ندوات ومحاضرات

الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ما لها وما عليها

By 21 March، 2021April 26th, 2021No Comments

                                                              

   قبل أن نتحدث عن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ،ونتعرف على مالها وما عليها والأسباب التي دعت إلى تكوينها وقيامها هناك حقائق ينبغي التوقف عندها والتعرف عليها وتأملها لأنَّها هي التي سوف تحدد لنا أهداف هذه الجمعية ،ومالها وما عليها ،وأول هذه الحقائق هي:   تحديد ما هية الإنسان ،من هو هذا الإنسان الذي نتحدث عنه ؟ ممن يتكون ؟ ما طبيعته؟ ما هي حقوقه ؟ ما الذي يحدث أن اخترقنا هذه الحقوق واعتدينا عليها ،أو تجاوزناها ،وأو سلبناها أو سلبنا بعضها  منه ؟ما معنى حق ؟  ولم كل هذه الضجة العالمية حول حقوق الإنسان ؟ ولمَ كل هذه المنظمات والجمعيات المعنية بحقوق الإنسان والمنتشرة في جميع أنحاء العالم ،والدولة التي لا توجد بها جمعية من هذه الجمعيات تعتبر دولة ظالمة لراعاياها غير محافظة على حقوقهم؟ ما هي حقوق الإنسان في الإسلام ؟وما هي حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية؟ أيهذا الإنسان  يامن العالم بأسره يطالب بحقوقك هل  تعرف هذه الحقوق  ؟ أيهذا  الإنسان ،يامن العالم بأسره يطالب بحقوقك ،ألا يترتب على هذه الحقوق واجبات تؤديها تجاه مجتمعك ،والمجتمع الإنساني الكبير؟ هل أنت مدرك لواجباتك ،أم أنَّك تجهلها كجهلك لحقوقك؟ ما الذي تستطيع أن تقدمه للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ،وماذا تريد منها أن تقدمه لك؟ هذه الأسئلة وغيرها تتبادر إلى الأذهان باحثة عن إجابة ،سنحاول الإجابة عنها باختصار شديد في هذه المحاضرة . ولنبدأ بِ: تعريف الحق :      جمع الحق حقوق ،وللحق معان كثيرة ،قال ابن منظور في لسان العرب : ” الحق نقيض الباطل ،وحق الأمر يحق ويَحُقُ حقاً وحقوقاً صار حقاً وثبت.وقال الأزهري : “معناه وجب يجب وجوباً ”  وفي تعريفات الجرجاني : “هو الشئ الثابت الذي لا يسوغ إنكاره ” ،والحق في اللغة له إطلاقات تزيد على عشرة منها : يطلق على الله جل جلاله ، ويطلق صفة لله تعالى ،وعلى العدل، وعلى الإسلام ،وعلى الصدق ، وعلى اليقين ،وعلى الحكمة،وعلى الحظ والنصيب ،وعلى البعث بعد الموت ،والتام الكامل،والبين الواضح. الحق في الاصطلاح:    يتفرع تعريف الحق في الاصطلاح إلى فرعين ،فرع فقهي شرعي ،وفرع قانوني وضعي. تعريف الحق في المصطلح الشرعي :     تعددت تعريفات الفقهاء في الشريعة الإسلامية للحق ،”فليس للحق تعريف جامع مانع يقطع بتحديده على المعنى المراد منه ،وإنَّما يستعمل فيما وضع له ،ولا يختلف استعماله عند الفقهاء عن استعماله اللغوي ،فهم يستعملونه دائماً فيما ثبت لإنسان بمقتضى الشرع من أجل صالحه ،ولذا يطلق في الفقه الإسلامي على كل عين ،أو مصلحة تكون لك بمقتضى الشرع سلطة المطالبة بها ،أو منعها عن غيرك ،أو بذلها في بعض الأحيان ،أو التنازل عنها كذلك ،فيطلق على الأعيان المملوكة ،ويطلق على المِلك نفسه ،ويطلق على المنافع ،أو المصالح على وجه عام.”  الحق في المصطلح القانوني الوضعي :     اختلف المفكرون الغربيون المهتمون بفكرة الحق ،والمتمسكون بها في تعريف الحق ،إلى مذاهب ،أهمها : المذهب الشخصي ،والمذهب الموضوعي ،وأصحاب المذهب الشخصي  ينظرون إلى الحق من زاوية صاحبه،فيعرِّفونه بأنَّه ” سلطة إرادية يستعملها صاحب الحق في حدود القانون ،وتحت حمايته.”،والمذهب الموضوعي : هو الذي ينظر إلى موضوع الحق لا إلى شخص صاحبه ،فالحق عند هذا المذهب هو ” مصلحة يحميها القانون .”    ما هية الإنسان:         اختلفت المفاهيم والتصورات لماهية الإنسان وكنهه ،وترتب على هذه المفاهيم والتصورات حقوق الإنسان وواجباته ،فهناك من نظر إلى الإنسان وكأنَّه روح خالصة ،كالبوذية والهندوكية لتي تمخَّضت عنها الفلسفة المثالية ،والنظريات التجريدية كنظرية المثل الأفلاطونية في العصور القديمة إلى فلسفة هيجل في القرن التاسع عشر ؛إذ تعاملت معه وفق هذا المنظور ،فحددت حقوقه وواجباته طبقاً له ،ونجده أثقل كاهل هذا الإنسان بواجبات تفوقه ،كالرهبانية ،في حين نجد تصورات ومفاهيم أخرى نظرت إلى الإنسان أنَّه مادة ،وتعاملت معه وفق هذا المنظور ،وحدَّدت حقوقه وواجباتها طبقاً لهذه النظرة ،كالداروينية التي نشأت عنها المذاهب المادية كالماركسية والفرويدية القائمة على التفسير الجنسي الحيواني للسلوك الإنساني ،وغير ذلك من المذاهب القائمة على مادية الإنسان وحيوانيته ،والتي شملت كل اتجاهات الفكر الغربي ،والتي اعتبرت الحرية الجنسية ،حق من حقوق الإنسان يمارسها متى شاء مع من شاء دون ضوابط شرعية طالما أنَّ الطرفيْن راضيين،معتدية بذلك على حقوق الآخرين من بني الإنسان .    وكلا التصوريْن انحرف عن الجادة والصواب لخطأهما  في تحديد ما هية الإنسان ،وبالتالي تحديد متطلباته واحتياجاته وواجباته .   والله جلَّ شأنه خالق هذا الكون وما فيه ،ومن فيه ،هو الأعلم والأدرى بصنعته ،فحدد ما هية الإنسان ووضع التشريعات التي تحفظ لهذا الإنسان كينونته وحقوقه في الحياة دون الاعتداء على حقوق الآخرين  ليؤدي رسالته فيها طبقاً لما وضعها الخالق له محدداً له واجباته كما حدَّد له حقوقه،مسخراً كل ما في هذا الكون لخدمته.  الإنسان في المنظور الإسلامي :                ينظر الإسلام إلى الإنسان نظرة شاملة لم تقم على التجزئة ،فالإنسان في الإسلام مادة وروح ، فهو مزيج من قبضة من طين الأرض ونفحة من روح الله امتزج الاثنان في كيان واحد مترابط رغم اختلافهما، ويوضح هذا قوله تعالى الآية 30 من سورة البقرة : ( إذ قال ربك للملائكة إنَّي خالق بشراً من طين فإذا سويته ونفختُ فيه من روحي فقعوا له ساجدين )   وقد تعامل الإسلام مع الإنسان وفق هذه النظرة ،ووضع تعاليمه له موازناً فيها بين المادة والروح فلم يبخس للجسد حقاً ليوفي حقوق الروح فيحرم المباح ، ولم يبخس للروح حقاً ليوفي حقوق الجسد فيبيح المحرمات ،وهنا تتجلى لنا معجزة الإسلام في موازنته بين رغبات الإنسان المادية وحاجاته الروحية ،فالإنسان في التصور الإسلامي من حيث طبيعته موحد بين النواحي المادية والروحية والحاجات النفسية ،فهو لا يؤمن فقط بمادية الإنسان كالداروينية  ،ولا يؤمن برهبانية الإنسان كالبوذية والهندوكية ،يقول تعالى : (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم)،إنَّما الإنسان مادة وروح معاً يوضح هذا قوله تعالى : ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا)      ولا تقتصر نظرة الإسلام إلى الإنسان من حيث طبيعته ومكوناته ، وإنَّما تمتد إلى تكريمه : ( ولقد كرَّمنا بني آدم )كما تمتد إلى كينونته ودوره في الحياة ،فالإنسان في القرآن مخلوق مكلف ذو رسالة هي الاستخلاف ( وإذْ قاَلَ رَبُّك للملائكةِ إنَّي جَاعِلٌ في الأرضِ خَلِيفةً قَالُوا أَتجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسِفِكُ الدِّمَاءَ ونحنُ نُسَبِّحُ بحمدِكَ ونُقَدِّسُ لَكَ قاَلَ إنَّي أَعلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) فالإنسان لم يخلق عبثاً كما تقول الوجودية ،وإنَّما خلق لمهمة كبرى هي “عمارة الأرض”،وذلك لتحقيق الغاية العليا من خلقه ،وهي عبادة الله ( وما خلقتً الجنَّ والإنس إلاَّ ليعبدون)      فالإنسان كائن مكلف ،ومناط التكليف العقل ،فاشترط التكليف بالعقل ،فإن انعدم العقل سقط التكليف ؛لذا نجده سقط عن الصغير والمعتوه والمجنون ،فالإنسان مكلف لأنَّه ذو عقل ،ووجود عقل يعني وجود فكر ،ودور العقل في هذه القضية جد عظيم ،وهو موضع اعتبار الإسلام وتعظيمه ليكون في الدرجة الأولى من الأهمية والفعالية والعطاء ،ومن الوصول بالإنسان إلى مداخل الحق والخير ،وتمكينه من استيعاب الحقائق التي تملأ أرجاء هذا الكون المعمور ،وفي طليعتها حقيقة الإيمان بالله الذي يملأ وجوده الكون ،فالإنسان العاقل يميز بين الخير والشر ،وبذلك فهو مسؤول عن اختياره ليحاسب ويعاقب ويُجازى إن أخطأ وتعدى على حقوق الغير ،قد يقول قائل أنَّ الإنسان مسير،وهذا قدره فكيف يحاسب عن أمر ليس له ؟ وهنا أقول : الإنسان في التصور الإسلامي مسيَّر ومخيَّر ،مسيَّر في بعض جوانب حياته ،وفق طبيعته التي خلق عليها ،فهو مسيَّر بخضوعه لسنن الكون التي لا يستطيع الخروج عنها كقوانين الجاذبية والضغط الجوي ،وقوانين الجسم من الهضم والدورة الدموية ،وقوانين الحرارة ،وغيرها من السنن الكونية ،وهذا من رحمة الله بالإنسان ؛إذ لو لم يكن مسيراً في قوانين الجسم كيف يستطيع أن يُسيِّر أجهزة جسمه لتؤدي وظائفها وهو نائم؟     فالإنسان في بعض جوانب حياته مسير ؛إذ يخضع للسنن الكونية ،ومن جهة أخرى له قدرة وإرادة حرة تختار ما تريد من الأفعال والتصرفات ،ومسؤولة عن هذا الاختيار : ( وَنَفسٍ وما سوَّاها فَألَْهَمَها فُجُورَها وتًقْوَاها )  ( وهَدَيْنَاهُ النَّجْديْن) ،فهنا يأتي الاختيار ،فمادام الإنسان قادراً على التمييز بين الخير والشر ،فهو حر الاختيار ؛إذ يُبيِّن الله جلَّ شأنه له الخير والشر ،وطريق كل منهما ،وله أن يختار أيهما يسلك ،ثمَّ يتحمل بعدئذٍ مسؤولية اختياره ،فيُثاب ويُجازى خيْراً على الخير ،ويُعاقب في الدُّنيا والآخرة إن سلك طريق الجريمة والشر،وهنا يأتي دور المجتمع في معاقبة من أجرم في حق العباد وحق المجتمع ،فلا نقول إنَّ الإنسان مسؤول عن أخطائه ،ولا يتحمل المجتمع مسؤولية التحريم ،كما يقول واضعوا القوانين الوضعية ،وبعض دعاة حقوق الإنسان موجهين انتقاداتهم للعقوبات والحدود والتعزيرات  في الشريعة الإسلامية  ،لأنَّ إسقاط حق المجتمع المتمثل في سلطة الدولة في التحريم يسقط الحرام ،ويسقط معه العقاب ،وبالتالي تشيع الفوضى ،وتُرتكب الجرائم ،وتُنتهك الأعراض ،وتُسلب الأموال وتُراق الدماء،فحفظاً لحقوق الإنسان أوجد الخالق القصاص والحدود والتعزيرات ،وهو أدرى بخلقه ،وبما يصلح لهم : ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أنَّ النَّفسَ بِالنَّفْس وَالْعَيْن بالعَيْنِ والأَنْفَ بِالأْنْفِ والأُذنَ بالأُذنِ والسِّنَّ بالسِّنِّ والجُرُوح قَصاص)  فأنت بهذه العقوبات تحفظ حقوق المجني عليهم، المعتدى عليهم ليدرك كل إنسان قبل إقدامه على جريمة ما أنَّه سوف يُعاقب بالمثل ليكون هذا العقاب رادعاً له ولغيره،فلا يقدم على جريمته ،وبالتالي تُحفظ حقوق الجميع ،ولكن الذي نراه الآن أنَّ منظمات حقوق الإنسان الدولية تدافع عن الجاني ، ،ولا تدافع عن المجني عليه،وتُهاجم الشريعة الإسلامية لأنَّها تحفظ حقوق المجني عليه وحقوق المجتمع بقطع دابر الجريمة بفرضها العقاب عليها .  