سهيلة زين العابدين حمّاد
نُشر في جريدة المدينة يوم
السبت 21/9/2019م


   ممّا
يدعو إلى الدهشة والاستغراب أنّ  درس النسخ
في القرآن الكريم في منهج التفسير للمستوى الثالث للتعليم الثانوي المسار الأدبي ص
90، 91 يشكَّك في صحة القرآن من خلاله إيراده رواية نُسِبت إلى  السيدة عائشة رضي الله عنها، بأنّها قالت:”
كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن”[صحيح مسلم: كتاب الرضاع،
باب التحريم بخمس رضعات، حديث رقم 1452]

دلالة هذا الحديث جد خطيرة،
لو سلّمنا جدلًا بصحته، فهذا يعني أنّ القرآن الكريم تعرّض للحذف، فإن توفي الرسول
صلى الله عليه وسلم وآية خمس الرضعات فيما يُقرأ من القرآن، أي تمّ إقرارها في
العرضة الأخيرة ولكن عند جمع القرآن الكريم تمّ حذفها، فهذا قول خطير، ودلالته أخطر
ممّا يؤكد عدم صحة هذا الحديث؛ إذ لا يمكن أنّ السيدة عائشة رضي الله عنها تقول
بتعرّض القرآن الكريم للحذف، ولستُ أدري كيف معدو منهج التفسير يوردون هذا الحديث
الذي يشكك في صحة القرآن الكريم لوروده في صحيح مسلم؟ هل وصل بنا الحد أن نشكك في
صحة القرآن الكريم الذي بين أيدينا لمجرد أنّ الإمام مسلم أورد في صحيحه رواية
منسوبة للسيدة عائشة رضي الله عنها تُشكك في صحة القرآن، لإثبات صحة ما ذهبوا إليه
من نسخ القرآن الكريم!!
 وممّا
يؤكد عدم صحة هذا الحديث ما رواه
الدارقطني وابن ماجة عن عائشة رضي الله
عنها أنّها قالت: “لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشرا. ولقد كان في
صحيفة تحت سريري. فلما مات رسول الله
صلى الله عليه وسلّم وتشاغلنا
بموته، دخل
 داجن (صغير الماعز فأكلها.[سنن الدار قطني: كتاب
الرضاع/ سنن ابن ماجه: كتاب النكاح ؛باب رضاع الكبير]

وروى
هذا الحديث أيضًا الإمام أحمد في مسنده بلفظ:
لقد أنزلت آية الرجم ورضعات الكبير عشرًا فكانت في ورقة تحت سرير
في بيتي فلما اشتكى رسول الله
صلى الله عليه وسلّم تشاغلنا بأمره
ودخلت  دويبة لنا فأكلتها”[
مسند أحمد: مسند السيدة عائشة رضي الله عنها]
فهل
تصدق أنّ آيتيْن من كتاب الله سبحانه وتعالى نسختهما داجن أو دويبة(دابة صغيرة)ومتى؟
بعد وفاة الرسول
صلى الله عليه وسلّم، كما في رواية الدارقطني وابن ماجه وابن
حنبل، وهل يُعقل أنّ في القرآن آية عن إرضاع الكبير، وكيف يجوز للكبير يرضع من
امرأة غير محرمه، ثمّ هل الكبير يرضع؟؟؟؟
وكما
في رواية مسلم الواردة في المنهج نسخ أيات الخمس رضعات تلاوة مع بقاء حكمها، أليس
في هذا القول إساءة لكتاب الله، ولرسوله الكريم، وأنّ نسخة القرآن الكريم التي بين
أيدينا غير كاملة، وأنّ الرسول (ص)غير أمين على الوحي، يضع نسخة القرآن الكريم تحت
سريره لتأكل من “دابة صغيرة”، فتنسخ من القرآن الكريم ما أكلته؟

وعند
البحث عن فراش الرسول صلى الله عليه وسلم في كتب الحديث والسيرة لم يرد ذكرًا
لسرير ضمن فراشه، منها ما رواه البخاري عن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب رضي
الله عنه جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم  في مشربة أي: غرفة وإنّه لعلى حصير ما بينه
وبينه شيء وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف
وقد ذكر البغوي هذا الحديث الأخير في تفسير قوله سبحانه)لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد( إلى قوله سبحانه (وما عند الله خير للأبرار )أنّه كان مضطجعًا على
خصفة، وأن بعضه لعلى التراب”
، ومنها ما أخرجه
البيهقي عن عائشة أيضًا، قالت: “دخلتْ عليّ امرأة فرأت فراش رسول الله صلى
الله تعالى عليه وسلم عباءة مثنية فبعثت إليّ بفراش حشوه صوف، فدخل النبي صلى الله
تعالى عليه وسلم فرآه فقال:
رديه يا عائشة
والله لو شئت أجرى الله معي جبال الذهب والفضة
.
 فهذه الروايات تؤكد أنّه
ليس لدى الرسول صلى الله عليه وسلم سريرًا ليضع تحته القرآن الكريم الذي أكلت
الداجن آيتي الرجم وإرضاع الكبير فنسختهما، ممّا يدل على أنّ هذه الروايات موضوعة،
وهي من الإسرائيليات.

للحديث
صلة
.







Leave a Reply