سهيلة زين العابدين حمّاد

نُشر في جريدة المدينة يتاريخ 16 ديسمبر 2021م.

 لقد بدأ الخميني بتنفيذ مخططه، وهو إعادة قيام الإِمْبِراطوريَّةُ الصَّفْويَّةُ(1501-1736م) منذ أن وطأت قدماه أرض طهران بعد عودته من منفاه السياسي في فرنسا إثر سقوط حكم شاه إيران رضا بهلوي عام 1979م،واعتلائه حكم إيران بتخطيط واتفاق بينه وبين إدارة كارتر؛ إذ توجد رسالة للخميني ضمن وثائق أمريكية رفعت عنها واشنطن السرية تدل على حوار أميركي مع الخميني، وتكشف الوثائق أنّه بعد مغادرة الشاه أخبرت واشنطن مبعوث الخميني أنّ “الولايات المتحدة مع فكرة تغيير الدستور الإيراني، وإلغاء النظام الملكي.”[العربية نت]فأسّس ذراعًا رئيسيًا تحت اسم فيلق القدس التابع للحرس الثوري، وهو مسؤول عن العمليات الإرهابية الخارجية، وله الدور الرئيسي في إنشاء الأذرع الخارجية لإيران والمكونة من ميليشيات محلية في عدد من دول المنطقة ترتكز على الطائفية المذهبية الشيعية كنقطة ارتكاز لكل تحركاتها من أجل حشد أقلياتها لتنفيذ المشروع الإيراني في الإقليم. وبُدِأ  بلبنان بزرع ميليشيا حزب الله المسلحة من شيعة لبنان منذ الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982م بدعوى مقاومته، وكان ذراع   الخمينيين القوي؛ إذ أصبح  يسيطر على القرار السياسي والحربي في لبنان، وعمل على عزلها عن أشقائها العرب، فأصبح دولة داخل دولة، ووصل بها إلى انهيار اقتصادي مريع شل قدراتها المعيشية والصحية والحركية لتفاقم أزمة البنزين والكهرباء، مع امتداد القتال والعمليات الإرهابية لهذا الحزب إلى العراق التي أسس بها فرعًا له، وسوريا واليمن، وله أذرع أخرى في بعض البلاد  العربية المجاورة وفي أوربا وأفريقيا وأستراليا وأمريكا اللاتينية. وقد صنّفته الجامعة العربية والولايات المتحدة وألمانيا ومجلس التعاون الخليجي وكندا واليابان وهولندا والتشيك ولتوانيا وأستونيا والأرجنتين وغيرها كمنظمة إرهابية، وحظر الاتحاد الأوروبي ونيوزيلندا والمملكة المتحدة وأستراليا الجناح العسكري لحزب الله بوصفه منظمة إرهابية.

 ومنذ اندلاع ما سميت بثورات الربيع العربي عام 2011م تدخّلت إيران في الحرب في سوريا مع القوى الدولية المتدخلة(تركيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية) وانتشر فيها أكثر من(68 ميلشيا مسلحة)وأعلنت إيران أنّ الجيش السوري أحد جيوشها في المنطقة إلى جانب حزب الله في لبنان وميليشيا الحوثي في اليمن الذي انقلب على الحكومة الشرعية عام 2014م، وسيطّر على العاصمة صنعاء والحديدة وصعدة وحجة وعمران وثمار وواب والبيضاء، ويسعى إلى إسقاط الحكومة الشرعية بهدف السيطرة على عموم اليمن، كما يستهدف السعودية بتوجيهات من إيران.