لماذا تنشأ جمعيات حقوق الإنسان في العالم ؟ يتركب الإنسان من نوازع للخير ونوازع للشر ،وتتصارع هذه النوازع في داخله ،ويدخل العامل الديني والتربوي في تحديد أيها يغلب على الآخر؛إضافة أنّ العرق دساس كما قال الرسول صلى عليه وسلم ؛لذا أوصى باختيار النطف ،وقد ثبت علمياً أنَّ في الإنسان جينات للخير وجينات للشر ،وهذه الجينات تورث،وطالما يوجد شر فهناك من يظلم ويبغي ويقتل ويسرق ويحرق ويدمر وينتهك الأعراض والحرمات ،إضافة إلى ما يشعله البعض من حروب ،وما تلحقه هذه الحروب من خراب ودمار وقتل جماعي ،وفردي للمدنيين ،وتعذيب الأسرى والمعتقلين،واعتقال النساء والأطفال،وقد تتعرض النساء للاغتصاب داخل السجون،وما يستخدم في كثير من هذه الحروب من أسلحة محرَّمة دولياً ،كل هذا دعا ذوي الضمائر الحية في العالم إلى إنشاء منظمات وجمعيات للمطالبة بحقوق الإنسان المنتهكة ،وتنبيه الرأي العام الدولي لما يحدث من انتهاكات لحقوق الإنسان ،ومطالبة المجتمع الدولي للتحرك ،وبعد الحرب العالمية الثانية ،رأى ذووا الضمائر الحية من مختلف شعوب العالم ضرورة العمل من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لوقف تلك الانتهاكات لإنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف مؤمنين بالحقوق الأساسية للإنسان ،وبكرامة الفرد وقدره ،وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية مبينين الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي ،والدفع بالرقي الاجتماعي قدماً ،ورفع مستوى الحياة في جو من الحرية ،وأسهموا في استصدار ميثاق للأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان ،وإنشاء منظمة العدل الدولية لنشر العدل بين الدول وشعوبها ،وإنشاء منظمات ولجان تعني بحقوق الإنسان لتحقيق أهداف وغايات أهمها ،تسامح البشر ،والعيش في سلام وحسن الجوار ،والحفاظ على السلم والأمن الدولي ،وتبني مبادئ معينة ورسم خطط تكفل عدم اسنخدام القوة المسلحة في غير المصلحة المشتركة ،مع الحفاظ على استخدام الأداة الدولية في ترقية الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للشعوب جميعها .  أسس حقوق الإنسان في الفكر الغربي والقانون الدولي:    وجاء هذا الفكر انطلاقاً من وعي فكري غربي حول القيمة القانونية لحقوق الإنسان قائم على ثلاث أسس  هي : 1- الحقوق الطبيعية:     وهي مستمدة من فكرة” القانون الطبيعي ” الذي يستنبط من الطبيعة ،ويتوصل الإنسان إلى معرفته عن طريق العقل الذي يقوم باستنباط التشريعات الكفيلة بصيانة الحقوق الفردية من القانون الطبيعي الأزلي الثابت الذي لا يتغير ،ويعتمد على فكرة العدل المطلق ،ويقرر وجود حقوق وحريات طبيعية للإنسان سابقة على وجود الدولة ،وعلى القانون الوضعي أن يلتزم بها ،وأن يتجه نحوها كمنار وكمثل أعلى.  ويعبر القانوني ” جان ريفيرو (Jean Rivero) عن وجهة نظره حولها ،فيقول : ( إنَّ حقوق الإنسان تقوم على فكرة القانون الطبيعي ،وطبقاً لهذه الفكرة ،فإنّ الإنسان لمجرد كونه إنساناً يمتلك مجموعة من الحقوق الملاصقة لطبيعته ،والتي لا يمكن إنكارها ،أو الاعتداء عليها ،وعلى القانون الوضعي أن يعترف بتلك الحقوق الطبيعية ،وأن يحميها ،وحتى لو جرَّدنا تلك الحقوق من اعتراف الدولة بها ،فإنَّها تظل قائمة بحكم القانون الطبيعي)  2- نظرية العقد الاجتماعي ” الالتزامات التبادلية”: تتلخص نظرية العقد الاجتماعي في أنّ السلطة والحقوق كلها مردها إلى عقد اتفق بموجبه الحكام والمحكومون على أن يتولى الحكام السلطة نظير تحقيق بعض الحقوق للإفراد ،وأن يتنازل هؤلاء عن بعض حقوقهم الأصلية في الحرية ،فهذا العقد يتم بموجبه إقامة مجتمع منظم يعرف فيه الحاكم مدى سلطته ،ويعرف الإنسان حقوقه ،وهذا معناه أنَّ السيادة في أصلها المجموع الأفراد المكونين للشعب ،وللأمة في النطاق الذي يباشر فيه الحاكم سلطته ،واختلفت الآراء حول تأصيل هذه النظرية ،وتشعبت إلى مدارس مختلفة أهمها العقد الاجتماعي عند هوبز ،والعقد الاجتماعي عند لوك ،والعقد الاجتماعي عند جان جاك روسو ،وروسو لا يفصل بين السلطات ،بل يدمجها مع بعضها البعض ،ويعتبرها شيئاً واحداً لأنَّ الفصل يؤدي إلى التناقض مع وحدة الإرادة. 3- الأهداف الإنسانية في حفظ السلم والأمن:               إنَّ الإنسانية ترغب في توفير الحقوق الأساسية للإنسان بهدف الاستقرار والسلام والأمن ،وهذا الأساس مستخلص من أحكام ميثاق الأمم المتحدة ،والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ،واتفاقي الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ،وقد جاء في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ما يلي :” لمَّا كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية ،وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو اساس الحرية والعدل والسلام في العالم ،ولما كان تناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني ،وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ،ويتحرر من الفزع والفاقة ،ولمَّا كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.”       ولكن في الغالب نجد أنَّ هذه المنظمات الممولة من جهات معينة تضخم ما يحدث من انتهاكات لحقوق الإنسان في دولة عربية وإسلامية المخطط للسيطرة عليها  لاتخاذ المبررات والذرائع لفرض عقوبات اقتصادية عليها  ،وقد تتحرك الجيوش لاحتلال ذاك البلد ،في حين نجد تلك المنظمات تتغاضى عن انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في فلسطين ،وفي بلاد ترضخ تحت الإحتلال الأمريكي مثل أفغانستان والعراق،ولذا نجد أنَّ المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان قد فقدت مصداقيتها لعدم حيدتها وموضوعيتها ،وبدت وكأنَّها أُسِّست لمساعدة الأقوياء على احتلال وتعذيب وإذلال الضعفاء . أهمية دراسة حقوق الإنسان:   الإنسان هو أساس هذا الكون ،وهو العنصر الأساسي فيه ،ولدراسة حقوقه أهمية بالغة تهدف إلى تأصيل الكرامة الإنسانية والحرية والسلام ،وبناء مجتمعات إنسانية ذات إرادة حرة ومستقلة بعيدة عن التسعف والظلم والاضطهاد ،وإبعاد أشباحها عنه ،والسماح للإنسان بممارسة حقوقع الإساسية في ظل العدالة والحماية يتضمن عدم تمرد هذا الإنسان ،وبالتالي يحول دون الاضطرابات والفتن ،واتجاه العالم نحو القانون والبعد عن الحروب يؤدي بطبيعته إلى احترام حقوق الشعوب والأفراد على حد سواء ،وإلى التعاون فيما بين دوله وشعوبه ،وإلى صفة الحتم إلى احترام حقوق الإنسان .   إنّ دراسة حقوق الإنسان ضرورو ملحة مع تطور المجتمعات ،وازدياد متطلبات الحق من حماية ،ومن حقوق إضافية طرأت مع هذا التطور .   إنَّ تقنين ودراسة هذه الحقوق يجعلها من الوضوح بحيث لا يترك المجال للاستبداد والتستر وراء غموض النصوص، أوالأحكام غير الواضحة ،أو وراء القوانين والقرارات الوطنية ،وعند نشؤ مشكلات دوائية وإنسانية مثل حالات : الجرحى والأسرى في الحرب ،ومركز اللاجئين الذين أجبروا على ترك ديارهم ،إلى غير ذلك من الحالات ممَّا يقتضي الوضع بيان هذه الحقوق ،وضرورة التقيد بها ،والتسليم بها ولأصحابها.                                   حقوق الإنسان في الإسلام           من الحقائق التي علينا أن نسعى لإبرازها وبيانها أنَّ الإسلام سبق المنظمات الدولية في حفظ حقوق الإنسان وحمايتها بتشريعات شرَّعها الخالق جلَّ  شأنه ،وهي تشريعات شاملة وجامعة  تطبق على الجميع لاُ يستثنى منها أحد مهما بلغ من القوة والجبروت .    إنّ الحديث عن حقوق الإنسان في الإسلام حديث طويل يحتاج إلى مؤلف كبير ،بل إلى موسوعة تشمل كل هذه الحقوق ،فالإسلام لم يترك كبيرة ولا صغيرة إلاَّ وبيِّنها ،ولم يغفل أي حق من حقوق الإنسان ،لأنَّ الذي وضع هذه الحقوق ليس البشر ،وإنَّما الخالق للبشر والكون وما فيه من كائنات ،والكمال له وحده ، فالمجال هنا لا يتسع لذكرها كلها بتفصيلاتها ،لكن سأتحدث عنها إجمالاً ،وليس تفصيلاً. من  هذه الحقوق : أولاً – حق الحياة :    حق الحياة هو الحق الأول للإنسان ،وبه تبدأ سائر الحقوق ،وعند وجوده تطبق بقية الحقوق ،وعند انتهائه تنعدم معظم الحقوق،وحق الإنسان في الحياة منحة من الله تعالى ،وليس للإنسان فضل في إيجاده ،وكل اعتداء عليه يعتبرجريمة في نظر الإسلام .وهذا الحق مكفول بالشريعة لكل إنسان ،ويجب على سائر الأفراد والمجتمع والدولة حماية هذا الحق من كل اعتداء ،وينبني على ذلك حرمة الاعتداء البدني والمعنوي . الاعتداء البدني :      من حرمة الاعتداء البدني اعتداء الإنسان على غيره بالقتل ،وقد عدَّ القرآن الكريم إزهاق الروح الإنسانية مسلمة أو غير مسلمة جريمة ضد الإنسانية كلها وقرنها بأكبر الكبائر ،وهو الشرك بالله فجعل عقوبتها في الآخرة الخلود في النَّار،وحق الحياة ثابت لكل نفس فقتل واحدة منها اعتداء على حق الحياة ذاته،والقصاص في القتل هو صيانة لحق الحياة الذي تشترك فيه النفوس جميعاً،يقول تعالى : ( مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا على بني إِسْرائيل أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَن أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعَاً)     وفي السنة المطهرة أحاديث كثيرة تبين حرمة القتل منها : ( لن يزال المؤمن في فسحة من دينه مالم يصب دماً حراماً ) رواه البخاري.، وروى عنه البخاري عنه أيضاً قوله عليه الصلاة والسلام : ( أول ما يُقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء) ،ولا يتعدى تحريم القتل على المسلمين ،وإنَّما يشمل غير المسلمين ،فيقول عليه الصلاة والسلام في رواية للبخاري : ( من قتل نفساً معاهداً لم يرح رائحة الجنة)   ومن حرمة الاعتداء البدني أيضاً  الإجهاض ،فقد أجمع العلماء على حرمة قتل الجنين بعد نفخ الروح فيه إلاَّ لعذر ،وإن حصل الإجهاض ،أو الاعتداء الخارجي على الجنين فنزل ميتاً ففيه الغرة ،وهي عبد أو أمة قيمتها عُشر دية أمه ،وإن نزل حياً ،ثُمَّ مات فتجب فيه دية كاملة.