سهيله زين
العابدين حمّاد

السبت 19/1/2019
المتقاعدون هم من خدموا
الوطن بكل ما يملكونه من علم وفكر وصحة وشباب بمختلف التخصصات في مختلف المجالات
المدني منها والعسكري، الحكومي والأهلي، وإذا ما بلغوا سن الستين يُحالون إلى
التقاعد، وقد يتقاعد البعض قبل الستين  لظروف
مرضية، أو لظروف خاصة، أو لرغبة لديه، وهم يُشّكلون مع أسرهم شريحة كبيرة من
المجتمع أنا لستُ منها، فأنا لستُ موظفة، ولا متقاعدة، وما طرحي للموضوع إلّا لشعوري
بمعاناة هذه الفئة، وهذه رسالتي من الكتابة، وهي أن أسهم بفكري وعلمي وقلمي قدر
استطاعتي في اقتراح حلول لرفع معاناة أي فئة في المجتمع  أو تخفيفها، والمطالبة بحقوق من سُلبت منه، من
هذا المُنطلق سأناقش معاناة المتقاعدين في حياتهم، ومعاناة أسرهم بعد وفاتهم، وهي
المعاناة الأكبر والأشد،

وهذا يدعونا أولًا إلى قراءة متأنية في نظام التقاعد المدني،
فالمشكلة الأساسية تكمن في هذا النظام، وعند قراءتنا له نجده يتعارض مع أهداف رؤية 2030 في رفع نسبة مدخرات الأسر من إجمالي دخلها من 6% إلى
10%، وتقليص فوارق الدخل والفقر بالعمل على  الاحتفاظ بمستوى عال من الدخل  لتحقيق هدف الانتقال من المركز 25 في مؤشر
التنافسية العالمي إلى أحد المراكز ال10 الأولى؛ إذ نجد نظام التقاعد جعل أسر
المتقاعدين تفتقر إلى أي ادخار، وتحويل فئة المتقاعدين من متوسطي الدخل إلى فقراء،
كما حوّل أسر المتقاعدين بعد وفاتهم أكثر فقرًا، فعند
 قراءتنا لنظام التقاعد المدني  نجده قد جرّد المتقاعد من كل البدلات، ولم يمنحه
أية امتيازات تُعوضه عن انتقاص راتبه الشهري بنسبة كبيرة تحميه من الفقر، واكتفى
بصرف له حوالي 60 % من أصل آخر راتب، مع إيقاف عنه  صرف بدل السكن والتنقل وباقي البدلات، وبموجب
هذا فقد المتقاعد حوالي 70 من راتبه الشهري الذي كان يتقاضاه وهو على رأس عمله قبل
تقاعده، فكيف يستطيع أن يكيِّف حياته وحياة أسرته ب30% من دخلهم قبل التقاعد؟ وكأنّه
عاد إلى نقطة البداية في شبابه قبل أن يكوِّن أسرة، والسنين الطوال التي عمل
خلالها معطيًا خلاصة علمه وخبراته وزهرة شبابه وعنفوان صحته للعمل، كأنّها لم تكن ليعود
عند بلوغه سن الستين، كما بدأ وهو في العشرينات من عمره مع اقتصاص من أصل راتبه
شهريًا 9%،  كما بدأ وهو في العشرينات من
عمره، مع فارق كبير في ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، إضافة أنّ صحته لم تعد كما
كانت في شبابه، فبدلًا من أن يحصد ثمار جهده طوال سني عمره ويعيش مكرّما هو وأسرته،
تنقلب حياته رأسًا على عقب، فأصبح فجأة  يُعاني من قلة ذات اليد، وهنا أسئلة أوجهها إلى
المؤسسة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية:

هل المتقاعد لا يحتاج إلى
سكن؟
  ذكر
رئيس الجمعية الوطنية للمتقاعدين الدكتور عبد الرحيم الغامدي في حوار أجرته جريدة
الرياض معه، نشر في 11/5/2011م  أنّ “دراسة
سابقة أكّدت على أنّ أكثر من 60% من المتقاعدين لا يملكون مساكن، وربما مع السنوات
التي تلت هذه الدراسة وارتفاع أسعار الأراضي وأسعار العقار زادت النسبة إلى أنّ
ثلاثة أرباع المتقاعدين لا يملكون مساكن رغم أنّهم هم الأكثر حاجة لها، وأحقية بها
وهم الذين من المفترض أن يكونوا قد وفر لهم مساكن وحياة كريمة بعد عنائهم وكدهم.”
 وهذا دليل على أنّ رواتبهم ببدلاتها وهم على رأس
العمل لم تُمكّنهم من بناء مساكن لهم، فهي بالكاد تغطي مصاريف الأسرة من سكن مؤجر
وتعليم وتنقّل وملبس ومأكل ومشرب، فكيف سيكفيه (30%) منه عندما يتقاعد؟
 ألا يحتاج المتقاعد إلى تنقل لقضاء حوائجه
وحوائج أسرته، وإلى علاج هو وأسرته حتى تُحجب عنه كل هذه الضروريات بمجرد تقاعده؟
هل يدفع المتقاعد نصف
قيمة فواتير الكهرباء والماء، والضريبة المضافة، ويشتري احتياجاته بنصف أسعار ما
يشتريه الموظف الذي على رأس العمل حتى يُصرف له عند تقاعده نصف بدل غلاء المعيشة
الذي  يُصرف للموظّف؟
هذا عن معاناة المتقاعدين من بعض مواد نظام التقاعد المدني في حياتهم،
فماذا عن معاناة أسرهم بعد وفاتهم، وهي المعاناة الأكبر والأشد؟
هذا ما سأبحثه في الحلقة القادمة إن شاء الله.
للحديث صلة.
المصدر : جريدة المدينة https://www.al-madina.com/article/610048/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D9%88%D9%86!-(1)

Leave a Reply