د. سهيلة زين العابدين حمّاد
نُشر في صفحة الرأي بجريدة المدينة في 5 يوليه 2023ه
انطلقت هيئة الأزياء في عام 2020 قامت حتى الآن بمبادرتين مهمتين، هما «100 براند سعودي» ومؤتمر مستقبل الأزياء (فاشن فيوتشرز). نجحت فيهما أن تستقطب الأنظار، وفي الوقت ذاته تضمن مشاركة من تؤمن بمهاراتهم ومواهبهم في محافل عالمية مثل أسبوعي نيويورك وميلانو.
ويتركز دور الهيئة في دعم مجتمع الأزياء وتطوير بيئة تنموية للقطاع مع الحرص على تغطية كافة مراحل سلسلة القيمة بدءًا بعملية التصميم ومرورًا بالإنتاج والتطوير وإدارة دورة حياة المنتج انطلاقًا من رؤيتها التي تقوم على الارتقاء بقطاع الأزياء في المملكة من خلال الثقافة، وبالتالي تعزيز التراث والهوية الوطنيين بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات العالمية وتحقيق الأثر في الاقتصاد الوطني، بهدف تمكين وتطوير قطاع الأزياء وتحقيق ازدهاره ليكون مستدامًا وجامِعًا ومتكاملًا في مختلف مراحل سلسلة القيمة، وتعزيز المواهب والخبرات والكفاءات المحلية.
هذا وتتوافق الرؤية والتوجهات لهيئة الأزياء مع سلسلة القيمة للقطاع في عدة محاور استراتيجية، منها :
البيئة الثقافية والإبداع: ستعالج هيئة الأزياء مكامن الضعف في قطاع الأزياء السعودي، فيما يتعلق بتشكيل 1. المعرفة والنظام التعليمي وإرساء بيئة ثقافية تغذي الإبداع.
2. تطوير المنتجات: تتوفر اليوم قدرات وخدمات محدودة للغاية في مجال تطوير المنتجات في قطاع الأزياء في المملكة، لذا يكمن الطموح في بناء القدرات وتميزها بالتسلسل المناسب.
3. المواد الأولية والتصنيع: يعتبر التصنيع عقبةً أمام المصممين في المملكة، لذلك تبرز الحاجة إلى جعل خدمات التصنيع أكثر توفرًأ على المدى القصير وتطوير التجمعات الصناعية المحلية لتتكامل مع سلاسل الإمداد العالمية على المدى الطويل.
4. الفعاليات ورواية القصص: تتمتع الأزياء السعودية بهوية خاصة ولكنها تفتقر إلى رواية القصص بشكل مناسب؛ لذا ستكون هيئة الأزياء مسؤولةً عن الهوية وعن سرد القصص من خلال استراتيجية تواصل منظمة.
5. الاستهلاك: تهدف هيئة الأزياء إلى دعم المصممين المحليين في عرض وبيع ابتكاراتهم (في المملكة وخارجها).
6. الاستدامة: ستعمل هيئة الأزياء مع شركائها نحو تحقيق الريادة العالمية في الاستدامة و”الموضة”. مما يتيح الاعتراف بالريادة المحتملة للمملكة في ابتكارات الأزياء المستدامة.
7. ممكنات القطاع: ستكون هيئة الأزياء جهة معنية بتكامل قطاع الأزياء وتمكينه.
