4-قضايا الأمة العربية والإسلامية

مؤرخون وعلماء آثار إسرائيليون وغربيون يُقِرُّون بعدم  وجود آثار لليهود في فلسطين!

By شهر واحد مضىNo Comments

د. سهيلة زين العابدين حمّاد

  نُشر في صفحة الرأي بجريدة المدينة في 6/ 12/ 2023م

المتتبع لوجود اليهود في فلسطين يجد أنّ  هذا الوجود كان متقطعًا ولم يُكوِّن حضارة على أرض فلسطين وإنّما كان وجودًا عابرًا وفي مناطق محددة وبأعداد قليلة، ولا وجود لأي أثر له في فلسطين، وهذا ما أقر به علماء آثار ومؤرخون إسرائيايون غربيون، منهم:

 عالم الآثار الإسرائيلي” إسرائيل فلنكشتاين” الذي يعمل في جامعة تل أبيب، والمعروف بأبي الآثار، فقد نفى  أية صلة لليهود بمدينة القدس، ويرى أنّ مدينة القدس بشكل عام لم يعش فيها اليهود مطلقًا، ولم يتم بناء أي هيكل على مر العصور، وأنّ قصص الهيكل مجرد قصص مختلقة. وفيما يتعلق بهيكل سليمان فلا يوجد أي شاهد أثري يدل على أنّه كان موجودًا بالفعل، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن على أي أساس يزعم اليهود الصهاينة أنّ القدس عاصمة أبدية لدولتهم؟ ، ويمنحهم الرئيس الأمريكي السابق ترامب.

ومادة اسم القدس ، وهي: (القاف والدّال والسين (التي تقابلها الشين في بعض اللغات السامية) تتعلّق بالعبادة والطهارة والتخصيص، ومن ثمّ فأنّ دلالة ” القدس” ترتبط على نحو ظاهر وبين بالعبادة ،هذا يُثبت أنّ اسم القدس أيضًا آرامي(عربي) وليس عبريًا، ويُحدِّثنا التاريخ  أنّه لا توجد  أية مدينة في فلسطين بناها اليهود أو تحمل اسمًا يهوديًا، فأسماء جميع قرى ومدن فلسطين كانت وما تزال كنعانية عربية، فلقد كانت أرض كنعان عامرة بمدنها وقراها ومزارعها قبل أن يحضر إليها إبراهيم الخليل عليه السلام بأكثر من ألف عام،  بل لم يكن لبني إسرائيل أي وجود تاريخي فيها في زمني دواد وسليمان عليهما السلام  منذ أكثر من ألفي عام.

   فحبرون[الخليل] مثلاً كانت مدينة مزدهرة قبل مجيء الخليل عليه السلام إليها، ونزل في شكيم واستقبله ملكي صادق كاهن أورشليم الكنعاني وحاكمها، وأكرمه، ودعا له بالخير.

    وادعاؤهم بوعد الله لهم بدولة إسرائبل الكبرى التي تمتد من النيل إلى الفرات،من جنوب العراق إلى دلتا مصر، في هذا القطاع الجغرافي  المهول لا يوجد أحد غير العرب والعبرانيين”

  فهذه مغالطة تاريخية كبرى، فعندما يتحدّث التاريخ عن سكان وادي الرافدين وبلاد الشام ومصر وحضارتهم، لم نجد ذكرًا للعبريين، لأنّهم قبائل لا وطن لها تتنقل بماشيتها حيث الماء والمرعى، ولم تُسهم في تكوين أية حضارة، والعبريون الذي أطلقوا على أنفسهم بني إسرائيل ليتخلصوا من اسم العبريين المعبر عن مرحلة البداوة والتنقل التي كانوا عليها انقرض معظمهم، ولم يتركوا حضارة على الإطلاق، بدليل لم يوجد له أي أثر تاريخي في فلسطين، بشهادة علماء آثار يهود ومسيحيين،  بينما تحدّث التاريخ عن حضارة قدماء المصريين في مصر، وحضارة الفينيقيين والكنعانيين في بلاد الشام، والحضارات  الأكدية والبابلية والكلدانية والآشورية في العراق،  وبعض آثار جميع هذه الحضارات باقية حتى  الآن، وإن تعمّد الأمريكان والبريطانيون هدم بعض الآثار البابلية والآشورية في العراق، ونهب المتاحف  إبّان غزوهما للعراق عام 2003، وأكملوا هدم بعض هذه الآثار عن طريق داعش، وكذلك هدم بعض آثار الآراميين والفينيقيين في سوريا عن طريق داعش.

