سهيلة زين العابدين حمّاد
نُشر في جريدة المدينة يوم السبت 19/10/ 2019م

أواصل الحديث عن بعض ما حوته المناهج  الدينية الدراسية من دروس وجد فيها مخططو
الإلحاد منافذ لدفع أولادنا إلى الإلحاد، مثل القول بالناسخ  والمنسوخ في القرآن الكريم الذي تحدّثتُ عنه في
الحلقة الماضية
كل تلك الأقاويل والافتراءات على الخالق جل شأنه
وكتابه الكريم للفهم الخاطئ لآية(مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ
مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)[البقرة:106]، والتي تتحدّث عن نسخ شريعة

موسى عليه السلام بنسخ آيات منها طبق الأصل، أو إنساءها بخير منها كقوله تعالى:(
وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أنَّ
النَّفْسَ

بِالنَّفْسِ…)[المائدة: 45]

نعلم أنّ
الله قد تعهد بحفظ كتابه، ومكتوب منذ الأزل  في اللوح المحفوظ،
فالقول بنسخ آيات
مثبتة في اللوح المحفوظ  وإزالتها من
القرآن المتلو، ينفي هذه الأبدية لحفظ القرآن الكريم في اللوح المحفوظ، ويجعلها
فرضية وهمية،
وهذا
ما يقوله
” الملحدون”، وهذا أحد مكامن خطورة القول بالناسخ
والمنسوخ أي ببطلان أحكام بعض آيات القرآن؛ إذ يثير الشكوك في صحته، وأنّه من عند
الله، وكان من أسباب إلحاد بعض شباب الإسلام؛ إذ وجدوا أنّ قضية الناسخ والمنسوخ
تتصادم مع آية
(وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا
كَثِيرًا)
[النساء: 82] والكم من الآيات التي يقول القائلون بالنسخ وقع
عليها النسخ والتغيير والتبديل والزيادة والنقص، وتحويل الحرام حلالًا، والحلال
حرامًا تُثبت أنّ في القرآن اختلافًا كثيرًا، جعلت الملحدين يقولون:” إنّ
القرآن بهذا قد حكم على نفسه بأنّه ليس من عند الله”(تعالى الله عما يصفون)
  أمّا
فيما يتعلق بالمرأة وعلاقاتها الزوجية والأسرية ومشاركتها في الحياة العامة من
المنافذ الخطيرة التي أوجدها معدو المناهج الدينية التي ينفذ منها مخططو الإلحاد
لدفع أولادنا وبناتنا على وجه الخصوص إلى الإلحاد، بِدءًا بنظرة معدي المناهج الدينية
للمرأة نظرة الخطاب الديني المفسر من قبل البشر طبقًا للموروثات الفكرية والثقافية
لمجتمعاتهم في جاهليتها هذا الخطاب الذي تبنته جماعة الأخوان  الذين تولوا مهمة نشره من خلال المناهج الدينية
الدراسية في كثير من البلاد العربية والإسلامية ومن ضمنها بلادنا لتغلغلهم في المؤسسات
التعليمية في تلك الدول، ولا يزالون.
 
فالمرأة في مناهجنا الدينية هي المخلوق الأدنى الناقص الأهلية على الدوام إلّا
في حال تطبيق عليه القصاص والحدود والتعزيرات إن ارتكب جريمة ما أو جُنحة، أمّا في
ما عدا ذلك فهي ناقصة الأهلية وعلى الدوام ولابد من خضوعها لولي أمرها حتى لو كان
ابنها الذي ربّته، وتُنفق عليه، فلا تتعلم ولا تعمل ولا تخرج من بيتها، ولا تسافر
إلّا بإذنه، فهي التابع الخانع له الذي له حق ضربها بدعوى تأديبها زوجة كانت أو
أخت أو ابنة، وقد يضرب خالته أو عمته، وأحيانًا أمه، كل هذا يُمارس باسم الشرع طبقًا
لفهم بعض المفسرين والفقهاء للآيات المتعلقة بالمرأة وعلاقاتها الأسرية والزوجية
كآيتي القوامة والنشوز، فأعطوا للذكور حقوقًا يمارسونها على النساء ليست لهم؛ لأنّهم
أخضعوا فهمهم لها لموروثاتهم الثقافية والفكرية، وأيدّوها بأحاديث ضعيفة وموضوعة،
ولم تكتف نظرة مناهجنا الدراسية الدينية للمرأة بهذا، بل نجدهم فرضوا وصايتهم
عليها، فحدّدوا لها ما تتعلمه، وما لا تتعلمه، وحصروها في مهن معينة، وربطوا
تعليمها وعملها بموافقة ولي الأمر وبالضرورة، كما نجدهم أقصوها عن المشاركة في
الحياة العامة لعدم تفريقهم بين الخلوة المحرّمة وبين الاختلاط المباح،  وتدخلوا في ملبسها ومظهرها، حرّموا عليها التعطّر
عند خروجها من بيتها حتى عند ذهابها إلى المسجد مستندين في ذلك على حديث موضوع
مخالف لآية( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)[الأعراف:31]،
وقصروا حق الزينة التي منها التعطر على الرجال فقط، وفرضوا على المرأة  تغطية وجهها أمام الرجال الأجانب، وحكموا عليها بتغطية
سائر جسدها بحيث لا يبدو منها سوى شعرها وكفيها وقدميها في بيتها عند جلوسها مع
محارمها، وبين بنات جنسها، وذلك لنقلهم  الفهم
الخاطئ  لتفسير آيات الحجاب، ولم يحاولوا
إعادة قراءتها بعد تحررهم من الموروثات الفكرية والثقافية لمجتمعاتهم، وقراءة الأحاديث
النبوية التي تصف وجوه بعض النساء كسعفاء الخديْن، والتي تؤكد عدم وجوب تغطية
الوجه.
هذه نظرة مناهجنا الدينية للمرأة المليئة بالمنافذ
التي ينفذ مخططو الإلحاد منها إلى عقول أولادنا وبناتنا على الخصوص لدفعهم إلى
الإلحاد بالخالق جل شأنه وبدين الإسلام، والتمرّد على الدولة، بل تدفع ببعض بناتنا
إلى الهروب من بلادهن بطلب اللجوء إلى دول أُخرى، وللأسف لا تزال تُدرّس في
مدارسنا، فلم يحدث أي تغيير في مناهجنا الدينية هذا العام رغم بياني لذلك!!
للحديث صلة.

Leave a Reply