سهيلة
زين العابدين حمّاد

نُشر
في جريدة المدينة يوم السبت الموافق 11/4/ 2020م

    السيدة موضي بنت أبي وهطان زوج الإمام محمد
بن سعود مؤسس الدولة السعودية الأولى، لم تخرج من دائرة التعتيم من قبل معدي مناهج
التاريخ الذين غيّبوا  إنجازات ومساهمات
المرأة المسلمة في تأسيس الدولة الإسلامية الأولى، وبنائها الحضاري في مختلف
العصور الإسلامية ولا سيما في العهديْن النبوي والراشدي، والذي أبرزه مؤرخو السيرة
النبوية بشكل أكبر من مؤرخي الدولتيْن الأموية والعباسية الذين عتّموا على جوانب
من إنجازاتها العلمية والفكرية والاجتماعيةـ فقد غيّب منهج التاريخ(التعليم الثانوي
– نظام المقررات – البرنامج التخصصي- مسار العلوم الإنسانية
( دور السيدة موضي في تأسيس الدولة السعودية
الأولى عندما قدم الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى الدرعية عام
1157أو1158ه،
فلم يرد لها ذكرًا، فجاء فيه الآتي:

” التقى الإمام محمد بن سعود بالشيخ محمد
بن عبد الوهاب في بدء تأسيس الدولة السعودية الأولى عام (1157ه) وقدم له التأييد
الكامل لدعوته التي توائم أهدافها الإسلامية الصحيحة أسس الدولة السعودية
الأولى”(ص91)

 وورد
في صفحة(40) من منهج التاريخ لسادس ابتدائي/ف1الآتي نصه:” وعندما وصل(أي
الشيخ محمد بن عبد الوهاب) الدرعية رحّب به الإمام محمد بن سعود بناءً على نصيحة
من زوجته موضي بنت سلطان أبو رهطان..”

وأسأل هنا معدي المنهجيْن: إن كان معدو منهج التاريخ
للتعليم الثانوي، اكتفوا بما كتبه مؤرخ الدولة حسين بن غنّام عن العهد بين الإمام
محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب عام 1157ه، متجاهلًا تمامًا دور السيدة
موضي بنت سلطان أبو رهطان زوجة الإمام محمد في إقناعه بدعوة الشيخ محمد بن عبد
الوهاب، فكان أولى بمعدي منهج تاريخ سادس ابتدائي الذين رجعوا إلى مراجع أخرى أن
يوردوا الرواية كما حدثت إنصافًا للسيدة موضي، وإبرازًا لدورها، كما أنصفها المؤرخ
أمين الريحاني في كتابه”
نجد وملحقاته وسيرة عبد العزيز بن عبد
الرحمن آل الفيصل آل سعود”، في الآتي:

“عندما هدد الأمير عثمان بن معمر أمير العيينة آنذاك الشيخ محمد بن عبد
الوهاب بعدما رجم الزانية التي اعترفت بزناها رحل الشيخ محمد إلى الدرعية التي كان
حاكمها – آنذاك – الإمام محمد بن سعود، وقد نزل الشيخ ضيفًا على أحمد بن سويلم أحد
تلامذته، ولكن الإمام محمد تردد في مقابلته، فألح عليه بذلك أخواه ثنيان ومشاري، فظل
مترددًا، ثمَّ ذهبا إلى زوجته وكانت من العاقلات النبيهات، فأخبراها بما يدعو
الشيخ إليه، وبما ينهى عنه، فارتاحت إلى ذلك ووعدتهما خيرًا، وأخبرت زوجها بأمر
الشيخ، ثمَّ قالت له: “إنَّ هذا الرجل قد
ساقه الله إليك، وهو غنيمة فاغتنم ما خصك الله به”، فقبل الأمير قولها، ووضع
الله في قلبه محبة الشيخ، ومحبة ما دعا إليه، .. فسار محمد بن سعود إلى بيت
ابن سويلم، ورحَّب بابن عبد الوهاب قائلًا “ابشر ببلد خير من بلادك وبالعز
والمنعة” فقال الشيخ ” وأنا أبشرك بالعز والتمكين إذا عاهدتني على كلمة التوحيد
التي دعت إليها الرسل كلهم”[ص 40-41،
منشورات الفاخرية، الطبعة
الخامسة سنة 1981م
]

 
وفي ذلك اليوم عُقد العهد الذي جمع بين عقيدة المصلح وسيادة الأمير، فتعهد
محمد بن سعود بنشر دين التوحيد في البلاد العربية وتنقيته من شوائب الشرك والبدع
التي علقت به، وتعهد ابن عبد الوهاب بأن يقيم في الدرعية معلِّمًا، وأن لا يخالف
أميرًا آخر من أمراء العرب، ولا يزال هذا العهد مرعيًا بين آل سعود وبين آل الشيخ”

  هذا
الحدث رغم أهميته إلاَّ أنّ بن غنَّام أورده في كتاب “تاريخ نجد” متجاهلًا
دور السيدة موضي زوج الإمام، ولا حتى بالإشارة إليه، فقال:” فخرج الشيخ سنة
سبع أو ثمان وخمسين ومائة وألف من العُيينة إلى بلدة الدَّرعية، فنزل الليلة
الأولى على عبد الله بن سويلم، ثمَّ انتقل في اليوم التالي إلى دار تلميذه الشيخ
أحمد بن سويلم، فلما سمع الأمير محمد بن سعود، قام من فوره مسرعًا عليه ومعه أخواه:
.. وأخبره أنَّه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده.”[
الإمام حسين بن
غنَّام: تاريخ نجد، تحقيق د. ناصر الدين أسد، ص 86-87، ط4 ، دار الشروق، القاهرة
–بيروت، عام 1415-1994م.]

   ففارق كبير بين الروايتيْن، وللأسف المؤرخ  ابن غنّام عتّم على حقيقة تاريخية عن موقف إيجابي
للمرأة.

 هذا التعتيم والتهميش، بل والتغييب لدور المرأة في مناهج التاريخ نابع
من تهميش دور المرأة، هذا التهميش المنبثق من نظرة متوارثة ضد المرأة، فللأسف معدو
المناهج لم يكونوا حياديين وموضوعيين، فعتّموا على دور المرأة المسلمة في مختلف
العصور الإسلامية، حتى في العهدين النبوي والراشدي، اللذيْن يُعتبران عهدي التمكين
الأول والأساس للمرأة القائم على التطبيق الأمثل للإسلام، وهم بهذا ابتعدوا عن
رؤية المملكة (2030)

للحديث
صلة.

Suhaila_hammad@hotmail.com

Leave a Reply