سهيلة زين العابدين حمّاد   نُشر في جريدة المدينة يوم السبت الموافق 22/11/ 2019م   

إلحاقًا بمقالي عن مصطلح (غزوة) في مناهجنا الدراسية، فالبعض يعارضون ويُهاجمون ويتهمون بالعمالة لغير المسلمين من غير علم، فقط ليُعارضوا، وليُظهروا للناس أنّهم حراس العقيدة والإسلام، فقد اعتبر بعضهم مصطلح(غزوة)من الثوابت في الإسلام مستنكرًين ما وقع فيه مؤرخو السيرة من خطأ كبير في إطلاقهم هذا المصطلح على حروبه صلى الله عليه وسلّم، ‏واصفًا أحدهم من يُنبِّه إلى هذا الخطأ، أنّه بلوغ المسلمين من الذلة في هذا العصر حتى أصبحنا نخاف من مجرد الألفاظ التي تحمل عدة محامل خشية من العدو الذي قد يؤاخذنا على إحدى تفسيراتها”  وأقول هنا ردًا على هذا القول:    إنّ مرجعيتنا الأساسية القرآن الكريم، فعندما تحدث الخالق جل شأنه عن حروبه صلى الله عليه وسلم لم يُطلق عليها مصطلح(غزوة)، فهذا المصطلح لم يرد في القرآن الكريم، وهاهي المواقع التي تحدث عنها القرآن الكريم: 1.    بدر:(وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ)[آل عمران: 123] فلقد صّرح القرآن باسم(بدر) ولم يُسمها بِ(غزوة) 2.    أحد: ذكرت بشيء من التفصيل في سورة آل عمران وإن لم يذكر اسمها،(وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا..)[ 146](ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ)[154]. 3.    الأحزاب(الخندق) ذكرت بشيء من التفصيل في سورة الأحزاب(..إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا)[الأحزاب:9] (يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا)[20] 4.    تبوك:  تبوك ذكرت في سورة التوبة.(لَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا… ) [92 -93] 5.    صلح الحديبية: في سورة الفتح(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ..)[ الفتح: 10](لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ..)[18](لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ..)[27] 6.    فتح مكة:(إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا)[1] 7.    حنين (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙوَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙإِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ)[التوبة:25] ذكر(حُنين) فلم يُطلق عليها (غزوة) وإنّما سماها بِ( يوم حنيْن) 8.    بنو المصطلق ورد ذكرها في سورة المنافقون ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (3) وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المنافقون: 1- 4 ]( يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ..)[المنافقون:8] 9.    جلاء بني النضير:( هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ * وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[الحشر: 2-4] 10.                     بنو قينقاع:(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المِهَادُ …)[آل عمران:12-13] 11.                     بنو قريظة: ( وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا)[ الأحزاب: 26] 12.                      خيبر(وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا)[الفتح:19] 13.                      الطائف(وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللهُ بِهَا)[لفتح:21]      إنً مصطلح (غزوة) لم يطلقه القرآن الكريم وإنّما أطلقه مؤرخو السيرة النبوية على المعارك التي خاضها الرسول صلى الله عليه وسلم، مع أنّ هذا المصطلح لا ينطبق على حروبه صلى الله عليه وسلم التي كانت دفاعية ولم تكن هجومية،  فالذي يعنيه مصطلح (غزوة) ، فكلمة “غزوة” في اللغة تعني: غزا العدوَّ: هاجمه  سار إلى قتاله في أرضه، غَزَا الشَّيْءَ: أَرَادَهُ وَطَلَبَهُ، وهذا المعنى لا ينطبق على غزواته عليه الصلاة والسلام، فإن أخطأ المؤرخون في إطلاقهم هذا المصطلح على حروبه عليه الصلاة والسلام، فنحن غير ملتزمين به، بل واجبنا تصحيحه لأنّه أعطى لأولادنا صورة مشوّهة عن الإسلام، بأنّه دين عنف وهجومي انتشر باستخدام القوة العسكرية، وهذا من المنافذ التي نفذ منها مخططو الإلحاد لتشكيك شبابنا في سلمية الدعوة إلى الإسلام، فنقْد مصطلح(غزوة)لخطئه اللغوي والتاريخي، ولتقديم الصورة الحقيقية للإسلام التي شوّهها هذا المصطلح، ولسد أحد المنافذ التي نفذ منها أعداؤنا لدفع أولادنا للإلحاد، وليس خشية من الغرب فعلى أي أساس يعتبر البعض أنّ مصطلح (غزوة) من الثوابت ومن المذلة نقده، وقد أطلقه مؤرخون(بشر) وأخطأوا في ذلك؛ إذ غيّروا المعنى اللغوي لغزوة، فحروبه عليه الصلاة والسلام كلها كانت دفاعية وليست هجومية، فلم يخرج للقتال لأهداف توسعية، وإنّما لصد هجوم قادم ومعد له إلى المدينة، أو مكة، وبعضها حدث في المدينة، فكيف يطلق عليها غزوات؟   إنّ التمسك بمصطلحات خاطئة رغم بيان مواطن الخطأ فيها، بل واعتبارها من الثوابت لهو من المغالطات الكبرى التي يقع فيها المتشدّدون والمتطرفون!! Suhaila_hammad@hotmail.com

Leave a Reply