واختلفوا في إسقاط الجنين قبل نفخ الروح ،فذهب بعضهم إلى الإباحة ،ومنعه آخرون ،لأنَّه صار مؤهلاً للقدرة على الحياة واكتمال النمو. الاعتداء المعنوي :    هو أي عدوان يمس كرامة الإنسان واعتباره الذاتي والإنساني. ثانياً – حق الأمان:       وزيادة في حفظ الإسلام للحياة الإنسانية جعل الأمن حق أساسي له بالحفاظ على المصالح الضرورية التي تقصد بها الأعمال والتصرفات التي تتوقف عليها صيانة الأركان الخمسة وهي الدين والنفس والعقل والنسل والمال ،فهذه الأمور الخمسة يتوقف عليها قيام مصالح الناس في حياتهم الدينية والدنيوية ،فإذا فقد بعضها اختلت الحياة الإنسانية. ثالثاً- الناس سواسية في القيمة الإنسانية المشتركة :   تتمثل هذه المساواة في الاعتقاد بأنَّ الناس جميعاً متساوون في طبيعتهم البشرية ،وأنَّ ليس هناك جماعة تفضل غيرها بحسب عنصرها الإنساني ،وخلقها الأول ،وانحدارها من سلالة خاصة ،وما انتقل إليها من أصلها هذا بطريق الوراثة ،فهذه أمور ليس بأيديهم ،وإنَّما التفاضل بينهم يقوم على أمور هم يتحكمون فيها ،وهي التقوى والعلم والأخلاق والأعمال إلى غير ذلك ،وقد حرص الإسلام على تقرير هذه المساواة في أكمل صورها ،وجعلها من العقائد الأساسية التي يجب على المسلم أن يدين بها ،وفي هذا يقول تعالى :  ( يا أيُّها النَّاس إنَّا خَلَقّناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وجعلناكم شُعُوباً وَقَبَائِل لَتَعَارَفُوا إِنَّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنَّ اللهَ عليمٌ خبير) ،فهنا مقياس الأفضلية هو التقوى ،فأنتم جميعاً منحدرون من أب واحد وأم واحدة ،فلا فضل لأحدكم على الآخر بحسب عنصره وطبيعته وسلالته وجنسه ولونهه ،وإذا كان الله تعالى قد جعلكم شعوباً وقبائل ،فإنّه لم يجعلكم كذلك لتفضيل شعب على شعب ،أو قبيلة على قبيلة ،وإنَّما قسَّمكم هذا التقسيم لكون ذلك وسيلة للتعارف والتمييز والتسمية ،كشأن الأفراد يحمل كل منهم اسماً ليعرف به ،ويتميز به عمن سواه،والتفاضل بينكم عند الله إنَّما يجري على أساس أعمالكم ،ومبلغ محافظتكم على حدود دينكم ،فأكرمكم عند الله أتقاكم .ويقول تعالى في آية أخرى : ( ولقد كرَّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيِّبات وفضَّلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً)  ،فالله تعالى قد كرَّم بني آدم على العموم ،وفضَّلهم على كثير من خلقه ،ولم يخص جماعة أو قبيلة دون أخرى ،وتفسر السنة النبوية المطهرة هذه الجزئية وتفصل فيها لتوضيحها أكثر ،فيقول  عليه الصلاة والسلام في خطبة الوداع التي جعلها دستوراً للمسلمين من بعده : (أيها الناس إنَّ ربكم واحد ،وأباكم واحد، كلكم لآدم ،وآدم من تراب ،وليس لعربي على عجمي ،ولا لعجمي على عربي ،ولا لأحمر على أبيض ،ولا لأبيض على أحمر فضل إلاَّ بالتقوى ،ألا هل بلغت ؟ ! اللهم فاشهد .ألا فيبلغ الشهد منكم الغائب ) .   ويظهر سمو هذه المبادئ الإسلامية بالموازنة بينها وبين العقائد والشرائع التي كانت سائدة عند كثير من شعوب العالم المتحضر قبل الإسلام ،وخاصة عند الهنود البراهمة واليونان والرومان واليهود الذين يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار ،والعرب في الجاهلية ،والأوربيون الذين يعتقدون أنَّ الجنس الآري هو أفضل الأجناس ،ولا يزال الغربيون بصورة عامة ينظرون إلى الأجناس الأخرى،ولا سيما العرب والمسلمين والأفارقة  نظرة عنصرية دونية ،ويستكثرون عليهم ما أنعم الله عليهم من ثروات فيحتلون بلادهم ليستحوذوا على خيراتها.   رابعاً- تسوية الإسلام بين الناس في الحقوق المدنية وشؤون المسؤولية والجزاء:  في الإسلام يُعامل النَّاس جميعاً على قدم المساواة في شؤون المسؤولية والجزاء ،وفي الحقوق المدنية كحق التعاقد والتملك ،بدون تفرقة بين أمير وغفير ،ولا بين شريف ووضيع ،ولا بين غني وفقير ،ولا بين محبوب ومكروه ،ولا بين قريب وبعيد ،فالعدالة الإسلامية لها ميزان واحد يطبق على جميع النَّاس .  وفي هذا يقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوُا كُوُنُوا قَوَّامِينَ بِالقِسطِ شُهَدَاء للهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أوْ الوَالِدين والأقْرَبِين إنْ يَكُنْ غَنِياً أوْ فَقِيراً فالله أولى بهما فلا تَتبِعُوا الهوى أنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلووا أو تَعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَان بِمَا تَعْملون خَبِيرا)   ،ويقول جل شأنه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُوُنُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكم شَنْآن قَوْمٍ على ألاَّ تَعْدِلُوا )  أي لا ينبغي أن تحملكم كراهيتكم لبعض الناس لسبب ما على مجانبة العدل في أحكامكم معهم ( اعدلوا هُوَ أَقْرَبُ للتقوى واتقوا اللهَ إنَّ اللهَ خبيرٌ بِمَا تَعْمَلُون)   ويقول تعالى : ( إنَّ اللهَ يَأْمُركم أنْ تُؤدُّوا الأمَانَاتِ إلى أهْلِها وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعمَّا يَعِظكُمْ بِهِ)  ويقول عليه الصَّلاة والسَّلام : ( لا تفلح أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي ) ،ويقول : ( إنَّما أهلك الذين من قبلكم أنَّهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه ،وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد ،وأيم والله لو أنَّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها).    ويقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه في أول خطبة له بعد مبايعته بالخلافة : ( ألا إنَّ أقوامكم عندي الضعيف حتى آخذ الحق له ،وأضعفكم عندي القوي حتى آخذ الحق منه.)    وحرص على تكرار هذا المعنى نفسه أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه في أول خطبة له بعد توليه الخلافة ،فقال : ( أيها الناس ! إنَّه والله ما فيكم أحد أقوى عندي من الضعيف حتى آخذ الحق له ، ولا أضعف عندي من القوي حتى آخذ الحق منه .)  وجاء في رسالة عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري ،وهي الرسالة التي جمع فيها معظم أحكام الإسلام في القضاء : ( آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك ) أي سو بين المتقاضين في جميع هذه الأمور،ويقول في وصيته للخليفة من بعده : ( اجعل النَّاس عندك سواء ،لا تبال على من وجب الحق ،ثمَّ لا تأخذك في الله لومة لائم، وإيَّاك والمحاباة فيما ولاَّك الله.) خامساً- تسوية الإسلام بين الناس في حق التعلم والثقافة :   لقد ساوى  الإسلام بين كل الأفراد في حق العلم والتعلم ،لكل فرد الحق في أن ينال العلم والثقافة ما يشاء ،وما تتيحه له إمكاناته وظروفه ،ويتيحه له استعداده ،بل جعل ذلك فرضاً عليه في الحدود اللازمة لأمور دينه وشؤون دنياه ،وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( طلب العلم فريضة على كل مسلم) ولفظ مسلم هنا يشمل المسلمة  أيضاً ،وجاء في بعض روايات هذا الحديث ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة)،ويشيد الله جل شأنه بالعلم والعلماء فيقول : ( هل يستوي الذين يعلمُون والذين لا يعلمون)  ،يقول تعالى : ( إنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِه العُلماءُ) ،وأول سورة تزلت في القرآن الكريم تحث على العلم ( إقْرِأْ وَرِبُّكَ الَأكْرَمُ الذي علَّم بالقلم. علَّمَ الإنْسَان مالم يعلم) كما نجده جل شأنه قد أقسم بالقلم : ( ن. والقلمِ وما يسطرون) . سادساً- تسوية الإسلام بين الناس في حق العمل :   لقد أعطى الإسلام كل فرد الحق في أن يزاول أي عمل مشروع يروق له ،وتكون لديه الكفاية للقيام به ،وقد حث الإسلام على العمل أياً كان نوعه مادام داخلاً في نطاق الأعمال المشروعة ،وأمر به ،وأعلى شأنه ،يقول تعالى في كتابه العزيز : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُم الأرضَ ذَلُولاً فامْشُوُا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوُا مِنْ رِزْقِهِ) ،وعليهم أن ينصرفوا إلى أعمالهم بعد آدائهم لصلاة الفريضة : ( فإذا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوُا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوُا مِنْ فَضْلِ اللهِ كَثِيراً وَاذْكُرُوُا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون)  ،ولقد أجاز القرآن مباشرة أعمال التجارة ،وما إليها أثناء أداء مناسك الحج ،قال تعالى : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ جناح أنْ تِبْتَغُوُا فَضَلاً مِنْ رِبِّكُم فَإِذَا أَفَضتُمْ مِنْ عَرَفَات فاذْكُرُوُا اللهَ عِنْدَ المشْعَرِ الحَرَام) قال المفسرون في هذه الآية إنَّها تحث على الأخذ بأسباب الرزق ومزاولة أعمال التجارة ،وما إليها في مواطن الحج نفسها ومواسمه.وقوله تعالى : ( لِيَأْكُلُوُا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيِهِمْ أَفَلاَ يِشْكُرُون)     وقد رغَّب الرسول صلى الله علية وسلم في العمل ،فقال : ( ما كسب الرجل كسباً أطيب من عمل يده ،وإنَّ نبيَّ الله داوود كان يأكل من عمل يده ) رواه البخاري. وبيَّن مكانة التاجر الصدوق ،فقال : ( التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقيين والشهداء.)رواه الترمذي ،وقال هذا حديث حسن. كما رغَّب الرسول صلى الله عليه وسلم في الزراعة ،فقال : ( ما من مسلم يغرس غرساً ،أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلاَّ وكان له به صدقة. ) رواه البخاري. ومن حق الفرد أن تؤمن له الدولة العمل ،فقد كان العاطلون يأتون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدبر لهم عيشهم ،فتوفير أسباب العمل أمر تلزم به الحكومة ،ويفرض عليها. وقد حفظ الإسلام حقوق العاملين ،فقد قرر الإسلام الأجر للعامل ،وأن يكون الأجر على قدر العمل لا ظلم فيه ،ولا غبن ،يقول تعالى : ( وَلاَ تَبْخَسُوُا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ )  ويقيم الإسلام مبدأ تفاوت الأجور على أساس قاعدة أهمية العمل يوضح هذا قوله تعالى : ( وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوُا).   وقد ضمن الإسلام للعامل أجره المستحق : ،يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( قال الله : ثلاثاً أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثُمّ غدر ، ورجل باع حراً فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ،ولم يعط أجره.)  .وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه.) كما أعطى الإسلام كل فرد حق تكافؤ الفرص بينه وبين غيره في الحصول على العمل ،وتحريم أي امتياز يستمده مدعيه من العرف ،أو من سيطرة ذوي السلطان ،والقاعدة هي أنَّه يجب اختيار الأصلح بنوع العمل دون اعتبار آخر ،فإنَّ إسناد العمل لغير أهله هلاك للعمل لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر السَّاعة )   كما أعطى الإسلام لكل فرد عامل حق تأمينه من الإرهاق ،فلا يكلف العامل إلاَّ بالعمل الذي في قدرته ،ويستطيع الاستمرار عليه ،يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ولا تكلفوهم ما يغابهم فإن كلَّفتموهم فأعينوهم .)   