كيف نحمي أموال المستثمرين العرب في الدول الغربية؟

سهيلة زين العابدين حمّاد

نُشر في جريدة المدينة في 31 مارس 2022م.

  من الأمور التي استوقفتني في الأزمة الأوكرانية الروسية تجميد ومصادرة أموال الدولة الروسية وأموال رئيسها في البنوك الغربية، وكذلك مصادرة أموال المستثمرين الروس من شركات وأفراد في البلاد الغربية، بل حتى ممتلكاتهم العقارية تمّ الاستيلاء عليها حتى الياختات لم تسلم من الاستيلاء عليها، باختصار أصبحت أموال الروس الموجودة في البلاد الغربية استباحوها الأمريكان والأوربيين تحت ستار العقوبات الاقتصادية على روسيا من جراء عمليتها العسكرية على أوكرانيا.

 فلقد عمد القادة الغربيون إلى تجميد أصول البنك المركزي الروسي، مما حد من قدرته على الوصول إلى 630 مليار دولار من احتياطاته.

ومنعت بريطانيا، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة المواطنين والشركات لديها من إجراء أي تعاملات مالية مع البنك المركزي الروسي أو وزارة المالية الروسية أو صندوق الثروة السيادي الروسي.

وتضمنت العقوبات إبعاد بعض البنوك الروسية عن نظام سويفت الذي يسمح بتحويل الأموال بشكل سهل بين الدول المختلفة، وهو الأمر الذي سيعيق قدرة روسيا على الحصول على عائدات بيع نفطها وغازها، كما فرضت بريطانيا عدة عقوبات إضافية على موسكو من بينها:

تجميد أصول كافة البنوك الروسية، وإصدار قوانين لمنع الشركات والحكومة الروسية من الحصول على أموال من الأسواق البريطانية، وبدوره أعلن الاتحاد الأوروبي عن فرض عقوبات تستهدف 70 في المئة من السوق المصرفية الروسية وكبريات الشركات المملوكة للدولة الروسية.

  وهناك أيضًا عقوبات على الأشخاص استهدفت عددًا من الأشخاص البارزين في روسيا، فقد استهدفت الولايات المتحدة أصول ثمانية آخرين من الأوليغارش والمسؤولين الروس، بما في ذلك رجل الأعمال أليشر عثمانوف، وفرضت أستراليا عقوبات على الأثرياء الروس، و 380 من البرلمانيين الروس، الذين صوتوا بالسماح بإرسال الجيش إلى أوكرانيا.

 وأطلق الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة وكندا فريق عمل عبر المحيط الأطلسي لتحديد وتجميد أصول الأفراد والشركات الخاضعة للعقوبات.

 فهذه العقوبات تجعلنا قلقين على مصير الأموال العربية المودعة في البنوك الغربية والمستثمرة في الدول الغربية؛ إذ لا يوجد قانون دولي يحمي هذه الأموال من التجميد، أو المصادرة.

