سهيلة زين العابدين حمّاد
نُشر في جريدة المدينة يوم السبت بتاريخ
20/4/2019م

   توقّفتُ في الحلقة الماضية عند أخذ العلماء
بحديث “لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحد إلّا بإذنه
“رغم
مخالفته للقرآن الكريم الذي جعل بيت الزوجية بيت الزوجة
.

 وممّا يؤكد عدم صحته  وجود أحاديث ضعيفة، منها:
1.   
ما رواه ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنه أنّ امرأة من خثعم أتت
رسول
الله
صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! أخبرني ما حق الزوج على الزوجة
فإنِّي امرأة
أيَّم، فإن استطعت وإلا جلست أيمِّا؟ قال:
فإنّ
حق الزوج على
زوجته
إن سألها نفسها وهي على ظهر قتب أن لا تمنعه نفسها، ومن حق الزوج على الزوجة
أن لا تصوم تطوعًا
إلّا بإذنه، فإن فعلت؛ جاعت وعطشت، ولا تخرج من بيتها إلاّ
بإذنه، فإن فعلت؛ لعنتها ملائكة السماء وملائكة
الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع” قالت: لا جرم لا أتزوج أبدًا” وقال
الهيثمي في” المجمع”(4/ 307):”رواه
البزار، وفيه حسين بن قيس المعروف بحنش، وهو ضعيف،
وقد وثقه حصين بن نمير،
وبقية
رجاله ثقات
 قلت(أي الهيثمي:”بل
هو متروك
. “[مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: كتاب النكاح، باب حق الزوج على
المرأة]
2.   
 حديث”
أيما امرأة خرجت من بيت زوجها بغير إذنه، لعنها
كل شيء طلعت عليه الشمس والقمر،
إلاّ أن يرضى عنها زوجها.”[رواه الديلمي (1/2/353-354) من طريق
أبي نعيم عن أبي هدية عن أنس مرفوعًا، ويقول الشيخ محمد ناصر الألباني في سلسلة
الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها على الأمة،حديث رقم 1550:” قلت: وهذا
موضوع، وأبو هدية اسمه إبراهيم بن هدية متروك، حدَّث بالأباطيل عن أنس.
3.   
حديث ابن بطّة روى
ابن بطة في أحكام النساء عن أنس أنَّ رجلاً سافر ومنع
زوجته الخروج، فمرض أبوها،
فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه
وسلم في عيادة أبيها، فقال لها:” اتق الله ولا تخالفي زوجك”،
فمات أبوها فاستأذنته عليه الصلاة والسلام في حضور جنازته، فقال
لها: “اتقي الله ولا تخالفي زوجك”، فأوحى الله إلى النبي صلى الله عليه
وسلم:”إنِّي غفرتُ لها بطاعة زوجها”.
 ويعلق ابن قدامة على هذا الحديث بقوله:”
ولأنَّ طاعة الزوج واجبة، والعيادة غير واجبة، فلا يجوز ترك الواجب لما ليس بواجب،
ولا يجوز الخروج لها إلاَّ بإذنه”[
المغني: 8/ 130.]،ثمَّ يعود ويستدرك فيقول:”ولا يجوز لها
الخروج إلاَّ بإذنه، ولكن لا ينبغي للزوج منعها من عيادة والديها وزيارتهما لأنَّ
في ذلك قطيعة لهما وحملاً لزوجته على مخالفته، وقد أمر الله تعالى بالمعاشرة
بالمعروف، وليس هذا من المعاشرة بالمعروف.”[
المرجع
السابق: 8/130.]
 هذا الحديث ضعيف متناً وسنداً
فمن حيث الإسناد:
فابن بطة يقول عنه الذهبي صاحب كتاب سير أعلام النبلاء:

قلت
لابن بطة مع فضله أوهام وغلط، و قد صنَّفه ضمن الطبقة (21).
وقال عبيد الله الأزهري:
ابن بطة ضعيف، وعندي عنه”
معجم البغوي”
 ولا أخرج عنه في الصحيح شيئًا . وقال حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق:
لم يسمع ابن
بطة
الغريب من بن عزيز، وقال: ادعى سماعه،
 قال الخطيب: وروى ابن
بطة
كتب ابن
قتيبة،
عن ابن أبي مريم الدينوري، ولا يعرف ابن أبي
مريم
.
ضعف الحديث متنًا:
1.   
لا
يمكن الرسول صلى الله عليه وسلم يُقر منع الزوج زوجته زيارة أبيها،
فكيف إن كان مريضًا، وهو لا يتفق مع قوله
تعالى:(وقضى ربك ألاَّ تعبد إلا إياه وبالوالديْن إحسانا) ومن الإحسان إليهما
برهما وزيارتهما وخدمتهما في المرض، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فعدم البر
بالوالدين والسؤال عنهما وزيارتهما من العقوق بهما، والعقوق من أكبر الكبائر، كما
جاء في الحديث الشريف
.
2.   
واضح
من نص الحديث أنّ المرأة خرجت من بيتها لتستأذنه عليه الصلاة والسلام  زيارة والدها المريض،
ومادام
زوجها قد منعها من الخروج من البيت،
فهي
عصته وخرجت،
والذي يجعلها
تخرج من بيتها لأخذ الإذن منه عليه الصلاة والسلام بمخالفة زوجها وزيارة والدها
المريض،
يجعلها تذهب
مباشرة إلى بيت والدها والاطمئنان عليه،
وكيف
يقبل رسول الله صلى الله عليه خروج المرأة 
لسؤاله،
ولا
ينبهها إلى عصيانها لأمر زوجها بخروجها من البيت؟ ونلاحظ أنَّها كررت فعلتها
مرتيْن.
وهكذا نجد معدي منهج الثقافة
الإسلامية للمرحلة الثانوية يستدلون بأحاديث ضعيفة لتوافق ما يريدونه، وينسبونه
إلى الإسلام!
المصدر :
جريدة المدينة
https://www.al-madina.com/article/625387

Leave a Reply