ولا يحق لصاحب العمل أن يجبر العامل على العمل فوق الساعات المحددة له ،ولا يقدم العامل على ذلك إلاَّ برضاه التام ،ويعطى أجرة الزيادة. كما كفل الإسلام للعامل وأسرته  عند عجزه لشيخوخة أو لعاهة . ……………………………………… [ 1] هذه المحاضرة كلفني بإعدادها  رئيس لجنة الثقافة والنشر الدكتور أحمد التركستاني  بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ،بتوصية من اللجنة ، للتعريف بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بما لها وما عليها ، ليطلع عليها أعضاء الجمعية، وكان ذلك عند بداية تأسيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ،واعتمدت من قبل الجمعية ووزعتها على أعضائها.  سابعاً : حق الحرية:         الحرية هي إرادة الإنسان وقدرته على ألاّ يكون عبداً لغير الله . والحرية في الإسلام مقيدة ،لأنَّ الحرية ليست انطلاقاً من القيود الضابطة للحرية هي في أصلها قيود نفسية ،وليست قيوداً خارجية ،وهي تتكون من حقيقتين : إحداهما : السيطرة على النفس والخضوع لحكم العقل لا الخضوع لحكم الهوى ،وثانيهما : الإحساس الدقيق بحق الناس على الفرد ،وإلاّ كانت الأنانية ،والحرية والأنانية لا يجتمعان.وقد حرص الإسلام على تطبيق مبدأ الحرية في هذه الحدود وبهذه المناهج في مختلف شؤون الحياة ،وأخذ به في جميع النواحي التي تقتضي كرامة الفرد أن يؤخذ به في شؤونها ،وهي النواحي المدنية ،والنواحي الدينية ،ونواحي التفكير والتعبير ،ونواحي السياسة والحكم ،ووصل به في كل ناحية من هذه النواحي الأربع إلى شأو رفيع لم تصل إلى مثله شريعة أخرى من شرائع العالم قديمه وحديثه.        ثامناً : حق التكافل الاجتماعي :  يقصد بالتكافل الاجتماعي في معناه اللفظي أن يكون آحاد الشعب إلى كفالة جماعتهم ،وأن يكون كل قادر ،أو ذوي سلطان كفيلاً في مجتمعه يمده بالخير ،وأن تكون كل القوى الإنسانية في المجتمع متلاقية في المحافظة على مصالح الآحاد ،ودفع الأضرار ،ثمَّ في المحافظة على دفع الأضرار عن البناء الاجتماعي ،وإقامته على أسس سليمة . ولا تستقيم حياة يذهب فيها كل فرد إلى الاستمتاع بحريته المطلقة إلى غير حد ولا مدى ،يغذيها شعوره بالتحرر الوجداني المطلق من كل ضغط ،وبالمساواة المطلقة التي لا يحدها قيد ولا شرط ،فإنَّ الشعور على هذا النحو كفيل بأن يحطم المجتمع ،كما يحطم الفرد ذاته.  فاللمجتمع مصلحة عليا لابد أن تنتهي عندها حرية الأفراد ،وللفرد ذاته مصلحة في أن يقف عند حدود معينة في استمتاعه بحريته ،لكي لا يذهب مع غرائزه وشهواته ولذائذه إلى الحد المردي ،ولكي لا تصطدم حريته بحرية الآخرين فتقوم المنازعات التي لا تنتهي ،وتستحيل الحرية جحيماً ونكالاً ،ولقد جاء الإسلام والناس في تدابر وتناحر وعصبيات تقوم على رابطة الدم والنسب ،وأراد الإسلام أن يبني المجتمع مجنباً الإنسانية هذا الشقاء ،وذلك التمزَّق فحرَّر الإنسان من كل هذه العصبيات، وأبى عليه أن يستعبد لأرض أو للون أو لجنس ،وجمع البشر تحت ظل الأخوة الإيمانية ،وإذا بها أخوة تفوق أخوة النسب والدم والعصبية حتى أنسهتهم ما بينهم في الجاهلية من تارات وعداوات وقتل ،ولم يبق إلاَّ التناصر والتآلف والمحبة والإخاء ،وهذا ما ذكره القرآن في حال المؤمنين ؛إذ قال تعالى : ( واعتصموا يِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وِلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأََنْقَذَكُمْ مَّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون.) ،ويقول تعالى : ( إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوُا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) ،ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ) رواه البخاري ، وفي حديث آخر رواه البخاري يقول عليه الصلاة والسلام : ( ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى عضواً تداعي له سائر جسده بالسهر والحمى )  وهذا غاية ما تصبوا إليه المجتمعات في أمر التكافل أن يتحد الإحساس ويتضامن ،وأن تتوافق المشاعر وتتساند ،وأن يسعى الجميع إلى غاية واحدة هي تحقيق السعادة والأمن للمجتمع كله.                    تسوية الإسلام في جميع هذه الحقوق بين المسلمين وغير المسلمين       لقد ساوى الإسلام بين المسلمين وغير المسلمين في تطبيق هذه المبادئ ،فيقرر أنَّ الذميين في بلد إسلامي ،أو في بلد خاضع للمسلمين لهم ما للمسلمين من حقوق ،وعليهم ما لى المسلمين ،ويجب على الدولة أن تُقاتل عنهم كما تقاتل عن رعاياها من المسلمين ،وتطبق عليهم القوانين القضائية التي تطبق على هؤلاء ،إلاَّ ما يتعلق منها بشؤون الدين فتحترم فيه عقائدهم ،فلا توقع عليهم الحدود الإسلامية فيما لا يحرمونه ،ولا يدعون إلى القضاء في أيام أعيادهم لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أنتم يهود عليكم خاصة ألاَّ تعدوا في السبت.)    ولا يقف الأمر في معاملة الذميين عند نصوص الشرع والقانون ،بل إنَّ الحاكم المسلم مطالب فوق المجاملة ،وحسن المعاملة في غير ما بيَّنته النصوص وفصَّلته العهود ،وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام : ( من قذف ذمياً حد له يوم القيامة بسياط من نار. ) ،ويقول : ( من آذى ذمياً فقد آذاني) ،,يقول : ( من ظلم معاهداً أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا خصمه يوم القيامة .)    ويقول عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه في كتاب له إلى عمرو بن العاص في أثناء ولايته على مصر مشيراً إلى الحديث السابق ذكره : ” إنَّ معك أهل الذمة والعهد ،فاحذر ياعمرو أن يكون رسول الله خصمك” ،ويقول في عهده لأهل بيت المقدس عقب فتح المسلمين له : ” هذا ما أعطى عمر أمير المؤمنين أهل إلياء من الأمان : أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم ،ولا تهدم ،ولا ينتقص منها ،ولا من خيرها ،ولا من صلبهم ،ولا من شئ من أموالهم ” . وروى يحي بن آدم في كتاب الخراج أنَّ عمراً لما تدانى أجله أوصى من يلي الخلافة بعده ،وهو على فراش الموت ،بقوله : ” أُوصي الخليفة من بعدى بأهل الذِّمة خيراً ،وأن يوفى لهم بعهدهم ،وأن يُقاتل من ورائهم ،وألاَّ يكلفهم فوق طاقتهم.)                     مساواة الإسلام بين الرجل والمرأة في كل هذه الحقوق المساواة بين المرأة والرجل في القيمة الإنسانية: وسواسية الناس في القيمة الإنسانية في الإسلام تشمل الذكور والإناث ؛إذ أجاب الإسلام عن ما دار في المجامع الكنسية من جدل حول ماهية المرأة ،وكنهها ،وهل هي إنسان ذو نفس وروح خالدة ؟ وهل تُقبل منها العباة ؟ ،وهل تدخل الجنة ،وأخيراً قرر المجتمعون :  ( أنَّ المرأة مجرد حيوان نجس لا روح له ولا خلود ،ولكن يجب عليها العبادة والخدمة ،كما يجب تكميم فمها كالبعير وكالكلب العقور لمنعها من الضحك والكلام لأنَّها أحبولة الشيطان) ولقد أجاب الإسلام على هذه التساؤلات،معلناً إنسانية المرأة  في قوله تعالى : ( يا أَيُّها النَّاس إنَّا خلقناكم من ذكر وأنثى ) ،وقوله تعالى : ( هو الذي خلقكم من نَّفسٍ واحدة وجعل منها زوجها لِيَسْكُنَ إليْها )  ،وقوله تعالى : ( يا أيُّها النَّاس اتقوا رَبَّكُمْ الذي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفس ٍ واحدة وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً ونِسَاء)  وأوضح الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة في قوله : ( إنَّما النساء شقائق الرجال )  كما نفى عن المرأة تهمة الخطيئة الأزلية في قوله تعالى : ( وعصى آدمُ ربََّه فغوى)  كما أعلن مساواتها بالرجل في الأجر والثواب في قوله تعالى : ( فاستجاب لهم ربُّهم أنّي لا أُضيعُ عمل عامل منكم من ذكرٍ وأُنثى بعضكم من بعض )  ،وقوله تعالى : ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصًّالِحَاتِ مِنْ ذَكَيٍ وَأُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً) ،وقوله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّه حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون)  كما ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في الحرية السياسية والفكرية والدينية ،وحرية العمل ،ولم يفرّق بينهما في أي منها ،فلكل فرد عاقل رشيد رجلاً كان أو امرأة أن يشترك في إدارة شؤون الدولة ،وأن يُراقب سيرها وينفذ أعمالها ،فلها حق مبايعة الإمام لقوله تعالى : (( يا أيها النَّبيُ إذا جاءك المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنكَ على أنْ لا يُشْرِكنَ باللهِ شيئاً ولا يَسْرِقَنَ ولا يزْنِينَ ولا يَقْتُلنَ أوْلاَدَهُنَّ ولا يأتِين بِبُهْتانٍ يفترِينَهُ بين أيديِهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ ولاَ يَعْصِينَكَ في معْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ واسَتغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إنَّ اللهَ غفُورٌ رَّحيم)  هذا نص قرآني واضح وصريح ،ولا يحتاج إلى اجتهاد أو تأويل  قد خصَّ الله جلَّ شأنه فيه النِّساء بالبيعةِ تأكيداً على أنَّ بيعتَهنَّ مستقلةٌ عن بيعة الرِّجال ،أي ليست تابعة لمبايعة الرجال ،وإنَّما متممة ومكملة لها ولا تكتمل البيعة إلاَّ بها . ومن هذا المنطلق فالمرأة لها حق مبايعة الحاكم في أنظمة الحكم القائمة على المبايعة ،وحق  الانتخاب في الأنظمة القائمة على الانتخابات .  كما ساوى بين المرأة والرجل في حق الشورى يوضح هذا قوله تعالى في الآية 159 من سورة آل عمران :  ( فَبِمَا رَحمَةٍ مَّن اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظَّاً غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك فَاعفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ  وَشَاوِرْهُم في الأَمْرِ) واضح من الآية هنا أنَّ الخطاب   جاء بصيغة العموم ،أي يشمل الذكور والإناث،وإلاَّ لكانت دعوته صلى الله عليهم خاصة بالرجال دون النساء إن اعتبرنا أنَّ قوله جل شأنه ( وشاورهم في الأمر) قاصر على الرجال)؛إذ لا يمكن تجزئة الخطاب هنا إلى جزئين جزء يشمل الرجال والنساء ،وهو الخاص بالدعوة ،أمَّا الجزء المتعلق بالشورى فهو خاص بالرجال فقط،وذلك من أجل أن نحرم المرأة من حق الشورى!