سهيلة زين العابدين حمّاد
نُشر في جريدة المدينة يوم السبت الموافق 18/5/2019م

  أواصل الحديث
عن مدى إسهام المرأة  في تشييد الدولة
الإسلامية وإسهاماتها في بناء الحضارة الإسلامية ونهضتها العلمية منذ ظهور الإسلام
وعلى  مدى قرون عديدة خلاف الدور الذي حدده
لها معدو منهجنا الدراسية في درسي ” عمل ” في مادة الفقه للسنة الثالث
ثانوي للفصل الدراسي الثاني للعام الدراسي 2018/ 2019، ودرس”
تكريم الإسلام
للمرأة وخطورة الاختلاط” في مادة
 الحديث والثقافة الإسلامية للمستوى الرابع، النظام الفصلي للتعليم الثانوي،
المسار العلمي والإداري
صفحة (142) بقصره على تدريس النساء
وتطبيبهن ورعايتهن اجتماعيًا، ونحو ذلك بالضوابط الشرعية، وهم بهذا التحديد قد
تجاهلوا تمامًا الفقيهة
والمُحدِّثة والمفتية،
التي كان يَقْصِدُها طلاب العلم، ويأخذ عنها بعض

أساطين العلماء، وتفتي في بعض
الأمور التي تخص عامة المسلمين، ومن كنّ يعقدن  مجالس العلم في كبريات المساجد الإسلامية، ويحضُرها
الطلاب من الأقطار المختلفة، وقد عُرف عن بعض الفقيهات والمحدثات المسلمات أنَّهن
أكثَرْنَ من الرحلة في طلب العلم إلى عدد من المراكز العلمية في مصر والشام
والحجاز، حتَّى صِرْنَ راسخاتِ القَدَم في العلم والرواية، وكان لبعضهن مؤلفات
وإسهامات في الإبداع الأدبي، ومنهن السيدة نفيسة بنت الحسين المولودة بمكة سنة
145هـ نشأت بالمدينة حيث درست بها في شبابها في كبريات حلقات العلماء في عصرها،
وفي حضن المسجد النبوي، وحضرت خلال تلقيها للعلم لحلقات الإمام مالك بن أنس،  وقد تتلمذ عليها اثنان من كبار العلماء
المسلمين في العالم، الشافعي وابن حنبل؛ إذ كانوا يحضرون مجالسها، وهاجر بنت
محمد  درّست  المفسر الكبير جلال الدين السيوطي رسالة الإمام
الشافعي، وشهدة بنت الأبرة العالمة الكبيرة في الحديث التي درّست علماء كبار كابن
الجوزية وابن قدامة المقدسي، وأم حبيبة الأصفهانية التي يذكر المنذري أنّ هذه
العالمة أجازته، ومن شيخات الإمام ابن تيمية أم الخير ستُّ العرب بنت يحيى بن
قايماز بن عبدالله، التاجية الدمشقية، وأمُّ العرَب، فاطمة بنت أبي القاسم بن
عساكر، روَى عنها الحديث، وأم أحمد، زينب بنت مكي بن علي بن كامِل الحرَّانية،
يزدحم الطلبةُ عليها؛ لعلمها وصلاحها، روت المسند كله، وأمُّ محمَّد زينب بنت أحمد
بن عمر بن كامل، تفرَّدتْ وارْتحل إليها الطلبة.

وفي صفحات مشرقة من تاريخ المرأة المسلمة المُعتّم
عليه من قبل المؤرخ العربي المُعاصر نساء مسلمات نبغن في علوم الفلك والرياضيات
والفقه في القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، فمنهن من تولى الإفتاء، ومنهن من
أصبح مديرة مكتبة، في وقت نجد في زمننا هذا من يرفض تولي المرأة منصب الإفتاء،
ويُقصر عملها في مجالات محدودة، فنجد مثلًا:
1.    عالمة الفلك فاطمة المجريطية، وهي ابنة
عالم الفلك الأندلسي العظيم مسلمة، بدأت رحلتها العلمية عندما وجد أباها ذكاءها واهتمامها
بالعلوم الفلكية، واهتمامها بالرياضيات فدربها وعلّمها، وعملت معه على التحقيقات
الفلكية والرياضية، وقاموا سويًا بتحرير وتصحيح “الجداول الفلكية للخوارزمي”والتي
ما تزال موجودة إلى اليوم في مدريد حيث قاما بضبطها بحيث تتناسب مع خط الزوال الذى
يعبر فوق مدينة قرطبة بالذات، كما عملت مع والدها على تصحيح التقاويم وحساب مواضع
الشمس والقمر والكواكب بشكل دقيق، ووضع جداول لعلم الفلك الكروى، وحساب الكسوف والخسوف،
ثم انفردت بالبحث العلمي، وقامت بكتابة عدة كتب سميت بتصحيحات فاطمة،وتعرف فاطمة
في العالم الغربي بأنّها أول عالمة فلك في الأندلس، وقد قال عنها المستعرب الإسباني“مانويلا
مارين” المتخصص في تاريخ الأندلس وأعلامه”
:إنّها
إحدى ألمع النساء الأندلسيات اللاتي ساهمن في صناعة التاريخ”
2.   
مريم الجيلية
الاسطرلبية عالمة بعلوم الفضاء( 944- 967م) عملت في مجال العلوم الفضائية في بلاط
سيف الدولة، ولبراعتها ودقتها قام الحكام بتكليفها عدة مرات لصناعة اسطرلابات لهم وقامت
أثناء هذه الفترة بتحسين آلة الإسطرلاب، وكانت تحل المسائل المتعلقة بأماكن
الأجرام السماوية، مثل الشمس والنجوم، والوقت أيضًا.
3.   
لبنى القرطبية(ت:374ه/984م):
نحوية وشاعرة وقد عدها السيوطي في طبقات اللغويين والنحاة، وكانت أيضًا عالمة
رياضيات ومدونة الخليفة الحكم المستنصر بالله، وكان يثق فيها كثيرًا حتى أسند لها
التوقيع عنه، ولكنّها لم تكتف بالتدوين، بل كانت تعدل الأخطاء التي  تجدها في الكتب،  وكانت تجد حلولًا لأصعب العمليات الرياضية. ولها
الفضل في إنشاء المكتبة الشهيرة في مدينة الزهراء. وقد عينها الخليفة مديرة أمور
المكتبة الملكية، وكانت المكتبة في هذه الوقت تضم أعداد هائلة من الكتب فوق ال500
ألف، ومن أهم المكتبات في العالم بذاك الوقت
للحديث صلة.
المصدر: جريدة المدينة https://www.al-madina.com/article/631464
 

Leave a Reply