وهذا يدعوني إلى هذا التساؤل: ما مصير أموال وشركات المستثمرين العرب – دول وأفراد وشركات – في أمريكا وكندا وأوروبا وأستراليا، وذلك عندما تفتعل الإدارة الأمريكية أحداثًا تُبرِّر من خلالها فرض عقوبات على أيٍّ من الدول العربية، فعلى سبيل المثال، دبّرت المخابرات الأمريكية مع الموساد الإسرائيلي في 11 سبتمبر عام 2001 تفجير برجي مانهاتن في نيويورك، وألصقته بتنظيم القاعدة، على أنّه هو الذي نفّذه من خلال 19 رجلًا معظمهم سعوديين، لتتهم السعودية بضلوعها في تلك الأحداث، ووضعت قانون جاستا لمحاولة فرض عقوبات على المملكة لتُلزمها بدفع تعويضات لأهالي الضحايا، وهدّدت بتجميد أصول المملكة لديها إن امتنعت عن دفع التعويضات، وهو ما لم تسمح به قيادة المملكة آنذاك.. في حين لم تُفرض عقوبات قط على إسرائيل وفرنسا وبريطانيا بعدوانها الثلاثي على مصر عام 1956م لتأميمها قناة السويس التي تقع في الأراضي المصرية، وتعود ملكيتها للدولة المصرية، كما لم تفرض عقوبات على إسرائيل بعدوانها العسكري على الضفة الغربية لفلسطين وعلى مصر وسوريا في 6 يونيه عام 1967م، الذي نتج عنه احتلالها للقدس، وشبه جزيرة سيناء، وقطاع غزة، والضفة الغربية، وهضبة الجولان.  كما لم تفرض أية عقوبات على الولايات المتحدة الأمريكية لغزوها لأفغانستان عام2001م، وغزوها مع بريطانيا للعراق عام 2003، مع أنّها قتلت وهجّرت الملايين، وسرّحت جيشه، ودمرّت البُنية التحتية للإنسان العراقي، ولوطنه، فمطرقة العقوبات بيد الولايات المتحدة، ومن تريد تكسيره وعزلته وتحطيم اقتصاد بلده  تُسلطها على رأسه لتحطمها، فقد تبيّن أنّ كندا وأوروبا وأستراليا تابعة للإدارة الأمريكية، ولا تملك استقلالية القرار بدليل أنّها فرضت عقوبات على روسيا أضرّت كثيرًا باقتصادها، فزادت نسبة البطالة لديها بإغلاق الشركات الروسية وقنواتها وإذاعتها بها، مع ارتفاع نسبة التضخم في بلادها، وكما قال أحد البرلمانيين الألمان إنّ أوربا بعقوباتها على روسيا قد لطمت وجهها بيديها.

   فما حدث لروسيا إثر عمليتها العسكرية على أوكرانيا من جهة، وتدبير وتنفيذ المخابرات الأمريكية  مع الموساد الإسرائيلي أحداث 11 سبتمبر، واتهام السعودية بالضلوع فيها، واستثمارها جريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بإلصاقها بولي العهد السعودي مُلوْحِة بفرض العزلة عليه مع فرض عقوبات اقتصادية عليه وعلى المملكة العربية السعودية يجعلنا لا نأتمن الإدارة الأمريكية وكندا والدول الأوروبية وأستراليا ومن يسير في فلكها على أموال السعودية وشركاتها ورجال أعمالها من مستثمرين، وكذلك الأموال العربية المستثمرة في تلك الدول؛ لذا أقترح الآتي:

  1. أن تبدأ المملكة العربية السعودية وسائر الدول العربية التي لديها استثمارات في الدول الغربية وأستراليا أن تقلل من استثماراتها فيها، مع نقل من استثماراتها إلى دول شرقية.
  2. أن تسعى جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي لدى الأمم المتحدة ومنظمة التجارة العالمية لإصدار قانون دولي يحمي أصول واستثمارات  الدول  وأموالها وأموال رجال أعمالها واستثماراتهم في دول أخرى خارج دولهم من المصادرة أو التجميد أو الاستيلاء عليها مِن قِبل الولايات المتحدة الأمريكية وأروبا وكندا وأستراليا لها مصلحة خاصة في فرض عقوباتها، فالأموال المجمدة أو المصادرة أموال الشعوب، وليس من حق أية دولة أن تجمّد أو تصادر أموال دولة أخرى لكونها مُستثمرة لديها لأسباب سياسية وبمعايير مزدوجة، فهناك دول فوق القوانين الدولية وفوق العقوبات، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا. ةأن لا تُفرض العقوبات من قبل دول بعينها، مُفردة أو مُجتمعة، وإنّما التي تقررها منظمّات دولية وفق تخصصها، وبإجماع أغلبية أعضائها، ولا يخضع التصويت لها للفيتو.
  3. 3.   أن نُتسق دول مجلس التعاون الخليجي مع عدد من الدول الصديقة لإنشاء جمعية اتصالات مالية عالمية بين البنوك على غرار نظام سويفت الغربي.
  4. أن تستحدث دول مجلس التعاون الخليجي  مواقع للتواصل الاجتماعي تنافس مواقع التواصل الاجتماعي الأمريكية.

Suhaila_hammad@hotmail.com

رابط المقال : كيف نحمي أموال المستثمرين العرب في الدول الغربية؟ – جريدة المدينة (al-madina.com)

Leave a Reply