سهيلة
زين العابدين حمّاد
نشر
في جريدة المدينة يوم الجمعة 30/8/ 2019م

  من أكبر وأخطر المنافذ التي نفذ منها مخططو إلحاد شبابنا
ذكورهم وإناثهم القول بنسخ القرآن الكريم، فما
يقوله المفسرون
والمختصون بالناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم 
يُعد تلاعبًا بالقرآن، وتعطيلًا 
لكثير من أحكامه، وإساءة إلى الله المشرّع، وجعلهم من التشريع الإلهي لعبة،
مثل قولهم في ما نُسب روايته إلى عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه أنّه قال:” أقرأني رسول الله صلى الله عليه
وسلّم آية فحفظتها وكتبتها في مصحفي  فلمّا
كان الليل رجعتُ إلى مضجعي، فلم أرجع منها بشيء، وغدوْتُ على مصحفي، فإذا الورقة
بيضاء، فأخبرتُ النبي
صلى الله عليه
وسلّم
، فقال لي يا ابن مسعود تلك رفعت البارحة.[أبو القاسم
هبة الله بن سلامة أبو النصر: الناسخ والمنسوخ، هامش ص 12.13]

فهل
يُعقل أنّ الله يُشرّع تشريعًا في النّهار، ويمحوه في ليل ذات اليوم؟
كيف
قبل علماء الإسلام على مختلف العصور هذه الرواية؟ هل يُعقل أنّ آية تنزل، ثم تُلغى
في ليلة واحدة؟ وما الحكمة من نزولها ثم إلغائها؟

وكذلك ما روي عن عمر بن الخطّاب
رضي الله عنه عن آية الرجم التي نُسخت تلاوتها
وبقي حكمها، أنّه قال:”لولا أكره أن يقول الناس قد زاد في القرآن ما ليس فيه
لكتبت آية الرجم وأثبتها، فوالله لقد قرأناها على رسول الله
صلى الله عليه وسلّم لا
ترغبوا عن آبائكم فإنّ ذلك كفر بكم الشيخ والشيخة إن زنيا فارجموهما البتة نكالًا
من الله والله عزيز حكيم”، فهذا منسوخ الخط ثابت الحكم[المرجع السابق:هامش:ص13،
14]
هل يُعقل أنّ آية الرجم إن كانت قد ألغيت تلاوتها وبقي
حكمها لماذا لم يُخبرنا الرسول

عليه الصلاة والسلام
بذلك، بدلًا من  سيدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه
فمن هو مُبلّغ الوحي محمد عليه الصلاة والسلام  أم عمر بن الخطّاب؟
هذا أولًا وثانيًا: نص الآية:” لا ترغبوا عن
آبائكم فإنّ ذلك كفر بكم الشيخ والشيخة إن زنيا فارجموهما البتة نكالًا من الله والله
عزيز حكيم” هذا النص لا يتفق مع الأسلوب القرآني على الإطلاق، ولا يوجد في
اللغة العربية شيخة، فيقال على المسن شيخ(
وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)[القصص:23]،
والمسنة عجوز(وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ)[الذاريات: 29]، ثمّ أنّها لم تُبين إن
كانا محصنيْن أم لا، فليس بالضرورة لكونهما شيخيْن أن يكون لكل منهما زوج؟ ولماذا الشيخ
والشيخة؟ فهذان في الغالب تضعف لديهما الرغبة الجنسية، فلا مبرر لزناهما، وكل
منهما متزوج؟
ثالثًا: هل يُعقل أنّ سيدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه
يخشى النّاس ولا يخشى الله، فكيف يجرؤ على كتابة آية أُلغيت
تلاوتها من قبل الخالق جل شأنه، وكل خوفه من قول النّاس؟
ونعلم أنّ الله قد تعهد بحفظ كتابه، ومكتوب منذ الأزل  في اللوح المحفوظ، فنزول آيات القرآن مثبتة في اللوح المحفوظ،
والقول بنسخها وإزالتها من القرآن المتلو، ينفي هذه الأبدية للحفظ في اللوح المحفوظ،
ويجعلها فرضية وهمية،
وهذا ما يقوله” الملحدون”، وهو أحد مكامن
خطورة القول بالناسخ والمنسوخ أي ببطلان أحكام بعض آيات القرآن؛ إذ يثير الشكوك في
صحته، وأنّه من عند الله، وكان من أسباب إلحاد بعض شباب الإسلام، فقد وجدوا أنّ
قضية الناسخ والمنسوخ تتصادم مع آية
(وَلَوْ كَانَ مِنْ
عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)
[النساء: 82] والكم من الآيات التي وقع
عليها النسخ والتغيير والتبديل والزيادة والنقص، وتحويل الحرام حلالًا، والحلال
حرامًا تُثبت أنّ في القرآن اختلافًا كثيرًا، جعلت الملحدين يقولون:” إنّ
القرآن بهذا قد حكم على نفسه بأنّه ليس من عند الله”(تعالى الله عما يصفون)

   لذا فوجئتُ بدرس النسخ في مادة التفسير للمرحلة الثانوية
للعام 2018/2019، الذي يُشكِّك شبابنا في صحة القرآن، ونحن نعلم بمخطط دفعهم إلى
الإلحاد، وأصبح للأسف من شبابنا ذكورًا وإناثًا ملحدين!

 والغريب أنّ النسخ في
القرآن الكريم لم يكن مقررًا في مناهجنا الدراسية حتى وقت قريب، ودرس النسخ حوى
على معلومات تُشكّكك بأنّ القرآن منزّل من عند الله، وأنّه محفوظ من الأزل في
اللوح المحفوظ،
 هذا
ما سأوضحه في الحلقة القادمة إن شاء الله، فللحديث صلة
.

Leave a Reply