سهيلة زين العابدين حمّاد
نُشر في صفحة الرأي بجريدة المدينة يوم السبت في 11/7/
2020

 بيّنت في
الحلقة الماضية عدم صحة حديث”… لا
يَزَالُ
عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا
أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ
بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا…”
عدم صحته متنًا وسندًا، وأواصل في هذه الحلقة عدم صحته من حيث الإسناد بعدما بيّنت
عدم صحة متنًا في الحلقة الأولى، وفيه خالد بن مخلد الذي قال عنه الإمام أحمد له
مناكير، وقال  عنه ابن سعد:

(كان متشيعًا، منكر الحديث،
في التشيع مُفرط، وكتبوا عنه للضرورة). وقال صالح جزرة: (كان ثقة في الحديث، إلا
أنّه كان متهمًا بالغلو). وقال ابن أعين:(قلت له: عندك أحاديث في مناقب الصحابة؟
قال: قل لي في المثالب أو المثاقب). وقال أبو حاتم: (يُكتب حديثه، ولا يُحتج به)،
وذكره الساجي والعقيلي في الضعفاء، وقال ابن معين: (ما به بأس).
وواصل
قوله : “حاصل القول فيه: أنّه صدوق يَهم ويُخطئ، ويأتي بالمناكير، ولا سيما
في التشيع، فإنّه كان غالياً فيه. ومثل هذا
 يتوقف
عما انفرد به، ويُرد ما انفرد به بما فيه تهمة تأييد لمذهبه
.
وقد تفرد بهذا الحديث كما ذكره الذهبي وكذا الحافظ ابن حجر في مقدمة
«الفتح»، وفي هذا الحديث تهمة تأييد مذهب غلاة الشيعة في الاتحاد والحلول،
وإن لم يُنقل مثل ذلك عن خالد، وقد أسندت إلى هذا الحديث بدع وضلالات تصطك منها
المسامع، والله المستعان. “واستطرد قائلًا:”في سنده أيضًا، شَريك بن
عبدالله بن أبي نمر، وحاصل كلامهم فيه أنّه: صدوق يخطئ. وقال الحافظ في «الفتح»
بعد أن نقل كلام الذهبي، والكلام في شريك: (ولكن للحديث طريق أخرى يدل مجموعها على
أن له أصلاً)
الشيخ
عبد الرحمن المعلمي اليماني: رفع الاشتباه عن العبادة والإله، ص 301- 302.]

 ثم
ذكر الحافظ تلك الطرق، وعامتها ضعاف
، إلا أنّه ذكر أنّ الطبراني أخرجه من طريق
يعقوب بن مجاهد عن عروة عن عائشة، وأنّ الطبراني أخرجه عن حذيفة مختصرًا، وقال:
(وسنده حسن غريب). أمّا رواية حذيفة فمع الغرابة، هو مختصر، وكأنّه ليس فيه تلك
الألفاظ المنكرة. وينبغي النظر في سنده، فإنّ الحافظ ربما تسامح في
التحسين
، وكذا ينبغي النظر في سند الطبراني إلى يعقوب بن مجاهد، ويُخشى أن
يكون فيه وهم، والمشهور رواية عبد الواحد بن ميمون عن عروة، وعبد الواحد متروك
الحديث.