ولتحقق هيئة الأزياء رؤيتها؛ ستعمل على: وضع قوانين قطاع الأزياء، وإطلاق جمعية محترفي الأزياء السعوديين، وسرد قصة الأزياء السعودية من خلال قنوات التواصل والفعاليات، وإنشاء استوديو لتطوير المنتجات لدعم المصممين، وتعزيز الاستثمار في البحث والتطوير في تقنيات المنسوجات المستدامة والمبتكرة، وجمع البيانات حول قطاع الأزياء السعودي وإتاحة الوصول إليها، وإقامة المعارض الوطنية والدولية، وإعداد برنامج إرشادي للمصمّمين، وتوسيع وإثراء برامج التعليم السعودية المتعلقة بالأزياء (الدراسات الجامعية، والمقرّرات الدراسية القصيرة، والدورات التدريبية)، وإرساء شبكة من مؤسسات معنية بتطوير المنتجات في القطاع الخاص، ودعم فرص تطوير المنتجات للمصممين المحليين، وجذب الاستثمارات لتطوير منظومة تصنيع محلية في مجال الأزياء، مع الالتزام بقيم وتقاليد المجتمع السعودي في مجال صناعة الأزياء، وأن تكون المملكة رائدة في مجال صناعة الأزياء ومنتجاتها، رعاية الإبداعات المبتكرة وإبراز الثقافة السعودية في صناعة الأزياء، وربط مجتمع الأزياء وتوفير بيئة محفزة للإبداع، والاحتفاء بالأزياء التقليدية التراثية وصناعة مستقبل مزدهر للأزياء في المملكة، ودعم وتنمية المواهب الوطنية والنهوض بها لتكون رائدة في محافل الأزياء العالمية.
هذا وقد تمكّنت هيئة الأزياء من بناء استراتيجيتها التي استندت في بنائها على أربعة مبادئ توجيهية رئيسية، هي: 1. تحديد الطموح المناسب للقطاع على طول سلسلة القيمة، 2. التخطيط لتحقيق التوازن بين الاحتياجات قصيرة الأجل والأهداف متوسطة الأجل والطموحات طويلة الأجل، 3. توجيه التركيز على المدى القصير نحو حلّ المشاكل الحالية التي يواجها منسوبو القطاع وتحقيق نتائج ملحوظة خلال مدة لا تتجاوز 12 شهراً، 4. ترتيب كافة المبادرات بتسلسل استراتيجي لزيادة مساهمة قطاع الأزياء في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030.
وقد أكد الرئيس التنفيذي لهيئة الأزياء بوراك شاكماك أنّ الاستراتيجية تم تصميمها من أجل ضمان إنشاء البنية التحتية الأساسية المناسبة لتطوير صناعة الأزياء السعودية، مضيفًا أنّ المملكة تمتلك إمكانات ومواهب كبيرة تؤهلها لأن تكون مثالًا ممتازًا لكيفية بناء قطاع أزياء مبتكر ومستدام ويعبّر عن أصالة الهوية الوطنية وذلك من خلال الاعتماد على سلسلة القيمة في القطاع، والعمل مع الشركاء على توفير برامج تعليمية وتدريبية، وتطوير ريادة الأعمال، وتعزيز نوافذ ومسارات البيع بالتجزئة، والسعي لدعم وتمكين شركات الأزياء المحلية والارتقاء بعلاماتها التجارية إلى مستوى المنافسة الدولية.
وأكد الرئيس التنفيذي لمدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية ديفيد هنري، أن “أهمية الشراكة ترتبط بانسجامها الكامل مع الرؤية الاستراتيجية لمدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية، والمتمثّلة في إيجاد منظومة متكاملة تدعم الابتكار والإبداع لدى الشباب السعودي”.
وثمن “أهمية العمل جنبًا إلى جنب مع هيئة الأزياء بما يوفره من إمكانات مشتركة للكشف عن مزيد من الفرص الواعدة والملهمة للجيل المقبل من المصممين السعوديين، وترسيخ مكانة المملكة كوجهة عالمية قادمة ورائدة في قطاع الأزياء، وتسليط الضوء على المشهد الثقافي المحلي“.
ومن دعم مدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية لتعاونها مع هيئة الأزياء فقد نظّمّت هيئة الأزياء في الفترة من 17 إلى 19 نوفمبر2022م الأزياء النسخة الثالثة من مؤتمر مستقبل الأزياء في دورته الجديدة لهذا العام، الذي أقيم في مركز مدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية بالرياض؛ إذ جمع هواة الأزياء من حول العالم والاحتفاء بقطاع الأزياء المزدهر في المملكة، ودعم المبدعين الناشئين من خلال تنظيم الحلقات النقاشية القيّمة وورش العمل وجلسات تشاورية مع مجموعة من خبراء الأزياء العالميين.