ولو كان الأمر كذلك لاستثنى الله جلَّ شأنه النساء منها،وقوله تعالى في  الآية 38 من سورة  الشورى  : ( وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبَّهم وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون) فالخطاب هنا جاء بصيغة العموم أيضاً ،ولو قصرنا قوله تعالى ( وأمرهم شورى بيْنهم ) على الرجال دون النساء ،فهذا يعني أنَّنا قصرنا الصلاة والزكاة والصدقات التي هي من الإنفاق على الرجال أيضاً ،وأسقطنا ذلك عن النساء ،وهذا يتنافى عمّا جاء به الإسلام.     وساوى الإسلام بين المرأة والرجل في حق الولاية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يوضح هذا قوله تعالى : ( والمُؤْمِنُون والمُؤْمِنات بَعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروفِ وينهوْن عن المُنكر)،وقد ولى عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه الشفاء من بني عدي الحسبة ،كما جعلها مستشارة له، وقد اعتبر بعض الفقهاء الحسبة نوع من أنواع القضاء. ومن هنا كان لها حق الإفتاء كالرجل دون تحديد من تفتي لهم فهناك من الفقهاء من قصر فتوى المرأة للنساء ،والسيدة عائشة رضي الله عنها كانت تفتي في زمني أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في مختلف القضايا ،ولم تقتصر فتواها على الشؤون النسائية .  كما ساوى بين المرأة والرجل في حق إجارة المحارب  ،يوضح هذا قوله تعالى : ( وإنْ أحدٌ مِنَ المُشْرِكين أستجاركَ فأجره حتى يسمعَ كلامَ اللهِ ثُمَّ أبْلِغْه مَأْمَنَهُ ) وقد مارست المرأة المسلمة هذا الحق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وكلنا يعرف قصة أم هانئ أخت على بن أبي طالب رضي الله عنهما التي أجارت محارباً يوم فتح مكة ،وأراد أخوها علي بن أبي طالب كرَّم الله وجهه قتله ،فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وقالت له : هذا ابن أبي وأمي يريد قتل من أجرته ،فسألها عمن أجارت ،وسمته له ،فقال لها عليه الصلاة والسلام :  (أجرنا من أجرت يا أم هانئ)،ولم تُخفر إجارة امرأة ،ويقابل الإجارة في عصرنا الحالي ما يُسمى بحق اللجوء السياسي. التسوية بين المرأة والرجل في الأهلية الحقوقية وفي التصرفات المالية :          ويقصد بها ممارسة الشؤون المالية والمدنية من بيع وشراء ورهن وقرض وإقراض ووقف ،وإبرام للعقود وفسخها ،وعقد الشركات والقيام بالتجارة والوكالة والتوكيل ،ورفع الدعاوى ،محتفظة بحقها في التملك تملكاً مستقلاً عن غيرها ،فللمرأة المتزوجة في الإسلام شخصيتها المدنية الكاملة ،وثروتها الخاصة المستقلتان عن شخصية زوجها وثروته ،ولا يجوز للزوج  أن يأخذ من مالها قل ذلك أو كثر ،قال تعالى : ( وَإِنْ أَرَدُتم استبدال زَوْجٍ مكان زَوْجٍ وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُوُا مِنْهُ شيئاً أَتَأْخُذونه بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً وكيفَ تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعضٍ وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً )   وقال جل شأنه : ( وَلاَ يَحِلُّ لكم أنْ تأخذوا مِمَّا آتيُمُتوهُنَّ شيئاً) ،وإذا كان لا يجوز للزوج أن يأخذ مما سبق أن آتاه لزوجته ،فإنَّه لا يحل له من باب أولى أن يأخذ شيئاً من مالها الأصيل إلاَّ أن يكون برضاها ،وعن طيب نفس منها ،يقول تعالى : ( وَآتُوا النساء صَدُقَاتِهِنّ نِحلة فَإِنْ طِبَنَ لكم عن شئٍ منه نفساً فكلوه هَنِيئاً مريئاً) ،ولا يحل لزوج أو أخ أو ابن أو أي كائن كان أن يتصرف في أموالها إلاَّ إذا أذنت له بذلك ،أو وكَّلته في إجراء عقد بالنيابة عنها ،وفي هذه الحالة يجوز أن تلغي وكالته ،وتوكل غيره إن شاءت.  هذا وقد انفردت الشريعة الإسلامية عن القوانين كلها بإعطاء المرأة كامل حقوق الأهلية التي يتمتع بها الرجل.                         حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية       المملكة العربية السعودية تسير على المنهج الإسلامي دستورها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ،وحقوق الإنسان في هذه الدولة هي ذاتها حقوق الإنسان في الإسلام ،فهي تلتزم بتطبيق  ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية من تشريعات تحفظ للإنسان حقوقه كاملة ،وهذا ما جاء نصه  في المادة السادسة والعشرين من النظام الأساسي للحكم الصادر بالأمر الملكي رقم أ/90 وتاريخ 27/2/1412هـ ،والتي نصَّت على أن ” تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية”،وقد تتضمن النظام الأساسي للحكم في مواده حفظ حقوق الإنسان كما جاء بها الإسلام . حقوق الإنسان في النظام الأساسي للحكم : حق المساواة : نصًّت عليه مادتان من مواد النظام الأساسي للحكم ،وهما :المادة الثامنة الآتي نصها : يقوم الحكم في المملكة في المملكة العربية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية ” ،والمادة السابعة والأربعون : ” حق التقاضي مكفول بالتساوي للمواطنين والمقيمين في المملكة ” ،وقد  بيَّن النظام الإجراءات اللازمة لذلك،وحق الحياة ،قد ورد في مادتيْن أيضاً هما : المادة التاسعة : الأسرة هي نواة المجتمع السعودي …ويربي أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية ،وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر … واحترام النظام وتنفيذه وحب الوطن والاعتزاز به وبتاريخه المجيد”،والمادة العاشرة : ” تحرص الدولة على توثيق أواصر الأسرة ،والحفاظ على قيمها العربية الإسلامية ورعاية جميع أفرادها ،وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم .  حق الأمن:  فقد ورد نصه في  المادة السادسة والثلاثون : ” توفر الدولة الأمن لجميع مواطنيها والمقيمين على إقليمها ،ولا يجوز تقييد تصرفات أحد أو توقيفه ،أو حبسه إلاَّ بموجب أحكام نظامية”   حق الكرامة :وقد ورد هذا الحق في : المادة السابعة والثلاثين : ” للمساكن حرمتها …ولا يجوز دخولها بغير إذن صاحبها ،ولا تفتيشها إلاَّ في الحالات التي يبينها النظام.” المادة الثامنة والثلاثين : ” العقوبة شخصية ،ولا جريمة ،ولا عقوبة إلاَّ بناءً على نص شرعي ،أو نظامي ،ولا عقاب إلاَّ على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي”. المادة الأربعين : ” المراسلات البرقية والبريدية والمخابرات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال مصونة … ولا يجوزمصادرتها أو تأخيرها ،أو الاطلاع عليها ،أو الاستماع إليها إلاَّ في الحالات التي بيَّنها النظام.”   حق التكافل الاجتماعي :         قد ورد هذا الحق في المادة السابعة والعشرين : ” تكفل الدولة حق المواطن وأسرته في حال الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة ،وتدعم نظام الضمان الاجتماعي ،وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية”. حق التعلم والثقافة:  ورد هذا الحق في المادتين التاليتين : المادة التاسعة والعشرين : ” ترعى الدولة العلوم والآداب والثقافة ،وتعني بتشجيع البحث العلمي ، وتصون التراث الإسلامي والعربي ،وتسهم في الحضارة العربية والإسلامية والإنسانية “. المادة الثلاثين : ” توفر الدولة التعليم العام ،,تلتزم بمكافحة الأمية . حق العمل :  وقد جاء هذا النص في المادة السابعة عشرة من نظام الحكم : ” الملكية ورأس المال والعمل مقومات أساسية في الكيان الاقتصادي والاجتماعي للمملكة ،وهي حقوق خاصة تؤدي وظيفة اجتماعية وفق الشريعة الإسلامية.” المادة الثانية والعشرين : ” يتم تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفق خطة علمية عادلة.” الحقوق المدنية :  لقد حفظ النظام الأساسي للحكم الحقوق المدنية للإنسان في المواد التالية : المادة السادسة عشرة : ” للأموال العامة حرمتها ،وعلى الدولة حمايتها ،وعلى المواطنين والمقيمين الحفاظ عليها . المادة السابعة عشرة : ” الملكية ورأس المال والعمل مقومات أساسية في الكيان الاقتصادي والاجتماعي للمملكة ،وهي حقوق خاصة تؤدي وظيفة اجتماعية وفق الشريعة الإسلامية.” المادة الثامنة عشرة : ” تكفل الدولة حرية الملكية وحرمتها … ولا ينزع من أحد ملكه إلاَّ للمصلحة العامة علة أن يعوض المالك تعويضاً عادلاً .” المادة التاسعة عشرة : ” تحظر المصادرة العامة للأموال ،ولا تكون عقوبة المصادرة الخاصة إلاَّ بحكم قضائي.” حق الحرية :  ورد هذا الحق في المادتين التاليتيْن :  المادة السادسة والعشرين : ” تحمي الدولة حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية.” المادة الثامنة والثلاثين : العقوبة شخصية،ولا جريمة ،ولا عقوبة إلاَّ بناءً على نص شرعي ،أو نظامي ،ولا عقاب إلاَّ على الأعمال اللاحقة للعمل بالنص النظامي.”      هذا وتوجد في المملكة خمس لجان لحقوق الإنسان قبل إنشاء الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ،وهذه لجان هي :  1- إدارة حقوق الإنسان بوزارة الداخلية. 2- لجنة حقوق الإنسان بوزارة الخارجية. 3- لجنة حقوق الإنسان بوازرة العدل. 4- لجنة حقوق الإنسان بهيئة الخبراء. 5- لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى.         كما يوجد بالمملكة ديوان المظالم للنظر في قضايا المواطنين مع كبار مسوؤلي الدولة ومؤسساتها.    كما تلتزم المملكة بما وقعت عليه من عهود ومواثيق واتفاقيات عربية وإسلامية ودولية متعلقة بحقوق الإنسان،منها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ،وقد جاء نظام الحكم الأساسي موافقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان باستثناء مادتين لمخالفتهما الصريحة للكتاب والسنة ،فالمادة السابعة من النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية تنص على الآتي : ” يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ،وهما الحاكمان على هذا النظام ،وجميع أنظمة الدولة”.    وتعد المادتان  السادسة عشرة،والثامنة عشرة  من النظام العالمي لحقوق الإنسان مخالفتان للشريعة الإسلامية ،فالمادة السادسة عشرة تنص على : ” الرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج لهما الحق بالتزوج من دون قيد بسبب الدين” .وهذا مخالف للشريعة الإسلامية التي تحرِّم على المسلمة الزواج من غير مسلم صيانة للأسرة لأنَّ للرجل القوامة ،ولا ولاية لغير مسلم على مسلمة ،في حين نجده أباح للمسلم الزواج من كتابية.    