلى الجنوب، ومن الجنوب إلى الجنوب، مع قصفها للنازحين وهم في طريقهم إلى الجنوب الذي وصفته أنّه آمن  بلا مساءلة ولا عقوبات، وهي تخالف القوانين الدولية وترتكب جرائم حرب؟

لماذا تقصف إسرائيل البيوت والمساجد (قصفت حتى الآن مائة مسجدًا) والكنائس والمدارس والجامعات ومصادر المياه والطاقة الشمسية والاتصالات، والمزارع، وكل مصادر الحياة، وهي بهذا تخالف القوانين الدولة ، ولم تتعرض لمساءلة ولا عقوبات؟

 ولماذا هذا الصمت الدولي والمنظمات الأممية والحقوقية الدولية والإقليمية والمحاكم  الدولية عن كل جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل، واختراقاتها للقانون الدولي واتفاقية جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، ولم بصدر مجلس الأمن  قرارًا لوقف إطلاق النار، ولم تفرض أية عقوبة على إسرائيل، ولم يستدعى مجلس الحرب الإسرائيلي للمحكمة الجنائية الدولية؟ 

 الجواب واضح لكل هذه الأسئلة، وهو هناك مخطط وضعته إسرائيل برعاية أمريكية أوروبية لتصفية القضية الفلسطينية بتهجيرهم قسرًا إلى أوطان بديلة في سيناء والأردن، وقد تم إعلان هذا المخطط أعقاب عملية طوفان الأقصى التي قامت بها كتائب القسّام، وما عمليات الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في غزة  والعقاب الجماعي بالتجويع والقضاء على كل مقومات الحياة وتحويلها إلى محرقة جماعية لإجبار الغزاويين على الهجرة إلى سيناء، مع قيام جيش الاحتلال بعمليات اقتحام في مدن الضفة الغربية تقتل وتعتقل وتهدم بيوتًا، ويقوم المستوطنون المسلحون بعمليات إرهابية لإجبار فلسطيني الضفة على الهجرة إلى الأردن تنفيذًا لمخطط تصفية القضية الفلسطينية.

 وأخيرًا ستمثل إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للرد على دعوى قدمتها جنوب أفريقيا لمقاضاتها بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة .

   آمل أن تكون محكمة العدل عادلة تنصف الغزّاويين في حكمها على إسرائيل  دون انحياز منها لإسرائيل ، أمام شهادة العالم أجمع  على جرائمها التي شاهدها  مباشرة على الهواء صوت وصورة وقت ارتكابها لها!

البريد الالكتروني: suhaila_hammad@hotmail.com

رابط المقال : https://nz.sa/EeKOQ

Leave a Reply