وبا
لجملة  فاقتصار الحافظ على قوله:”إنّ
تلك الطرق يدل مجموعها على أنّ له أصلًا”، ظاهر في أنّه ليس في شيء منها ما
يصلح للحجة. ودلالة مجموعها على أنّ له أصلًا لا يكفي في إثبات هذه الألفاظ
المنكرة. ولو فهم البخاري رحمه الله من تلك الألفاظ ما يزعمه الملحدون لما ذكر هذا
الحديث في صحيحه
.[المرجع السابق:ص 303]
  وكثيرًا ما يحتج المتأخرون بالحديث مع اعترافهم
بضعفه، ولكن
يستندون إلى ما قاله النووي –
وتبعه كثير ممن بعده من الشافعية والحنفية وغيرهم- أنّ الحديث الضعيف يعمل به في
فضائل الأعمال- بشروط ذكرها الحافط ابن حجر وغيره -، وقد عارضه القاضي أبو بكر ابن
العربي – مؤلف أحكام القرآن وشرح الترمذي وغيرهما – بأنّ الفضائل إنّما تتلقى من
الشارع، فإثباتها بالضعيف اختراع عبادة، وشرع في الدين لما لم يأذن به الله.[المرجع
السابق:ص 305.]
 هنا نجد الشيخ عبد الرحمن
المعلمي ذهب إلى ضعف إسناد هذا الحديث ونكارته، وتأييده
لمذهب الحلول والاتحاد، كما نلاحظ أنّ لم يُصنَّف هذا الحديث بأنّه حديث قدسي لعدم
صحته متنًا وسندًا.
  ولعل الشيخ المعلمي
بيّن خطورة نشر مثل هذا الحديث، فما بالكم بتقريره في مادة الثقافة الإسلامية على الألوف
من طلبة وطالبات الجامعات، في وقت يتعرض مجتمعنا لموجات من الإلحاد والإرهاب؟
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لمصلحة مَنْ تدريس طلبة
وطالبات جامعاتنا في مناهج الثقافة الإسلامية حديث موضوع يُعزّز عقيدة الحلولية لتأليه
ولاية الفقيه لدى الخُمينيين ؟؟؟؟
  وجوابًا عن هذا
السؤال لأنّ ولاية الفقيه لدى الخمُيْنيين هو الحاكمية  لدى الأخوان وجهان لعملة واحدة،
وقد
كشف  عنها المحامي الأستاذ ثروت الخرباوي(المُنشّق
عن الأخوان عام 2002م)عن منشأ(الفقيه الولي) عند الخُميْنيين، وعلاقة ذلك بالأخوان
والخُمينيين، فذكر أنّ الخميني عندما سطّر بنفسه كتاب الحكومة الإسلامية وولاية
الفقيه اقتبسها من كتاب مُنظِّر الإخوان سيد قطب “معالم في الطريق”
والذي يتحدث فيه عن الحاكمية، وعن أنّ العالم الإسلامي لا يطبق الإسلام، مضيفًا أنّه
وبعد قيام الثورة الإيرانية في يناير 1979 تم ترجمة كتاب معالم في الطريق باللغة
الفارسية ووزع مجانًا على أفراد الحرس الثوري الإيراني وعلى طلبة المدارس، كما كتب
علي خامنئي مرشد الثورة الإيرانية الحالي مقدمة كتاب “المستقبل لهذا
الدين” لسيد قطب أيضًا، وقال خامنئي في المقدمة إنّ هذا الكتاب وضع أسسًا
هامة لكي نستطيع من خلال تلك الأسس تأسيس الدولة الإسلامية، وأن نعرف أن المستقبل
لهذا الدين
.
بعد ثورة يناير في إيران أيضًا وخلال زيارة وفد جماعة
الإخوان بقيادة يوسف ندا للخميني لتهنئته ومباركته قال الخميني لهم إنّه سيستخدم
لقب المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، وليس المرشد العام وقال جملته المشهورة عند
عموم الأخوان”فليبق لقب المرشد العام خاصًا”بحسن البنا” وأطلق على
نفسه المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، ويقول الخرباوي إنّ هذا الموقف حدث رغم أنّ
هناك ألقابًا مماثلة في الحوزيات الشيعية مثل المرجع والغاية، ورغم أنّ لقب المرشد
ليس من الألقاب المستخدمة عند الشيعة على الإطلاق، ولكنه قام الخميني به تيمنًا بحسن
البنا
.[العربية نت https://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/egypt/2019/12/24/%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%B3%D8%A7%D8%A8%D9%82-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%B9%D9%86-%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86]
أمّا القائلون:لا يعقل أن يكون في
مناهج هذه الدولة التي قامت على ترسيخ العقيدة الصحيحة وجمع الأمة عليها،
وتدريسها، ومحاربة البدع والأضرحة والقبور المنتشرة في شبه الجزيرة العربية أن
تدرس في مناهجها حديثاً يدعو إلى الحلول والإتحاد… وحديث رواه البخاري في
الصحيح، وأصحاب السنن، وصحح بعض طرقه جهابذة الحديث في هذا العصر، ومنهم الشيخ
الألباني، أقول: مادام الأخوان لايزال بعضهم في لجان مناهج التعليم لدينا فلا
نستبعد تقرير أحاديث موضوعة أو ضعيفة في مناهجنا تخدم أهداف ومخططات الأخوان، أمّا
صحة الحديث، فقد انفرد البخاري به، وراويه خالد بن مخلد
قال
عنه الإمام أحمد له مناكير، وقال  عنه ابن
سعد:(كان
 متشيعًا،
منكر الحديث، في التشيع مُفرط)
وأسأل هنا:هل المؤمن يبطش بيده؟ عند بحثنا عن معنى بطش في
معاجم اللغة العربية نجد أنّ من معانيها :”
بطش بالشيء : أمسكه بقوة.
بطش به :فَتَكَ بِهِ، أَوْ أَخَذَهُ عُنْفاً
وَسَطْوَةً، ويَبْطُشُ: أخَذَهُ بالعُنْفِ والسَّطْوَة.” فهل يُعقل أنّ الله
جل شأنه يجعل يده تحل في يد المؤمن شديد التقرب إليه ليمارس بها العنف؟ فمن دلائل
عدم صحته مخالفته لما ورد في سورة ” المؤمنون” من وصف المؤمنين : ( قَدْ
أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ.وَالَّذِينَ
هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ. وَالَّذِينَ
هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ. إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ
رَاعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)[ المؤمنون:1-9] فهل
يوجد من صفات المؤمنين في هذه الآيات البطش بأيديهم؟
ثمّ أنّ ما جاء في هذا الحديث يُخالف رواية الإمام
أحمد في(المسند:ج2ص224ر7086)ثنا محمد بن عبيد ثنا زكريا عن عامر سمعت عبد الله بن
عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المسلم من سلم الناس من لسانه ويده.”وفي
تعليق شعيب الأرنؤوط قال:إسناده صحيح على شرط الشيخين.

Leave a Reply