سهيلة زين العابدين حمّاد
نُشر في جريدة المدينة يوم السبت الموافق 22/6/ 2019م

 لايزال خطابنا
الإسلامي المُفسّر من قبل البشر مصرًا على تفسير(واضربوهن) في آية النشوز ضربًا
بدنيًا إذا لم يُجد معها الوعظ والهجر في المضجع، وهذا ما ذهب إليه معدو منهج”الفقه”
للمستوى السادس النظام الفصلي للتعليم الثانوي المسار العلمي والإداري للعام
الدراسي 2018/2019، في درس”النشور” في الصفحات (88-91) ولم يحاولوا
الرجوع إلى معاجم اللغة العربية والتمعّن في معاني الضرب في اللغة لأنّهم تربّوا
على ثقافة ضرب الأنثى ليس في حالة نشوز الزوجة فقط، بل نجدهم يضربون البنت والأخت
والزوجة في كل الأحوال، وبعضهم تتطاول أيديهم على أمهاتهم وخالاتهم وعمّاتهم،

وظاهرة العنف البدني  الأسري السائدة في
مجتمعاتنا العربية والإسلامية معظم ضحاياه من نساء الأسرة، ويجدون من مبررات
المُعنِّفين  لممارستهم هذا العنف التفسير
الخاطئ لمعنى(واضربوهن) بالضرب البدني ليس للزوجة الناشز، بل لجميع نساء الأسرة!

ولا شك أنّ خطابنا الديني المتمثل في مناهجنا الدراسية
وخطب الجمع والعيديْن والدروس والمحاضرات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية الدينية ربّت
الذكور عمومًا على ثقافة ضرب الإناث لأي سبب من الأسباب، وكيف لا، وهم قد تعلّموا
في مدارسنا هذا الكلام:” ثالثًا: الضرب، وذلك حين يستنفد الزوج وسائل العلاج
من الوعظ والهجر، ثم لا يرى لذلك أثرًا، فإن رأى- حينئذ- ضربها ناجعًا فله ذلك؛
وهذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص على أن يكون الضرب غير مبرّح، ويتجنب الوجه،
لأنّ المقصود التأديب لا الإيلام[فقه المستوى السادس النظام الفصلي للتعليم
الثانوي المسار العلمي والإداري للعام الدراسي 2018/2019، ص 89]
بينما نجد معدي هذا المنهج يقولون عند نشوز الزوج في
تفسير قوله تعالى:(وإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا
فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ
وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ
كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)[النساء: 128] نجدهم يقولون :”ونشوز الزوج
أن يسيء معاشرة زوجته، ويقصر في حقوقها إمّا كراهة لها، أو رغبة عنها إلى غيرها،
أو لغير ذلك من الأسباب، فإذا خشيت المرأة من نشوز زوجها، فليس هناك حرج عليها ولا
على زوجها أن تتنازل له عن شيء من حقوقها المالية، أو الزوجية، كأن تترك له كل
نفقتها الواجبة عليه، أو جزءًا منها، أو أن تترك له ليلتها، إن كانت له زوجة أخرى،
هذا كله إذا رأت هي– بكامل اختيارها وتقديرها لجميع ظروفها- أنّ ذلك خير لها وأكرم
من طلاقها۔”[ص89]
فالزوجة تعاقب بالضرب في حالة نشوزها لتأديبها، والزوج
في حال نشوزه على زوجته تكافئه بتنازلها عن نفقتها كاملة أو جزء منها له، أو
ليلتها لزوجه الأخرى إن كان معدِّدًا لإرضائه وعدم تطليقها، أي تقره على نشوزه، ولا
يُطالب بالإحسان إليها والالتزام بحسن العشرة والإنفاق عليها ومنحها كامل حقوقها
الزوجية والمالية، هل هذا يتفق مع  عدل
الله؟
للأسف الرجل الذي بيده تفسير القرآن الكريم واستنباط
الأحكام الفقهية فسّر القرآن الكريم طبقًا لأهوائه ورغباته، فأغمض عيناه عن المعاني
اللغوية للضرب، وأيها الذي ينطبق على معنى(واضربوهن) بينما نجده فسر آية نشوز
الزوج بتنازل الزوجة المظلومة عن حق النفقة، أو المبيت لإرضائه وعدم تطليقها،أي
أقرّه على نشوزه، مع أنّ الآية لا تحمل هذا المعنى الذي فسّره، كما نجده أصدر
أحكامًا فقهية تعلي من شأنه وتقلل من شأن المرأة وإهانتها وإذلالها، ونسبة هذا
التمييز ضد المرأة إلى شرع الله، وشرعه برئ ممّا نسبوه إليه!
ولنقرأ معًا آية نشوز الزوجة، ثم آية نشوز الزوج، ونتمعّن
في معنيها الحقيقيْن لنصل إلى المعنى الصحيح لهما
  ولنبدأ بِ (وَاللاَّتِي
تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ
وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ
اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً)[النساء:34]  
لا يمكن يأمر الله بإهانة الزوجات  بضربهن عند النشوز، وتنازل الزوجة عن حقوقها عند
نشوز الزوج، تفسير النشوز بهذيْن المعنييْن المتنافيْن مع العدل الإلهي من الثغرات
التي ينفذ من خلالها أعداؤنا لتشكيك أولادنا في العدل الإلهي، وفي الإسلام لدفعهم إلى
الإلحاد!
للحديث صلة.
المصدر : جريدة المدينة https://www.al-madina.com/article/636683

Leave a Reply