سهيلة زين العابدين حمّاد
نشر في جريدة المدينة يوم السبت الموافق 6 نوفمبر 2021م
عندما قرأتُ درس مكانة المرأة في الإسلام الصفحات(115- 120) بمادة الحديث والثقافة الإسلامية لثالث متوسط، الفصل الدراسي الثاني لعام 1443ه/ 2021م، تمنيتُ أنّ هذا الدرس لم يحتويه منهج دراسي أقرته وزارة تعليم بلدي، لأنّه لا يليق بها لضعف مادته ولكثرة احتوائه على أخطاء لغوية وإملائية، والذي استوقفني الآتي:
- مقدمة درس” مكانة المرأة في الإسلام” التي جاء فيها:” كانت الجاهلية الأولى تحتقر المرأة وتسلبها حقها، وتوقع الظلم بها، ونادت الحضارة الغربية المعاصرة بحقوق المرأة بمفهوم يُخالف فطرتها ممّا قوّض بناء الأسرة وأفقد المرأة دورها في تربية أبنائها وجعلت منها عرضة للفتنة والافتتان عن طريق التبرج والسفور، وجاء الإسلام فحافظ على مكانة المرأة، وشرّع لها من الأحكام والحقوق ما يحفظ توازن المجتمع لتؤدي المرأة والرجل وظيفتيهما في الحياة بما يتناسب وطبيعة خلقتهما”.[الحديث والثقافة الإسلامية لثالث متوسط ف2 عام 43 ص 115]
والسؤال الذي يطرح نفسه: أيهما أسبق الإسلام أم الحضارة الغربية المعاصرة حتى يتحدث عن وضع المرأة في الجاهلية، ثم في الحضارة الغربية المعاصرة التي خالفت فطرتها وقوّضت بناء الأسرة، فجاء الإسلام الذي حافظ على مكانة المرأة…؟
- حرص معدو المنهج على الاستمرار في إعطاء صورة معينة للمرأة تمثل وجهة نظرهم تقلل من شأنها، وهذا نلمسه بوضوح في مناهجنا الدراسية، ولم تتغيّر في مناهج هذا العام، فهي بهذا تخالف رؤية الإسلام للمرأة وتمكينها ،والتي قامت رؤية المملكة 2030 عليهما؛ إذ جعلوا من حقوق الزوجة صبر الزوج على أخطائها، وكأن الزوج ملاك لا أخطاء له، وعند حديثهم عن صور الإحسان إلى البنات والأخوات ذكروا أنّ من الإساءة والخيانة إليهن الإسراف في النفقة، وعدم تصحيح أغلاطها ، عدم توجيهها لاختيار…؟ لم تكتمل الجملة،[ ص 125]
وحتى عند الحديث عن تساهل بعض الأبناء بالبر بأمهاتهم، فكان الجواب الذي وضعه معدو المنهج لضعفها ولغلبة المسامحة لديها[ص122]
فالرسالة التي أوصلوها من خلال هذا الدرس أنّ المرأة ضعيفة كثيرة الأخطاء، فهي غير مؤهلة لتولي مناصب قيادية؛ لذا نجدهم تجاهلوا تمامًا مشاركة المرأة المسلمة في الحياة العامة في مختلف العصور، ومساهمتها في تأسيس الدولة الإسلامية الأولى وبناء الحضارة الإسلامية، وهذا الدوْر المُعتّم عليه تاريخيًا، وقليل من المؤرخين الذين سلطوا الأضواء عليها. وكنّا ننتظر من معدي المنهج
إنصاف المرأة كما أنصفها الإسلام، وإعلاء شأنها، كما أعلا الإسلام، فقد خلّد القرآن امرأة فرعون بالذكر حتى قيام الساعة، تلك المرأة المؤمنة الصابرة التي كانت نصرًا للمؤمنين به في قصر فرعون.
وهذه السيدة مريم البتول عليها السلام، اختارها الله جلّ شأنه لتكون آية هي وابنها، عيسى عليه السلام، حيث واجهت بني إسرائيل وصمدت وتحملت ما لا يمكن تحمله، ليكبر ابنها ويتولى الراية من بعدها، وقد كان من أولي العزم من الرسل.
وهذه السبدة عائشة رضي الله عنها، التي برّأها الخالق شأنه من حادثة الإفك في كتابه الكريم، وجعل سعي السيدة هاجر أُم سيدنا إسماعيل عليه السلام بين الصفا والمروة نُسكًا من مناسك الحج، كما خصّ النساء بسورة سميت بِ “سورة النساء”، ولا توجد سورة سميت بِ” سورة الرجال”.
وقد حصر الدرس مكانة المرأة في إطار المحيط الأسري مع حرصه على التركيز على أنّها ضعيفة كثيرة الأخطاء، وتجاهل تمامًا مساواتها بالرجل في الإنسانية والعبادات والحدود والقصاص والعقوبات، واعترافه بأهليتها الحقوقية والمالية، وإزالته عنها تهمة الخطيئة الأزلية التي ألحقتها بها الأديان والتشريعات القديمة، مجيبًا عن جميع التساؤلات التي أثارتها المجامع الكنسية حول ماهية وطبيعة المرأة؛ لذا نجده خص المرأة في الخطاب القرآني في القضايا التي أثير حولها التساؤلات للتأكيد على حقوقها، وأنَّ لها مثل ما للرجل، وفيما عدا ذلك جاء الخطاب القرآني بصيغة العموم شاملًا الرجال والنساء معًا، كما منحها الحقوق السياسية(الشوري – البيعة – الولاية) مثلها مثل الرجل، وجعل طلب العلم فريضة عليها كما هي مفروضة على الرجل، ولها أن تسافر في طلبه، كما لها أن تُعلِّم الرجال كما تتعلم منهم؛ وأجازت عدد كبير من العلماء، وكانت الفقيهة والمفتية وراوية الحديث، ونبغت في الطب والتمريض والفلك والرياضيات وعلوم الفضاء، وهذا ما سأبحثه في الحلقة القادمة إن شاء الله ،
فللحديث صلة.
suhaila_hammad@hotmail.com
المصدر: جريدة المدينة