زين العابدين حمّاد
في جريدة المدينة يوم السبت الموافق 1/ 3/ 2020م
هذه الرؤية، وإنّما كان لإعادة هذا الحق الذي تمتعّت
به الصحابيات الجليلات رضوان الله عليهن في العهد النبوي
بصورة خاصة الذي يُعتبر عصر تمكين المرأة؛ إذ أسهمت المرأة في هذا العهد في تأسيس
الدولة الإسلامية، وشاركت في بنائها الحضاري(السياسي والإداري والطبي والزراعي والحرفي
والثقافي والاجتماعي) فهذه حقائق
تاريخية لا يمكن إغفالها من تاريخ السيرة النبوية وتأسيس الدولة الإسلامية هذا
أولًا،
وثانيًا: للرد على المتطرفين
الذين يُهاجمون” رؤية المملكة 2030″
لجعلها” تمكين المرأة” من أهم أهدافها، فالعهد النبوي هو الرائد لتمكين
المرأة، ورؤية المملكة أعادت للمرأة حق التمكين الذي سلبته منها بعض الآراء والتفسيرات
والفتاوى الفقهية التي لا تتفق مع القرآن الكريم والسنة الفعلية والقولية الصحيحة،
وكنتُ أنتظر من معدي مناهج التاريخ(الدراسات الاجتماعية) أن يُسلطوا الضوء على هذا
الدور للمرأة في تأسيس الدولة الإسلامية وحضارتها خاصة ونحن في عصر تمكين المرأة،
ورؤية المملكة(2030) التي وضعت وزارة التعليم شعارها على رأس أغلفة مناهجها
الدراسية، وخصّصت بضع صفحات
من كل منهج، وكل فصل دراسي لبيان أهم أهدافها، وهو بمثابة إعلان تبني مناهجها لهذه
الرؤية، ولكنّها غضّت الطرف عن هدف تمكين المرأة الذي هو من أهم أهداف الرؤية، ولم
تكتف بهذا، بل نجدها قد عتّمت على جانب مضيء وأساسي من تاريخ السيرة النبوية
والدولة الإسلامية الأولى؛ إذ تجاهل معدو هذه المناهج دور الصحابيات الجليلات رضوان
الله عليهنّ في تأسيس الدولة الإسلامية الأولى تجاهلًا تامًا، وذلك من خلال عروضهم
المتقطعة والمتناثرة والمختصرة لتاريخ السيرة النبوية في(83)صفحة فقط للمراحل
الدراسية الثلاث(ابتدائي ومتوسط وثانوي) من مجموع عدد
صفحات المادة التاريخية للمراحل الثلاث=(963) صفحة أي بنسبة(8.6 %)، فالسيرة
النبوية في أولى ثانوي نظام المقررات(ص 58-69) محتوياته:(ظهور الإسلام والبعثة،
الهجرة النبوية، التاريخ الهجري وقبلة المسلمين، ووثيقة المدينة)
الوحي والدعوة، هجرة النبي وغزواته(بدر وأحد والأحزاب وفتح مكة) وشمائل نبينا محمد
(ص) حجة الوداع ووفاته.
الله عليه وسلم ومولده ونشأته، وزواجه من السيدة خديجة رضي الله عنها، وبعثته: بدء
نزول الوحي، ودعوته إلى الإسلام، والهجرة إلى الحبشة، والإسراء والمعراج، وهجرته
إلى المدينة و غزواته: بدر وأحد والأحزاب، وصلح الحديبية، وفتح مكة]
تُعتبر الأخيرة غزوات، والغزاة هم الذين قدموا إليه في أحد والخندق، وفي بدر
المشركون هم الذين بدأوا بالهجوم، وعندما تحدث القرآن عنها لم يقل غزوة، وإنّما
قال(وَلَقَدْ
نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ)[آل عمران:123] والقرآن تحدث عن (11) معركة، وعن صلح
الحديبية وفتح مكة، ولم يصف أية واحدة منها بغزوة، فمصطلح” غزوة “لم يرد
إطلاقًا في القرآن الكريم، والمؤرخون هم الذين أطلقوه، وأخطأوا في هذا، وأتعجب من تمسك
مؤرخينا المعاصرين ومعدي مناهجنا به رغم خطئه!!
في أحداثها ودعمها الدائم للرسول(ص) في الأزمات وثباتها على الإسلام حتى الشهادة،
فكانت أول شهيدة في الإسلام امرأة (سمية بنتُ خياط) وتضامن نساء بني هاشم مع بني
هاشم في حصارهم في شعب أبي طالب على مدى ثلاث سنوات، وتحملّن الجوع والعطش مع
الرسول(ص) وأطفالهن ورجالهن؛ حيث كان الرسول(ص) ومن معه يضعون الحجارة على بطونهم
لإسكات الجوع، وكانت السيدة خديجة رضي الله عنها ترسل لبني هاشم الطعام سرًا مُخالِفَة بذلك القوة السياسية آنذاك(قريش) التي فرضت هذا الحصار، ولو كُشف أمرها
لتعرّضت إلى عقوبات من سادة قريش لا يُعلم مداها.
بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما(ذات النطاقيْن) حياتها للخطر ، وهي تحمل الطعام
سرًا إلى رسول الله(ص) وأبيها في غار ثور الذي آويا إليه مُختبئيْن أثناء هجرتهما إلى
المدينة، وهو يقع في الجهة الشمالية من جبل ثور جنوب مكة المكرمة، وعلى بعد نحو أربعة
كيلو مترات في الجهة الجنوبية من المسجد الحرام، ويبلغ ارتفاعه 760 متراً عن سطح
البحر، فالصعود إليه جد شاق، وكانت على مدى ثلاثة أيام تصعد إليه معرّضة حياتها
للخطر إذا علمت قريش بمهمتها.
أربع نسوة مع أحد عشر رجلًا في رجب من العام الخامس بعد البعثة، وفي الهجرة
الثانية كانوا ثلاثة وثمانين رجلًا وزوجاتهم وأبناءهم، كما شاركت في الهجرة إلى
المدينة، ومن المهاجرات من جمعن بين الهجرتيْن إلى الحبشة والمدينة المنورة.
الدراسات الاجتماعية(التاريخ ) بيعات النساء ووجوب بيعتهن، فسأبحثه في الحلقة
القادمة إن شاء الله، فللحديث صلة.