وكذلك ميليشياتها المسلحة في العراق التي منها كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق التي لها تواجد في سوريا، و”سرايا طليعة الخرساني” وهو فصيل عراقي مسلح، يرتبط بشكل مباشر بإيران، وله نفس شعار الحرس الثوري الإيراني. ويقدر عدد هذه الميليشيات بأكثر من 7 آلاف، وتعتبر حاليًا جزءًا من تشكيلات الحشد الشعبي إضافة إلى التعاون مع ميليشيات أخرى هي “كتائب الإمام علي، وكل هذه الميليشيات تغتال وتختطف المعارضين للنفوذ الإيراني وتدخُّله في العراق، وتحرق المستشفيات وغيرها من المرافق العامة، وتطلق المسيرات والصواريخ البالستية في المنطقة الخضراء، وبعد خسارتها في انتخابات العراق المبكرة في 10/10 / 2021م، وفشل محاولاتها في اغتيال رئيس حكومة العراق الحالي” مصطفى الكاظمي”، وفشل تعطيلها للعملية الانتخابية بإعادة فرز الأصوات يدويًا؛ إذ ثبت تطابقها مع العد الآلي، الآن تُطالب  بإلغائها بالطعن بصحتها استنادًا على تقارير قديمة بوجود خلل في آلات الفرز، وقد مضى أكثر من شهرين على الانتخابات ولم تستطع المفوضية للانتخابات المصادقة على نتائج الانتخابات.  

أمّا ليبيا فيرى المحلل السياسي الليبي عثمان بركة أنّ وجود المليشيات عمومًا هو نتيجة لواقع رسمه وجسده تنظيم الإخوان بعد 2011م، وذلك بتكليف وكلاء هذه المحاور.وتعمل مليشيات مدينة الزاوية بقيادة محمد باحرون المعروف بـ”الفار” أحد حلفاء تركيا والإخواني خالد المشري رئيس ما يسمى مجلس الدولة، ومليشيا ما يسمى“الكابوات” بقيادة “روبي” بطريق مصفاة الزاوية وجزيرة الركينة غرب ليبيا، وقد أكّد خبراء سياسيون ليبيون أنّ الميليشيات التابعة لتنظيم الإخوان غرب ليبيا تعمل على نشر الفوضى في البلاد، كما حذّروا من خطورة تحركاتها على الانتخابات المقبلة في حال عقدها في موعدها، لأنّها ستكون يد تنظيم الإخوان لنشر الفوضى في البلاد في حال خسارتها.  

 وكذلك ميليشيا مصراتة فهي ثالث أكبر الميليشيات في مصراتة، وتدين بالولاء لعائلة باشاغا. وكان عبد الهادي باشاغا آمرها إلى أن قُتل عام 2011 وهو أخ فتحي باشاغا أحد المرشحين  بالانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر 2021م.

 علاوة على “وجود مليشيات إسلامـية متشددة لا تعترف بالدولة ولها فهمها الخاص للدولة”. هذا  وقد بلغ عدد الميليشيات في ليبيا أكثر من 300 ميليشيا.

   إنّ هذه الميليشيات المنتشرة في لبنان والعراق وسوريا واليمن وليبيا لم يكن لها وجود في هذه البلاد، والتي أوجدتها قوى إقليمية متمثلة في إيران وتركيا والأخوان المدعمة من قوى كبرى  وأرادت فرضها على البلاد العربية من خلال ما سُمي بالربيع العربي الذي خطّطت له ونفّذته لإشاعة الفوضى وخلخلة الأمن وقتل الألوف وتهجير مئات الألوف  وعرقلة الانتخابات، ومصير الانتخابات الليبية مهدد بقوة السلاح من الميلشيات التابعة لتركيا والأخوان  حتى أنّ المفوضية للانتخابات لم تجرؤ على إعلان القائمة النهائية لأسماء المرشحين في موعده السادس من ديسمبر، ومن المؤسف أنّ بعض المرشحين للرئاسة لديهم ميليشيات مسلحة!

السؤال الذي يطرح نفسه إلى متى ستظل تلك الميليشيات في هذه البلاد؟

أما آن الأوان لحلِّها ونزع السلاح منها ليعم الأمن والأمان في تلك الدول وتُعاد إليها سيادتها المسلوبة منها؟

البريد اليكتروني: Suhaila_hammad@hotmail.com

المصدر : جريدة المدينة

https://www.al-madina.com/article/765109/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D8%AE%D8%B7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%B4%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%85%D9%86-%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%AC%D8%AF%D8%A9-%D9%81%D9%8A%D9%87%D8%A7

Leave a Reply