والمادة الثامنة عشرة من الإعلان العالمي : ” تعطي كل شخص حق الحرية في تغيير دينه ،أو عقيدته ،وحرية الإعراب عنها بالتعليم والممارسة ،وإقامة الشعائر ،ومراعاتها سواءً كان ذلك سراً ،أم مع الجماعة .” وهذا محرم في الدين الإسلامي ،فالإسلام لا يكره أحداً على ترك دينه ،والدخول في الإسلام ،فالذي يعتنق الإسلام يعتنقه عن إيمان واقتناع ،ولا يجوز له بعد اعتناقه الإسلام يغير دينه ،وإن أقدم على ذلك يطبق عليه حد الردة ،ولذا نجد بعض الدول الغربية تسعى لإلغاء عقوبة الردة تمهيداً لتنصير المسلمين طبقاً لماء جاء في توصيات مؤتمر المجمع المسكوني الثاني الذي عقد عام 1965م باستقبال الألفية الثالثة بلا إسلام.  الحاجة إلى جمعية وطنية لحقوق الإنسان:   ولكن هناك تجاوزات من بعض الأفراد وتعد بعضهم على حقوق بعض لجهل بعضهم بهذه الحقوق من جهة ،ولسوء فهم البعض منهم للآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة بهذه الحقوق ،وتفسير بعضها طبقاً لأعراف وتقاليد تتعارض مع الإسلام ،ظناً منهم أنَّ هذا ما جاء به الإسلام ،فيُنسبون ما يذهبون إليه الإسلام ،وسأضرب مثالاً على ذلك : لقد منح الإسلام المرأة  حق الحرية المدنية ،أي الأهلية الحقوقية المالية ،ولها ذمة مالية مستقلة ،وبناءً على هذا فللمرأة ما للرجل من حقوق في إبرام العقود والتملك ،والبيع والشراء ،والرهن والقرض والإقراض ،والوقف دون وصاية من أحد أو شرط وكالة ،ولكن للأسف الشديد نجد المرأة في مجتمعنا تُعامل معاملة القاصر ،فلا يجيز لها البعض  إجراء العقود ،ولا تحمل الالتزامات ،والبعض يحرمها من التملك ،فتكتب ما تشتريه باسم ولي أمرها أوكيلها حتى لو كانت هي القائمة بأمور نفسها ،ولا ينفق عليها أحد ،والبعض الآخر يحرمها من حق الميراث ،ويجعلها دائماً تحت وصاية الرجل : تحت وصاية أبيها أو أخيها ،أوأحد أقاربها إن لم تكن متزوجة،وأبوها متوف ،وتحت وصاية زوجها إن كانت متزوجة ،بل نجد المرأة لا يحق لها أن ترفع قضية في المحكمة إلاَّ بموافقة ولي أمرها ،حتى الأم التي جعل الله الجنة تحت قدميها ،وجعلها الرسول عليه الصلاة والسلام أحق الناس بالصحبة  نجدها قد تكون تحت وصاية ابنها فلا يُسمح لها بالسفر إن مات زوجها إلاَّ بورقة إذن من ابنها ،أو أخيها حتى لوكانت في سن الستين والسبعين،وتكون هي القائمة بأمر نفسها ،وغير متكفل بها الابن أو الأخ ،والمرأة إن سُجنت ،وأنهت محكوميتها لا تخرج من السجن إلاَّ إذا جاء ولي أمرها واستلمها،فهي عند تطبيق العقوبة تُعامل كاملة الأهلية ،وعند الخروج من السجن تُعامل كالقاصر ،مع أنَّ الرجل يخرج من السجن دون أن يأتي أحد من ذويه يستلمه ،هذه الوصاية جعلت الرجل يتحكم في المرأة،وكأن جسدها ومالها ملك له،يتصرَّف فيه كما يشاء ،ولا حقوق لها عنده ،وما يقدمه لها تفضل منه يمن عليها به ،فهناك من يحرمها من حق العلم ،وهناك من يحرمها من حق الزواج فيعضلها ،وهناك من يستبيح جسدها فيغتصبها إن كان أباً أو أخاً أو عماً أو خالاً،ولا يُعاقب العقاب الشرعي  ،وهناك من أبناء العم من يحجرون على بنات أعمامهم فيحرِّمون عليهن الزواج ،وهناك من الإخوة من يحبسون أخواتهم ،ويمنعونهن من الخروج ،ويستولون على ميراثهن من أبيهن ،وهناك من الآباء من يضربون بناتهم حتى الموت ،ولا يُعاقبون بالإعدام ،وهناك من الإخوة والأزواج من يضربون أخواتهم وزوجاتهم ضرباً مبرحاً ،ولا يُعاقبون،وهناك من الأزواج من يطلقون زوجاتهم ولا  يُعطوهن حقوقهن المالية ويحتفظون بأوراقهن الثبوتية لديهم تنكيلاً بمطلقاتهم ليظللن تحت وصايتهم ،ويسامومونهن عليها ،كما نجد بعض الأزواج إن حكم له بحضانة الأولاد يحرم الأم من رؤية أولادها ،وإن كان الأولاد في حضانة الأم لا يتكفل الأب بنفقتهم ،وبعض الآباء يحتفظون بشهادات ميلاد أولادهم عندهم ،وإن بلغوا سن المدرسة لا تستطيع الأم إدخالهم مدارس حكومية ،وتضطر إلى إدخالهم مدارس أهلية ،وقد تكون ظروفها المالية لا تسمح بذلك ،وتخشى إن طالبت الأب بشهادات ميلاد أولادها ينتزعهم منها .   كل هذه الاختراقات لحقوق الإنسان وغيرها تتعرض لها المرأة في مجتمعنا من أقرب الناس إليها. أيضاً نجد الكثير منا لا يأخذ بمبدأ الإسلام في القيمة الإنسانية بين بني البشر ،فالنعرة القبلية لا تزال تسيطر على عقول البعض منا مهما بلغ من درجات العلم والمعرفة ،ويشعر أنَّه الأعلى من غيره لأنَّه من قبيلة كذا ،ومنهم من يتعامل مع تلامذته في المدرسة والجامعة بهذه النظرة الاستعلائية التي تهدر من  كرامتهم خاصة الذين تنتهي أسماؤهم ب ِ “جاوي” ،”فلمباني” ،”صيني” ،”بخاري ” ،”تركستاني ” فلاتة ،برناوي”، “كردي ” ،سندي” ،”هندي”،” سمرقندي”..إلخ من أبناء هذا الوطن الذين هاجروا من أوطانهم إلى بلد الحرمين الشريفين ،واستقروا فيها منذ مئات السنين ،وقد تعود أصول معظمهم إلى الجزيرة العربية ،حيث هاجر أجدادهم مع الفاتحين لتلك البلاد،أو كانوا من التجار الذين انتشر الإسلام على أيديهم ،واستقروا في تلك البلاد وتزاوجوا وتصاهروا  مع أهاليها  ،ونحن البشر جميعاً أصولنا واحدة أبانا واحد ” آدم عليه السلام ” ،وأمنا واحدة ” حواء” لا فضل لبعضنا على بعض إلاَّ بالتقوى والعمل الصالح وخلقه  ،هكذا أعلنها رب العباد جميعاً ( يا أيها النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكم مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبائلَ لِتَعَارفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُم عِنْدَ اللهِ أَتقاكُم)،وبيَّنها المصطفى عليه السلام في حديثه ” الناس سواسية كأسنان المشط ..” ،والرسول صلى الله عليه وسلم طبَّق هذا المبدأ عندما قدم المدينة المنورة وأسس الدولة الإسلامية والمجتمع الإسلامي ،فألغى ما يدعو إلى التمايز بين الناس ،وجعل التمايز بالعمل والتقوى وصلاح الأعمال ،فألغى كلمتي أوس وخزرج ،مؤاخياً بينهما ،وكانت قد قامت بينهما حروب طاحنة  استمرت مائة وعشرين عاما ،وأطلق كلمة أنصار لتشملهما معاً حيث التقيا بالعمل الصالح والتقوى بإسلامهما ومناصرة الإسلام ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام ،كما ألغى التمايز القبلي بين المسلمين من أهل مكة المهاجرين معه ،وأطلق عليهم المهاجرين ،الذين لهم فضل الهجرة ،ولكن للأسف الشديد منا لا يمتثل لما جاء به الإسلام ،ويصر على التمايز بين الناس بالانتماءات القبلية ،وإن تولى منصباً كبيراً يأتي بأبناء قبيلته وعشيرته ،ويقلدهم المناصب في إدارته غير مراع للكفاءة ،وبالتالي حرم الآخرين من حق تكافؤ الفرص،وأضر بالمجتمع والدولة  لأنَّه وضع موظف غير كفؤ في مكان ليس بأهل له،وحرمه من كفاءة يفيد منها المجتمع .وهناك من يتعامل مع من يختلف معه في المذهب ،وكأنَّه خارج عن الملة ،فلا يرد أساتذة من السنة السلام على زميلهم الشيعي ،بل هناك من أباح قتل الشيعة ،وهناك أفراد منا  من يحرمون مواطن من حقوقه كمواطن لأنَّه شيعي،أو إسماعيلي.    ،وهناك اختراقات أخرى لحقوق الإنسان تصدر منا بين بعضنا البعض  لا يتسع المجال هنا لذكرها ، من هنا كانت الحاجة ملحة لإنشاء جمعية وطنية مستقلة تعني بحقوق الإنسان،تتعاون مع أجهزة الدولة على اختلافها في القضاء على كل هذه الاختراقات ،وإعطاء كل ذي حق حقه.  الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان:      أُنشئت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بالمملكة العربية السعودية  في 18/1/1425هـ ،مقرها الرئيسي الرياض ،مستندة في نظامها الأساسي على أحكام كتاب الله والسنة النبوية المطهرة ،ومن النظام الإساسي للحكم في المملكة ،وفي المواثيق الدولية ،وحقوق الإنسان ،فيما لا يتعارض مع ثوابت الدين الإسلامي ،ومجال عملها الرئيس هو حماية حقوق الإنسان . طبيعة الجمعية :   الجمعية هيئة وطنية أهلية مستقلة ،وتعمل على الدفاع عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية وخارجها سواءً كان مواطناً أو مقيماً ،أو زائراً ،وتتعاون مع الجمعيات واللجان الرسمية والأهلية في جميع أنحاء العالم. أهدافها : تتلخص أهدافها في الآتي : 1- الإسهام في الدفاع عن حقوق الإنسان تحقيقاً لكرامته التي كرَّمه الله بها في كتابه العزير : ( ولقد كرَّمنا بني آدم ) . 2- دعم جهود الدولة ومؤسساتها في مجال إعداد التنظيمات المتعلقة بحقوق الإنسان ،وتطبيقاتها . 3- مراقبة ما يتعلق بحقوقه ومتابعتها كما أقرها الشرع المطهر ،وكما تنظمها الأنظمة المرعية ،وحمايته من المخالفات، أوالتجاوزات التي قد ترتكب بحقه.  4- العمل بمبدأ المشاركة الشعبية المنظمة للإسهام في خدمة المجتمع ،وبناء مؤسسات المجتمع المدني. 5- رصد ما ينشر أو يتم تداوله في أجهزة الإعلام المختلفة عن حالة حقوق الإنسان في المملكة ،والعمل بالتعاون مع الجهات الرسمية ذات الاختصاص لتقصي الحقائق. 6- العمل على تثقيف الفرد والمجتمع بحقوق الإنسان . 7- إجراء البحوث والدراسات المقارنة في مجال هذه الحقوق في الإسلام ،وفي الإعلانات والمواثيق والصكوك والاتفاقيات الدولية. 8- رعاية كبار السن بضمان حياة كريمة لهم.  9- الإسهام في جهود دراسة العوامل الاجتماعية والفكرية المؤثرة على الأسرة ،ووضع آليات العمل والبرامج لاستثمار الإيجابيات وتطويرها بهدف نشر الوعي بين الأسر بحقوق الإنسان وسبل المحافظة عليها وحمايتها. 10- الإلمام الفعلي بواقع الأسر من خلال جمع المعلومات الأولية لواقع حال الأسرة في وضعها الخاص ،أو المتعلقة بالمؤسسات المجتمعية المختلفة في مختلف مناطق المملكة. 11- الدفاع عن حقوق الأطفال   ،وضمان حياة كريمة لهم ،وحصولهم على التعليم والرعاية الصحية ،وحمايتهم من الاستغلال بأي شكل من الأشكال. 12- العمل على إنشاء محاكم متخصصة. 13- الدفاع عن حقوق المعوقين ،وتأمين لهم كل السبل لدمجهم في المجتمع ،وحصولهم على التعليم والتدريب والتأهيل المهني ،وتوفير لهم فرص العمل في مختلف مرافق الدولة.  14- الإسهام في الجهود الدولية والتعاون العالمي في مجال حقوق الإنسان . 15- إنشاء مركز معلومات عن كل ما يتعلق بحقوق الإنسان من بحوث ودراسات وتقارير ومجلات ودوريات بمختلف اللغات،تكون مرجعاً للباحثين في حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية والعالم العربي. 16- إنشاء موقع للجمعية على الإنترنت،لرصد نشاط الجمعية ووضع الإنسان في المملكة العربية السعودية. اختصاصات الجمعية :    الجمعية ليست سلطة تنفيذية ،وليست بديلاً عن القضاء ،ولا الأجهزة المعنية بتطبيق الأنظمة المتبعة في المملكة العربية السعودية ،ولذلك فإنَّ اختصاصاتها كما نصَّت المادة الثالثة من نظامها الأساسي تؤكد على الآتي : 1- التأكد من تنفيذ ما ورد في النظام الإساسي للحكم ،وفي الأنظمة الداخلية في المملكة ذات العلاقة بحقوق الإنسان . 