أمّا مملكة  إسرائيل الموحدة التي  جاء ذكرها في التوراة كمملكة لجميع أسباط بني إسرائيل الإثني عشرة، سماها باحثو التوراة بـمملكة إسرائيل الموحدة للتفريق عن المملكتين اللتين انفصلتا عنها لاحقًا، إلى مملكتي يهودا( الجنوبية) ومملكة السامرة(الشمالية) هذه المملكة الموحدة حكمها كل من شاول (طالوت)، وداود وسليمان، وتوصف في سفري صموئيل الأول والثاني كاتحاد لأسباط بني إسرائيل. ومن تحليل نصوص السفرين، يقدر معظم دارسي العهد القديم تبعًا لما ورد فيه فترة وجود هذه المملكة الموحدة 120 عامًا أي منذ سنة 1050 قبل الميلاد وحتى سنة 930 قبل الميلاد تقريبًا، ثم انفصلت إلى مملكتي يهودا والسامرة، وهو مصطلح إسرائيلي رسمي يستخدم للإشارة إلى الضفة الغربية، ويهودا والسامرة منطقة إدارية بحسب التقسيم الإسرائيلي، يشمل كامل الضفة الغربية باستثناء القدس الشرقية. تأتي التسمية من الكتاب العبري حيث تصف الرواية الدينية أنّ مملكة يهودا وقعت في الجنوب ومملكة السامرة في الشمال، وحاليًا يقصد بيهودا كل المنطقة الممتدة جنوب القدس، بما في ذلك منطقة جوش عتصيون(في محافظة بيت لحم)وجبل الخليل(محافظة الخليل) بينما منطقة السامرة تشير إلى المنطقة الواقعة شمال القدس وخصوصًا(محافظة نابلس ورام الله).

ولم تحافظ مملكتا يهودا والسامرة على استقلالهما؛ إذ خضعتا للحكم الأجنبي الآشوري ، ثم البابلي والمصري، وقد انهزمت الإمبراطورية البابلية أمام بلاد فارس بقيادة كورش الكبير عام 539 ق.م. وظلت يهودا تحت الحكم الفارسي إلى أن نجح الإسكندر الأكبر في غزوها عام 332 لتصبح تحت حكم الامبراطوية السلوقية الهلنستية، إلى أن اندلعت ثورة يهوذا المكابي التي مهدت الطريق أمام السلالة الحشمونية الحاكمة التي حكمت البلاد لمدة تتجاوز القرن، ثمّ وقعت يهودا تحت حكم الرومان في القرن الأول قبل الميلاد.

  فعلى أي أساس يعتبر أتباع الديانة اليهودية من قادة وشعب دولة إسرائيل الصهيونية، أنّ ما حوته تلك المملكة من أراضي الضفة الغربية التي يُطلقون عليها(يهودا والسامرة) هي أراض مقدسة لدولة إسرائيل الحالية التي لا تنتسب إلى بني إسرائيل انثروبولوجيًا، ويريدون ضمها إلى دولة إسرائيل وتهجير فلسطيني الضفة الغربية إلى الأردن لضم الضفة إلى دولة إسرائيل الحالية التي احتلت أراضيها بقوة السلاح ودعم المجتمع الدولي لها الذي تمكّن من استصدار قرار من الأمم المتحدة بإعلان قيام دولة إسرائيل في 29 نوفمبر عام 1948م استنادًا على وعد بلفوررئيس الوزراء البريطاني آنذاك عام 1917م بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، أي بدون أي سند تاريخي يثبت لليهود حق في إنشاء هذه الدولة، ففلسطين ليست ملكًا لبلفور حتى يمنحها لمعتنقي الديانة اليهودية في العالم ؟؟

 فإن كان بنو إسرائيل الذين لا وجود لهم الآن لا حق لهم في فلسطين، فكيف يُعطى هذا الحق لمعتنقي الديانة اليهودية الذين لا يمتون بصلة لنسل إبراهيم من يعقوب عليه السلام، واليهود الصهاينة يستندون على حقهم في أرض الميعاد على ما جاء في سفر التكوين: “في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاقًا قائلًا:” لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى نهر الكبير”[تكوبن: 15/ 18]، مع تجاوزنا عن أنّ هذا النص من كتبه وُضّاع التوراة، وعن الخطأ الكبير الذي استبعد أنّ إسماعيل عليه السلام ونسله من نسل إبراهيم عليه السلام أيضًا؟؟

البريد اليكتروني : suhaila_hammad@hotmail.com

رابط المقال : https://nz.sa/iSdds

Leave a Reply