واستقطبت فعاليات المؤتمر 30 مصممًا سعوديًا من برنامج “100 براند سعودي”؛ لعرض مجموعاتهم في مركز مدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية بالرياض أثناء المؤتمر، كما شمل المؤتمر استعراض هيئة الأزياء لتقرير يقدم معلومات وإحصاءات حول قطاع الأزياء السعودي، والذي يعد أول مبادرة تعمل على تطوير منصة بيانات شاملة للقطاع، علمًا أنّ النسخة الكاملة من “تقرير حالة الأزياء” ستطلقها الهيئة في شهر مارس 2023.
ولأول مرة استضافت المملكة في 25 أغسطس 2022م عرض “جيمي” العالمي للأزياء والذي تضمن أعمال 18 مصممًا. وكانت واجهت مصممو الأزياء السعوديون صعوبات جمة في السابق قبل تخفيف القيود المفروضة في المملكة، حيث كانوا يُضطرون للسفر إلى الخارج لعرض أعمالهم. وسمحت التغييرات الاجتماعية التي أطلقها ولي العهد السعودي في السنوات الأخيرة، بإقامة مثل هذه الفعاليات في المملكة .
أنّ برنامج القطاعات الثقافية لوزارة الثقافة تنمية الكفاءات والقدرات البشرية المتسلحة بالعلم والموهبة والإبداع والطموح، لتسهم في رحلتنا الثقافية نحو مستقبل غني تزدهر فيه كل أشكال الثقافة والفنون ويفتح للعالم منافذ جديدة ومختلفة للإبداع والتعبير الثقافي، فسيتيح برنامج ‘الابتعاثِ الثقافيِّ’ دراسة علم الآثار، التصميم، المتاحف، الموسيقى، المسرح، صناعة الأفلام، الآداب، الفنون البصرية، وفنون الطهي وغيرها من صنوف وألوان المعارف الثقافية والفنيّة تكتب فصلًا جديدًا من فصول ثقافتنا وفنونا وتاريخنا.
هذا وقد ابتعثت وزارة الثقافة أربع مجموعات بلغ مجموعها 359 مبتعثًا ومبتعثة تنوعت تخصصاتهم بين الآداب واللغات واللغويات، وتصميم الأزياء، والتصميم، وصناعة الأفلام، والفنون البصرية، وعلم الآثار، والمسرح، وفنون الطهي، والمكتبات، والمتاحف، وفنون العمارة، والموسيقى ، وتشمل الجهات التي سيدرسون فيها قائمة من المعاهد والجامعات العالمية المرموقة، منها: كلية رويال هولواي (جامعة لندن)، جامعة أستراليا الوطنية، كلية بيركبيك (جامعة لندن)، معهد برات في أمريكا، كلية جولد سميث (جامعة لندن)، جامعة إنديانا بلومنجتون، مدرسة مانشستر للفنون المعمارية، جامعة كوين ماري، جامعة ولاية ميشيغان، جامعة بنسيلفانيا، معهد الطهي في أمريكا، ومعهد الدراسات الشرقية والأفريقية (جامعة لندن)
ويعد هذا البرنامج للابتعاث الثقافي الأول من نوعه في تاريخ المملكة، وتهدف الوزارة من خلاله إلى سد الاحتياج الذي يتطلّبه سوق العمل للكوادر والمواهب الوطنية المؤهلة في التخصصات الفنية والثقافية، ونأمل من هؤلاء لمبتعثين والمبتعثات أن يعملوا على نشر التنوع الفريد والثري للأزياء التراثية للنساء وللرجال لجميع مناطق المملكة العربية السعودية دون استثناء.
البريد الالكتروني : Suhaila_hammad@hotmail.com
رابط المقال : https://www.al-madina.com/article/845638/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D9%87%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%B1%D8%A4%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D9%84%D9%83%D8%A9-2030