2- التأكد من تنفيذ التزامات المملكة تجاه قضايا حقوق الإنسان ،وفق ما ورد في إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام ،وميثاق الأمم المتحدة ،والمواثيق والصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. 3- تلقي الشكاوى ومتابعتها مع الجهات المختصة ،والتحقق من دعاوى المخالفات والتجاوزات المتعلقة بحقوق الإنسان. 4- تقديم الآراء والمقترحات للهيئات الحكومية والأهلية للعمل على نشر المعلومات في مجال حقوق الإنسان. 5- التعامل مع قضايا حقوق الإنسان في الهيئات الدولية بشكل عام ،والمنظمات الدولية غير الحكومية بشكل خاص. 6- دراسة المواثيق والصكوك الدولية الخاصة بحقوق الإنسان الدولية وتطبيقاتها. 7- إقامة المؤتمرات والندوات والحلقات المحلية والإقليمية والدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. 8- تشجيع التعاون الإقليمي والدولي لتعزيز وحماية حقوق الإنسان. 9- نشر إصدارات متخصصة تعني بحقوق الإنسان.  الهيكل التنظيمي للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان : يتألف الهيكل التنظيمي للجمعية من الآتي : 1- الجمعية العمومية :       وتتألف من الأعضاء المؤسسين ،وعددهم واحد وأربعين عضواً منهم عشرة سيدات،وعضويتهم في الجمعية  عضوية تطوعية،ومن اختصاصاتها : اعتماد أو تعديل النظام الأساسي للجمعية ،واللوائح الداخلية لها ،وانتخاب أعضاء المجلس التنفيذي ،ورئيس الجمعية.كل أربع سنوات قابلة للتجديد،واعتماد الميزانية السنوية والتقرير السنوي ،وتقرير مراقب الحسابات ،وحل الجمعية ،وتجتمع مرة في السنة ،أو أكثر إن دعت الضرورة.  2- المجلس التنفيذي :        ويتألف من تسعة أعضاء منهم رئيس الجمعية ونائبه ،والمرأة تشكل ثلث هذا المجلس ؛إذ تقرر أن تكون به ثلاث عضوات.ومن اختصاصاته وصلاحياته: اقتراح تعديل النظام الأساسي واللوائح الداخلية للجمعية ،واقتراح الموافقة على الحسابات الختامية في ضوء تقرير مراقب الحسابات ،ودراسة الميزانية السنوية ،وحسابات الإيرادات والمصروفات ،وأي قوائم أخرى تخص الوضع المالي للجمعية،واعتماد نظم المعلومات الإدارية للجمعية ،وقبول ورفض المنح والهبات والإعانات التي تقدم للجمعية ،ودراسة واعتماد التقرير السنوي المقدم من رئيس المجلس التنفيذي،وقبول أورفض المنح والهبات والإعانات التي تقدم للجمعية،ودراسة واعتماد التقرير السنوي ،وتحديد رواتب ومكافآت العاملين في الجمعية ،وإدارة ممتلكات الجمعية وأموالها والتصرف في المنقولة منها وفقاً للأصول المتبعة في ذلك، وتشكيل اللجان المالية والإدارية ،وأي لجان أخرى للنظر في الأمور الواقعة ضمن إختصاصاته.ويعقد المجلس اجتماعاً كل شهر ،وله عقد اجتماعات استثنائية حسب ما تقتضيه الضرورة  بدعوة من رئيسه أو بناءً على طلب ثلث الأعضاء. 3- رئيس الجمعية:       يتم  انتخابه من قبل الجمعية العمومية لمدة أربع سنوات ،قابلة للتجديد ،ومن صلاحياته : إدارة شؤون الجمعية ،وترشيح نائبه في الجمعية العمومية ،ورئاسة اجتماعات الجمعية العمومية والمجلس التنفيذي،والدعوة لانعقادهما ،وتمثيل الجمعية ،أو من يفوضه أمام الجهات القضائية والمنظمات الدولية والهيئات والجهات الأخرى.،والتوقيع على ما يصدر عن الجمعية من قرارات وعقود ،ومتابعة تنفيذ قرارات الجمعية العمومية والمجلس التنفيذي،وتوجيه موارد الجمعية المادية والبشرية لخدمة أهدافها الاستراتيجية والتأكد من توفير الدعم المادي اللازم لتنفيذ المشاريع المقررة ،والمحافظة على هوية الجمعية ،والعمل على توثيق صلتها بالجهات الرسمية ،والمنظمات ذات الصلة فيما يخدم أهدافها ،ويحقق رسالتها ،ويحافظ على تميزها ،وتوجيه الدعوة لمساعدة الجمعية ،ومعاونتها على أداء مهامها. 4- نائب الرئيس:     من مهامه وصلاحياته مزاولة ما يسند إليه من رئيس الجمعية من مهام وتكليفات تقع ضمن اختصاصات رئيس الجمعية،وإدارة أعمال الجمعية والقيام بمهام رئيس الجمعية في حالة غياب رئيسها،ومتابعة تنفيذ الأنظمة واللوائح والسياسات والإجراءات الكفيلة بضبط الأداء داخل الجمعية ،والتوقيع على المستندات التي تقع ضمن اختصاصه ،والإشراف على تنفيذ القرارات الصادرة عن المجلس التنفيذي ،وتدوين محاضر الاجتماعات والتوقيع عليها من الرئيس وأعضاء المجلس ،وحضور اجتماعات المجلس التنفيذي والجمعية العمومية.  5- لجان الجمعية : وأعضاؤها من أعضاء  الجمعية المؤسسين،وقد توزعوا على اللجان طبقاً لرغباتهم ،ولكل لجنة رئيس ،ونائب رئيس يتم انتخابهما من أعضاء اللجنة ،ويكون الانتخاب سنوياً ،والمقررعقد كل لجنة اجتماعاتها شهرياً بدعوة من رئيسها،وقد تعقد اجتماعات استثنائية لمقتضيات العمل ،أو لطلب أحد الأعضاء،وتعمل اللجان على تحقيق أهداف الجمعية ،والتعاون فيما بينها على ذلك ،وتقترح كل لجنة  اللوائح والتعليمات التطبيقية التي تخصها،واللجان هي:                  أ – لجنة الرصد والمتابعة:                ومن أهم اختصاصاتها : رصد ما ينشر أو يتم تداوله في أجهزة الإعلام المختلفة عن حالة حقوق الإنسان في المملكة ،والعمل بالتعاون مع الجهات الرسمية ذات الاختصاص لتقصي الحقائق، وتلقي الشكاوى والبلاغات ،والتحقيق من دعاوى المخالفات والتجاوزات للأنظمة ،والتنسيق والاتصال بالجهات ذات العلاقة بمصالح المواطنين والمقيمين والتأكد من احترامها لحقوق الإنسان ،والتحقق من صحة الشكوى ،أو التجاوز أو المخالفة ومتابعتها ،وإحالتها إلى لجنة أخرى مختصة ،أو إلى بعض أعضائها ،أو المتعاونين معها لإبداء الرأي بشأنها ،وزيارة السجون ودور التوقيف ،وإعداد خطة العمل والآلية المناسبة لتنفيذ أهداف الجمعية في مجال الرصد والمتابعة لانتهاكات حقوق الإنسان.    هذا وقد تلقت لجنة الرصد والمتابعة منذ إعلان تأسيس الجمعية حتى الآن أكثر من 520 قضية باستثناء القضايا التي ترد عليها بالهاتف بمعدل ثلاثين قضية في اليوم ،هذا وقد تمَّ تصنيف القضايا التي تلقتها لجنة الرصد والمتابعة إلى الآتي : 1- قضايا إدارية “وهي القضايا لتي تكون بعض الدوائر الحكومية طرفاً فيها ،وقد بلغت نسبتها 25%. 2- وقضايا طلب تجنس ،وهي قضايا تتعلق بطلبات ،أو شكاوى بسحب الجنسية بطرق غير نظامية ،أو طلب إعادتها ،أو طلب المساعدة في الحصول عليها. 3- قضايا جنائية ،وهي الشكاوى المتعلقة بالقضايا الكبرى كالقتل وغيرها ،والتي يشتكي أصحابها من سوء المعاملة ،أو خطأ في القبض ،أو تجاوز المدة في السجن ،وعدم الإحالة للمحاكمة . 4- قضايا مالية : وهي القضايا المقدمة من أصحاب الشأن بخصوص القضايا التي لا تزال تنظر أمام الجهات ،أو صدرت بها أحكام غير مسببة. 5- قضايا السجون : وهي الشكاوى المقدمة بخصوص سوء الخدمات والرعاية والمعاملة في السجن إضافة إلى من انتهت محكومياتهم بدون إطلاق سراحهم. 6- قضايا أسرية : وهي ماورد للجمعية من شكاوى أو قضايا أسرية ،والتي تكون ناتجة عن خلافات ،أو عنف بين الأقارب أو الأولاد وآبائهم .  7- عدم اختصاص : وهو ما يرد للجمعية من طلبات ،أو شكاوى بخصوص طلب مساعدات  مالية ،أو ما يخرج عن اختصاص الجمعية.        انجازات اللجنة :    1- حضور محاكمة قضايا الرأي ؛إذ حضر بعض أعضاء اللجنة ما أمكنهم حضوره من جلسات محاكمة د. متروك الفالح ،د. عبد الله الحامد ، والأستاذ على الدميني ،وكذلك محاكمة د. سعيد بن زعير ،وابنه زعير ،وذلك بهدف التأكد من سلامة إجراءات المحاكمة من حيث تمكين الموقوفين من حقوقهم ،وتطبيق ما جاء في نظام المرافعات الشرعية. 2- الحث على سرعة البت في حالة بعض المسجونين بإطلاق سراحهم ،أو تقديمهم إلى القضاء ،وقد كانت الاستجابة سريعة  من سمو مساعد وزير الداخلية لهذا الطلب. 3- اجتماع اللجنة مع معالي رئيس هيئة الادعاء العام ،وبعض زملائه ،ومناقشة ما يقومون به من إجراءات. 4- قيام بعض أعضاء اللجنة بالاتصال بأسر الموقوفين لمعرفة وجهة نظرهم ،وما قد يشكون منه ،أو يُطالبون به ،واتصالهم ببعض المحامين الذين وكلوا للدفاع عن المعتقلين.   ب- لجنة الدراسات والاستشارات:        تعد هذه اللجنة بمثابة العمود الفقري للجان الجمعية لأنَّها تمدها بما تحتاجه من دراسات وتقارير تساعدها على أداء مهامها ،ومن اختصاصاتها:إعداد الدراسات والتقارير ذات العلاقة بتوضيح مفهوم حقوق الإنسان بصفة عامة ،ومن وجهة النظر الإسلامية الشرعية بصفة خاصة ،ومقارنة المفهوم الإسلامي لحقوق الإنسان ،والمفهوم الدولي له ،مع الرد على ما تثيره منظمات حقوق الإنسان من شبهات حول عقوبات الإعدام والحدود والتعزيرات التي فرضتها الشريعة الإسلامية،والادعاء بأنَّها تتنافى مع حقوق الإنسان، وتقديم الاستشارات المتعلقة بالصكوك والأنظمة والإجراءات في مجالات حقوق الإنسان ،وإعداد التقرير السنوي الذي يصدر عن الجمعية ،والإشراف على مركز المعلومات بالجمعية، مع المشاركة في إنشائه  ،وإعداد ومراجعة واقتراح البيانات والنشرات التي تصدرها الجمعية ،واقتراح قائمة المستشارين والباحثين المتعاونين مع اللجنة ،والاتصال المباشر بالهيئات والمنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان لجمع المعلومات ،والاطلاع على الدراسات والتقارير غير المنشورة اللازمة لإعداد الدراسات وتقديم الاستشارات،وتنظيم دورات تدريبية وحلقات دراسة متخصصة في مجال حقوق الإنسان ،والتنسيق مع وزارة الصحة بقيام اللجنة بتقديم خطة لتحقيق مبدأ المساواة في تقديم الخدمات الصحية لجميع المواطنين في جميع مناطق المملكة ،وكذا تقديم دراسة عن فحوى ومضمون مادة حقوق الإنسان لتدرس في المعاهد والكليات ،والتنسيق مع وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي بهذا الصدد،مع التعاون مع وزارة التربية والتعليم في تحقيق مبدأ المساواة بين جميع المواطنين في حق التعلم،وتقديم الدراسات لوزارة العمل لتأمين فرص العمل لجميع المواطنين والقضاء على البطالة،وتقديم أيضاً دراسة لديوان الخدمة المدنية عن وضع نظام لعمل المرأة يراعي مسؤولياتها الأسرية ،ويضعها في الأولوية لأنَّها تتعلق بناء بنية الإنسان الأساسية عقائدياً وخلقياً وتربوياً وسلوكياً،مع تقديم دراسات لوزارة الشؤون الاجتماعية لتحسين وضع المرأة والأسرة وحمايتهما من كل أنواع العنف،وأيضاً عمل دراسات ميدانية لأسباب إنحراف الشباب من الجنسين من خلال استطلاعات استبيانية تقوم بها اللجنة في السجون ودور الأحداث والرعاية الاجتماعية،ومستشفيات الإدمان ،مع وضع الحلول للقضاء على ظواهر الانحراف في المجتمع.    جـ – لجنة الثقافة والنشر:         ومن أهم اختصاصاتها : وضع السياسة الإعلامية للجمعية للوقوف على جدواها وفاعليتها في تحقيق الأهداف المعتمدة ،والتوصية باعتماد التعديلات الملائمة عليها، واقتراح الخطط وإيجاد الوسائل الكفيلة بنشر ثقافة حقوق الإنسان في أوساط المجتمع ،واتخاذ الإجراءات اللازمة لوضعها موضع التنفيذ بعد اعتمادها ،وإيجاد مكتبة متخصصة في حقوق الإنسان تكون مرجعاً للباحثين في حقوق الإنسان في المملكة والعالم العربي ،وإنشاء موقع للجمعية على الإنترنت، والإشراف عليه ،وقد تمَّ تصميمه وسيبدأ بثه قريباً ،والتنسيق مع الإذاعة والتلفاز لتقديم برامج توعية بحقوق الإنسان ،مع المشاركة في الصحف والمجلات واللقاءات التثقيفية العامة التي تشرح أهداف الجمعية ،وأعمالها لجميع شرائح المجتمع ،وإصدار مجلة دورية عن حقوق الإنسان في المملكة والعالم ،تشمل المقالات والتحقيقات والدراسات والبحوث القصيرة ،والإشراف على تنظيم جميع الندوات والمحاضرات واللقاءات التثقيفية عن حقوق الإنسان في المملكة والمشاركة في المنتديات واللقاءات والمؤتمرات التي تعقد عن حقوق الإنسان في البلاد العربية والإسلامية وغيرها ،وإعداد الكتيبات والمطبوعات التي تتماشى مع أهداف الجمعية وسياساتها المعلنة ،والعمل على نشرها على أوسع نطاق بعد الحصول على الموافقة على محتواها من رئيس الجمعية ،وإصدار سلسلة كتب دورية عن حقوق الإنسان.     هذا وقد أصدرت اللجنة منشوراً تعريفياً بالجمعية وأهدافها واختصاصاتها وأنشطتها المختلفة.                 د- لجنة الأسرة: ومن اختصاصاتها: الإسهام في الجهود دراسة العوامل الاجتماعية والفكرية المؤثرة على الأسرة ،ووضع آليات العمل والبرامج لاستثمار الإيجابيات وتطويرها بهدف نشر الوعي بين الأسر بحقوق الإنسان وسبل المحافظة عليها وحمايتها،والإلمام الفعلي بواقع الأسر من خلال جمع المعلومات الأولية لواقع حال الأسرة في وضعها الخاص ،أو المتعلقة بالمؤسسات المجتمعية المختلفة في مختلف مناطق المملكة،والدفاع عن حقوق الأطفال   ،وضمان حياة كريمة لهم ،وحصولهم على التعليم والرعاية الصحية ،وحمايتهم من الاستغلال بأي شكل من الأشكال ،والدفاع عن حقوق المعوقين ،وتأمين لهم كل السبل لدمجهم في المجتمع ،وحصولهم على التعليم والتدريب والتأهيل المهني ،وتوفير لهم فرص العمل في مختلف مرافق الدولة.    ومن مهام هذه اللجنة أيضاً تشكيل لجان من بين أعضائها للاهتمام بقضايا العنف الأسري ،والمشاكل الأسرية ،وحقوق ومسؤوليات الرجل والمرأة ،وحقوق الطفل ،وحقوق المسنين ،وقضايا قانون الأسرة والأحوال الشخصية ،وتشكيل وحدات داعمة للجان الفرعية مثل : وحدة البحوث والدراسات الخاصة بالمرأة والأسرة ،ووحدة التوعية “إعداد المادة الخاصة بحقوق الإنسان” ،ودعم الجمعية في هذا الخصوص ،ووحدة الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية من أجل العمل على تقييم صورة َتقَدُّم وتَحَسُّن أحوال المرأة والأسرة السعودية.  موارد الجمعية :     تستقبل الجمعية الهبات والتبرعات والمنح التي لا تتعارض مع أهدافها ،وقد نصَّت المادة الرابعة عشر من نظام الجمعية على الموارد الآتية: 1- ريع المطبوعات ،والنشرات ،وإيراد الندوات والمعارض. 2- عائدات استثمار ممتلكات الجمعية الثابتة والمنقولة. 3- الهبات والوصايا والأوقاف والمنح ،وأي موارد أخرى لا تتعارض مع أهداف الجمعية. وللجمعية ميزانية سنوية يراجعها المجلس التنفيذي ،وتعتمدها الجمعية العمومية.  الفروع الإقليمية للجمعية:   ستنشئ الجمعية فروعاً إقليمية لها تمثل المناطق الإقليمية للمملكة ،وهي المنطقة الغربية (جدة) ،والمنطقة الشرقية(الدمام) ،والمنطقة الشمالية ( حائل) والمنطقة الجنوبية ( جيزان) إلى جانب المقر الرئيسي في المنطقة الوسطى ،ومقره الرياض ،وتتفرع من هذه الفروع مكاتب في مدن المناطق ،وقد تمَّ افتتاح فرع الغربية في جدة ،بقسميه  الرجالي ،والنسائي ،وتمتلك الجمعية مبنيي القسمين. أعضاء الجمعية :   سوف توسع قاعدة العضوية لتشمل أعضاء متعاونين من الجنسين من مختلف التخصصات من جميع مدن المملكة ،وقد تكونت لجنة لوضع شروط العضوية.  لقاء أعضاء الجمعية بكبار مسؤولي الدولة:     لقد تشرف أعضاء وعضوات الجمعية بلقاء صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد والنائب الأول لمجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني ،كما تمَّ اللقاء بصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ،ووزير الدفاع والطيران ،كما التقى أعضاء وعضوات الجمعية بصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود وزير الداخلية ،وبصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة الرياض ،وأكد جميعهم على أهمية الجمعية ،وعلى إعطائها الضوء الأخضر للتبنى مختلف القضايا ،وتعاون جميع أجهزة الدولة لإيصال الحقوق إلى أصحابها .  أسرى جوانتنامو ودور الجمعية :  تولي الجمعية اهتماماً كبيراً بقضية أسرى جوانتنامو ،وتسعى الآن وزارة الداخلية بحل هذه القضية بالطرق الدبلوماسية. ما الذي يمكنك أن تقدمه للجمعية؟ وبعد ما تعرَّفت ما على الجمعية وأهدافها واختصاصاتها،وما يمكنها أن تقدمه لك  ،لك أن تعرف ما لها ،أو بالأحرى ما يمكنك أنت أن تقدمه لها         بإمكانك أن تقدم لها الكثير ،فالدعم المادي وحده لا يكفي ،فالأهم هو أن لا تتعدى على حقوق غيرك . فأكبر دعم للجمعية أن تحفظ حقوق الآخرين ،ولا تتعدى عليها ،وأن تعرف حقوقك ،ولا تفرِّط فيها.    فإن كنت أباً كن منصفاً بين أبنائك وبناتك لا تميز بين أي منهم ولا بقبلة ،وكن صديقاً لهم ،وافتح جسور الحوار بينك وبينهم ،وأدبهم بالقدوة الحسنة ،والكلمة الطيبة ،وليس بالضرب لحد الموت ،أو تعذيبهم بدعوى تأديبهم .   وإن كنت زوجاً فاحسن لزوجتك ،ولا تهنها ،ولا تضربها ،ولا تتعالى عليها لأنّك رجل ،وهي امرأة ،ولا تستولي على أعمالها لأنَّها وثقت بك ووكلتك ،فكن أميناً عليها ،وعلى مالها ،وإن طلقتها فسرحها بإحسان ،وأعطها كامل حقوقها،وكامل أوراقها الثبوتية من بطاقة ،وجواز سفر  ،ولا تمنع عنها رؤية أولادها إن كانوا في حضانتك ،ولا تسلب منها حق الحضانة ،فإن أرادت أن تكون لها الحضانة ،فلا تحرمها من هذا الحق ،وأنفق على أولادك ،وهم في حضانتها ،وأمِّن لهم السكن إن كانت الأم لا تملك سكناً مستقلاً ،وأّمن لهم كل طلباتهم . وإن كنت معدداً فاعدل بين زوجاتك ،وبين أولادك منهن،ولا تقدم على التعدد إلاَّ لضرورة شرعية قاهرة.    وإن كنت ابناً ،فاحسن لوالديك وبرهما،ولا تقل لهما أف ،ولا تنهرهما،وتكفل برعايتهما إن تقدمت بهما السن ،ولا تقذف بهما في دور الرعاية .   وإن كنت أخاً فاحسن لأخواتك ،ولا تحرمهن من ميراثهن،ولا من حق العلم  ،ولا تعضلهن ،ولا تعتدي عليهن بالضرب ،ولا تعتدي على أعراضهن . وقم برعايتهن ،والإحسان إليهن لتكسب الجنة ،كما جاء في الحديث الشريف.  وإن كنت قاضياً فاحكم بالعدل بين الناس ،ولا تجعل العادات والتقاليد والأعراف تتحكم فيك فتنعكس على طريقة تعاملك  مع الخصوم ،وما تصدره من أحكام ،ولا تنحاز إلى جانب الرجل ،إن كان الخصم الآخر امرأة .   وإن كنت رئيساً لدائرة حكومية ،فاحرص على تعيين الأكفأ ،وليس أبناء عشيرتك أوقبيلتك أو أقاربك. وأياً كنت في أي موقع فلا تمتهن أي إنسان ،واعلم أنَّ جميع البشر متساوون في أصل الخلقة ،وفي القيمة الإنسانية ،وتذكَّر غضب  الرسول صلى الله عليه وسلم من أبي ذر رضي الله عنه عندما سمعه وهو يقول  لبلال رضي الله عنه : يا ابن السوداء ،فانتهره  عليه الصلاة والسلام  قائلاً : ( إنَّك امرؤ فيك جاهلية ،كلكم بنو آدم طف الصاع ،ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل إلاَّ بالتقوى أو عمل صالح ،فوضع أبو ذر خده على الأرض ،وأقسم على بلال أن يطأه بحذائه حتى يغفر الله له زلته هذه ،ويُكفِّر عنه ما بدر منه من خُلق الجاهلية الأولى.فيا ترى  كم إنسان امتهنته ،وتعاليتَ عليه؟ وهل استغفرتَ الله على زلاتك؟؟                                   فهرس موضوعات محاضرة                            الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان ما لها وما عليها مقدمة. تعريف الحق . الحق في الاصطلاح. تعريف الحق في المصطلح الشرعي . الحق في المصطلح القانوني الوضعي . ما هية الإنسان.  الإنسان في المنظور الإسلامي . لماذا تنشأ جمعيات حقوق الإنسان في العالم ؟ أسس حقوق الإنسان في الفكر الغربي والقانون الدولي. 4- الحقوق الطبيعية. 5- نظرية العقد الاجتماعي ” الالتزامات التبادلية”. 6- الأهداف الإنسانية في حفظ السلم والأمن. أهمية دراسة حقوق الإنسان.            حقوق الإنسان في الإسلام . أولاً – حق الحياة . الاعتداء البدني .  الاعتداء المعنوي . ثانياً – حق الأمان. ثالثاً- الناس سواسية في القيمة الإنسانية المشتركة . رابعاً- تسوية الإسلام بين الناس في الحقوق المدنية وشؤون المسؤولية والجزاء. خامساً- تسوية الإسلام بين الناس في حق التعلم والثقافة . سادساً- تسوية الإسلام بين الناس في حق العمل .   سابعاً : حق الحرية. ثامناً : حق التكافل الاجتماعي .                    تسوية الإسلام في جميع هذه الحقوق بين المسلمين وغير المسلمين.                  مساواة الإسلام بين الرجل والمرأة في كل هذه الحقوق. المساواة بين المرأة والرجل في القيمة الإنسانية. التسوية بين المرأة والرجل في الأهلية الحقوقية وفي التصرفات المالية .                         حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية حقوق الإنسان في النظام الأساسي للحكم . حق المساواة .  حق الأمن. حق الكرامة . حق التكافل الاجتماعي .  حق التعلم والثقافة.  حق العمل .  الحقوق المدنية . حق الحرية . الحاجة إلى جمعية وطنية لحقوق الإنسان. الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان. طبيعة الجمعية .              أهدافها. اختصاصات الجمعية . الهيكل التنظيمي للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان . 6- الجمعية العمومية . 7- المجلس التنفيذي . 8- رئيس الجمعية. 9- نائب الرئيس. 10- لجان الجمعية .                 أ – لجنة الرصد والمتابعة.       انجازات اللجنة .  ب- لجنة الدراسات والاستشارات.   جـ – لجنة الثقافة والنشر.   د- لجنة الأسرة. موارد الجمعية .  الفروع الإقليمية للجمعية. أعضاء الجمعية . لقاء أعضاء الجمعية بكبار مسؤولي الدولة. أسرى جوانتنامو ودور الجمعية . ما الذي يمكنك أن تقدمه للجمعية؟ فهرس الموضوعات.                     

Leave a Reply